المنتديات الموقع العربي الموقع الانجليزي الهلال تيوب بلوتوث صوتيات الهلال اهداف الهلال صور الهلال
العودة   نادي الهلال السعودي - شبكة الزعيم - الموقع الرسمي > المنتديات العامة > منتدى الثقافة الإسلامية
   

منتدى الثقافة الإسلامية لتناول المواضيع والقضايا الإسلامية الهامة والجوانب الدينية

إضافة رد
   
 
LinkBack أدوات الموضوع طريقة عرض الموضوع
  #16  
قديم 22/03/2004, 02:00 AM
الصورة الرمزية الخاصة بـ srabالهلال
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 07/12/2002
المكان: السعودية - البديعه
مشاركات: 2,602
السؤال:


هل الدعوة إلى الله واجبة على كل مسلم ومسلمة أم تقتصر على العلماء وطلاب العلم فقط ؟

الجواب:

الحمد لله

إذا كان الإنسان على بصيرة فيما يدعو إليه فلا فرق بين أن يكون عالماً كبيراً يشار إليه أو طالب علم مجد في طلبه أو عامياً لكنه علم المسألة عليماً يقيناً .. فإن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول : ( بلغوا عني ولو آية ) ولا يشترط في الداعية أن يبلغ مبلغاً كبيراً في العلم ، لكنه يشترط أن يكون عالماً بما يدعو إليه ، أم أن يقوم عن جهل ويدعو بناء على عاطفة عنده فإن هذا لا يجوز .

ولهذا نجد عند الإخوة الذين يدعون إلى الله وليس عندهم من العلم إلا القليل نجدهم لقوة عاطفتهم يحرمون ما لم يحرمه الله ، ويوجبون ما لم يوجبه الله على عباده ، وهذا أمر خطير جداً ، لأن تحريم ما أحل الله كتحليل ما حرم الله ، فهم مثلاً إذا أنكروا على غيرهم تحليل هذا الشيء فغيرهم ينكر عليهم تحريمه أيضاً لأن الله جعل الأمرين سواء . فقال : ( ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون متاع قليل ولهم عذاب أليم ) .



الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين - رحمه الله -
اضافة رد مع اقتباس
  #17  
قديم 23/03/2004, 09:37 AM
الصورة الرمزية الخاصة بـ srabالهلال
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 07/12/2002
المكان: السعودية - البديعه
مشاركات: 2,602
مهمهات الى طريق الجنة


السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

"الدنيا ساعة.. فاجعلها طاعة"
ثماني مهمَّاتٍ على طريق الجنة

هذا المشروع: مقترحٌ كحدٍّ أدنى لكلِّ مسلمٍ ومسلمة، يتضمَّن ثماني مهمَّات،
محدَّدة الوقت، معلومة الثواب، محقِّقةً الفائدة بإذن الله تعالى، من ذلك:
مغفرة الذنوب، الأمان من فتنة القبر، بناء بيتٍ في الجنَّة، استجابة
الدعاء، الأمان من الفقر، قضاء الحوائج، تفريج الهمّ، إنَّ كلَّ ذلك لا يستغرق
أكثر من ستِّين دقيقة.

1- المهمَّة الأولى:
أداء اثني عشرة ركعةً نافلة "السنن الراتبة"، وهي: اثنتان قبل الفجر +
أربعٌ قبل الظهر واثنتان بعده + اثنتان بعد المغرب + اثنتان بعد العشاء.
الفائدة المرجوَّة: يبني الله للمداوم بيتاً في الجنَّة.
الدليل: قوله صلى الله عليه وسلم: "من صلَّى في يومٍ ثنتي عشرة سجدة، تطوُّعا،
بني له بيتٌ في الجنَّة"رواه مسلم.

2- المهمَّة الثانية:
صلاة ركعتين في الليل،
الفائدة المرجوَّة: يستجاب الدعاء + يُغفَر الذنب + تُقضَى الحاجة.
الدليل: قوله صلى الله عليه وسلم: "يتنزَّل ربُّنا تبارك وتعالى كلَّ ليلةٍ إلى
السماء الدنيا، حين يبقى ثلث الليل الآخر، يقول: من يدعوني فأستجيب له،
من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له"رواه البخاري.

3- المهمَّة الثالثة:
أداء صلاة الضحى ركعتين، أو أربعا، أو ثماني ركعات.
الفائدة المرجوَّة: تؤدِّي صدقةً عن كلِّ مفصلٍ من مفاصل العظام.
الدليل: قوله صلى الله عليه وسلم: "يصبح على كلِّ سُلامى من أحدكم صدقة، فكلُّ
تسبيحةٍ صدقة، وكلُّ تحميدةٍ صدقة، وكلُّ تهليلةٍ صدقة، وكلُّ تكبيرةٍ صدقة، وأمرٌ
بالمعروف صدقة، ونهيٌ عن المنكر صدقة، ويجزئ من ذلك، ركعتان يركعهما من
الضحى"رواه مسلم، وروى البخاريُّ جزءاً منه.

4- المهمَّة الرابعة:
قراءة سورة الملك.
الفائدة المرجوَّة: تنجي من عذاب القبر.
الدليل: قوله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ سورةً من القرآن ثلاثون آية، شفعت
لرجلٍ حتى غُفِر له، وهي "تبارك الذي بيده الملك"" رواه الترمذيُّ وأحمد،
وقال الترمذيّ: هذا حديثٌ حسن.

5- المهمَّة الخامسة:
قول: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كلِّ شيءٍ
قدير".
الفائدة المرجوَّة: تعدل فكَّ عشر رقاب، وتُكتَب مائة حسنة، وتمحو مائة سيِّئة،
وتكون حرزاً من الشيطان.
الدليل: قوله صلى الله عليه وسلم: "من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له،
له الملك وله الحمد، وهو على كلِّ شيءٍ قدير، في يومٍ مائة مرَّة، كانت له
عدل عشر رقاب، وكتبت له مائة حسنة، ومحيت عنه مائة سيِّئة، وكانت له حرزاً
من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي، ولم يأت أحدٌ بأفضل ممَّا جاء به، إلا أحدٌ
عمل أكثر من ذلك"رواه مسلم.

6- المهمَّة السادسة:
الصلاة على النبيِّ محمَّدٍ صلى الله عليه وسلم مائة مرَّة.
الفائدة المرجوَّة: براءةٌ من البخل، وصلاةٌ من الله.
الدليل: قوله صلى الله عليه وسلم: "فإنَّه من صلَّى عليَّ صلاةً صلَّى الله عليه بها
عشرا"رواه مسلم.
وقوله: "البخيلُ الذي منْ ذُكِرت عنده فلم يصلِّ عليّ"رواه الترمذيّ، وقال: هذا
حديثٌ حسنٌ غريبٌ صحيح.

7- المهمَّة السابعة:
قول: "سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم" مائة مرَّة.
الفائدة المرجوَّة: تُغرَس له في الجنَّة مائة نخلة.
الدليل: قوله صلى الله عليه وسلم: "من قال سبحان الله العظيم وبحمده غُرِست
له نخلةٌ في الجنَّة"رواه الترمذيّ، وقال: حديثٌ حسنٌ غريب.

8- المهمَّة الثامنة:
قول: "أستغفر الله" مائة مرَّة.
الفائدة المرجوة: يفرِّج الله كربه، ويوسِّع رزقه.
الدليل: قوله صلى الله عليه وسلم: "من لزم الاستغفار جعل الله له من كلِّ ضيقٍ
مخرجا، ومن كلِّ همٍّ فرجا، ورَزَقه من حيث لا يحتسب"رواه أبو داود وابن ماجه
والحاكم بسندٍ صحيح.



م
ن
ق
و
ل
اضافة رد مع اقتباس
  #18  
قديم 24/03/2004, 11:35 AM
الصورة الرمزية الخاصة بـ srabالهلال
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 07/12/2002
المكان: السعودية - البديعه
مشاركات: 2,602
ما هي الكتب التي تنصح بها؟ ونرجو توجيه نصيحة للطلاب جزاكم الله خيراً.

من أحسن ما يطالعه الطلاب من الكتب ، كتب التفسير الموثوقة كتفسير ابن كثير، والشيخ عبد الرحمن السعدي، وكتب الحديث كفتح الباري شرح صحيح البخاري، وسبل السلام بلوغ المرام، ونيل الأوطار شرح منتقى الأخبار ، ورياض الصالحين.

ننصح أبناءنا الطلبة بالحرص على العلم النافع والعمل الصالح والأخلاق الحسنة، وكسب الوقت فيما فيه خيرهم وصلاحهم في دينهم ودنياهم ، وأن يمرِّنوا أنفسهم على فعل الجميل والصبر على الأمور التي فيها مصلحتهم وسعادتهم في الدنيا والآخرة.

(( كتاب العلم ))

الشيخ محمد بن صالح العثيمين
اضافة رد مع اقتباس
  #19  
قديم 25/03/2004, 11:40 AM
الصورة الرمزية الخاصة بـ srabالهلال
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 07/12/2002
المكان: السعودية - البديعه
مشاركات: 2,602
الدعوة إلى الله وأثرها في انتشار الإسلام

الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره . ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه ومن سلك سبيله ، واهتدى بهداه إلى يوم الدين . أما بعد :

فإني أشكر للمسئولين في الرابطة ما تكرموا به من تقديم الدعوة إلي للمشاركة في موسم الرابطة الثقافي لهذا العام 1391 هـ .

وأسأل الله عز وجل أن ينفع المسلمين بهذا الموسم ، وأن يكلل جهود القائمين عليه بالنجاح . وأن يجزل لهم المثوبة ، إنه خير مسئول . وقد رأى المسئولون في الرابطة أن تكون المحاضرة في " أثر الدعوة في انتشار الإسلام " وقد أجبتهم إلي ذلك ، ورأيت أن يكون العنوان ما سمعتم وهو فضل الدعوة . ومن هذا يعلم أن هذه المحاضرة ذات شقين : أحدهما : يتعلق بفضل الدعوة ، والثاني : يتعلق بأثرها في انتشار الإسلام .

أما ما يتعلق بفضل الدعوة ، فكل من له أدنى إلمام بالعلم ، يعرف أن الدعوة شأنها عظيم ، وهي مهمة الرسل عليهم الصلاة والسلام ، والرسل عليهم الصلاة والسلام هم الأئمة في هذا الشأن ، وهم الأئمة في الدعوة ، وهي وظيفتهم . لأن الله جل وعلا بعثهم دعاة للحق ، وهداة للخلق عليهم الصلاة والسلام ، فكفى الدعوة شرفا ، وكفاها منزلة عظيمة أن تكون وظيفة الرسل وأتباعهم إلى يوم القيامة . قال الله تعالى في كتابه المبين : وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فبين سبحانه وتعالى أن الرسل جميعا بعثوا بهذا الأمر العظيم الدعوة إلى عبادة الله وحده ، واجتناب الطاغوت .

والمعنى أنهم بعثوا لدعوة الناس إلى إفراد الله بالعبادة ، وتخصيصه بها ، دون كل ما سواه ، وتحرير الناس من عبادة الطاغوت ، إلى عبادة الله وحده .

والطاغوت كل ما عبد من دون الله من شجر وحجر ، أما ما عبد من دون الله من الأنبياء والصالحين والملائكة فليس المعبود منهم طاغوتا ، ولكن الطاغوت هو الشيطان الذي دعا إلى ذلك وزين ذلك ، وإلا فالرسل والملائكة والصالحون يبرءون إلى الله عز وجل من عبادة من عبدهم . فالطاغوت كل ما عبد من دون الله من الجمادات ، ومن العقلاء الذين يرضون بذلك كفرعون وأشباهه ، أما من لا يرضى بذلك فالطاغوت هو الشيطان الذي دعا إلى عبادته وزينها .
وقال عز وجل : رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ فبين سبحانه وتعالى أن الرسل بعثوا مبشرين ومنذرين ، مبشرين من أطاعهم بالنصر والتأييد والجنة والكرامة ، ومنذرين من عصاهم بالخيبة والندامة والنار .

وفي بعثهم إقامة الحجة ، وقطع المعذرة ، حتى لا يقول قائل ما جاءنا من بشير ولا نذير فالله سبحانه وتعالى بعث الرسل إقامة للحجة ، وقطعا للمعذرة ، وهداية للخلق ، وبيانا للحق . وإرشادا للعباد إلى أسباب النجاة ، وتحذيرا لهم من أسباب الهلاك عليهم الصلاة والسلام فهم خير الناس وأصلح الناس ، وأنفع الناس للناس ، وقال جل وعلا : يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا فأخبر سبحانه أنه بعث هذا الرسول الكريم محمدا عليه الصلاة والسلام شاهدا ومبشرا ونذيرا وداعيا إلى الله- فعلم بذلك أن وظيفة الدعوة إلى الله هي تبليغ الناس الحق ، وإرشادهم إليه ، وتحذيرهم مما يخالفه ويضاده . وهكذا أتباعهم إلى يوم القيامة . مهمتهم الدعوة إلى الله وإرشاد الناس إلى ما خلقوا له ، وتحذيرهم من أسباب الهلاك ، كما قال عز وجل : قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ فأمر الله نبيه أن يبلغ الناس أن سبيله التي هو عليها الدعوة إلى الله عز وجل ، وهكذا أتباعه هم على ذلك .

والمعنى : قل يا محمد ، أو قل يا أيها الرسول للناس : هذه سبيلي أنا ومن اتبعني . فعلم بذلك أن الرسل وأتباعهم هم أهل الدعوة ، وهم أهل البصائر ، فمن دعا على غير بصيرة فليس من أتباعهم ، ومن أهمل الدعوة فليس من أتباعهم ، وإنما أتباعهم على الحقيقة هم الدعاة إلى الله على بصيرة ، يعني أتباعهم الكمل الصادقين الذين دعوا إلى الله على بصيرة ، ولم يقصروا في ذلك ، وعملوا بما يدعون إليه ، وكل ما حصل من تقصير في الدعوة ، أو في البصيرة كان نقصا في الاتباع ، ونقصا في الإيمان وضعفا فيه ، فالواجب على الداعية إلى الله عز وجل ، أن يكون ذا بصيرة ، أي ذا علم ، فالدعوة على جهل لا تجوز أبدا ، لأن الداعية إلى الله على جهل يضر ولا ينفع ، ويخرب ولا يعمر ، ويضل ولا يهدي ، فالواجب على الدعاة إلى الله سبحانه وتعالى التأسي بالرسل بالصبر والعلم والنشاط في الدعوة : قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ فالدعوة إلى الله عز وجل هي سبيل الرسل وطريقهم عليهم الصلاة والسلام ، وفي ذلك غاية الشرف والفضل للدعاة أتباع الرسل ، المقتدين بهم ، السائرين على منهاجهم عليهم الصلاة والسلام ، ومن شرط ذلك أن يكون الداعية على بصيرة وعلم وبينة ، بما يدعو إليه ، ومما يحذر منه حتى لا يضر الناس ، وحتى لا يدعو إلى ضلالة وهو لا يدري ، أو يدعو إلى باطل وترك حق وهو لا يدري ، حتى يكون على بينة ليعرف ما يدعو إليه ، وما يدعو إلى تركه .

وقال عز وجل : ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ هذا الأمر العظيم وإن كان موجها إلى الرسول العظيم صلى الله عليه وسلم، فهو أمر للأمة جميعا ، وإن خوطب به النبي صلى الله عليه وسلم فهو الأصل والأساس ، وهو القدوة عليه الصلاة والسلام ، ولكنه مع ذلك موجه للأمة جميعا ، لأن القاعدة الشرعية أن أمته تابعة له في الأمر والنهي إلا ما دل الدليل على أنه خاص به عليه الصلاة والسلام ، فالدعوة إلى الله فرض كفاية على الجميع ، وواجب على الجميع ، قال الله جل وعلا : لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا فعلى المسلمين أن يتأسوا بنبيهم عليه الصلاة والسلام في الدعوة إلى الله ، والتوجيه إليه ، وإرشاد العباد إلى أسباب النجاة ، وتحذيرهم من أسباب الهلاك ، وفي هذه الآية العظيمة بيان كيفية الدعوة وأسلوبها ونظامها وما ينبغي للداعي أن يكون عليه : ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ قال جماعة من علماء التفسير : معنى ذلك : بالآيات والأحاديث ، يعني ادع إلى الله بآيات الله وبسنة رسول الله عليه الصلاة والسلام . لما فيها من الحكمة ، ولما فيها من الفقه والردع والبيان والإيضاح والكلمة الحكيمة هي التي فيها الردع عن الباطل ، والتوجيه إلى الخير ، وفيها الإقناع والتوجيه إلى ما فيه السعادة .

فالداعي إلى الله جل وعلا ، ينبغي له أن يتحرى في دعوته ما يقنع المدعو . ويوضح الحق . ويردعه عما يضره ، بالأسلوب الحسن الطيب ، اللين الرقيق ، ولهذا قال بعده : وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ فليكن الداعي ذا حكمة ، وذا موعظة حسنة ، عند الحاجة إليها ، فهو يوضح الحق ويبينه ، ويرشد إليه بالآيات والأحاديث الواضحة البينة الصحيحة ، حتى لا يبقى شبهة للمدعو .

ومن الحكمة إيضاح المعنى وبيانه بالأساليب المؤثرة التي يفهمها المدعو وبلغته التي يفهمها حتى لا تبقى عنده شبهة . وحتى لا يخفى عليه الحق بسبب عدم البيان . أو بسبب عدم إقناعه بلغته . أو بسبب تعارض بعض الأدلة ، وعدم بيان المرجح ، فإذا كان هناك ما يوجب الموعظة وعظ وذكر بالآيات الزواجر ، والأحاديث التي فيها الترغيب والترهيب . حتى ينتبه المدعو ويرق قلبه ، وينقاد للحق ، فالمقام قد يحتاج فيه المدعو إلى موعظة وترغيب وترهيب على حسب حاله ، وقد يكون مستعدا لقبول الحق ، فعند أقل تنبيه يقبل الحق ، وتكفيه الحكمة ، وقد يكون عنده بعض التمنع وبعض الإعراض فيحتاج إلى موعظة وإلى توجيه ، وإلى ذكر آيات الزجر والترغيب وأحاديث الزجر والترغيب والترهيب حتى يلين قلبه ، ويقبل الحق .

وقد يكون عنده شبه فيحتاج إلى جدال بالتي هي أحسن . حتى تزاح الشبهة ، ويتضح الحق ولهذا قال جل وعلا : وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ

فإذا كان المدعو عنده بعض الشبه . فعليك أيها الداعي أن توضح الحق بدلائله . وأن تزيح الشبهة بالدلائل التي تزيحها ، حتى يبقى معك المدعو على أمر بين واضح ، وليكن هذا بالتي هي أحسن؛ لأن العنف والشدة قد يضيعان الفائدة . وقد يقسو قلب المدعو بسبب ذلك ويحصل له به الإعراض والتكبر عن القبول فعليك بالرفق والجدال بالتي هي أحسن حتى يقبل منك الحق ، وحتى لا تضيع الفرصة . وتذهب الفائدة سدى . بسبب العنف والشدة ، ما دام صاحبك يريد منك الحق . ولم يظلم ولم يتعد . أما عند الظلم والتعدي فله نهج آخر . وسبيل آخر ، كما قال جل وعلا : وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ فإذا كان أهل الكتاب يجادلون بالتي هي أحسن ، فالمسلمون من باب أولى أن يجادلوا بالتي هي أحسن ، لكن من ظلم ينتقل معه إلى شيء آخر ، فقد يستحق الظالم الزجر ، والتوبيخ ، وقد يستحق التأديب والسجن ، إلى غير ذلك على حسب ظلمه .

والآيات في فضل الدعوة ، والحث عليها كثيرة ، ولكن من أهم ذلك وأوضحه ما بينا . ومن هذا قوله سبحانه وتعالى : وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ففي هذه الآية الكريمة بيان أنه لا أحسن قولا ممن دعا إلى الله ، وفي ذلك غاية الحث على الدعوة ، وغاية التحريض عليها ، إذا كان لا أحسن قولا . ممن دعا إلى الله ، فحقيق بالمؤمن .

وحقيق بطالب العلم أن يبادر ويسارع إلى هذا المقام العظيم ، مقام الرسل عليهم الصلاة والسلام ، وهو الدعوة إلى الله والإرشاد إلى دينه الحق ، وهذه الطائفة رأسها وأئمتها الرسل عليهم الصلاة والسلام ، وهم أحسن الناس قولا ، وهم أئمة الهدى والدعوة ، وهم أولى الناس بالدخول في هذه الآية الكريمة ، لأنهم القدوة والأساس في الدعوة إلى الله عز وجل عليهم الصلاة والسلام . وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ هذه الآية العظيمة تبين لنا أن الداعي إلى الله عز وجل ينبغي أن يكون ذا عمل صالح يدعو إلى الله بلسانه .

ويدعو إلى الله بأفعاله أيضا ، ولهذا قال بعده وَعَمِلَ صَالِحًا فالداعي إلى الله عز وجل يكون داعية باللسان ، وداعية بالعمل ، ولا أحسن قولا من هذا الصنف من الناس ، هم الدعاة إلى الله بأقوالهم الطيبة . وهم يوجهون الناس بالأقوال والأعمال . فصاروا قدوة صالحة في أقوالهم وأعمالهم وسيرتهم . وهكذا كان الرسل عليهم الصلاة والسلام ، دعاة إلى الله بالأقوال والأعمال والسيرة ، وكثير من المدعوين ينتفعون بالسيرة أكثر مما ينتفعون بالأقوال ولا سيما العامة وأرباب العلوم القاصرة فإنهم ينتفعون من السيرة والأخلاق الفاضلة والأعمال الصالحة ما لا ينتفعون من الأقوال التي قد لا يفهمونها ، فالداعي إلى الله عز وجل من أهم المهمات في حقه أن يكون ذا سيرة حسنة وذا عمل صالح وذا خلق فاضل حتى يقتدى بفعاله وأقواله وسيرته . وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ يعني الداعي يصرح بما هو عليه ويبين أنه على المنهج الأسمى ، على الحق ، يقول هذا معتزا به فرحا به مغتبطا به لا مرائيا ولا مفاخرا ولكنه مبين للحق يقول إني على صراط مستقيم ، أنا من المسلمين ، لست نصرانيا ولا يهوديا ولا وثنيا ولكنني مسلم حنيف أدعو إلى الله على بصيرة أدعو إلى ديني ، أدعو إلى الحق ، ويقول هذا عن اغتباط ، وعن سرور ، وعن اعتراف صادق ، وعن إيمان بما يدعو إليه حتى يعلم المدعوون أنه على بينة ، وأنه على طريق واضح ومنهج صحيح وأنه إذا دعا ألد الإسلام فإنه يدعو إليه وهو من أهله ، ليس يدعو إليه وهو من غير أهله بل هو يدعو إليه وهو عليه آخذ به ملتزم به . وكثير من الدعاة قد يدعون إلى شيء وهم على خلافه ، لكن دعوا إليه إما لمال أخذوه وإما رياء وإما لأسباب أخرى لكن الداعي الصادق إلى الله يدعوا إلى الإسلام لأنه دينه ولأنه الحق الذي لا يجوز غيره ، ولأنه سبيل النجاة وسبيل العزة والكرامة ولأنه دين الله الذي لا يرضى سواه سجانه وتعالى . فهذه الآية العظيمة فيها الحث والتحريض على الدعوة إلى الله عز وجل وبيان منزلة الدعاة وأنهم أحسن الناس قولا إذا صدقوا في قولهم وعملوا الصالحات وهم أحسن الناس قولا ولا أحد أحسن منهم قولا أبدا وعلى رأسهم الرسل عليهم الصلاة والسلام ، ثم أتباعهم على بصيرة إلى يوم القيامة .

ومن الدعاة إلى الله الداخلين في هذه الآية المؤذنون فإنهم دعاة إلى الله ينادون على رءوس الأشهاد بتكبير الله وتعظيمه والشهادة له بالوحدانية ولنبيه بالرسالة عليه الصلاة والسلام ، فهم من الدعاة إلى الله وهم داخلون في هذه الآية الكريمة .

ومما صح في السنة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام في شأن الدعوة وفضلها قوله عليه الصلاة والسلام لما بعث عليا رضي الله عنه إلى خيبر قال : ادعهم إلى الإسلام وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله تعالى فيه فوالله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم متفق عليه من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه .

أقسم عليه الصلاة والسلام وهو الصادق وإن لم يقسم أن هداية رجل واحد على يد علي رضي الله عنه خير له من حمر النعم فدل ذلك على أن الدعوة إلى الله شأنها عظيم وأنها منزلة عظمى . وفي هذا بيان أن المقصود من الدعوة والجهاد ليس قتل الناس ولا أخذ أموالهم ولكن المقصود هدايتهم وإنقاذهم مما هم فيه من الباطل وإخراجهم من الظلمات إلى النور وانتشالهم من وهذه الضلالة وأوحال الرذيلة إلى عز الهدى وشرف التقوى . ولهذا قال عليه الصلاة والسلام : والله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم و

فيه من الفوائد حث الغزاة وأئمة الغزو على التريث وعدم العجلة في القتال وأن يجتهدوا في الدعوة وإرشاد المدعوين وتنبيههم على أسباب النجاة لعلهم يرجعون ويجيبون الداعي ، ولعلهم يتركون القتال ويدخلون في دين الله سبحانه وتعالى ، فليس مقصود المسلمين ولا مقصود الإسلام والجهاد القتل وسبي النساء والذرية والأموال ، وإنما المقصود من ذلك هداية الناس وإرشادهم إلى الحق الذي خلقوا له كما سبق ، فإذا امتنعوا وأصروا ولم يقبلوا الحق بعد ذلك فالجهاد يفر إليه عند الحاجة أما إذا كفت الدعوة وقبلوا الحق فلا حاجة إلى الجهاد ، وإنما يصار إليه عند امتناع المدعو وعدم قبوله الحق فعند هذا شرع الله الجهاد بالسلاح لقمع المبطلين وإزاحتهم عن طريق الدعوة ، وإخراج الناس من الظلمات إلى النور وفتح الطريق أمام الدعوة إلى الله عز وجل حتى ينتشر الإسلام في أرض الله . وفيه من الفوائد أيضا الدلالة على أن هداية واحد خير من حمر النعم ، يعني : أن الهداية لواحد من الكفار على يدك أيها الداعي أو أيها الأمير فيه خير عظيم وفضل كبير . قال بعض الأئمة : معنى ذلك : خير من الدنيا وما عليها؛ لأن الدنيا زائلة والآخرة باقية فخيرها ولو كان قليلا خير من الدنيا وما عليها ، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم : " موضع سوط أحدكم في الجنة خير من الدنيا وما عليها " . وإنما ذكر صلى الله عليه وسلم حمر النعم لأن حمر النعم ، أنفس أموال العرب وأرفعها عندهم فمثل بها ، وإلا فالمقصود أن هداية رجل واحد أو أكثر من ذلك خير من الدنيا وحطامها الزائل الفاني .

وقال عليه الصلاة والسلام : من دل على خير فله مثل أجر فاعله أخرجه مسلم في الصحيح وهو يدل على أن من دعا إلى الخير وأرشد إليه كان له مثل أجر فاعله ، وهذه فضيلة عظيمة للدعوة وشرف عظيم للدعاة أن الله سبحانه وتعالى يعطيهم مثل أجور من هداه الله على أيديهم .

فيا له من خير ويا له من فضل ويا لها من منزلة . فيا أخي ادع إلى ربك وإلى دينك وإلى اتباع نبيك عليه الصلاة والسلام يحصل لك مثل أجور من هداه الله على يديك هذه مزية عظيمة وفضل كبير وفي ذلك حث وتحريض للدعاة على الدعوة والصبر عليها إذا كنت تحصل بذلك على مثل أجور من هداه الله على يدك فحقيق بك أن تشمر وأن تسارع إلى الدعوة وأن تصبر عليها وفي هذا خير عظيم وقال عليه الصلاة والسلام فيما رواه مسلم أيضا في الصحيح من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا وهذا أيضا فضل عظيم : من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه وهذا مثل ما تقدم في حديث : " من دل على خير فله مثل أجر فاعله

وهذه الأحاديث وما جاء في معناها فيها الحث والتحريض على الدعوة وبيان فضلها وأنها في منزلة عظيمة من الإسلام وأنها وظيفة الرسل عليهم الصلاة والسلام وقد بعث الله تعالى الرسل جميعا دعاة لله عز وجل ومبشرين بدينه ومنذرين من عصاه فحقيق بك أيها المؤمن أن تسير على منهاجهم الصالح ، وأن تستمر على طريقهم الواضح بالدعوة إلى الله والتبشير بدينه ، والتحذير من خلافه ، وإنما يتم هذا الفضل ويحصل هذا الخير ويتضاعف ، بالصبر والإخلاص والصدق فمن ضعف صبره أو ضعف صدقه أو ضعف إخلاصه لا يستقيم مع هذا الأمر العظيم .

ولا يحصل به المطلوب كما ينبغي ، فالمقام يحتاج إلى إخلاص فالمرائي ينهار ولا يثبت عند الشدائد ، ويحتاج إلى صبر فذو الملل وذو الكسل لا يحصل به المقصود على التمام ، فالمقام يحتاج إلى إخلاص وإلى صدق وإلى صبر ، كما قال سبحانه وتعالى : قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ وكما قال سبحانه : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ وقال عز وجل : وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ فلا بد من الصدق كما قال عز وجل : هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ ولا بد من الصبر كما قال جل وعلا : وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ وكما قال سبحانه : وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ فبالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين . فالدعاة إلى الله عز وجل إذا صبروا وصدقوا وكانت دعوتهم على علم وعلى بصيرة ، صاروا أئمة للناس يقتدى بهم في الشدة والرخاء ، والعسر واليسر ، كما سبق في قوله تعالى وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ

فعليك يا عبد الله بالصبر على دعوتك وإيمانك وعملك الصالح وعليك باليقين في أعمالك . كن على بصيرة . تعلم وتفقه وتثقف في الدين وكن على بينة في أمورك حتى تكون دعوتك عن صبر وعن يقين ، وبهذا تكون إماما يقتدى به . وتكون إماما وقدوة وأسوة صالحة في أعمالك الطيبة وسيرتك الحسنة ، وبهذا ينتهي الكلام على فضل الدعوة وهو الشق الأول .

أما الشق الثاني : وهو أثرها في انتشار الإسلام . فنقول إن الله جل وعلا بعث الرسل كما سبق عليهم الصلاة والسلام دعاة للحق وهداة للخلق ولم يبلغنا أن الرسل الأولين كانوا يجاهدون على دعوتهم ، وإنما ذكر الله الجهاد بعد بعث موسى عليه الصلاة والسلام .

ومن وقت آدم إلى نزول التوراة كان الرسل دعاة فقط ليس هناك جهاد فانتشر الإسلام بالدعوة والبيان والكتب المنزلة من السماء فكان الرسل عليهم الصلاة والسلام يدعون إلى الله وينذرون الناس فانتشر دينهم وإسلامهم بالدعوة من عهد آدم إلى أن بعث الله موسى عليه الصلاة والسلام .

والإسلام هو دين الله ، قال جل وعلا : إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلامُ فهو دين الله لجميع المرسلين وجميع الأمم كما قال سبحانه وتعالى عن نوح : وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وهو أول الرسل وقال عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنهما : كان بين آدم ونوح عليهما الصلاة والسلام عشرة قرون كلهم على الإسلام حتى وقع الشرك في قوم نوح وقال جل وعلا في قصة إبراهيم وإسماعيل وهما يعمران الكعبة : رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ فطلبا أن يكونا مسلمين ، وقال في قصة يوسف : أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ وقال في قصة موسى : وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ وقال عن بلقيس : وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ فالدين عند الله هو الإسلام ، ولكن الله بعث محمدا عليه الصلاة والسلام بأكمله وأتمه ، بعثه بالإسلام وبشريعة كاملة في الإسلام ، فالذي بعث الله به محمدا صلى الله عليه وسلم هو أكمل الدين وأتمه ، بعثه بالإسلام الذي هو دين الله وبعثه بشريعة كاملة صالحة لجميع الزمان والمكان حتى تقوم الساعة ، أما ما بعث الله به الأنبياء الماضين فهو دين الإسلام ولكن بشرائع خاصة لأقوامهم خاصة ، شرائع خاصة لأقوامهم ، كل رسول بعثه الله إلى قومه بشريعة خاصة والدين هو الإسلام ، وهو توحيد الله كما قال سبحانه وتعالى وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فكل أمة بعث إليها رسول ليدعوهم إلى الإسلام ، والاستسلام لله بالتوحيد والانقياد له بالطاعة والبراءة من الشرك وأهله ، فكل رسول بعثه الله بهذا الإسلام وهو دين الله وتوحيده بإفراده بالعبادة ، وترك عبادة ما سواه وبعث معه شريعة خاصة تلائم زمانه وتناسب وقته وقومه حتى ختم الله جل وعلا الشرائع والنبوات ببعث محمد عليه الصلاة والسلام وبشريعة كاملة ودين شامل ونظام عام لجميع الأمة في حاضرها وقت نزول القرآن وفي مستقبلها إلى يوم القيامة . وجعله دينا شاملا لجميع الشئون؛ شئون الدين والدنيا ، شئون العبادة وشئون المعاملة ، وشئون الأحوال الشخصية وشئون الجنايات ، وغير ذلك في جميع الأمور جعله دينا شاملا منظما لجميع مصالح العباد ، منظما لجميع ما يحتاجون إليه في شئونهم العاجلة والآجلة مفصلا لكل ما يتطلبه العاقل وتقتضيه الحاجة . وبهذا يعلم أن انتشار الإسلام في عهد آدم وما بعده وعهد نوح وهود وصالح وإبراهيم ولوط وإسحاق ويعقوب وهو إسرائيل ويوسف عليهم الصلاة والسلام جميعا والأنبياء بعدهم كان بالدعوة : انتشر الإسلام بالدعوة وظهر بالدعوة . كان الرسل يدعون وهكذا أنصارهم وأتباعهم يدعون إلى الله جل وعلا .

فانتشر الإسلام في أممهم بالدعوة لا بالجهاد ولا بالسيف فلم يذكر الله في كتابه العزيز عن أولئك أنهم جاهدوا بالسيف وإنما دعوا إلى الله وأنذروا الناس وبشروهم فقبل الدعوة من هداه الله وأباها من سبقت له الشقاوة نعوذ بالله من ذلك .

وكانت الأمم قبل موسى عليه الصلاة والسلام إذا عاندوا الرسول وأبوا اتباعه جاءهم العذاب فأهلكوا عن آخرهم إلا من آمن بالله . فآدم عليه الصلاة والسلام ومن كان في زمانه من ذريته إلى عهد نوح كانوا على الإسلام والهدى ولا يلزم من ذلك أن لا يكون فيهم معصية فقد عصى قابيل وقتل أخاه هابيل بغير حق ولكنهما كانا على الإسلام .

ثم زين الشيطان لقوم نوح الغلو في الصالحين في قالب المحبة لهم ودعاهم إلى تصوير صورهم ونصبها في مجالسهم ، ثم بعد ذلك زين لمن بعدهم التعلق بها وعبادتها حتى وقع الشرك في قوم نوح بسبب الغلو في الصالحين وتصوير الصور والابتداع في الدين ،

ولهذا حذر الرسول عليه الصلاة والسلام من الصور وحذر من البدع لأن البدع والصور من وسائل الشرك نسأل الله العافية ، ولما أخبرته أم حبيبة وأم سلمة بالكنيسة التي رأتاها في الحبشة وما فيها من الصور ، قال : " أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا وصوروا فيه تلك الصور أولئك شرار الخلق عند الله " . فأخبر عليه الصلاة والسلام أنهم شرار الخلق بسبب غلوهم في صالحيهم باتخاذ المساجد على قبورهم وتصوير الصور عليها وهكذا وقع في قوم نوح فالإسلام انتشر بالدعوة فلما أبى قوم نوح إلا العناد والشرك ولم يستجيبوا لداعيهم نوح عليه الصلاة والسلام ألف سنة إلا خمسين عاما أرسل الله عليهم الطوفان فأهلكهم عن آخرهم بالغرق إلا من كان مع نوح في السفينة ، نسأل الله العافية .

وقوم هود هلكوا بريح عقيم وقوم صالح بالرجفة والصيحة حتى هلكوا عن آخرهم ، هكذا عاقب الله كثيرا من الأمم بأنواع من العقوبات بسبب كفرهم وضلالهم وامتناعهم عن قبول الدعوة الإسلامية ،

ثم شرع الجهاد في عهد موسى عليه الصلاة والسلام لنصر الحق وقمع الباطل ، ثم شرع الله الجهاد على يد نبينا محمد صلى الله عليه وسلم على الوجه الأكمل ، ونبينا عليه الصلاة والسلام لما بعثه الله مكث في مكة بضعة عشر عاما يدعو إلى الله عز وجل ولم يكن هناك جهاد بالسيف ولكنه الدعوة والتبشير بالإسلام؛

وقد أنكر قومه دعوته وآذوه وآذوا أصحابه ولكنه صبر على ذلك عليه الصلاة والسلام وكان مستترا بها أولا ثم أمره الله بالصدع فأظهر الدعوة وصبر على الأذى وهكذا أصحابه ،

وكان من السابقين إلى ذلك أبو بكر الصديق رضي الله عنه سبق إلى الإسلام والدعوة ، وخديجة رضي الله عنها وعلي رضي الله عنه ، وزيد بن حارثة ، هؤلاء الأربعة هم السابقون إلى الإسلام والدعوة ، ثم تابعهم الناس ، وكان الصديق رضي الله عنه شريفا في قومه معظما مألوفا ذا معروف وإحسان وذا تجارة ومال ، وذا خلق كريم ، فكان يدعو إلى الله سرا ويبشر بالإسلام حتى أسلم على يديه جم غفير منهم عثمان رضي الله عنه والزبير بن العوام وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وطلحة بن عبيد الله رضي الله عن الجميع . وأسلم جم غفير في مكة بالدعوة لا بقهر ولا بجهاد ولكن بالدعوة والتوجيه وقراءة القرآن وشرح محاسن الإسلام ، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يدعو ويقرأ عليهم القرآن ويبين لهم ما أشكل عليهم فيتقبلون الحق ويرضون به ويدخلون في دين الله جل وعلا .

ثم انتشر الإسلام والدعوة إليه في القبائل والبادية والقرى المجاورة لمكة بسبب الدعوة ، وبسبب ما يسمعونه من الصحابة الذين أسلموا وأجابوا النبي عليه الصلاة والسلام وكان النبي عليه الصلاة والسلام يعرض نفسه على القبائل في موسم الحج كل عام يطلب منهم أن يجيبوه وأن يؤوه وأن ينصروه حتى يبلغ رسالة ربه عليه الصلاة والسلام فلم يقدر الله سبحانه ذلك إلا للأنصار رضي الله عنهم وأرضاهم فأجابه الأنصار واجتمعوا به عند الجمرة في المرة الأولى وكانوا ستة دعاهم إلى الإسلام فأجابوا وقبلوا الحق وصاروا رسلا إلى قومهم فذهبوا إلى المدينة ودعوا إلى الله عز وجل ، وبشروا بالإسلام فأجاب إلى الإسلام منهم بشر كثير ثم قدم منهم في السنة الثانية اثنا عشر منهم الستة الأقدمون ومن جملتهم أسعد بن زرارة رضي الله عنه وجماعة كانوا من الخزرج سوى اثنين من الأوس وقيل ثلاثة فاجتمعوا به عليه الصلاة والسلام أيضا في وسط أيام التشريق وتلا عليهم القرآن وبايعوه على الإسلام ثم رجعوا إلى بلادهم فدعوا إلى الله عز وجل وانتشر الإسلام في بيوت الأنصار إلا قليلا ، منهم ودخل في دين الله جم غفير من الأنصار ، ثم تعاقدوا على أن يطلبوا من النبي على أن يهاجر إليهم وأن ينقذوه من حال المشركين وأذاهم .

وكان قد بعث إليهم عليه الصلاة والسلام مصعب بن عمير بعد البيعة الأولى فكان يعلم ويرشد في المدينة ، فكان يعلم الناس ويرشدهم ، وأسلم على يديه جماعة كثيرة وانتشر الإسلام بسبب ذلك ، ومن جملة من أسلم على يديه سيد الأوس سعد بن معاذ ، والسيد الثاني من الأوس أسيد بن الحضير ، وبسبب إسلامهما انتشر الإسلام في الأوس ، وبسبب إسلام أسعد بن زرارة هو وسعد ابن عبادة وجماعة من الخزرج انتشر الإسلام في الخزرج وظهر دين الله هناك ثم قدموا في السنة الثالثة قدم منهم سبعون رجلا من الأنصار ، وقيل ثلاثة وسبعون وبايعوا النبي صلى الله عليه وسلم على الإسلام والنصرة والإيواء ، وتم ذلك بحضرة عمه العباس رضي الله عنه ، ثم شرع المسلمون في الهجرة إلى المدينة بإذنه عليه الصلاة والسلام ، ثم هاجر عليه الصلاة والسلام إلى المدينة وقام بالدعوة إلى الله هناك ونشر الإسلام ، وهكذا المسلمون الذين أسلموا من الحاضرة والبادية نشروا الإسلام بالدعوة ومن جملتهم أبو ذر الغفاري وعمرو بن عبسة السلمي وغيرهما

ثم شرع الله الجهاد على أطوار ثلاثة : أولا : أذن فيه ، ثم أمروا أن يقاتلوا من قاتلهم ويكفوا عمن كف عنهم ثم شرع الله الجهاد العام طلبا ودفاعا ، وهذه الأطوار باقية على حسب ضعف المسلمين وقوتهم فإذا قوي المسلمون وجب عليهم الجهاد طلبا ودفاعا وإذا ضعفوا عن ذلك وجب عليهم الدفاع وسقط عنهم الطلب حتى يقدروا ويستطيعوا .
والمقصود من الجهاد كما تقدم هو نشر الإسلام وإخراج الناس من الظلمات إلى النور وإزاحة العقبات من طريق الدعوة والقضاء على العناصر الفاسدة التي تمنع الدعوة وتحول بين الدعاة إلى الله وتبيين مقاصدهم الطيبة ولهذا شرع الله الجهاد لإزاحة العراقيل عن طريق الدعوة ،

ولإخراج الناس من الظلمات إلى النور ، وانتشالهم من الباطل إلى الحق والهدى ، وإخراجهم من ظلم الأديان وضيق الدنيا إلى سعة الإسلام وعدل الإسلام ، ومضى على ذلك نبي الله عليه الصلاة والسلام وأصحابه الكرام وأتباعهم بإحسان حتى ظهر دين الله وانتشر الحق بالدعوة الصحيحة الإسلامية ،

وبالجهاد الذي يناصرها ويؤيدها إذا وقف في طريقها أحد ، حتى أزاحوا الروم عن الشام واستولوا على مملكة الفرس ، وانتشر الإسلام في اليمن وغيره من أنحاء الجزيرة العربية بسبب الدعوة إلى الله والجهاد الصادق في سبيل الله ، وأزيحت العقبات عن طريق الدعوة .

وبهذا يعلم أن انتشار الإسلام بالدعوة كان هو الأساس وهو الأصل ، وأما الجهاد بالسيف فكان منفذا للحق وقامعا للفساد عند وجود المعارضين الواقفين في طريق الدعوة . وبالجهاد والدعوة فتحت الفتوحات بسبب أن أكثر الخلق لا يقبل الدعوة بمجردها لمخالفتها لهواه ، ولما في نفسه من حب للشهوات المحرمة ورياسته الفاسدة الظالمة فجاء الجهاد يقمع هؤلاء ويزيحهم عن مناصبهم التي كانوا فيها عقبة كأداء في طريق الدعوة ، فالجهاد مناصر للدعوة ومحقق لمقاصدها ومعين للدعاة على أداء واجبهم .
والدعوة إلى الله سبحانه وتعالى على حالين : إحداهما : فرض عين والثانية : فرض كفاية فهي فرض عين عند عدم وجود من يقوم باللازم كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إذا كنت في بلد أو قبيلة أو منطقة من المناطق ليس فيها من يدعو إلى الله ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر وأنت عندك علم فإنه يجب عليك عينا أن تقوم بالدعوة وترشد الناس إلى حق الله وتأمرهم بالمعروف وتنهاهم عن المنكر .

أما إذا وجد من يقوم بالدعوة ويبلغ الناس ويرشدهم فإنها تكون في حق الباقين العارفين بالشرع سنة لا فرضا ، وهكذا الجهاد كله ، فرض كفاية عند وجود من يكفي ، فيسقط الجهاد والأمر والنهي والدعوة عن الباقين ويكون في حقهم سنة مؤكدة ، وعند عدم وجود من يكفي يتعين الجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، والدعوة إلى الله عليك حسب طاقتك وحسب إمكانك كما قال تعالى : فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وقال جل وعلا : لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا وقد قام الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم بالدعوة والجهاد بعد نبيهم عليه الصلاة والسلام قياما عظيما ، فأبو موسى ومعاذ وعلي رضي الله عنهم بعثوا إلى اليمن في حياة النبي صلى الله عليه وسلم فقاموا بالدعوة هناك ثم رجع معاذ في عهد الصديق ورجع علي وأبو موسى في حجة الوداع ، فقام خلفاؤهم بالدعوة هناك ونشر الإسلام .

وقام الصحابة الذين سافروا إلى العراق والشام بالدعوة إلى الله هناك ونشر الإسلام ، ثم بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم قاموا بالدعوة والجهاد والتعليم والتفقيه في الشام والعراق واليمن ومصر وغير ذلك ، وفي شرق وشمال أفريقيا ثم لم تزل الدعوة تنتشر في أفريقيا كلها ، وفي الشرق والغرب كله حتى ظهرت الدعوة وانتشرت في أقصى المغرب والمشرق .

وفي وقتنا هذا ضعف أمر الجهاد لما تغير المسلمون وتفرقوا وصارت القوة والسلاح بيد عدونا وصار المسلمون الآن إلا من شاء الله لا يهتمون إلا بمناصبهم وشهواتهم العاجلة وحظهم العاجل ولا حول ولا قوة إلا بالله . فلم يبق في هذه العصور إلا الدعوة إلى الله عز وجل والتوجيه إليه ،

وقد انتشر الإسلام بالدعوة في هذه العصور في أماكن كثيرة في أفريقيا شرقها وغربها ووسطها وفي أوربا ، وفي أمريكا وفي اليابان ، وفي كوريا ، وفي غير ذلك من أنحاء آسيا ، وكل هذا بسبب الدعوة إلى الله بعضها على أيدي التجار وبعضها على أيدي من قام بالدعوة وسافر لأجلها وتخصص لها .

وبهذا يعلم طالب العلم ومن آتاه الله بصيرة أن الدعوة إلى الله عز وجل من أهم المهمات وأن واجبها اليوم عظيم لأن الجهاد اليوم مفقود في غالب المعمورة والناس في أشد الحاجة إلى الدعاة والمرشدين على ضوء الكتاب والسنة فالواجب على أهل العلم أينما كانوا أن يبلغوا دعوة الله وأن يصبروا على ذلك وأن تكون دعوتهم نابعة من كتاب الله وسنة رسوله الصحيحة عليه الصلاة والسلام وعلى طريق الرسول وأصحابه ومنهج السلف الصالح رضي الله عنهم وأهم ذلك وأعظمه الدعوة إلى توحيد الله وتخليص القلوب من الشرك والخرافات والبدع لأن الناس ابتلوا بالبدع والخرافات إلا من رحم الله فيجب على الداعية أن يهتم بتنقية العقيدة وتخليصها مما شابها من خرافات وبدع وشركيات ، كما يقوم بنشر الإسلام بجميع أحكامه وأخلاقه ، والطريق إلى ذلك هو تفقيه الناس في القرآن والسنة ، فالقرآن هو الأصل الأصيل في دعوة الناس إلى الخير ثم السنة بعد ذلك تفسر القرآن ،

وتدل عليه ، وتعبر عنه ، وتوضح معناه وتبينه ، وخلق النبي صلى الله عليه وسلم يجب أن يتأسى المسلمون به ويقتدوا به عليه الصلاة والسلام ، قال الله جل وعلا : وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ قالت عائشة رضي الله عنها : ( كان خلقه القرآن ) فالداعية إلى الله ينبغي له أن يهتم بالقرآن الكريم وأن يعنى به تلاوة وتدبرا وقراءة على الناس وتوجيها لهم إليه حتى يدرسوه ويتعلموه ويعملوا به ، وهكذا السنة يعلمهم إياها ويبشرهم بها ويحثهم عليها ويوضح سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ، وسيرة أصحابه حتى يسيروا على طريقهم الصالح وعلى نهجهم الطيب ، وهذا هو الطريق والسبيل إلى نشر الإسلام وتخليص الناس من الشرك والخرافات والبدع وهو دعوتهم إلى الله وإرشادهم إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن على ضوء الآيات القرآنية والأحاديث النبوية والطريقة السلفية التي سار عليها رسول الله عليه الصلاة والسلام .

وسار عليها أصحابه الكرام وأتباعهم بإحسان .

وأسأل الله عز وجل أن يوفقنا جميعا لما فيه رضاه ، وأن يهدينا صراطه المستقيم وأن يمن علينا وعلى المسلمين جميعا بسلوك طريق نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وطريق أصحابه والثبات عليه والدعوة إليه والذب عنه والتحذير من خلافه .

كما نسأله سبحانه أن يصلح ولاة أمر المسلمين وأن يمن عليهم بالتوفيق والهداية وأن يجمعهم وشعوبهم على الحق والهدى وأن ينصر بهم الحق ويخذل بهم الباطل وأن يقيم بهم علم الجهاد لنصر دين الله ، الجهاد الصالح الشرعي حتى يكونوا دعاة إلى الله ومرشدين إليه سبحانه وتعالى إنه جل وعلا جواد كريم ، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه .

محاضرة ألقاها سماحة الشيخ في العالم الإ الثقافي بمناسبة موسم الحج عام 1391 وصيغتها الرابطة في كتابها السنوي باسم الندوة من 88 - 101 وقد أجرى عليها سماحته إضافات وتعديلات
اضافة رد مع اقتباس
  #20  
قديم 26/03/2004, 02:38 PM
الصورة الرمزية الخاصة بـ srabالهلال
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 07/12/2002
المكان: السعودية - البديعه
مشاركات: 2,602
[SIZE=5][COLOR=indigo]المعلم الداعية

المعلم الداعية

بسم الله الرحمن الرحيم
الْحَمْدُ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وأَنْتمْ مُسْلِمُونَ " "يَا أيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالا كَثِيرًا ونِسَاءً وَاتقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَائَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ " " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا ، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا " أما بعد :
فإن أحسن الحديث كلام الله وخير الهدي هدي محمد ــ صلى الله عليه وآله وسلم ـ وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار .
فإسهاما منى في هذه السلسلة المباركة والتي يراد منها إعداد مجتمع الدعوة إلى الله جل وعلا اخترت العنوان الأول وهو كيف يكون المعلم والمعلمة من الدعاة إلى الله تعالى وقبل أن أبدء البحث آثرت عرض الموضوع على عدد من المعلمين للإفادة من خبراتهم خلال عملهم في مجال التدريس والدعوة إلى الله تعالى خلال تلك الفترة فخرجت بجملة من التجارب العملية والتي قد أعرض لبعضها أثناء هذا البحث المختصر والذي سأتحدث فيه عن الآتي :
الفصل الأول : مقدمة في وجوب الدعوة
المطلب الأول : وجوب الدعوة على كل مسلم .
المطلب الثاني : المعلم راعي فيجب أن يحفظ رعيته .
الفصل الثاني : الدعوة الذاتية : وتنقسم إلى قسمين :
المطلب الأول : الدعوة بالقدوة الحسنة .
المطلب الثاني : الدعوة من خلال عرض المادة العلمية الجيدة الشيقة .
الفصل الثالث : الدعوة العملية : وتنقسم إلى الأقسم التالية :
المطلب الأول : احترام الطالب
المطلب الثاني : تقديم المساعدة للطالب عند حاجته لها
المطلب الثالث : زيارة الطالب عند المصائب
المطلب الرابع : زيارة الطالب في الأفراح
المطلب الخامس : محاولة الوصول لجوهر قلبه
المطلب السادس : يجب أن لا ينسى المعلم الداعية هدفه
المطلب السابع : الرفق خير كله
الفصل الرابع معوقات الدعوة :
المطلب الأول : معوقات نفسية
المطلب الثاني : معوقات خارجية
هذا ما تيسر جمعه في هذا البحث والله الموفق لكل خير وبر .
الفصل الأول : مقدمة في وجوب الدعوة
المطلب الأول : وجوب الدعوة على كل مسلم
الآيات الدالة على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهو من الدعوة :
"وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ "[ 104آل عمران ] "كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ ءَامَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ " [سورة آل عمران 110] "لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ ءَايَاتِ اللَّهِ ءَانَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ (113) يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ " [ 113ـ 114 آل عمران ] "الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ ءَامَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ " [ 157 الأعراف ] "وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ " [ 71 التوبة ] "التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ " [ 112 التوبة ] "إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ " [ 90 النحل ] "الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَءَاتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ " [ 41 الحج ] "يَابُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ " [ 17 لقمان ]
الآيات الدالة على أن النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ منذر ، والإنذار هو الدعوة :
" أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ وَبَشِّرِ الَّذِينَ ءَامَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ قَالَ الْكَافِرُونَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ مُبِينٌ " [ 2 يونس ] "وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ " [44 إبراهيم ] "وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ " [ 214 الشعراء ] "وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ " [ 21 الأحقاف ] "إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ " [ 1 نوح ] "يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ(1) قُمْ فَأَنْذِرْ " [ 1 ـ 2 المدثر ]
التصريح بوجوب الدعوة : "فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ " [94 الحجر ] "قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ " [ 108 يوسف ] " وَالَّذِينَ ءَاتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمِنَ الْأَحْزَابِ مَنْ يُنْكِرُ بَعْضَهُ قُلْ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَلَا أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُو وَإِلَيْهِ مَآبِ "[ 36 الرعد ]
الأحاديث الدالة على وجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر :
1. أخرج مسلم عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " مَا مِنْ نَبِيٍّ بَعَثَهُ اللَّهُ فِي أُمَّةٍ قَبْلِي إِلا كَانَ لَهُ مِنْ أُمَّتِهِ حَوَارِيُّونَ وَأَصْحَابٌ يَأْخُذُونَ بِسُنَّتِهِ وَيَقْتَدُونَ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِنَّهَا تَخْلُفُ مِنْ بَعْدِهِمْ خُلُوفٌ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ وَيَفْعَلُونَ مَا لَا يُؤْمَرُونَ فَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِيَدِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِلِسَانِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِقَلْبِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلَيْسَ وَرَاءَ ذَلِكَ مِنْ الْإِيمَانِ حَبَّةُ خَرْدَلٍ " .
2. أخرج مسلم عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " الدِّينُ النَّصِيحَةُ قُلْنَا لِمَنْ قَالَ لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ " .
3. أخرج مسلم عن أَبي سَعِيدٍ قال سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ " .
4. أخرج البخاري عن النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " مَثَلُ الْقَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللَّهِ وَالْوَاقِعِ فِيهَا كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَعْلَاهَا وَبَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا فَكَانَ الَّذِينَ فِي أَسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوْا مِنْ الْمَاءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ فَقَالُوا لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا فِي نَصِيبِنَا خَرْقًا وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا فَإِنْ يَتْرُكُوهُمْ وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا جَمِيعًا وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ نَجَوْا وَنَجَوْا جَمِيعًا "
5. أخرج البخاري عن عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَقُولُ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ " كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ الْإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا وَالْخَادِمُ رَاعٍ فِي مَالِ سَيِّدِهِ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ قَالَ وَحَسِبْتُ أَنْ قَدْ قَالَ وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي مَالِ أَبِيهِ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ "
المطلب الثاني : المعلم راع
المعلم راع فهو مسئول عن رعيته ، رعيته ابني وابنك وأخي وأخوك ، رعيته أولاد المسلمين فهؤلاء من أعظم الرعايا فيجب عليه حفظهم بتعليمهم أمور الدين وتربيتهم التربية الإسلامية الصحيحة وتعليمهم ما أوكل إليه من المواد النافعة لهم في أمور أخراهم ودنياهم .
الفصل الثاني : الدعوة الذاتية
المطلب الأول : الدعوة بالقدوة الحسنة
في هذا المطلب لا يحتاج المعلم أن يقول أو يأمر بل يفعل وهنا يكمن المحك الحقيقي لأن القول سهل ميسر ولكن العمل شاق على النفس قال تعالى : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ " وهنا المعلم محاسب على كل أفعاله التي يأمر بها ثم لا يأتيها . قَالَ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ : " يُجَاءُ بِالرَّجُلِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُلْقَى فِي النَّارِ فَتَنْدَلِقُ أَقْتَابُهُ فِي النَّارِ فَيَدُورُ كَمَا يَدُورُ الْحِمَارُ بِرَحَاهُ فَيَجْتَمِعُ أَهْلُ النَّارِ عَلَيْهِ فَيَقُولُونَ أَيْ فُلَانُ مَا شَأْنُكَ أَلَيْسَ كُنْتَ تَأْمُرُنَا بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَانَا عَنْ الْمُنْكَرِ قَالَ كُنْتُ آمُرُكُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَلَا آتِيهِ وَأَنْهَاكُمْ عَنْ الْمُنْكَرِ وَآتِيهِ" فهذا حال من أمر الناس بالخير ولم يفعل ما أمرهم به .
المطلب الثاني : الدعوة من خلال عرض المادة العلمية الجيدة :
وهنا يكمن فن من فنون الدعوة فهذا معلم الفنية يرسم زهرة جميلة ثم يشرح للتلاميذ كيف صورها ربها ونفخ فيها هذه الرائحة الجميلة ، حتي يقلون سبحان الله ما أعظم الله .
وهذا معلم العلوم يشرح لهم إعجاز القرآن أو السنة في درس من دروسهم مر عليهم حتي يقلون سبحان الله ما أعظم الله . وهذا معلم النحو يعرب آية من كتاب الله ثم يسأل لم جاءت هذه الكلمة هنا وبين شيئا من إعجاز كلام الله ، حتى يقلون سبحان الله ما أعظم الله . وهو متقن لمادته لا يضيع شيئا منها بل مبدع في شرحها وقد تحصل على احترام طلابه له .
الفصل الثالث : الدعوة العملية
المطلب الأول : احترام الطالب
لا يمكن لأي إنسان أن يقبل منك وأنت تهينه أو تتنقص من قدره هل سمعت أن النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ أهان أحد من مشركي مكة ابتداءً ؟؟؟ . بل كان مثال للداعية الحريص على نجات الناس . وهذا الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف بن يعقوب بن إبراهيم يسأله كافرين عن رؤى رؤها فقال لهما : " لا يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلا نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكُمَا ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَهُمْ بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ (37) وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ ءَابَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَنْ نُشْرِكَ بِاللَّهِ مِنْ شَيْءٍ ذَلِكَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ (38) يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ ءَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ(39) مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَءَابَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلا لِلَّهِ أَمَرَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (40) يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا وَأَمَّا الآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْ رَأْسِهِ قُضِيَ الأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ "
أنظر له وهو يقول لهما يا صاحبي السجن ولم يقل يا مساجين أو نحو تلك العبرات مع أنه سبب سجنه غير سبب سجنهما فهو نبي مظلوم رغبت به زوج الوزير وكبار نساء الملأ وهما ليسا كذلك مع هذا جعلهما مثله .
المطلب الثاني : تقديم المساعدة للطالب عند حاجته لها
قد تمر بالطالب ظروف معينة يحتاج معها للمساعدة وهي الشفاعة قال تعالى : " مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتًا " أو ما نسميه بتعبيرنا ( الفزعة ) وعندها يحسن بالمعلم أن يتدخل وقد ذكر لي أحد المعلمين أن طالب كاد أن يطرد بسبب الشك فيه أن أفسد أحد أجهزت المدرسة وكان خارج حجرة المدير فلما رآه المعلم قال رأيت وجه ليس بوجه كذاب سألته فصدقني فشفعت له عند المدير فقبل شفاعتي فهداه الله بهذه الشفاعة ولله الحمد .
وقد يحسن كذلك السكوت عن خطأ قام به بعض الطلاب إذا علم أن السكوت سيؤثر عليه ومن ذلك أن أحد المرسيين شاهد طالب يغش في أحد الإختبارات بأسلوب بدائي ( هكذا قال ) ويظهر منه أن غير متقن لهذه الحرفة فدخل عليه في القاعة وقال : هات الورق الذي عندك فأخرجها الطالب وقلبه يكاد يخرج من بين ظلوعه ، فأخذها المعلم ولم يتكلم ولما رآه بعد الإختبار قال له : أنت من عائلة محترمة فعليك بالصراط المستقيم ولا تنحرف . فكم أثرت فيه هذه الكلمات وبقي سنين يذكرها لهذا المعلم .
وقال الآخر : أنه دخل على جملة من الصفوف لتفتيشيهم والبحث عمن يحمل الدخان أو سكاكين ونحوها فرأيت أحدهم في جيبه سكين وهو من الطلبة الهادئين فنظرت له وكأني أكلمه حتى لا يراني المدير وقلت له : ترى شفتها ، وهي آخر مرة ؟؟ فقال : وعد آخر مرة . فبقي هذا الطالب يحفظ للمعلم بل لكل المتدينين هذا الفضل .
المطلب الثالث : زيارة الطالب عند المصائب
الطالب كغيره من الناس تمر بع المصيبة وهو بحاجة للموساة . وقد تكون مصائب بعض الطلاب دائمة بسبب أبٍ قاسٍ أو أمٍ زاهدة فيه أو أب ضال فاجر ، فهو بحاجة للحنان من أي أحد من الناس وبدلا من يلتف عليه الفسقة المفسدين ليتقفه هذا المعلم الداعية ، وينجيه من براثن أهل الفساد . ويكمن الخطر كل الخطر لو كانت هذه المبتلاة بنت لأنها ستبحث عمن تسرى عن همها ؛وهنا يكمن الخطر لأن الذي يستمع لها بإنصات في غالب سيكون ذئبا جبانا فاسقا يريد جسدها لينهشه .
المطلب الرابع : زيارة الطالب في الأفراح
لا يمنع أن يزور المعلم الطالب في الأفراح ويقدم التبريكات ولكن بقدر ، ولو لم يتمكن من الزيارة اكتفى بالتبريك ولو في قاعة المقال أمام الطلاب فإن هذا سيدخل السعادة والسرور على نفس الطالب .
المطلب الخامس : محاولة الوصول لجوهر قلبه
قال سيد قطب ـ رحمه الله ـ : عندما نلمس الجانب الطيب في نفوس الناس ، نجد أن هناك خيرا كثيرا قد لا تراه العيون أول وهلة !… لقد جربت ذلك . جربته مع الكثيرين … حتى الذين يبدو في أول الأمر أنهم شريرون أو فقراء الشعور … شيء من العطف على أخطائهم ، وحماقتهم ، شيء من الود الحقيقي لهم ، شيء من العناية – غير المتصنعة – باهتماماتهم وهمومهم … ثم ينكشف لك النبع الخير في نفوسهم ، حين يمنحونك حبهم ومودتهم وثقتهم ، في مقابل القليل الذي أعطيتهم إياه من نفسك ، متى أعطيتهم إياه في صدق وصفاء وإخلاص . إن الشر ليس عميقا في النفس الإنسانية إلى الحد الذي نتصوره أحيانا . إنه في تلك القشرة الصلبة التي يواجهون بها كفاح الحياة للبقاء … فإذا آمنوا تكشفت تلك القشرة الصلبة عن ثمرة حلوة شهية … هذه الثمرة الحلوة ، إنما تتكشف لمن يستطيع أن يشعر من الناس بالأمن من جانبه ، بالثقة في مودته ، بالعطف الحقيقي على كفاحهم وآلامهم ،و على أخطائهم وعلى حماقتهم كذلك … وشيء من سعة الصدر في أول الأمر كفيل بتحقيق ذلك كله ، أقرب مما يتوقع الكثيرون لقد جربت ذلك ، جربته بنفسي . فليست أطلقها مجرد كلمات مجنحة وليدة أحلام وأوهام !…
المطلب السادس : محاولة الثناء عليهم بما فيهم من الخير
ومن مطلقنا هنا قول النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ : "نِعْمَ الرَّجُلُ عَبْدُ اللَّهِ لَوْ كَانَ يُصَلِّي مِنْ اللَّيْلِ " فما ترك ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قيام الليل حتى مات . فهذه بضع كلمات فيها ثناء صادق حثت ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ على قيام الليل . فكذا الطالب يحتاج منك إلى تشجيع وهو شيء من الثناء وفيه نصيحة طيبة . قال سيد قطب ـ رحمه الله ـ : عندما تنمو في نفوسنا بذور الحب والعطف والخير نعفي أنفسنا من أعباء ومشقات كثيرة . إننا لن نكون في حاجة إلى أن نتملق الآخرين لأننا سنكون يومئذ صادقين مخلصين إذ نزجي إليهم الثناء . إننا سنكشف في نفوسهم عن كنوز من الخير وسنجد لهم مزايا طيبة نثني عليها حين نثني ونحن صادقون ؛ ولن يعدم إنسان ناحية خيرة أو مزية حسنة تؤهله لكلمة طيبة … ولكننا لا نطلع عليها ولا نراها إلا حين تنمو في نفوسنا بذرة الحب !… كذلك لن نكون في حاجة لأن نحمل أنفسنا مؤونة التضايق منهم ولا حتى مؤونة الصبر على أخطائهم وحماقاتهم لأننا سنعطف على مواضع الضعف والنقص ولن نفتش عليها لنراها يوم تنمو في نفوسنا بذرة الحب ! وبطبيعة الحال لن نجشم أنفسنا عناء الحقد عليهم أو عبء الحذر منهم فإنما نحقد على الآخرين لأن بذرة الخير لم تنم في نفوسنا نموا كافيا ونتخوف منهم لأن عنصر الثقة في الخير ينقصنا ! كم نمنح أنفسنا من الطمأنينة والراحة والسعادة ، حين نمنح الآخرين عطفنا وحبنا وثقتنا ، يوم تنمو في نفوسنا بذرة الحب والعطف والخير !.
المطلب السادس : يجب أن لا ينس المعلم الداعية هدفه
قال لي كثير من المعلميين دخلنا التعليم من أجل هدف واضح وهو الدعوة إلى الله تعالى ؛ ولكن بعد مضي عام يتلوه عام تركنا هذا الهدف واشتغلنا بأمور دنيوية تنافسنا عليها !! . فيجب على المعالم الداعية أن لا ينسى هدفه الأكبر وهو الدعوة وأن يطرح قضيته الكبرى في كل درس بحسبه .
المطلب السابع : الرفق خير كله
أخرج البخاري عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : "يَسِّرُوا وَلَا تُعَسِّرُوا وَبَشِّرُوا وَلَا تُنَفِّرُوا " وأخرج مسلم عن عَائِشَةَ قالت سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي بَيْتِي هَذَا : " اللَّهُمَّ مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَشَقَّ عَلَيْهِمْ فَاشْقُقْ عَلَيْهِ وَمَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَرَفَقَ بِهِمْ فَارْفُقْ بِهِ " والمعلم له ولا ولاية على هؤلاء الطلاب . وأخرج مسلم عَنْ جَرِيرٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " مَنْ يُحْرَمْ الرِّفْقَ يُحْرَمْ الْخَيْرَ " وأخرج مسلم عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " إِنَّ الرِّفْقَ لَا يَكُونُ فِي شَيْءٍ إِلَّا زَانَهُ وَلَا يُنْزَعُ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا شَانَهُ " . فهلا سمع المعلمون هذا الحديث . وأخرج مسلم أَنَسٌ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ خُلُقًا فَأَرْسَلَنِي يَوْمًا لِحَاجَةٍ فَقُلْتُ : وَاللَّهِ لا أَذْهَبُ ؛ وَفِي نَفْسِي أَنْ أَذْهَبَ لِمَا أَمَرَنِي بِهِ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَخَرَجْتُ حَتَّى أَمُرَّ عَلَى صِبْيَانٍ وَهُمْ يَلْعَبُونَ فِي السُّوقِ فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ قَبَضَ بِقَفَايَ مِنْ وَرَائِي قَالَ فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ وَهُوَ يَضْحَكُ فَقَالَ : يَا أُنَيْسُ أَذَهَبْتَ حَيْثُ أَمَرْتُكَ . قَالَ قُلْتُ : نَعَمْ أَنَا أَذْهَبُ يَا رَسُولَ اللَّهِ . قَالَ أَنَسٌ وَاللَّهِ لَقَدْ خَدَمْتُهُ تِسْعَ سِنِينَ مَا عَلِمْتُهُ قَالَ لِشَيْءٍ صَنَعْتُهُ لِمَ فَعَلْتَ كَذَا وَكَذَا أَوْ لِشَيْءٍ تَرَكْتُهُ هَلَّا فَعَلْتَ كَذَا وَكَذَا .
الفصل الرابع : معوقات الدعوة
المطلب الأول : معوقات نفسية
1. الفهم الخاطئ لقوة الشخصية :
حين يفهم المعلم قوة الشخصية فهما خاطئا فيسيطر عليه هذا الهاجس فسيؤثر هذا الفهم على أدائه الدور المنتظر منه . ويبدأ هذا المعلم بتطبيق النظريات التي أخذها ممن سبقه في هذا المجال فالابتسامة ممنوعة والكلام حرام والضرب بالعصا حتم واجب . وكل هذا يبعد بين الطالب والمعلم .
2. الحواجز المصطنعة :
يضع المعلم حاجز نفسي بينه وبين الطلاب فهو لا يتحدث ولا يدعو إلا الطلاب المتدينين فقط وقد يزيد الأمر سوء إن كان لا يحدث ولا يدعو إلا فئة معينة من المتدينين ، وأما باقى الطلاب أي المئات الآخرين فهو صاد عنهم وعابس في وجوههم .
3. النظرة المتشائمة أو هلك الطلاب :
قال الشيخ محمد الدويش : لا جدل أن واقع الشباب اليوم لا يسر مسلما وأن شقة الإنحراف قد اتسعت لتشمل رقعة واسعة من خارطة حياة الشباب المعاصرة ولا جدال أن المسافة بين واقع الشباب اليوم وبين ما يجي أن يكون عليه ليست قريبة بحال .
ولكن أيعني ذلك أن الخير قد أفل نجمه ؟؟ وأن الشر قد استبد بالناس أليست هناك صفحات أخرى من حياة أولئك المعرضين غير هذه الصفحات الكالحات ؟ .
ألم يقرأ هذا وأمثاله ما أخرجه مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " إِذَا قَالَ الرَّجُلُ هَلَكَ النَّاسُ فَهُوَ أَهْلَكُهُمْ " ؟؟ .
قال النووي ـ رحمه الله ـ : اتفق العلماء على أن هذا الذم إنما هو فيمن قاله على سبيل الإزراء على الناس ، واحتقارهم ، وتفضيل نفسه عليهم ، وتقبيح أحوالهم ، لأنه لا يعلم سر الله في خلقه . قالوا : فأما من قال ذلك تحزنا لما يرى في نفسه وفي الناس من النقص في أمر الدين فلا بأس عليه .
وقال الخطابي ـ رحمه الله ـ : معناه لا يزال الرجل يعيب الناس ، وتذكر مساويهم ، ويقول : فسد الناس ، وهلكوا ، ونحو ذلك فإذا فعل ذلك فهو أهلكهم أي أسوأ حالا منهم بما يلحقه من الإثم في عيبهم ، والوقيعة فيهم ، وربما أداه ذلك إلى العجب بنفسه ، ورؤيته أنه خير منهم .
قال سيد قطب ـ رحمه الله ـ : حين نعتزل الناس لأننا نحس أننا أطهر منهم روحا ، أو أطيب منهم قلبا ، أو أرحب منهم نفسا أو أذكى منهم عقلا لا نكون قد صنعنا شيئا كبيرا … لقد اخترنا لأنفسنا أيسر السبيل وأقلها مؤونة !. إن العظمة الحقيقية : أن نخالط هؤلاء الناس مشبعين بروح السماحة والعطف على ضعفهم ونقصهم وخطئهم وروح الرغبة الحقيقية في تطهيرهم وتثقيفهم ورفعهم إلى مستوانا بقدر ما نستطيع !. إنه ليس معنى هذا أن نتخلى عن آفاقنا العليا ومثلنا السامية أو أن نتملق هؤلاء الناس ونثني على رذائلهم أو أن نشعرهم أننا أعلى منهم أفقا .. إن التوفيق بين هذه المتناقضات وسعة الصدر لما يتطلبه هذا التوفيق من جهد : هو العظمة الحقيقية !.

المطلب الثاني : معوقات خارجية

1. التربية الأسرة الخاطئة
2. وسائل الإعلام
3. الصحبة السيئة
4. الإدارة غير المتفهمة
5. كثرة التكاليف ( الأعمال المطلوبة من المعالم )
6. كثرة الطلاب في الصف الواحد

وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلِّم
اضافة رد مع اقتباس
  #21  
قديم 27/03/2004, 12:07 AM
الصورة الرمزية الخاصة بـ srabالهلال
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 07/12/2002
المكان: السعودية - البديعه
مشاركات: 2,602
آيات الســــــــكـــــينـة تطرد الحزن والضعـف والمعصية والقلق آيات الســــــــكـــــينـة تطرد الحزن آيات الســــــــكـــــينـة تطرد الحزن والضعـف والمعصية والقلق ..


ذكر الله سبحانه " السكينة" في كتابه في ستة مواضع :
1. وَقَالَ لَهُمْ نِبِيّهُمْ إِنّ آيَةَ مُلْكِهِ أَن يَأْتِيَكُمُ التّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مّن رّبّكُمْ وَبَقِيّةٌ مّمّا تَرَكَ آلُ مُوسَىَ وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلآئِكَةُ إِنّ فِي ذَلِكَ لاَيَةً لّكُمْ إِن كُنْتُـم مّؤْمِنِينَ) [البقرة: 248]

2. ثُمّ أَنَزلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَىَ رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنزَلَ جُنُوداً لّمْ تَرَوْهَا وَعذّبَ الّذِينَ كَفَرُواْ وَذَلِكَ جَزَآءُ الْكَافِرِينَ) [التوبة:26]

3. للّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيّدَهُ بِجُنُودٍ لّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الّذِينَ كَفَرُواْ السّفْلَىَ وَكَلِمَةُ اللّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) [التوبة:40]

4. هُوَ الّذِيَ أَنزَلَ السّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوَاْ إِيمَاناً مّعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلّهِ جُنُودُ السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً ) [الفتح:4]

5. لّقَدْ رَضِيَ اللّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأنزَلَ السّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً ) [الفتح:18]

6. إِذْ جَعَلَ الّذِينَ كَفَرُواْ فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيّةَ حَمِيّةَ الْجَاهِلِيّةِ فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَىَ رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التّقْوَىَ وَكَانُوَاْ أَحَقّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللّهُ بِكُلّ شَيْءٍ عَلِيماً ) [الفتح:26]

قال ابن القيم : كان شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله إذا اشتدت عليه الأمور : قرأ آيات السكينة. وسمعته يقول في واقعة عظيمة جرت له في مرضه ، تعجز العقول عن حملها، من محاربة أرواح شيطانية ، ظهرت له إذ ذاك في حال ضعف قوة . قال: فلما اشتد علي الأمر قلت لأقربائي ومن حولي : اقرءوا آيات السكينة ، قال: ثم أقلع عني ذلك الحال ، وجلست وما بي من قلبه . وقد جربت أنا أيضا قراءة هذه الآيات عند اضطراب القلب بما يرد عليه . فرأيت لها تأثيراً عظيما في سكونه وطمأنينته أ.هـ .

- السكينة نور وقوة وروح ..
السكينة تسكن الخوف .. وتسلي الحزين والضجر .. وتسكن العصي والجريء والأبي .. وتجدد العزم والثبات والنشاط
من يبحث عن المعصية إذا نزلت عليه السكينة اعتاض بلذتها وروحها ونعيمها عن لذة المعصية فاستراحت بها نفسه فإذا تألقت بروق المعاصي قال :
تألق البرق نجدياً فقلت له *** يا أيها البرق إني عنك مشغول

هذه قطوف من كتاب تهذيب مدارج السالكين .. لابن القيم
اضافة رد مع اقتباس
  #22  
قديم 27/03/2004, 09:37 AM
الصورة الرمزية الخاصة بـ srabالهلال
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 07/12/2002
المكان: السعودية - البديعه
مشاركات: 2,602
تعلم يا سماحة الشيخ ما حل في الساحة من فتن فأصبح هناك جماعات مثل جماعة التبليغ وجماعة الإخوان والسلفية وغيرهم من الجماعات وكل جماعة تقول : إنها هي التي على صواب في اتباع السنة- من هم الذين على صواب من هذه الجماعات ومن نتبع منهم؟ ونرجو منك أن تسميهم بأسمائهم؟

ج : الجماعة التي يجب اتباعها والسير على منهاجها هم أهل الصراط المستقيم ، هم أتباع النبي وهم أتباع الكتاب والسنة الذين يدعون إلى كتاب الله وسنة رسوله قولا وعملا ، أما الجماعات الأخرى فلا تتبع منها أحدا إلا فيما وافقت فيه الحق . سواء كانت جماعة الإخوان المسلمين أو جماعة التبليغ أو أنصار السنة أو من يقولون إنهم السلفيون أو الجماعة الإسلامية أو من تسمي نفسها بجماعة أهل الحديث وأي فرقة تسمي نفسها بأي شيء فإنهم يطاعون ويتبعون في الحق والحق ما قام عليه الدليل وما خالف الدليل يرد عليهم ويقال لهم : قد أخطأتم في هذا ، فالواجب موافقتهم فيما يوافق الآية الكريمة أو الحديث الشريف أو إجماع سلف الأمة .

أما ما خالفوا فيه الحق فإنه يرد عليهم فيه فيقول لهم أهل العلم : قولكم كذا وفعلكم كذا خلاف الحق- هذا يقوله لهم أهل العلم فهم الذين يبصرون الجماعات الإسلامية . فأهل العلم العالمون بالكتاب والسنة الذين تفقهوا في الدين من طريق الكتاب والسنة ، هم الذين يعرفون تفاصيل هذه الجماعات وهذه الجماعات عندها حق وباطل فهي ليست معصومة وكل واحد غير معصوم ولكن الحق ما قام عليه الدليل من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم أو إجماع سلف الأمة سواء من هذه الجماعات أو من الحنابلة أو الشافعية أو المالكية أو الظاهرية أو الحنفية أو غيرهم- فما قام عليه الدليل فهو الحق وما خالف الدليل من كتاب الله أو سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أو الإجماع القطعي يكون خطأ- وأما الذين يدعون إلى غير كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، فهؤلاء لا يتبعون ولا يقلدون ، إنما يطاع ويتبع من دعا إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وأصاب الحق فإذا أخطأ فإنه يقال له : أحسنت إذا أحسن وأخطأت إذا أخطأ ويتبع في الصواب ، ويدعي له بالتوفيق ، وإذا أخطأ يقال له أخطأت في كذا وخالفت الدليل الفلاني والواجب عليك التوبة إلى الله والرجوع إلى الحق- هذا يقوله أهل العلم وأهل البصيرة- أما العامي فليس من أهل العلم وإنما العلماء هم العلماء بالكتاب والسنة المعروفون الذين يتبعون الكتاب والسنة فعلى العامي أن يسأل هؤلاء الذين عرفوا الكتاب والسنة عما أشكل عليه مثل أن يسألهم ما تقولون في دعوة فلان الذي يقول كذا ويقول كذا حتى يتبصر - 122 ويعرف الحق كما قال الله سبحانه : فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ وهم أهل العلم بكتاب الله وسنة رسوله أما أهل البدعة فليسوا من أهل الذكر ، والدعاة إلى البدعة ليسوا من أهل الذكر أيضا . والله ولي التوفيق وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه .
ابن باز رحمه الله
اضافة رد مع اقتباس
  #23  
قديم 29/03/2004, 08:27 AM
زعيــم فعــال
تاريخ التسجيل: 08/12/2003
مشاركات: 253
وفقك الله
وأعانك على الخير ,,,,
اضافة رد مع اقتباس
  #24  
قديم 29/03/2004, 10:31 AM
الصورة الرمزية الخاصة بـ srabالهلال
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 07/12/2002
المكان: السعودية - البديعه
مشاركات: 2,602
اخواني واخواتي
اليكم هذا الرابط
http://www.sahab.ws/3801/bookmarks/...=jump&bmid=1844

http://www.sahab.ws/3801/bookmarks/?...jump&bmid=1783
http://www.sahab.ws/3801/bookmarks/?...jump&bmid=1721

اخر تعديل كان بواسطة » srabالهلال في يوم » 29/03/2004 عند الساعة » 10:53 AM
اضافة رد مع اقتباس
  #25  
قديم 02/04/2004, 11:08 AM
الصورة الرمزية الخاصة بـ srabالهلال
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 07/12/2002
المكان: السعودية - البديعه
مشاركات: 2,602
الدعوة إلى الله بالوسيلة الفردية
سعد البريك

http://www.islamway.com/bindex.php?s...&scholar_id=17
اضافة رد مع اقتباس
  #26  
قديم 02/04/2004, 11:19 AM
الصورة الرمزية الخاصة بـ srabالهلال
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 07/12/2002
المكان: السعودية - البديعه
مشاركات: 2,602
وسائل الدعوة إلى الله إعداد الطالبة : عواطف العازمي

الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله الكريم وبعد .. فهذه رسالة فيها عصارة العصارة وخلاصة الخلاصة من التجارب الواقعية لمن يرغب ان يكون داعية الى الله ناجحاً وهي تخص الزوج والطفل في المنزل والمدرسة .

أولاً : مع الزوج
1- اذا الزوج معتاد على الاستماع لجهاز التسجيل فعلى الزوجة وضع مجموعة من الأشرطة الدينية المشوقة مع استبدالها عندما ينتهي الزوج من الاستماع اليها ويجب مراعاة مادة الشريط فيجب ان يكون موضوعه مباشرا مبسطا مناسبا لمستوى ثقافة الزوج ويستحب ان يكون موضوعه حول قصص واقعية أو عبر أو عظات او سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وغيرها من المواضيع المشوقة ويجب تجنب المواضيع الفقهية والفتاوى لانها تشتت الفكر خصوصاً عند قيادة السيارة وقد ينتج عنه فهم مشتت يضيع الفائدة المرجوة منه .
2- سؤال الزوج عن بعض الأمور الدينية وفي حال عدم معرفته أجوبة للأسئلة فعلى الزوجة ان تطلب من الزوج البحث والسؤال عن الجواب لأنه باب للتثقيف في أمور الدين
3- إعانة الزوج على البر وصلة الرحم كتنظيم او تخصيص يوم في الأسبوع لزيارة الأقارب واستغلال المناسبات كالأعياد السنوية وشهر رمضان في زيارة الاقارب بدلاً من ضياع الوقت في الملاهي أو الأسواق .
4- التذاكر والوعظ ( فذكر انما أنت مذكر ) وذلك بتذكيره كلما نسى أو أهمل شيء من الدين .
5- محاولة هدايته للدين وبيان أثر الإيمان والتدين على الحياة الدنيوية والآخرة كما في الحديث " .. أو زوجة صالحة تعينه على نصف دينه " .
6- كوني مفتاحاً للخير والصلاح كاستغلال كل وقت أو مناسبة وربطها بما يتعلق بموضوع المناسبة بحديث او آية لأن هذا يشعر الزوج بأن كل صغيرة وكبيرة في حياته اليومية متعلقة بالدين مثل ( آداب السلام - آداب المجالس - حقوق الجار - التعامل مع الزملاء في العمل .. الخ ) .
7- إذا كان الزوج مدخناً ، فعلى الزوجة أن تهديه شريطاً يبين آثار مضار التدخين على الصحة وأن الإسلام لم يوجب شرائع وفرائض على المسلم فقط ولكن اهتم بصحته وبسعادته وكلا الجانبين المادي والمعنوي .
8- اذا كان الزوج يحرص على قراءة الصحف اليومية فعلى الزوجة توفير مجلة اسلامية مع الصحيفة لما في المجلات الإسلامية من مواضيع إسلامية قيمة مثــل ( المجتمع - الاسرة .. الخ ) .
9- يفضل أن توفر الزوجة في الغرفة كتيبات صغيرة سريعة القراءة قوية التأثير لأن الإنسان بطبعه يمل الكتب المطولة او المليئة بالإطناب او التشبهات والكنايات التي يصعب فهمها .

دور المعلمة في الدعوة الى الله تعالى :-
وهذه تجربة من الواقع حيث قامت إحدى المعلمات بنصح تلميذاتها يومياً عن طريق كتابة حديث شريف أو آية قرآنية أو أقوال السلف الصالح على لوحة الدرس في بداية كل حصة وهذا شيء جيد بحيث تنصح أكثر من 30 طالبة يومياً وطوال العام الدراسي وهذا معناه ان الطالبات يتعلمن الكثير من أمور الدين . كذلك قامت إحدى مدرسات التربية الإسلامية بتوزيع نشرات اسبوعية على جميع صفوف المدرسة بها نصائح وتوجيهات تفيد الطالبات .

دور الملتزمة في دعوة قريباتها إلى الله تعالى :-
اذا رأت أن إحدى قريباتها تذهب للصالونات النسائية فعليها بيان حكم ذلك لها لما في صالونات السيدات من مفاسد وأخطار وعليها أن تختار الوقت المناسب لنصحها فلا يكون بين الملأ أو وقت انشغالها لأن ذلك يضيع عليها الفائدة من النصيحة ، وإن كانت بها حساسية من النصح المباشر عليها أن تلجأ لطرق غير مباشرة كأن تضع كتب او نشرة فيها بيان لحكم الذهاب للصالونات النسائية في مكان تعرف انها تجلس فيه مثل غرفة الجلوس او على التلفاز .
كذلك إذا كانت هناك ندوات تقام في إحدى المساجد النسائية عليها ان تقوم بأخذ اخواتها أو قريباتها لحضور تلك الندوة .

دور الداعية إلى الله في الدعوة في ألاماكن العامة :-
لو رأت منكراً في الأماكن العامة مثل ( الجمعيات التعاونية - الحدائق - الأسواق .. ) فعليها بالنصح المباشر للمسؤول أو توزيع نشرات في هذا المكان تكتب فيها عن المنكرات فيه وأثره وعقوبته .

دور الداعية إلى الله تعالى مع الخادمة :-
اذا كان لديها خادمة غير مسلمة عليها ان تعرفها بالإسلام عن طريق الأشرطة والكتيبات المترجمة للغات عديدة وقبل هذا عليها ان تكون خير قدوة ومثال للإسلام في تعاملها مع الخدم وإعطائهم حقوقهم وحسن معاملتهم .

الدعوة الله تعالى مع الأبناء ( أطفال - بالغين ) :-
أولاً : الأطفال
1- يجب ان يربوا تربية إسلامية وذلك بغرس مبادئ الإسلام في نفوسهم فإن التعليم في الصغر كالنقش على الحجر وذلك بتعليمهم قراءة القرآن الكريم وحفظه والمداومة على الصلاة وغيرها ، ولو كلفها ذلك ان تضع لهم محفظ او محفظة براتب شهري.
2- استغلال وقت لعبهم باللعب المفيد مثل التسالي الإسلامية مثل مسابقة الأسرع في حفظ سورة قصيرة من القرآن وغيرها .
3- تشجيعهم على حفظ القرآن عن طريق مكافأتهم عند نهاية الحفظ .
4- تعويدهم على العادات السلوكية الصحيحة مثل آداب السلام وآداب الطعام واحترام الكبار وغيرها .

ثانياً : الأبناء البالغين
1- تشجيعهم على القراءة والمطالعة مع عمل مكتبة منزلية تحتوي على الكتب الدينية والعلمية والتاريخية التي تثري ثقافتهم.
2- تشجيعهم على عمل مكتبة خاصة بهم لكي تتعرفي على ميولهم ومواهبهم وتقومين على تنميتها لتقدمي للأمة عقولاً متفتحة على العالم مثقفة واعية .
3- تعويدهم على الذهاب للمسجد وحضور صلاة الجمعة وحضور الندوات الدينية .
4- المشاركة في مسابقات حفظ القرآن الكريم في المدرسة او على مستوى الدولة وغيرها .
والله الموفق ،،
اضافة رد مع اقتباس
  #27  
قديم 02/04/2004, 11:46 AM
الصورة الرمزية الخاصة بـ srabالهلال
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 07/12/2002
المكان: السعودية - البديعه
مشاركات: 2,602
إذا أراد الإنسان أن يدعو إنساناً آخر كيف يبدأ معه وبماذا يكلمه ؟

الجواب:

الحمد لله

كأن السائل يريد أن يدعو إلى الله ، والدعوة إلى الله لا بد أن تكون بالحكمة والموعظة الحسنة ولين الجانب وعدم التعنيف واللوم والتوبيخ .

ويبدأ بالأهم فالأهم . كما كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا بعث رسله إلى الآفاق آمرهم أن يبدؤوا بالأهم فالأهم وقد قال لمعاذ حين بعثه إلى اليمن : ( ليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله وشهادة أن محمداً رسول الله ، فإن هم أجابوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة ، فإذا أجابوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم ) ، فيبدأ بالأهم فالأهم ويتحين الفرص والوقت المناسب وإيجاد المكان المناسب لدعوتهم . فقد يكون من المناسب أن يدعوه إلى بيته ويتكلم معه ، وقد يكون من المناسب أن يذهب هو إلى بيت الرجل ليدعوه ، ثم يكون من المناسب أن يدعوه في وقت دون وقت ، فعلى كل حال المسلم العاقل البصير يعرف كيف يتصرف في دعوة الناس إلى الحق .




الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين - رحمه الله
اضافة رد مع اقتباس
  #28  
قديم 12/04/2004, 12:54 PM
الصورة الرمزية الخاصة بـ srabالهلال
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 07/12/2002
المكان: السعودية - البديعه
مشاركات: 2,602
مسائل في المسح على الخفين اقتصرت فيها على ما رأيته صواباً بمقتضى الأدلة الشرعية ، أسأل الله تعالى أن تكون خالصة لله صواباً على شريعة الله .
* اختلف العلماء رحمهم الله تعالى في جواز المسح على الخف المخرق . والصحيح جوازه مادام اسم الخف باقياً ، وهوقول ابن المنذر ، وحكاه عن الثوري ، وإسحاق ، ويزيد بن هارون ، وأبي ثور ، وبه قال شيخ الإسلام ابن تيمية مادام اسم الخف باقياً والمشي به ممكناً .


* ويجوز المسح على الخف الرقيق على القول الصحيح . قال النووي : حكى أصحابنا عن عمر وعلي رضي الله عنهما جواز المسح على الجورب وإن كان رقيقاً ، وحكوه عن أبي يوسف ومحمد وإسحاق وداود . وقال الصحيح بل الصواب ما ذكره القاضي أبوالطيب والقفال وجماعات من المحققين أنه إن أمكن متابعة المشي عليه جاز كيف كان وإلا فلا .
* مدة المسح على يوم وليلة للمقيم ، وثلاثة أيام بلياليها للمسافر. وابتداء المدة من أول مرة مسح بعد الحدث على القول الصحيح وهوإحدى الروايتين عن احمد ، وبه قال الأوزاعي وأبوثور ، واختاره ابن المنذر وحكى نحوه عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
قال النووي : وهوالمختار الراجح دليلاً .
* إذا لبس في الحضر ثم سافر قبل أن يحدث فمسحه مسح مسافر .
*إذا لبس في السفر ثم أقام قبل أن يحدث فمسحه مسح مقيم .
* إذا لبس في الحضر فأحدث ثم سافر قبل ان يمسح فمسحه مسح مسافر.
* إذا لبس في السفر فأحدث ثم أقام قبل أن يمسح فمسحه مسح مقيم .
* إذا لبس في الحضر فأحدث ومسح ثم سافر قبل أن تنتهي مدة المسح أتم مسح مسافر على القول الصحيح ، وهومذهب أبي حنيفة ، والرواية التي رجع إليها أحمد عن قوله يتم مسح مقيم . قال في الفائق : وهوالنص المتأخر – يعني عن أحمد – وهوالمختار . أ.هـ .
وإن انتهت مدة املسح قبل أن يسافر وجب عليه عند الوضوء خلعهما وغسل الرجلين .
* إذا لبس في السفر فأحدث ومسح ثم أقام أتم مسح مقيم إن بقي من المدة شيء وإلا خلع . قال في المغني : لا أعلم فيه مخالفاً .
* إذا لبس جورباً أوخفاً ثم لبس عليه آخر قبل أن يحدث فله مسح أيهما شاء .
* إذا لبس جورباً أوخفاً ثم أحدث ثم لبس عليه آخر قبل أن يتوضأ فالحكم للأول .
* إذا لبس جورباً أوخفاً ثم أحدث ومسحه ، ثم لبس عليه آخر فله مسح الثاني على القول الصحيح .
قال في الفروع : ويتوجه الجواز وفاقاً .أ.هـ.
وقال النووي : إن هذا هوالأظهر المختار ، لأنه لبس على طهارة وقولهم إنها طهارة ناقصة غير مقبول .أ.هـ. وإذا قلنا بذلك كان ابتداء المدة من مسح الأول .
* إذا لبس خفاً على خف أوجورب ومسح الأعلى ثم خلعه ، فهل يمسح بقية المدة على الأسفل ؟
لم أر من صرح به لكن ذكر النووي عن أبي العباس بن سريج فيما إذا لبس الجرموق على الخف ثلاثة معان : منها أنهما يكونان كخف واحد ، الأعلى ظهارة والأسفل بطانة .
قلت : وبناء عليه يجوز أن يمسح على الأسفل حتى تنتهي المدة من مسحه على الأعلى كما لوكشطت ظهارة الخف فإنه يمسح على بطانته .
* إذا خلع الخف أوالجورب بعد مسحه لم تنتقض طهارته بذلك ، فيصلي ما شاء حتى يحدث على القول الصحيح ، حكاه ابن المنذر عن جماعة من التابعين ، واختاره وحكاه ابن حزم عن طائفة من السلف . قال النووي : وهوالمختار الأقوى واختاره أيضاً شيخ الإسلام ابن تيمية .
* إذا تمت مدة المسح لم تنتقض طهارته بذلك فيصلي ما شاء حتى يحدث على القول الصحيح واختاره من اختار عدم النقض في المسألة التي قبلها قال ابن حزم : وهوالقول الذي لا يجوز غيره . وقال أيضاً : لومسح قبل انقضاء أحد الأمدين – يعني أمدي المسافر والمقيم – بدقيقة فإن له أن يصلي به ما لم يحدث أ.هـ.
والله أعلم ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين
مبحث للشيخ محمد صالح بن عثييمين
اضافة رد مع اقتباس
  #29  
قديم 21/04/2004, 10:53 AM
الصورة الرمزية الخاصة بـ srabالهلال
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 07/12/2002
المكان: السعودية - البديعه
مشاركات: 2,602
المحتويات
• مقدمة .
• دلالة هذا الموضوع .
• من فوائد نجاح الداعية .
• عناصر التأثير في الدعوة .
• مقومات نجاح الداعية .
• معالم التميز .
• وصايا في طلب العلم .
• من أساليب التأثير المقنعة .
• مقومات في ممارسة الدعوة .
• المقومات في مفاهيم الداعية .


مقومات الداعية الناجح

مقدمة
لقاؤنا في هذا اليوم عن مقومات الداعية الناجح ، وهذا موضوع مهم وحديثه طويل، ولكننا بعون الله - سبحانه وتعالى - نأخذ الأهم فالأهم ، ونصل بإذن الله - عز وجل - إلى ما يضيء لنا جوانب هذا الموضوع ، ويجلّي لنا حقائقه ، ويبصرنا بطرائقه ، ويعيننا على التزامه والانتفاع به بعون الله - جل وعلا - .
سوف نتحدث - إن شاء الله - عن دلالة هذا الموضوع وأهميته ، ثم نذكر عناصر التأثير في الجملة - أي العناصر التي يتأثر بها الناس فيتغير سلوكهم ويستقيم حالهم - ، ثم سننتقل إلى الداعية ؛لنرى مقومات النجاح في تكوينه الشخصي ، وفي ممارساته الدعوة وفي مفاهيمه حول الإسلام والدعوة .

دلالة هذا الموضوع
دلالة العنوان على ثلاث كلمات : مقومات ، الداعية ، الناجح .
المقوّم
هذه الكلمة مشتقة من الفعل الثلاثي ، وأصل معناه : الانتصاب والعزم ، وتأتي القوامة بمعنى المحافظة والإصلاح ، كما في قوله - جل وعلا - : { الرجال قوامون على النساء } ، وقام الرجل بالشيء أي فعله بما يؤدي إلى تحقيق غايته ومراده ، فمعنى المقومات هنا هي : الأسباب والصفات التي يقع بها المطلوب . فما هي هذه الصفات ؟ وما هي تلك الخصائص التي يحتاج إليها الداعية لكي ينجح في مهمته ويؤدي رسالته ؟ .

الداعية
والداعية أصلها الداعي ، والهاء فيها للتنبيه وليس للتأنيث ، والداعي إلى شيء : المرغب والحاث عليه ، فالله -جل وعلا – يقول : { والله يدعو إلى دار السلام } أي يرغب فيها ويحث عليها ، وعندما نقول : من دعا إلى هدى ؛ أي من رغب فيه وحث عليه ، والدعوة إلى الله - عز وجل - معناها شامل للإسلام كله ، يعني الترغيب في جميع محاسن الإسلام وفرائضه وشعائره وآدابه وسلوكياته ، بما يؤدي مع الحث عليها إلى التزامها ، واستجابة أمر الله - سبحانه وتعالى - فيها .

النجاح
والنجاح في اللغة أصله الظفر ، فالنجْْح هو الظفر والنجاح في أمر ما ، وهو تحقيق الغاية والوصول إلى الهدف ، ومعنى هذا الموضوع الذي نتحدث عنه أننا سنتكلم عنه ، صفات وخصائص تتحقق في الذي يدعو إلى الخير فيحصل بها النجاح ، والمقصود بالنجاح هو استجابة الناس وتأثرهم ، وتغير حالهم من سوء إلى حسن ، أو من حسن إلى أحسن مما كانوا عليه ؛ فإن الدعوة إما أمر بخير أو نهي عن شر ليُترك ، فمعنى تحقق النجاح هو أن الأمر الذي يؤمر به يفعل ، والنهي الذي ينهى عنه يترك، فيكون الناس حينئذ قد استجابوا لأمر الله - سبحانه وتعالى - .

من فوائد نجاح الداعية

1 ـ الأجر الجزيل
فالله - جل وعلا – يقول : { ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين } والآية إذا تأملنا تتحدث عن فعل الدعوة وليس عن أثرها واستجابتها ، إن الداعية هو أحسن الناس قولاً ، وإن لم يكن لدعوته أثر ، وإن لم يقبله الناس ؛ فإنه إذا قام بها على وجهها ؛ فإن أجره عند الله - عز وجل - عظيم ، والنبي - صلى الله عليه وسلم - خاطب علياً في يوم خيبر فقال : ( لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم ) ومتى قال له ذلك ؟ ، عندما أعطاه الراية وأمره بالتوجه لفتح خيبر ، فقال علي - رضي الله عنه - بعد أن مضى يسيراً : يا رسول الله أقاتلهم حتى يكونوا مثلنا ؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( أدعهم إلى الإسلام فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم ) .
فليس في الإسلام إكراه ، وإنما دعوة وترغيب ، فمن أسلم فالخير له ، والثمرة والنفع عائد عليه ، ومن أعرض فالعذاب ينتظره في الآخرة ، والشقاء يحل به في الدنيا نسأل الله - عز وجل – السلامة ، وغير ذلك ، هناك انتشار الخير ، ما معنى هذا عندما يدعو الدعاة فيقبل الناس منهم ويقبلون عليهم ؟ ما الذي يحصل ؟ يكثر الخير والبر والإحسان ، وينحسر الأذى والشر والعدوان ، كل استجابة للدعوة معناها مزيد من إتيان الأوامر الربانية ، والتزام الشرائع الإلهية، وكل التزام وقبول للدعوة معناه أيضا أن الشر والفساد ينحسر وينزوي بعيداً عن حياة الناس .

2 ـ مغالبة الباطل
وما معنى ذلك ؟ ألا نعرف أن للشر دعاة كثر ؟ ألا نعرف أن أهل الباطل من الديانات المحرفة ، أو من المذاهب الوضعية ، أو من أصحاب الانحلال السلوكي والخلقي ، أنهم يبذلون أموال طائلة ، ويدبرون حيل ماكرة ، ويسعون بكل وسيلة لماذا ؟ لتقبل دعواتهم وليتأثر الناس بهم فينحرفوا عن دين الله - عز وجل - ، ويزلّوا فيضلّوا ويزيغوا ، والله - سبحانه وتعالى - قد بيّن لنا شأن دعاة الفساد : { ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام * وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد } كثير هم المفسدون ، ما الذي يبطل عملهم ؟ ما الذي يدحر كيدهم ؟ ما الذي يبطل مكرهم ؟ إنها دعوة الخير ، فكل نجاح للدعوة في ميدان معنى ذلك أنها هزيمة للباطل .. أهل الباطل يريدون أن يحرّفوا مناهج التعليم ، والدعاة وأهل العلم يريدون أن تستقيموا على هدى الله ، وهدى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، أهل الزيغ والفساد يريدون انحراف في الفكر ، وضلال وتقبّل للشبهات ، وأهل الحق ينيرون بالقرآن والسنة البصائر والقلوب ، فيكون لذلك أثره في دحض الشبهات ، أهل الفساد يزينون الشهوات ، ويعددون صور وألوان الإغراءات ؛ليقع الناس في المنكرات ،فيأتي أهل الدعوة يحذرون ويخوفون بالله ، ويبينون لذة الطاعات ، ويرغّبون في الطاعات ، فكأنها معركة الحق والباطل ، فإذا نجح الدعاة معنى ذلك أنه قد هزم دعاة الباطل .

3 ـ الحماية من المفاهيم الخاطئة
ومعنى ذلك - كما يقولون - : بضدها تتميز الأشياء ، إذا لم ينجح الداعية ماذا يكون المقابل في ذلك ؟ فشل وإخفاق ، ما معنى ذلك ؟ أي عدم قبول للدعوة ، وإعراض عنها ، وعدم الاستجابة لأمر الله - سبحانه وتعالى - ، وعدم متابعة لهدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ماذا يحصل من أثر ذلك ؟ مفاهيم خاطئة كثيرة .
هذا الداعية الذي يفشل ولا يستجيب الناس له ، ماذا يحصل له في كثير من الأحوال ؟ يتوجه بالنقد على الناس ، فيقول عنهم : أنهم فسقة منحرفون ، لا يحبّون دين الله ، وأنهم لا يستجيبون لأمر الله ، وأنهم لا يعظمون أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وينعتهم . كما نرى كثيراً من الناس الذين ليست عندهم حكمة وبصيرة .. تجده دائماً يظن نفسه قد أحسن وأجاد ، وأن الناس هم الذين لا يستجيبون ، لو أنه تنبه وتوقف لوجد أن في أسلوبه ، أو في علمه ، أوفي طريقته خطأ ، منع الناس من القبول ، ماذا يقول هذا ؟ يحكم بفساد الناس ، وقد يتعدى حدوده ، ويصمهم أو يلصق بهم تهم الابتداع أو الفسق أو الكفر والعياذ بالله ، وهذا من الخطر العظيم . وقد ورد الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في صحيح مسلم : ( من قال هلك الناس فهو أهلَكَهم ) وفي بعض ضبط الروايات : (فهو أهلَكُهم ) ، ما معنى الحديث ؟من قال : هلك الناس .. فسدوا .. لا سبيل لإصلاحهم .. ليست عندهم استجابة وهم هالكون .. وهم إلى عذاب الله وسخط من الله - سبحانه وتعالى .. من قال ذلك وحكم على عموم الناس فهو أهلكهم .. فهو أشد هلاكاً منهم ؛ لأنه يعتدي على مالا يجوز له في شرع الله بالحكم على الناس ، وبالإساءة إليهم ، وبصدهم ، وبأسلوبه في تنفيرهم عن دين الله - عز وجل - .

ومن المفاهيم أيضاً أو من الأمور التي تنتج عن هذا الفشل والإحباط اليأس أو الإحباط عند بعض الدعاة . الداعية إذا دعا فلم يستجب له ، ولم يحظى بالاستجابة ماذا يقول ؟ ينزوي على نفسه وينعزل عن الناس ، ويقول : الدنيا فساد ، ولا أمل في الإصلاح ، ويصبح حينئذ نخسر الذي كان عنده خير كثير ، وربما علم غزير وأثر نافع ، ولذلك بحثنا عن أسباب نجاح الدعوة مهم ؛ ليتحقق الأجر ، ولينتشر الخير ، وليهزم الباطل ، ولنحمي أنفسنا ودعاتنا ومجتمعاتنا من مفاهيم خاطئة يحصل بها الصراع والتنابز بالألقاب بين الدعاة وبين الناس ، الأصل أن الداعية كالطبيب ، هل ترون الطبيب يختصم مع مرضاه ، وهل ترونه إذا وجد علة ومرض عند بعض الناس ، وطال العلاج والبرء منها يقول له : أنت مريض لا فائدة منك ،سوف تموت ، أو سوف ينتشر مرضك ؟ أم أنه يصبر ، ويأتي بالحكمة ، ويصبّر مريضه ويعينه ؛ حتى يتغلب على مرضه بإذن الله - عز وجل - فالموضوع مهم من هذه الوجوه .

عناصر التأثير في الدعوة
هناك عناصر مهمة في التأثير ؛ حتى ننتبه إلى عموم هذه القضية . كيف تؤثر في أي إنسان ، هناك ثلاثة جوانب مؤثرة :

1 ـ الميل العاطفي والمحبة القلبية
كما يقولون : " الحب أعمى " وكما يقال : " إن المحب لمن يحب مطيع " ، ألا نرى الناس إذا أحبوا إنساناً وافقوه حتى فيما لا ينبغي موافقتهم له ؛ لأن الحب ميل قلبي له أثره . يقول ابن القيم : "الحب التام مع القدرة يستلزم حركة البدن بالقول الظاهر ، والفعل الظاهر ، و فما يظهر على البدن من الأقوال والأعمال إنما هو موجب ما في القلب ولازمه " .ويقول ابن تيمية - رحمه الله - : "المحبة والإرادة أصل كل دين ، صالحاً كان أو فاسداً – لماذا ؟ - لأن المحبة هي التي تبعث وتحرك الإرادة ، وهي التي تمضي وتوقع الفعل في الواقع " .
لذلك من المهم أن يتحبب الداعية إلى الناس ؛ لأنهم إذا أبغضوه هل ترونه يسمعون قوله حتى وإن كان عنده من العلم بحار لا بحراً واحداً ، وحتى لو كان عنده حجة بينة قاطعة ، وأدلة واضحة ساطعة ، ما دامت القلوب قد أغلقت فلم تتعلق بمحبته ولا الميل إليه ، فذلك يمنع من قبول دعوته بشكل كبير ، لكن ليس الحب وحده هو الذي يؤثر ، ولذلك أحياناً يكون الحب مؤثر تأثير سلبي . قد يحب المرء من فيه فسق أو فساد فيوافقه على فسقه وفساده ، ألسنا نعرف أمر الأصحاب وما يقال من أن الصاحب ساحب ، لِما يتأثر الناس بأصدقائهم وجلسائهم .. يميلون إليهم .. يحبونهم .. يؤنسون فيوافقونهم في أقوالهم وأفعالهم .

2 ـ الإقناع العقلي والحجة العلمية
المدرس إذا كان محبوباً عند الطلاب ، ولكنه إذا جاء يشرح الدرس وهو لا يحسن ذلك ، وليس متخصص في فنه أو علمه أو لم يحضّر درسه ومع ذلك تسلم له العقول ، فالداعية إذا لم يكن عنده حجة وإقناع تسلم له العقول ، وترى قوة الدليل ونصاعة البرهان ، فكذلك قد تنصرف عن هذا من غير أن تستجيب له ؛ لأنه أحياناً قد لا تكون المحبة موجودة بالقدر الكافي ، قد لا تحب هذا الإنسان لكن لا تكرهه ، ما الذي يعينك على موافقته عندما يأتيك بحجة ودليل مقنع ؟ ما دمت لا تبغضه ليس هناك نفرة ،لم يسئ إليك ، فإذاً مجرد هذه الحجة سوف تعين على القبول ، ونحن نعرف أن الإنسان فيه هوى وعقل ، إذا تحكم الهوى قاده إلى الهلاك . إذا كان العقل هو الذي يتحكم في الهوى كانت العاقبة إلى الخير في غالب الأحوال ؛ وذلك لأن سلطان الهوى خفي ، ومكره ومدخل مكره خفي ، فهو كما قال ابن القيم : " إذا خرج عقلك من سلطان هواك عادت الدولة إليه " ؛ لأن الهوى إذا تحكّم في العقل يقول : " هذا حرام ، والحرام سوف يوجب العقاب في الآخر والمضرة في الدنيا " لكن الهوى والمحبة للشهوات تغلب الحجة ، فإذا جاءت الحجة ووقعت المحبة كان التأثير أكبر .

3 ـ القدوة المتحركة
القدوة الحية ؛ قد يتحبب الداعية إلى الناس ثم يحسن القول ويبسط الدليل لكنه إن لم يوافق فعله قوله لم يكن لذلك أثر ، ربما - أحياناً - قد لا توجد المحبة الكافية ، ولكن قد لا يوجد الكلام الذي يبين ويشرح ، لكن هناك قدوة ، وهناك أسوة .. هناك أخلاق متحركة .. هناك معاملة حسنة ظاهرة ، مجرد وجود الفعل الحسن والقدوة الطيبة له أثره في حياة الناس ، ولذلك كثيراً ما يتأثر الناس - خاصة عوام الناس وأكثريتهم - ، أحياناً الأدلة والبراهين والإقناع فيها تفصيلات ، وفيها علوم قد لا تستوعبها عقول الناس كلهم ، لكن أكثر الناس يتأثرون بالسلوك والعمل ؛ لأنه يراه بعينيه ، عندما نقول للناس : الصلاة خير .. عندما نقول للناس اجتنبوا المحرمات فسوف يعطيكم الله ويغنيكم ، كثيراً لا يقع ذلك موقعه حتى يروا من أهل الدعوة والعلم والإيمان من يفعل ذلك فيصبح كأنه النموذج المتحرك أمامه فيقتدون به وينتفعون إذا هذه عناصر التأثير .

مقومات نجاح الداعية
في تكوينه الشخصي وفي ممارساته الدعوية وفي مفاهيمه من بعد ذلك .

أولاً : التميّز الإيماني والتفوق الروحاني
إذا لم يكن العالم والداعية ذا إيمان عظيم بالله شديد الخشية له، صادق التوكل عليه ، عظيم الإنابة إليه ، لسانه رطب بذكر الله - عز وجل - ، عقله مفكر في ملكوت الله - سبحانه وتعالى - .. مسارع إلى الطاعات .. مسابق إلى الخيرات دائم الإحسان حريص عل البر، إذا لم يكن كذلك فإنه يفقد أهم وأعظم أسباب التوفيق ، فالله - عز وجل - إنما يوفق من كان قريباً منه ، ومن كان مؤمنا به ، ومن كان عظيم الصلة به كما نرى ، وهذه أيضاً مسألة مهمة .

معالم التميز
1 ـ الإيمان والاعتقاد الصحيح والتعلق الصادق بالله عز وجل
وهو أعظم أسباب نجاح الدعوة ؛ لأن الدعوة والاستجابة ليست بالحجج ولا بالبراهين ولا بالفصاحة ، وإنما هبة من الله - سبحانه وتعالى - : { إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء } هذه الهداية يقذفها الله في قلب من يشاء إذا علم من هذا الداعية إيماناً صادقاً ، وإخلاصاً كاملاً ، والله خاطب نبيه عيسى : { وإذ أوحيت إلى الحواريين أن آمنوا بي وبرسولي } . إذاً هو الذي أوحى إليهم وقذف في قلوبهم الاستجابة للدعوة وقبولها ، فهي هبة من الله - جل وعلا - .

الإيمان والتميز الإيماني أمره عظيم ، أوله عظمة الإيمان بالله ، ونعني بها أن يكون القلب ممتلئ بخشية الله تعظيماً وإجلالاً ومعرفة أسماءه وصفاته ، وإقرار بألوهيته والخضوع لربوبيته - سبحانه وتعالى - ، إذا وقع ذلك جاءت الآثار التحرر من عبودية غير الله - جل وعلا -، فلا يخاف من أحد مهما كان ، ولا يذل لأحد مهما كان إلا لله - عز وجل - ، فيتحرر من خوفه على الحياة ، ويتحرر من خوفه على الرزق . يصبح بإيمانه متحرر ليس لأحد عليه سلطان ، فإذا واجه الصعاب في دعوته ، وإذا تعرض للأذى كان له من هذا الإيمان حرية وقوة ، يستطيع أن يواجه هذا الباطل ، وأن يجابه ذلك البغي ، وأن يستعلي بإيمانه ، وأن يتميز ويثبت بيقينه ، وأن يشمخ بصبره وجلده ، وأن يضرب المثل بتضحيته وفدائه ، ولا يكون ذلك إلا بالإيمان ، و لا يصبر إلا مؤمن ، ولا يضحّي إلا مؤمن ، ولا يثبت إلا مؤمن ؛ لأن الإيمان هو الزاد الأعظم ، والمنبع الثر الذي ينهل منه الدعاة في طريقهم إلى دعوة الله - سبحانه وتعالى - .

2 ـ خشية الله سبحانه وتعالى
والخشية من أعظم الخلال المؤثرة في سلوك المرء ، فالله قد بيّن ذلك فقال في صفات أهل الإيمان : { الذين يخشون ربهم بالغيب وهم من الساعة مشفقون } و بيّن الله - سبحانه وتعالى - صفات الدعاة على وجه الخصوص كما في - قوله تعالى - : { الذين يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحداً إلا الله } . وكان من كلام أسلافنا ما يدل على ذلك كما قال إبراهيم بن سفيان : " إذا سكن الخوف قلب المؤمن أحرق مواطن الشهوات " .. تثار في القلب ما الذي يحرقها ويطفئها ؟ خشية الله وكما قال أيضاً الفضيل - رحمه الله - : " من خاف الله لم يضره أحد ، ومن لم يخف الله لن ينفعه أحد " . فخوف الله إذا سكن القلب فهو من أعظم آثار الإيمان ومن أكثر دلائله .

3 ـ الإخلاص لله عز وجل وابتغاء وجهه
فإن هذا هو الذي يحقق المقاصد بإذن الله - جلا وعلا - ، وتجنى به الثمار بعون الله ، أما من لم يخلص وقصد مراءاة الناس ، أو قصد الاستكثار بالأتباع ، وهذا كثير ما يحصل لأهل الخير ، يحب أن يرى جمهور من الناس .. يفرح إذا رأى الناس أقبلوا ، وإذا لم يقبلوا ولم يجد إلا واحداً أو اثنين أمتعض من ذلك ، وانقبض وجفل من ذلك ، كأنه لا يتحدث ولا يذكر إلا لشهوة في نفسه .
أثر عن عمر بن عبد العزيز أنه قام يخطب في الناس مرة ، وفجأة في وسط الخطبة قطعها وترك الحديث ، فلما سئل من بعد ذلك قال : " تحدثت فرأيت إصغاء الناس فأعجبتني نفسي فخشيت عليها فقطعت حديثي " . وأثر عن ابن مسعود كان يسير مرة ، فسار معه بعض الناس فوقف والتفت إليهم ، فقال : ألكم حاجة ؟ قالوا : لا وإنما نحب أن نمشي معك .. جمهور شعبية - كما يقولون - فقال - رضي الله عنه - معلماً أهل العلم والإيمان كيف ينبغي أن يحرصوا أن لا يداخل نواياهم شيء من الغرور أو الفتنة أو الإعجاب بكثرة محبة الناس وإقبالهم ، وإن كان هذا من الخير ومن عاجل بشرى المؤمن .. قال :" لا تفعلوا فإنه ذلة للتابع وفتنة للمتبوع " لماذا تمشي وراء الإنسان كأنك أنت تابع له ، وفتنة للمتبوع عندما يرى الناس حوله ، وهذا يقول : ما شاء الله ، وهذا يقول : ما سمعنا حديثاً مثل هذا ، وهذا يقول : من أين هذا العلم الغزير وكذا الإخلاص والتجرد لله - عز وجل - مهم جداً ، وهو أساسٌ عظيم من أسس النجاح المتعلقة بهذه الناحية الإيمانية .

4 ـ حسن الصلة بالله
ونعني بها الجانب العملي التزام الفرائض ، والحرص والاستكثار من النوافل ، ودوام الاستغفار ، والحرص على المواظبة على الأذكار ، وإدمان تلاوة كتاب الله ، والتبتل بالدعاء والتضرع إليه ، وكثرة الإنفاق في سبيل الله -جل وعلا - ، كل أعمال الخير هي من آثار الإيمان ومن دلائله ، فينبغي الحرص عليها والعمل بها .

ثانياً : التميز العلمي والشرعي
أن يكون عنده علم وثقافة ؛ لأنه يدعو الناس إلى شيء ، إذا لم يكن عالماً بهذا الشيء يدعوهم إلى الإسلام ، إذا لم يكن عالما بالإسلام وبالخير فكيف يدعوهم، فالعلم مهم وفضل العلم في هذه المسائل أمره معروف ، والله - عز وجل - قد قدّم العلم على العمل :{ فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك } وبيّن درجة أهل العلم ومرتبتهم ، فقال -جل وعلا - : { يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات } ، وبيّن مهمة العلم وأهله فقال : { فلولا نفر من كل فرقة طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم } هذه معاني كثيرة ، لكن ما هو العلم المطلوب ؟ هل لا بد أن تكون -كما يقولون - من هيئة كبار العلماء ، أو أن تكون مفتي البلد حتى تدعو إلى الله عز وجل ؟! لو افترضنا أن لا يدعو إلا من حاز العلم كله هل يصح هذا ؟ ثم أسألكم هل العلم محدد بقدر معين ؟ يعني من قرأ هذه الكتب فهو عالم .. من قرأ نصفها فهو نصف عالم .. من قرأ ربعها فهو ربع عالم ! .
العلم لا يتجزأ لكن المسألة ما هي ؟ أن لا تدعو إلى شيء حتى تعلمه ، وإذا علمت شيء فادعوا إليه ؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ( بلغوا عني ولو آية ) ألا نعلم آياتٍ من كتاب الله - جل وعلا - ، بعض الأخوة أحياناً تقول لبعضهم : لما لا تذهبون في العطل والإجازات إلى الدعوة إلى الله - عز وجل - ؟ يقول : أنا ليس عندي شيء أقوله .. اذهب إلى بعض الأماكن أو البقاع أو بعض القرى ، فستجد أقواماً لا يحسنون قراءة الفاتحة أفلا تستطيع أن تقرئهم الفاتحة ؟ ألا تحسن الفاتحة ؟ قال : نعم وأحسن غيرها ، قلت : إذا عندك خير كثير . فلا نستقل ما عندنا المهم ألا ندعو إلا بما نعلم .
والنبي -صلى الله عليه وسلم - لفت نظرنا إلى ذلك دائماً ، عندما كان يقول في كثير من خطبه ودعوته وتنبيهاته : ( ألا فليبلغ الشاهد الغائب ) ما معنى ذلك ؟ ما سمعته انقله إلى غيرك ، نحن كم نسمع من آيات القرآن ، وكم نتلو ؟كم نسمع في إذاعة القرآن ؟ وكم نسمع من الخطب والمواعظ ؟كم نسمع من الدروس ؟كم نقرأ في الكتب ؟كم بين أيدينا من الخير الكثير الذي نعلمه ؟ وألسنتنا معقودة لا تنطق بكلمه ، ولا نكاد نبلغ عن دين الله ، ولا عن كتاب الله ، ولا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيء يذكر .
العلم يتجزأ فإذا علمت مسألة ، أو علمت خصيصة ، أو علمت باباً من أبواب العلم فادعو إليه وذكّر به ، ولو أن كل واحد الآن يحصي ما يعرفه من الآيات ، وما يعرفه من الأحاديث ، ومن مواقف السيرة ، ثم يحاسب نفسه هل بلّغ ذلك ، ولو أن كل واحد حاسب نفسه وسعى إلى أن يبلغ ما يعرف لأنتشر من الخير الكثير .
الله - عز وجل - وحده هو العالم به ، لكننا لا نتكلم ، ننتظر العلماء .. ننتظر الدعاة لسنا فصحاء يا أخي ، من قال لك لا بد أن تدعو وتأتي بالأشعار والقصائد، قل كلاماً إن أخلصت فيه لله ربما ينفع أضعاف ما ينفع ، الكلام الذي قد يكون مهيئاً منمقاً ؛ لأن المسائل إنما هي بمضامينها ، ونحن ندعو إلى القرآن والسنة ؛ فإن سر القوة والأثر هو في نفس آية القرآن ، وفي نفس حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - ، نحن لا نتكلم من عند أنفسنا ، نحن لا نقول كلاماً نزيّنه لأنفسنا ، نحن نقول : {إياك نعبد وإياك نستعين * اهدنا الصراط المستقيم } كلام الله معجز ، وفيه حق ، وفيه الأدلة ، وفيه النور ، وفيه الهدى ، وفيه الخير فبلغوا وانشروا ، سيكون لذلك أثره العلمي المطلوب .
ما من شك أنه يتجزأ كثيراً ، ومن أهميته أن يكون هناك الجانب الشرعي المتعلق بالعلوم الشرعية .
وهناك قسمان : قسم العلم الذي يعتبر فريضة عينية الذي يتعلق بعلم الفرائض العينية ؛ كل فرض عين ينبغي أن تعلمه ، أمر الاعتقاد ومعرفة الأصول الثلاثة في مجملها أمر أساسي به يصح إيمانك وإسلامك ، لا بد أن تعلمه بالقدر المجمل الذي يصح به إيمانك واعتقادك ، الفرائض الشرعية الصلاة فريضة يومية واجبة على كل أحد ، ينبغي أن تعرفها وتعرف أحكامها وأركانها في الجملة التي تصح به صلاتك ، وإذا صرت صاحب مال وجب عليك معرفة أحكام الزكاة ، وإذا عزمت على الحج تعلمت أحكامه والباب في هذا معروف، ثم بعد ذلك في الجانب الشرعي أبواب واسعة.
لا بد أن يتزود الداعية بقدر ما يستطيع من العلم ، وأن يتوسع فيه بقدر ما يستطيع ، وأن يحرص على تعلم العلم الإسلامي علم العقيدة الإسلامية ، والإيمان بالله - عز وجل - يتلقى فيه كتاب مختصراً جامعاً ، وربما أيضاً كتاب متوسع نافع ، وكذلك في علم التفسير يقرأ تفسيراً كاملاً مختصراً ، أو ما يستطيع من توسع في التفسير في بعض السور والآيات التي يكثر حفظ الناس لها ، وتلاوتهم لها ونحو ذلك ، وكذلك في علم الحديث يحفظ ويتعلم من أحاديث رسول الله – صلى الله عليه وسلم -ولو الشيء اليسير .. الأربعون النووية ، ثم رياض الصالحين ، ثم مشكاة المصابيح ، ثم إذا استطاع في مختصر البخاري ومختصر مسلم ، وصحيح البخاري وفي صحيح مسلم وفي غيرها من السنن ، والأبواب في هذا - كما قلنا - واسعة .

والفقه أن يدرس مختصر على مذهب معين ثم يتوسع فيه ، ثم يتعلم ما قد يستطيع أن يتعرف فيه على أدلة المذاهب والمقارنة بينها ، حتى تصبح لديه ملكة الترجيح والمعرفة بالكتاب والسنة ، ومن العلوم المهمة علم السيرة والتاريخ الإسلامي ؛ لأن السيرة تطبيق القرآن والسنة هي النموذج المتكامل الذي وجد في واقع الحياة ، فيه كل النواحي المختلفة في جانب الأمة ، فيه جانب القضاء ، والجانب العسكري ، وجانب الدولة كل هذه النواحي طبقها في سيرته وحياته رسول الهدى - صلى الله عليه وسلم - فيحتاج من ذلك إلى جوانب كثيرة بقدر الاستطاعة .

وصايا في طلب العلم
1ـ التدرج
فينبغي أن يبدأ الأهم فالأهم ، وأن يبدأ بالمختصر ثم المتوسط ثم المتوسع ، ولا يخلط في الأمور كما يصنع بعض الشباب عند التحمس ، يبدأ بالكتب الكبيرة التي فيها مسائل عظيمة وفيها مقارنات كثيرة فلا يكاد يفقه منها شيئاً ، وربما يصيبه شيء من الملل ، ويشعر بأنه عديم الفهم أو بليد الذهن ، أو نحو ذلك وهذه مسألة مهمة .

2ـ الملازمة والصبر
فلا ينتقل من علم إلى علم أو كتاب إلى كتاب حتى يتمه ويكمله ؛ حتى لا يختلط عليه ، ويتشوش ذهنه ، أو تشتبك الأسلاك ، كما نقول يبدأ بشيء من الفقه ، يدخل في الحديث وقبل أن يأخذ شيء من الحديث يدخل في أصول الفقه ولا يكاد يتقن شيء .

3 ـ ملازمة الشيوخ والتلقي عن أهل العلم
لا يكفي أن يمسك الكتاب ويقرأ ؛ لأن ذلك -كما قيل - : من كان شيخه كتابه كان خطأه أكثر من صوابه ؛ لأن هذه مسائل قد حررها العلماء وتلقوها كـابراً عن كابر ، ولعلمائنا وأسلافنا من العلم الغزير ما سجلوه وما نقله عنهم الأجيال إثر الأجيال .

فالعلم في هذا الجانب ، ومن الجوانب الثقافة الإسلامية سواء كانت العامة أو المعاصرة ، ونعني بالثقافة الإسلامية عموم القضايا التي تتعلق بالإسلام ، ليست علوماً بعينها ليست عقيدة ولا أصول فقه ، ولا أصول حديث ، وإنما خصائص محاسن الإسلام ويسر الإسلام وسهولته وسماحته ، كثير من القضايا التي تبرز محاسن هذا الدين تدخل في هذه القضية ، ومن الثقافة المعاصرة نعني بها ما يشاع أو يشيع في المجتمعات الإسلامية من مذاهب أو أفكار ينبغي أن يعرفها ؛حتى يعرف كيف يبطلها ، وحتى يعرف كيف يحذّر الناس منها .

الداعية والعالم لا بد أن يكون بصيراً بواقعه ، عالماً بأحوال أمته ، عارفاً بما يؤثر في الناس من الأفكار أو المبادئ أو نحو ذلك ؛ حتى يستطيع أن يدحض ذلك وأن يردّه ، إذن فمع إيمانه يحتاج إلى العلم ، ومع العلم يحتاج إلى الفطنة والذكاء ورجاحة العقل وقوة الحجة ، لا بد أن يكون الداعية ذا فطنة وحكمة وقدرة على الإقناع ؛ لأن العلم قد يكون محفوظاً ، قد أحفظ مسائل فآتي فأسردها ! لن يستطيع أحد أن يفقهها ، ربما يثار عند أحد فلا يستطيع أن يرد عليها ، لكن إذا كان الداعية فطناً ذكياً لماحاً ؛ فإنه في غالب الأحوال يستطيع الإجابة على الأسئلة ، ويفند الشبهات ، ويوضح الإشكاليات ونحو ذلك، ولتوضيح هذا نذكر بعض الأساليب المستنبطة من الكتب والسنة .

من أساليب التأثير المقنعة
1ـ أسلوب المقارنة
كأنها نوع من القياس ، إذا قلت له لا تفعل كذا فإن عاقبتها إلى خسر ، وانظر إلى من فعل هذا كيف انتهى به الحال ، أليس هذا أمرٌ واضحٌ بيّن ! الجواب : نعم ، والقرآن قد مثّل بهذا وضرب له كثيراً من الأمثلة : { أو من كان ميتاً فأحييناه وجعلنا له نوراً يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها } ، الإيمان نور وحياة ، والكفر ظلمة وموت ، قارن هذا بهذا لكي تختار الخير فتمضي فيه ، وتعرف الشر فتعزف عنه وتنأى بنفسك منه ، وكما قال الله - عز وجل - : { أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله خير أمن أسس بنيانه على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم } ، إذاً هذه مقارنات ،
النبي - صلى الله عليه وسلم - ضرب الأمثلة والمقارنة أيضاً : ( مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربه كمثل الحي والميت ) إذا رغّبت الناس في ذكر الله قل لهم : إذا ذكرتم الله فسوف تكونون كالأحياء .. هذه الأمثلة في بيان وتقريب الأمور بالأقنعة العقلية التي تستخدم أسلوب المقارنة .

2 ـ أسلوب التقرير
أسلوب آخر من الأساليب التي تفحم وتقنع ، وتقيم الحجة ، ولا تجعل للإنسان مجال لكي يرفض ، إلا إذا كان مكابراً ومعانداً .. قصة إبراهيم مع النمرود : { ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه أن آتاه الله الملك إذ قال إبراهيم ربي الذي يحي ويميت قال أنا أحيي وأميت } هل رد عليه إبراهيم ؟ قال أنت لا تحيي وتميت ! أقر كأنه سلّم له ، يعني لم ينتبه له وبعد ذلك رد عليه . وهذا سنوضحه في الأسلوب الذي يليه ، هنا في التقرير عندما نسأل الناس سؤال ولا يكون له إلا إجابات محددة . فماذا ينتهي بهم الأمر إلى أن يقروا بهذا مثاله : { أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون } ، ما معنى هذا السؤال ؟ أنتم موجودون الآن أم أنتم أحياء ؟ أم السؤال : من أين جئتم ؟ إما أنكم خلقتم أنفسكم ، وإما أن أحد خلقكم { أم خلقوا من غير شيء } خلقوا من العدم أم هم الخالقون ؟ هل خلقوا من العدم ؟ الجواب : لا ، هل يدعّي أحد أنه خلق نفسه ؟ الجواب : لا، إذاً لم يبقى إلا أنهم خُلقوا ، وأن الخالق هو الله - سبحانه وتعالى - ، وكما قلنا في هذا أيضا يأتي الأسلوب .. أسلوب إبراهيم - عليه السلام - في القصة التي سردت في سورة الأنعام ، لما رأى كوكباً أراد أن يقرهم على البطلان : { فلما جن عليه الليل رأى كوكباً قال هذا ربي فلما أفل قال لا أحب الآفلين * فلما رأى القمر بازغاً قال هذا ربي فلما أفل قال لئن لم يهدن ربي لأكونن من القوم الضالين * فلما رأى الشمس بازغة قال هذا ربي هذا أكبر فلما افلت قال يا قوم إني بريء مما تشركون } ، كل مرة يقول ذلك ، ليس هذا إقرار منه ، بذلك يريد أن يلفت نظرهم ، فيقروا بأن هذا هو الباطل فيبقى الحق بعد ذلك .

3 ـ أسلوب الإمرار والإبطال
هو الذي أشرت إليه في قصة إبراهيم في سورة البقرة لما قال له : أنا أحيي وأميت ما اعترض عليه و سكت عنه، ثم قال : { فإن الله يأت بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب } ماذا كانت النتيجة ؟ فبهت الذي كفر ، لو مضى إبراهيم وقال : لا ! أنت لا تحيي وتميت ، أصبح جدل ولم يحصل شيء من إقامة الحجة ، ولكن ذلك كان على خلاف ذلك ، النبي -صلى الله عليه وسلم - استخدم الأساليب كلها .
الأسلوب الأول ذكر فيه : ( مثل الجليس الصالح .. ) ، (مثل الذي يذكر ربه .. ) ، الأسلوب الثاني كان فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - لما جاءه الرجل ، شك في ولده أنه ليس منه لماذا ؟ لأن لونه مختلف ، ليس كلونه ولا كلون زوجته ، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( أعندك إبل بهم ؟ قال : نعم ، قال : ما ألوانها ؟ قال : حمر يا رسول الله ، قال : هل فيها من أورق - يعني لونه فاتح – قال : نعم ،قال : فمن أين جاء ؟ تلك نوقك ، وتلك جمالك ، قال : يا رسول الله لعله نزعة عرق - يعني لعله من أجداده -، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كلمة واحدة : فلعله ). وهذا من إعجاز النبي - صلى الله عليه وسلم - .. يقولون في علم الوراثة أنه قد تتنحى بعض الصفات الوراثية ، فلا تظهر في جيل الأول ، ولا الجيل الثاني ، ثم تظهر بعد ذلك في جيل بعده ، ويكون صحيحاً ومن صلب أبيه ، ومن رحم أمه ، ليس فيه شك ، لكن نزعه عرق ، وجاءت صفة من صفاته لم تكن ظهرت ، كانوا يسمونها في علم الأحياء الصفات المتنحية ، وكذلك لما جاء الشاب الذي قال له : يا رسول الله ائذن لي بالزنا، ماذا قال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : حرام وزجره ! بل قال له : أترضاه لأمك !،قال : لا ، قال : والناس لا يرضونه لأمهاتهم ، أترضاه .. أترضاه .. حتى قرره بأن هذا لا يقبل ، ولا ينفع ، ولا يمكن أن تفعله ؛ لأنك لا ترضاه لنفسك ، ثم دعا له النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وفي أسلوبه الإقرار أيضاً قصصٌ كثيرةٌ ، ووقائع عديدة ، تبين رجاحة العقل وأهميته في الدعوة .

ثالثاً : رحابة الصدر وسماحة النفس
لا بد أن يكون الداعية سمحاً كريماً حليماً عطوفاً على الناس ، فهم يحتاجون إلى كنف رحيم ، وإلى رعاية فائقة ، وإلى بشاشة سمحة ، وإلى ود يسعهم ولا يضيق بحلمهم ، ولا نقصهم ولا جهلهم ، الناس يحتاجون إلى قلب كبير يعطيهم ولا ينتظر منهم العطاء ، الناس أصناف فيهم الغاضبون ، وفيهم المخطئون ،فيهم الذين ليست عندهم آداب وتهذيب ،فيهم جلافة وفظاظة ..هؤلاء كلهم يحتاجون إليه ، أما إذا كان الداعية سريع الغضب ، شديد العنف ؛ فإنه في غالب الأحوال لا يؤتي الثمرة والرحمة والشفقة أول ذلك { فبما رحمة من الله لنت لهم ، ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك } ، والله - عز وجل - خاطب النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : { فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا } يعني مهلك نفسك ، وأنت تتبع آثار القوم تريد لهم الخير ، وتدعوهم إلى الإيمان وهم معرضون ، من الذي يحزن ؟ النبي - صلى الله عليه وسلم - هو الذي يدعوهم إلى الخير وهو حزين أنهم لم يستجيبوا ! مع أنهم المفروض أن يحزنوا على أنفسهم ، لكن هي نفس المؤمن الداعية المريد الخير للناس ، الذي يحب لهم ما يحب لنفسه ، وهذه مسألة مهمة ، والنبي - صلى الله عليه وسلم - أمثلته في هذا عظيمة جداً .

ولعل من أشهر الأمثلة لما جاءه ملك الجبال وقال له : " لو شئت لأطبقت عليهم الأخشبين لفعلت " قال : ( لا ولكن أرجو الله أن يخرج من أصلابهم من يؤمن بالله ورسوله )، وفي يوم أحد ودمه يسيل على وجهه ، ويقول : ( اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون )، ونحن نتعرض أحياناً لبعض الأذى من الناس ، فمباشرة ندعو عليهم ، ونغلظ عليهم ، ثم نقول الناس لا يقبلون الدعوة !كيف يقبلونها ونحن نضيق بهم ونتبرم منهم ونغلظ في القول لهم؟! هذا لا يمكن أن يكون .
وسيرة النبي - صلى الله عليه وسلم - فيها كثير وكثير من هذه الأمثلة العظيمة ، بل مثله الذي ضربه لنفسه يجلي هذه الحقيقة ، عندما قال - صلى الله عليه وسلم - : ( إنما مثلي ومثلكم كمثل رجل استوقد ناراً ،فلما أضاءت ما حوله جعل الفراش والدواب تتقحم فيها فأنا آخذ بحجزكم وأنتم تواقعون فيها ) . كأن النبي - صلى الله عليه وسلم - يشدّهم ويجرّهم ويزيحهم عنها ، وكذلك الحلم والأناة، وهما الخلتان اللتان وصفهما النبي - صلى الله عليه وسلم - أنهما من الخصال التي يحبها الله ورسوله ، عندما قال لأشج عبد قيس : ( إن فيك خصلتين يحبهما الله ورسوله : الحلم والأناة ) ، والحلم سعة الصدر ، وبعد الغضب ، وقلة الانفعال الجامح ، والأناة والتروي والتأني وعدم العجلة ، وانتظار النتائج وإعطاء الوقت حقه وحظه ؛ فإن من الناس من يكون سريعاً حتى في حديثه .. في طلبه للنتائج يريد أن يتحدث اليوم بالموضوع ، ويريد أن يصطلح حال الناس في اليوم الذي يليه .

سبحان الله كيف تستقيم النفوس وتصلح القلوب ؟! لو كان الأمر كذلك لكان أولى الناس بأن تذعن له الناس وتستجيب له ، هو رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لكنه ذكّر ، وبشّر ، وأنذر ، ودعا بقوله وبحاله وبلسانه وبفعله ، ومع ذلك كم من الناس كانوا معرضين وكانوا معاندين ؟ ليست المسألة سهلة ، ولذلك لما قال أصحاب بيعة العقبة الثانية في مكة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لو شئت أن نميل على أهل هذا الوادي لفعلنا " قال لهم : ( لا إنا لم نؤمر بذلك اصبروا ) ولما جاء -كما نعلم - واشتكى خبات بن الأرت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما يلقونه من الأذى ، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( إنه كان فيمن قبلكم من يمشطون بأمشاط من حديد فيما بين لحمه وعظمه فلا يصده ذلك عن دينه، ومنهم ينشر حتى ينفلق إلى شقين لا يصده ذلك عن دينه ... ولكنكم قوم تستعجلون ) الأناة وسعة الصدر ، وعدم تسرع النتائج ، من أهم الأمور .
ونعرف من حلم النبي - صلى الله عليه وسلم – وأناته من قصة ذلك الأعرابي الذي جاء يبول ، فابتدره الصحابة ، فقال : لا تزرموه ، ثم أمر بأن يهريقوا على بوله بسجل من ماء ، ثم جاء النبي -صلى الله عليه وسلم - بحلمه وعلمه وبكماله ، فنبهه وعلّمه وكان لذلك أثره العظيم .

ومن المهم خلة العفو والصفح ، إذا أخطأ الناس وهم يخطئون ، وإذا أساءوا وهم يسيئون ، هل نحاسب على كل أمر ؟ وهل نقف بالمرصاد لكل خطأ وكل كلمة كما يصنع بعض الناس ؟ إذن لا تستقيم الحياة كلها، فضلاً عن أن يكون استجابة للدعوة .. هذا خطاب الله لرسوله - عليه الصلاة والسلام - : { خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين } وقوله : { فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر } بل إن أبا بكر -كما نعلم - لما كانت حادثة الإفك ، وتكلم ابن خالته مسطح بن أثاثه فيمن تكلموا على عائشة - رضي الله عنها - ، فأوقف نفقته ، وكان أبو بكر ينفق عليه وغضب منه ، فنزلت الآيات : { ولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربى ...}وحتى جاء في نداء القرآن لأبي بكر وللأمة كلها : {ألا تحبون أن يغفر الله لكم } فقال أبو بكر : "بلى أحب أن يغفر الله لي " ، فعفا عنه - رضي الله عنه وأرضاه - ، وكيف كان عفوه - صلى الله عليه وسلم - عندما فتح مكة ؟ وكيف كان عفوه وصفحه عن كثير ممن أخطأوا في مقامه وقدره الشريف عليه الصلاة والسلام ؟ ، وكيف كان الصحابة - رضوان الله عليهم - يعفون ويصفحون إذا كان الأمر يتعلق بأشخاصهم ؟ أما إذا كان الأمر متعلق بالدين وبالحدود فإنهم كانوا يغضبون لدين الله - سبحانه وتعالى - .
إذاً هذه جملة من الصفات والمقومات في تكوين الداعية ؛ تميزٌ في إيمانه .. غزارة في علمه .. رجاحة في عقله ، وسماحة في نفسه وخلقه .

مقومات في ممارسة الدعوة

عندما يدعو الداعية يراعي أمور ، ويحتاج إلى أمور ، أهمها : المراعاة والتدرج ونحن نذكر الأمور على سبيل الاختصار :
المقوم الأول : المراعاة
مناحي المراعات
أ ـ الطبائع
هل الناس كلهم مثل بعضهم ؟فإذا أراد من الناس أن يستجيبوا ، أو أن يتفاعلوا بتفاعل واحد فهو مخطئ ؛ لأن من الناس من هو -كما قلنا - سريع الغضب ، ومنهم الحليم ، ومنهم سريع التأثر ، ومنهم سريع الفهم ، ومنهم عكس ذلك ، فينبغي أن يراعي طبائع الناس .

ب ـ الأفهام
قال ابن مسعود رضي الله عنه : " ما أنت بمحدث قوم حديثاً لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة " ، وعند البخاري من كلام علي رضي الله عنه : " حدثوا الناس بما يعرفون أتحبون أن يكذب الله ورسوله " عندما تأتي إلى قوم تعلم أنهم بسطاء ، وأنهم ممن لا يقرؤون ولا يكتبون ، ولم تتح لهم فرصة للعلم ، فتأتيهم بمسائل صعبة ، حتى وإن رددت عليهم ،ماذا يصنع الناس ؟ ماذا يقع لهم ؟ تتشوش أذهانهم .. تضطرب عقولهم ، وربما تقسوا قلوبهم ، وربما يتحيرون ويقولون : هذه كلها خلافات وكذا أمور عجيبة . أذكر موقفاً فيه طرافة : في الجامعة جاءنا مرة رجل كبير في السن ، ويحب أن يتعلم ، وقال أنا كلما بحثت في مسألة ، أو سألت قالوا :على المذهب كذا يجوز ، وعلى مذهب كذا وكذا .. أربعة مذاهب ، قال : أنا أريد أن أدرس حتى أعرف طريقاً واحداً ، وهو يظن أن المسألة أنها كما اتفقت كما يقال !
إذن مهمٌ جداً مراعاة الأفهام . قد ذكر الشاطبي أن عدم مراعاة أفهام الناس ، وتحديثهم بما لا يعرفون بدعة من البدع ، وذلك أنه من جهتين : من جهة أن هذا مخالف للسنة ؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان لا يحدث الناس إلا بما يعرفون كل إنسان يحدثه بما يناسبه ، ومن جهة : أنه يقع بمثل هذه الأحاديث فتن عظيمة .

ج ـ مراعاة النيات
والمقاصد علمها عند الله نعم لكن لا نجترأ على الناس فنحكم عليهم لأنا لا نعلم نواياهم ، ينبغي أولاً أن نستفصل منهم ، وأن نذكّرهم وأن نعلّمهم حتى نعرف حالهم ؛ لأن من الناس من يرتكب المنكر وهو لا يعرف أنه محرم ، فمن الناس من يكون جاهلاً ، ومنهم من يكون متأول ، ومنهم من قد يكون مكرهاً فلا تبادر حتى تعرف مقصده من فعله ، أو ظروفه أو نيته .

د ـ الأوقات
أيضاً قالوا لابن مسعود : وددنا يا أبا عبد الرحمن لو أنك حدثتنا كل يوم ، فقال : " كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتخولنا بالموعظة خشية السآمة علينا " ، بعض الناس في كل وقت في الصباح في الظهر وكذا وخاصة لعموم الناس ، لو كان عندك طلبة العلم وهم حريصين وعندهم منهج لا بأس ، ولكن أن تبتلي الناس بك وبحديثك ، فلا يفترون عن سماع لموضوع منك حتى تلحقه بغيره ، كلا !هذا لا ينبغي أن يكون ، وإنه ينفر الناس ، وكان ابن مسعود يقول : " حدث الناس ما حدجوك بأبصارهم – أي ما داموا ينظرون إليك وما زالوا منتبهين لك - فإذا انصرفت أبصارهم عنك فأمسك " إذا بدأ الناس هكذا وهكذا ، وينظر في الساعة ، يعني ذلك افهم أنه قد بلغ الأمر حد يحتاج أن لا يطال فيه ، وأن لا يكثر منه ، وكثرة الكلام ينسي بعضه بعضاً ، فكلما كان هناك مراعاة للأوقات المناسبة للناس المناسبة لنشاطهم ولحيويتهم ، وأيضاً ما يطال عليهم بما قد يملهم ، وهذا أمر مهم .

هـ ـ المصالح والمفاسد
فهي من أعظم الأمور ؛ فإن بعض الناس يصرّ على أن يذكر بأمر ويكون تذكيره به أو أمره بهذا المعروف يؤدي إلى مفاسد كبيرة وطوام عظيمة ، وهو مع ذلك يقول : لا بد .. ربما يذهب ويقاتل الناس ويخاصمهم ؛ لأنهم لا يستخدمون السواك ! نعم السواك سنة ، وفيه فضائل ، وفيه أيضاً فوائد صحية ، لكن إذا كان هذا السواك سيجعلك تختصم مع الناس ، وسوف يجعل الناس فيما بينهم شحناء ، وتقطع أواصرك ، أيهما أهم السواك أم صلتك مع إخوانك في الله وإحسانك إليهم ، وصلة رحمك وأقاربك ؟ فينبغي الانتباه لهذا . وكلام العلماء في هذا فيه نفائس وفوائد كثيرة ، ودرء المفاسد مقدم على جلب المصالح ، وإذا كانت هناك مصلحة تترتب عليها مفسدة أكبر ،فترك المصلحة هو المصلحة .
أحياناً قد تترك الأمر بالمعروف وقد تترك الأمر من أوامر الشرع ؛ لأن الأمر به قد يتولد عنه مضرة أو ارتكاب منكر أكبر ، وقد تكلّم العلماء في ذلك كثيراً ، وأفاضوا فيه ، بل عقدوا له كتباً مستقلة . وقد تكلم الشاطبي في الموافقات في هذا كلام نفيس ، وألّف العز بن عبد السلام - سلطان العلماء الإمام المشهور - كتابه في المصالح ، ومراعاة المصالح والمفاسد ، والموازنة بينها ، وهو كتاب عظيم حافل ، وهذه مسألة مهمة وهي مراعاة الأحوال الخاصة .
وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعرف ذلك ويتقنه ، ألم تسمعوا عدداً من الأحاديث كان السائل يطلب الوصية من النبي - صلى الله عليه وسلم - ؟فيأتي أحدهم فيقول : يا رسول الله أوصني ، فيكون الجواب : ( لا يزال لسانك رطبا بذكر الله ) .. يأتي أحدهم فيقول : أوصني ،فيقول : ( لا تغضب )، بعض الناس يسأل عن فضائل الأعمال ، فيدله على شيء ، ويأتي آخر ... لماذا ؟ مراعاة كل أحد كما جاء في حديث ذلك الرجل الذي جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم – فسأله : أقبل وأنا صائم ! قال : افعل ولا حرج، ثم جاء آخر فقال : أقبل وأنا صائم ! ، فقال : لا تفعل ، فعجب الصحابة ، فعلل النبي – صلى الله عليه وسلم – ذلك بأن الأول كان رجلاً كبيراً في السن وهو يملك إربه ،وأما الثاني فشاب لا يملك إربه ، فمنع الشاب من القبلة في الصيام ؛ لأنه لا يملك نفسه كالشيخ الكبير ، وهذه من أمور الحكمة والمراعاة المهمة في ممارسة الدعوة .

و ـ الأعراف والعوائد العامة
فإن المعروف عرفاً كالمشروع شرعاً، وكما قال ابن القيم : لا تفتي الناس بما عندك من المنقول في كل مكان ..
كالذي يطبب الناس كلهم على اختلاف أدواءهم وأمراضهم بعلاج واحد ،كلما جاء واحد اسبرين اسبرين نفس الدواء ، عينه تؤلمه نفس الدواء ، هذا نوع من قلة الفقه ، لكن معرفة ظروف الناس وعوائدهم لا تغير الدين ، لكن تتغير الفتوى بالفعل بتغير الزمان والمكان ، كما عقد لذلك ابن القيم فصل واسع في كتابه إعلام الموقعين في أول المجلد الثالث وقال : " إن مراعاة المصالح ومراعاة الأعراف من حكم ومن دلائل عظمة هذه الشريعة وصلاحية الإسلام لكل زمان ومكان " .

ز ـ مراعاة الأولويات
والله - عز وجل - والنبي - عليه الصلاة والسلام - قد بيّن لنا أن هناك أعمالاً متفاوتة ، كما قال الله : {أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن الله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله } هل هذا مثلاً أولى وأهم ؟ والنبي - صلى الله عليه وسلم – قال : ( الإيمان بضع وستون شعبة أعلاها لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق ، والحياء شعبة من الإيمان ) لا إله إلا الله يقاتل عليها ولأجل إقرارها ، وكذا من أنكرها بعد أن كان مقراً بها، أليس كذلك ؟فهل نقاتل ونحارب ونهتم ونعتني بها بمثل ما نعتني بلا إله إلا الله ؟ كل شيء له مرتبة ، الفرائض ليست كالنوافل ، والفرائض العينية ليست كالفرائض الكفائية ، والنوافل الراتبة المؤكدة ليست كالنوافل الغير مؤكدة ، كل له مرتبة ، فينبغي مراعاة ذلك ومعرفته .

المقوم الثاني : الجرأة مع الحكمة
الجرأة مهمة - أيها الأخوة - لأن الخوف والجبن سمة لا تليق بمن يريد أن يكون مقدماً بين الناس ، الداعية والعالم متصدر في الناس ومتقدم ، لا بد من الجرأة والشجاعة والحمية لدين الله -جل وعلا -والغيرة على حرمات الله ، لكن هذه الشجاعة ليست طيشاً ، وليست تهوراً ، بل هي مضبوطة بالحكمة ، فهي جرأة محمودة ، وهي جرأة مربوطة ، والحكمة في اللغة : مشتقة من الحَكَمة بفتح الحاء والكاف ، وهي الحديدة التي توضع في لجام الفرس ، ما هي فائدة هذه الحديدة ؟ هذه هي التي تضبطه ، إذ أرخي المقود عرف الخيل أنه مطلوب منه أن يسرع فيسرع .. إذا شد عرف المطلوب البطء وعدم السرعة ، ولذلك السرعة في موضعها محمودة ، ولو أنه كانت هناك فسحة ولم يسرع ، وكان محتاجاًََ إلى الوصول ألا يكون ذلك مقصراً ومفرطاً ؟ ولكن إذا جاء في وقت الزحام يسرع ويزاحم الناس ، ويحصل بذلك فتن أو مشكلات ، هذا ليس من الحكمة ، فليست الجرأة في كل وقت محمودة ، وتقدير الظروف والأمور أمر مهم .
والجرأة فيها شجاعة نادرة نضرب أمثلة سريعة ؛ لأن الوقت يضيق بنا .
جاء في صحيح البخاري من رواية أنس بن مالك أنه قال : ( كان النبي – صلى الله عليه وسلم – أحسن الناس وأشجع الناس ، ولقد فزع أهل المدينة ليلة فخرجوا نحو الصوت ، فاستقبلهم النبي – صلى الله عليه وسلم – وقد استبرأ الخبر ، وهو على فرس لأبي طلحة عُري وفي عنقه السيف ، وهو يقول : لم تراعوا لم تراعوا . ثم قال : وجدناه بحراً ) ما معنى ذلك ؟ الناس خرجوا ومازالوا في أول المدينة ، أما الرسول - صلى الله عليه وسلم - فكان من شجاعته وجرأته قد ركب فرساً من غير سرج ، وقد ذهب إلى الموقع وعرف الخبر ورجع ، وهو يقول : ( لن تراعوا .. لن تراعوا )هذا هو الذي ينبغي أن يكون عليه العالم والداعية ، فيكون هو المتقدم ،كان علي - رضي الله عنه - يقول : " كنا إذا حمي الوطيس واحمرت الحدق نتقي برسول الله -صلى الله عليه وسلم - في المعارك " .
والحكمة مهمة ، وأبوابها واسعة ؛ منها كثير مما ذكرناه من المراعاة والتدرج والأناة والبصيرة .

المقوم الثالث : الاستغناء مع العطاء
كل الرسل والأنبياء ذكر في قصصهم : { قل ما أسألكم عليه أجراً إن أجري إلا على الله } أما الذي يكون عليه بعض الدعاة اليوم !كل كلمة بمبلغ ، وكل خطبة بمبلغ ، وكل شريط بمال ، وكل كتاب بأجرة .. هذا تاجر وليس عالم أو داعية .
ما الذي يؤثر في الناس ؟ يؤثر في الناس أن يجدوا من يبذل ويعطي من وقته أو من جهده أو من ماله ولا يرون له مصلحة .. يعطي من وقته وجهده فينظر إليه بعض الناس فيتعجبون ، وينظرون إلى بعض العلماء أو الدعاة يتعبون أنفسهم ، ويسافر هنا وهناك ، وعنده درس بعد الفجر و... دون أن يأخذ شيئاً، هذا هو الذي يعظم قدره عند الناس ، ويجعل أثره فيهم حميداً ، ويوم تصبح الدعوة تجارة يفقد الناس حماسهم لها ، وتعظيمهم لحملتها ، ويرون أن هؤلاء قد يتشبهون باليهود - عليهم لعائن الله - وأهل الكتاب الذين قال الله فيهم : { يشترون بآيات الله ثمناً قليلاً } فكلما استغنى الداعية ، وأكثر عطاءه للناس كلما كان ذلك أعظم تأثيراً في نفوسهم ، وأيسر في قبولهم وتأثرهم بإذن الله سبحانه وتعالى .
وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعطي عطاء من لا يخشى الفقر، ما سُئل - عليه الصلاة والسلام - شيئاً إلا أعطاه ، ومن حكمته - صلى الله عليه وسلم - في العطاء أنه يعطي حتى لا يظن أن المنع لشيء أو لخلة غير حميدة .
في الحديث الصحيح في قصة حكيم بن حزام قال : سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - فأعطاني ، ثم سألته فأعطاني ، ثم سألته فأعطاني ، وقال : ( يا حكيم إن هذا المال خضرة حلو فمن أعطيه بعزة نفس بورك له فيه ، ومن أعطيه باستشراف نفس لم يبارك له فيه ) أو كما قال - صلى الله عليه وسلم - ، قال أهل العلم : لما أعطاه في المرة الأولى والثانية بدون أن يكلمه حتى لا يقول : إن الرسول -صلى الله عليه وسلم -لم يعطيني لأنني لا أستحق ، أو لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - والعياذ بالله - لا يعطي من ليس بكريم ، أعطاه ثم أعطاه ، ثم أراد أن يبين له أن السؤال غير مناسب ، وأن سؤال الناس لا ينبغي أن يكون من صفة المسلم .
والرسول - صلى الله عليه وسلم - أثّر في كثير من الناس بهذا العطاء ، كان صفوان بن أمية يقول : " كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم - أبغض الناس إليّ ، فما زال يعطيني ويعطيني حتى ما أحد أحب إلي منه " . وأيضاً العطاء كان له أثر على أحد الأعراب ، جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم – فقال : يا محمد أعطني من مال الذي أعطاك ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم – للأعرابي : أترى هذا الغنم التي في الوادي بين جبلين ! قال : نعم ، قال : خذها فإنها لك ، فقال الأعرابي أتهزأ بي وأنت رسول الله ! فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - : لا ، فذهب الأعرابي فرحاً يقول يا قوم أسلموا ؛ فإن محمداً يعطي عطاء من لا يخشى الفقر .
وكان النبي -صلى الله عليه وسلم - يقول لبلال : ( أنفق بلال ولا تخشى من ذي العرش إقلال ) .

هذا العطاء ليس مجرد المال فقط ، ولكن العطاء من سماحة النفس ، عندما كانت العجوز تستوقف النبي - صلى الله عليه وسلم - في الطريق فيقف لها ويسمع لها .. من هو ؟ سيد الخلق وخاتم الرسل والأنبياء .
وأما حال داعية اليوم فيقول : مشغول وكذا ، وإذا أردت لا بد أن تأتي ، هذه ليست من صفات الداعية لماذا ؟ لأنك عندما تعطي الناس من وقتك يحبك الناس ،ويتأثرون بك ، ويجدون فيك قدوة ، ويتأسون بك .

المقوم الرابع : الاستمرار والابتكار
من أراد أن يدعو الناس فلا يدعوهم يوماً ثم ينام دهراً .. إنما تؤتى الأمور ثمارها بمواصلتها واستمرارها ، والنبي - صلى الله عليه وسلم - من قوله تعالى : { قم فأنذر } إلى قوله : { واعبد ربك حتى يأتيك اليقين } كان يدعو ، والله صور لنا نماذج لهذه الدعوة في قصة نوح .. دعوة بالليل والنهار .. بالسر والجهر .. في الملأ وفي الأفراد .. في كل الأحوال . وقصة يوسف - عليه السلام - في السجن ، وهو سُجِنَ مظلوماً ، ومع ذلك ماذا قال في السجن لما جاءه الرجل يسأله عن الرؤية ؟ مباشرة حوّل المسار إلى الدعوة وذكّر بالله – عز وجل - وكأن شيئاً لم يكن ؛ لأن الدعوة هي أمر يحمله الداعي إلى الله - عز وجل - معه في كل مكان ، وفي كل ظرف ، وفي كل زمان ، وفي كل حال ، لا يفتر عنها بقوله ، وبفعله ، وبحاله ، وبمقاله ، كل شيء يستطيع أن يدعو به .
ولذلك الاستمرار على المدى الطويل يحصل به ثمرة . إذ الإنسان لا بد له أن يسمع الموعظة مرة فلا يلين له قلبه ، فيسمعها ثانية .. ثالثة فيزداد تأثره .
والقلوب بين إصبعين من أصابع الرحمن - جل وعلا - يقلبها كيف يشاء ، لا تدري ! استمر قد يقول : يا أخي تكلمنا في مسألة كذا من الأمور التي يفعلها الناس ، أو في مخالفات الصلاة أو كذا ليس هناك فائدة .. استمر ، ولو كان هذا الدين ليس فيه هذا الاستمرار ما وصل ، وما اقتضت حكمة الله أن يبقى إلى قيام الساعة .

والابتكار أيضاً مطلوب ؛ لأنه كلما استمر الإنسان يصبح هناك نوع من التكرار ، والتكرار أحياناً يصبح سبيل إلى الملل ، لكن عندما يتنوع عبر وسائل كثيرة ومختلفة ومتنوعة ، ومسابقات ، وبحوث ومحاضرات أو دروس أو رحلات أو ألوان مختلفة، كما كان ابن عباس - رضي الله عنه - يجلس إلى الناس فيعلمهم التفسير ، فإذا رأى أنهم قد طال بهم المقام يقول : أحمضوا بالشعر – أي ائتوا بكتب الشعر .. نقف قليلاً .. نغيّر نجدد ببعض الأشعار والقصص - حتى ينشط الناس مرة أخرى ؛فإن التجديد والتنويع له أثره .

المقومات في مفاهيم الداعية
وهذه أكثر أهمية فيما مضى ، فالفهم مهم جداً ، قال ابن القيم : " صحة الفهم وحسن القصد هما ساقا الإسلام يمشي بهما " ، إذا كان عنده فهم سقيم يكون المشي أعرج ، أو إذا كان فهمه صحيح لكن مقصده غير حسن أيضا لا يمشي مشياً سلمياً ، لذلك الفهم مهم جداً ما دام يريد أن يفهم الإسلام فهماً صحيحاً .

أولاً : ربانية هذا الدين
هذا الدين ليس من عند أحد ، ليس هو دين محمد لم يأتي به - النبي صلى الله عليه وسلم - من عند نفسه كما ادعى كفار قريش والمشركون ، كل شيء فيه رباني من الله - سبحانه وتعالى - ، فهو لذلك كامل ، وهو لذلك نافع صالح ، وهو لذلك مستمر ؛ لأنه من الله سبحانه وتعالى : { ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير } وشمولية الإسلام هذا الدين يشمل كل شيء في الحياة الله { ما فرطنا في الكتاب من شيء } ، وفي سنن أبي داود ، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه : ( علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم كل شيء حتى الخراءة ) يعني حتى كيفية قضاء الحاجة ، كل شيء في هذا الدين .. تستيقظ هناك دعاء .. تلبس ثوبك هناك ذكر .. تخرج من بيتك هناك أثر ..كل حياتنا مرتبطة بهذا الدين ، فالاقتصاد هناك أحكام وتشريعات ونظام في السياسة ..هناك مبادئ وأسس وقواعد في كل جانب من جوانب الحياة الإنسانية .. هناك آيات تتلى ، وأحاديث تروى ، وشرائع تُعلّم وتدرس تنتظم بها أمور الناس كلهم ، لماذا ؟ نقول : لأنه إذا جاء أحد يتكلم عن الاقتصاد أو عن الربا ، يقول : دعونا نتكلم في الدين ، نقول له : هذا ما هو ؟ أليس هذا من الدين ! أليس قد تنزلت آيات في ذلك وهكذا يقع أحيانا خلل بسبب هذا .

ثانياً : وسطية الإسلام
وهذه مهمة ؛ لأن هذا الدين وهذه الأمة وسط : { وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا } ، الوسطية وسط بين الإفراط والتفريط .. بين التعسير والتيسير ، والنبي - صلى الله عليه وسلم - ما خيّر بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثماً .
فإذا كان التيسير هو إثم ، فهذا ليس تيسيراً ، هذا حرام ؛ لأن بعض الناس بحجة التوسط ، وبحجة المرونة ، يريد أن ينسلخوا من الشرائع والأحكام يقول لك يا أخي الدين يسر يقول صلي في بيتك من قال ـ أن هذا من يسر الدين، الدين يسر ليس علينا كذا وكذا أمور كثيرة يغيرون فيها وسطية الإسلام وسطية أهل السنة، بين الفرق التي إنحرفت وابتدعت أيضا أمرها واضح بين الإرجاء الذي كان عند المرجئة وبين التكفير الذي عند الخوارج وبين المعطلة الذين أنكروا الصفات وبين المشبهة الذين شبهوا صفات المخلوق بالخالق دين الله وسط بين الغالي فيه والجافي عنه وخير الأمور أوسطها، وصلاحية الإسلام لكل زمان ومكان أمره أمر واضح من أثر كل ما ذكرنا .

مفاهيم الدعوة
1 ـ أن الدعوة إلى الله واجب شرعي كفائي ، والواجب الكفائي هو الذي إذا قام به البعض قياماً يكفي سقط عن الباقين ، فهل قام أمر الدعوة وانتظم بحيث ليست هناك حاجة ، بل قال ابن تيمية ما معنى كلامه : إن الفرض الكفائي يتوزع على الناس حتى يكون على كل واحد منهم قدرٌ هو في حقه فرض عين ، فالعالم : التعليم والدعوة في حقه فرض عين أكثر من غيره ، لكن الآخرون إعانتهم لهذا العالم وإقامتهم هو واجب عليهم ؛ حتى يؤدي دوره ، وكل يكون عليه واجب بقدر هذا ، والحاجة ماسة جداً ؛ لأن الجهل في المسلمين عظيم ، ولأن غير المسلمين الذين لم يعرفوا الإسلام كثر ، ولأن الشبهات حول هذا الدين عظيمة ، فالدعوة الحاجة إليها ماسة ، ومن لوازم هذه الدعوة أن نفهم حقيقة هذا الواقع المعاصر ، وأن نتفاعل مع الدعوة بحماسة وقوة وتصدي ومواجهة .

ليست الدعوة كلام ولا ميكروفونات وإنما هي جهاد حقيقي في إحقاق الحق ، وإبطال الباطل ، واستنقاذ الناس من الضلال ، وإشاعة نور العلم في قلوبهم ونفوسهم ، وهي نوع من مغالبة الباطل ومحاربته في كل موقع وميدان ، ومن المهم أن نعرف ضرورة التعاون على الدعوة .
و المشكلة الكبيرة عندما لا يفقه الدعاة بعض المفاهيم يختصمون ، فهذا يعلّم العلم وذلك يريد من الناس أن ينفقوا المال ، ماذا يصنعون ؟ أليس هذا فيه تكامل ! العلم خير والإنفاق خير ، لكن الذي يعلم العلم يقول : هذا خاطئ ومخطئ في طريقته ، لماذا يدعو الناس إلى الإنفاق ولا يهتم بالعلم والمنفق ، كمن يعمل في اللجان الخيرية يقول : هؤلاء يضيعون وقتهم في طلب العلم ، وكل يرد على الآخر وهو مخطئ ينبغي أن نثني على هذا العمل ، وأن نتعاون فيه ، ونحرص عليه ؛ لأن المجالات متعددة ، والإمكانيات محدودة ، والأعداء متربصون بنا في كل حين ، هذا وينبغي أن نفهم أن الابتلاء على طريق الدعوة حاصل ، وأن الصبر لازم ، وأن الطريق طويل ، وأن الذي يريد استعجال الثمرة لن ينالها ، وأن الله قد ابتلى الرسل والأنبياء وصفوة الخلق - عليهم الصلاة والسلام - وحصل لهم ما حصل من الملأ من أقوامهم ، وما نحن بأحسن من الرسل والأنبياء ، وإنما يصيبنا شيء قليل من هؤلاء العظام من خلق الله الذين شرفهم بالنبوة والرسالة ، وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين .
اضافة رد مع اقتباس
  #30  
قديم 21/04/2004, 11:35 AM
الصورة الرمزية الخاصة بـ srabالهلال
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 07/12/2002
المكان: السعودية - البديعه
مشاركات: 2,602
الضغوط النفسية في حياة الداعية (5-5)




الواقع الأليم والوصفة العجيبة .. اعرف طاقتك ولا تحملها أكثر مما تستطيع .. وتعلم الابتسامة وفن الراحة



نتحدث في هذه الحلقة (الأخيرة) عن آخر مظهرين للضغوط النفسية الخارجية على الداعية، وهما الواقع الأليم، والصدامات الدعوية، ثم نحاول أن نقدم في النهاية وصفة سحرية للضغوط النفسية: داخلية وخارجية.



الواقع الأليم:



يعيش الداعية وهو يتأمل الواقع الفعلي للبشرية من حيث الانحراف عن منهج الله القويم فينظر إلى قلة المستمسكين بالدين وكثرة المجانبين له فتتولد داخله حالة يائسة من صلاح البشرية، وعندها قد يقعد عن العمل، وهذا من أهم أسباب الضغوط النفسية على الداعية.



المظاهر:



1- القعود عن العمل الدعوي والتخلف عن الأنشطة.



2- النظرة التشاؤمية إلى واقع البيئة التي يعيش فيها وأنه لا صلاح لهذا الفساد.



3- البعد عن تطوير الذات والوقوف بها في مكانها.



4- توقف نفسية الداعية عن الإبداع والابتكار الدعوي.



5- ترك الدعوة العامة بالكلية أو معظمها والاقتصار على نفسه ومن هو معهم.



الأسباب:



1- المتابعة المستمرة لمآسي الأمة وأمراضها.



2- وجود رفقة تركز على هذا العنصر التشاؤمي دون غيره.



3- البعد عن التفاؤل وأنه المنهج القويم الذي علمه الله جل وعلا أنبياءه عليهم الصلاة والسلام.



4- الواقع الفعلي لأحوال الناس وأوضاعهم.



5- القعود عن تغيير الحال الراهن والاستسلام للضعف الموجود في الأمة.



العلاج:



1- النظر إلى الواقع نظرة إيجابية متفائلة كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يحب الفأل الحسن.



2- الانشغال بقضية الإصلاح ومحاربة الفساد.



3- مرافقة صحبة طيبة تعرف الواقع وتنظر إلى المستقبل بمزيد عمل وإصرار.



4- متابعة أخبار وموضوعات الخير في المجتمعات والأفراد.



5- معرفة التاريخ ودراسة السيرة واستخراج العبر والفوائد من الواقع في ذلك الوقت، وكيف تم تغييره.



المصادمات الدعوية:



قد ينشأ خلاف وتباين في وجهات النظر بين داعية وآخر أو مجموعة دعوية وأخرى، فتحمل كل فئة على غيرها وتظهر السلبيات في كل داعية أو مجموعة دعوية، ويصبح هناك أهداف بعيدة عن الصواب مما يؤثر على نفسية الداعية أو مجموعة الدعاة المنتمين لهذه المؤسسة سلباً.



المظاهر:



1- كثرة الخلافات وعدم الجمع بين وجهات النظر.



2- تصيد المعايب، ومثالب الغير.



3- تأخر المسيرة الدعوية عن جني الثمار.



4- البعد عن رصد وإظهار جوانب الخير والإيجابيات في الآخرين.



5- إحجام الكثير من الناس عن الانخراط في السلك الدعوي لهذا السبب.



الأسباب:



1- الجهل بالمنهج السلفي الصالح عند التباين والخلاف في الأمور الدعوية وكيفية معالجتها.



2- طبيعة بعض الأنفس من حيث التركيز على إظهار عيوب الآخرين.



3- الاستعجال وعدم التثبت في تلقي الأخبار وسرعة نشرها.



4- عدم الالتقاء بين الدعاة في دائرة التفاوض والتناصح فيما بينهم.



5- تقديم سوء الظن على حسنه في تصرفات الدعاة الآخرين.



العلاج:



1- التعريف بمنهج السلف في التعامل مع المخالف.



2- تأصيل شعار " تعال نتغافر " في النفوس.



3- إعداد البرامج الإيمانية التي تركز على الرقائق.



4- فتح سياسة الحوار بين مسؤولي المناشط الدعوية والتأكيد على التعاون في نقاط الالتقاء مادام الخلاف يسعه ذلك.



5- التثبت عند تلقي الأخبار وعدم الاستعجال في نشرها دون معرفة صحتها من عدمها.



الوصفة السحرية للضغوط النفسية



1- الدعاء ثم الدعاء ثم الدعاء



قال تعالى: {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون } [ البقرة : 186 ].



وهذا أيوب: {وأيوب إذ نادى ربه أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين } [ الأنبياء : 83 ] .



وهذا ذو النون: { وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين } [ الأنبياء : 87 ] .



فمهما زادت أو كثرت عليك هذه الضغوط فالله أكبر، كن واثقاً في مولاك، وادعه؛ فبيده ملكوت كل شيء وأكثر من قولك : "اللهم اجعل في قلبي نوراً" واعلم أنك تأوي إلى ركن شديد يخرجك من كرب عظيم سبحانه وتعالى.



2- الذكر:



فذكر الله يجلي الهم ويزيل الكرب وينفس الضيق ويشرح الصدر ويضيء لك الطريق ويمحو الوحشة، ومن ذكر الله في نفسه ذكره الله في نفسه.



3- الخشوع .. الخشوع:



كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة، فعليك بها فهي شعار الناجحين، وإزار المؤمنين، ورداء الداعين، ودثار المخبتين، إنها عمود الدين، وللخشوع تأثير في إفرازات المخ، حيث يتوازن إفراز الخلايا المختصة بالحزن مع إفرازات الخلايا المختصة بالفرح، وعندها يتحقق لك الاتزان المطلوب.



4- الثقة بالله .. تزرع الطمأنينة:



هل تعلم وصية النبي صلى الله عليه وسلم لابن عباس رضي الله عنهما وهي: ( ياغلام، إني أعلمك كلمات، احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعت على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف )؟



إذاً فعلام القلق والتوتر وقد رفعت الأقلام وجفت الصحف ولن يأتيك الخير إلا بقدر الله ولن يصيبك شر إلا بإذن الله؟



فعش حميداً وكن سعيداً.



وهذا أيضاً من العلاج :



1- اعرف طاقتك ولا تحملها مالا تستطيع.



2- حاول أن تنجز ولو شيئاً واحداً فهذا يعطي شيئاً من الرضا، وراحة البال للإنسان.



3- استفد من التجارب الماضية ولا تقف مع سلبياتها وخذ الخبرة منها. فليس هناك فشل، ولكن خبرات.



4- تعلم الابتسامة، فهي شعار المصطفى ص، فالابتسامة تنتج المشاعر الهادئة.



5- أشعر نفسك بالسعادة والراحة، وسوف تكون كذلك بإذن الله تعالى.



6- تعلم فن الراحة واعلم أن لنفسك ولبدنك عليك حقاً.



7- ابتعد عن داء الفراشة، وهو أن تؤدي أكثر من عمل في وقت واحد...ولكن ركز ثم ركز.



8- اجعل بيتك واحة هادئة يستقر عليها شراعك المجهد في بحر الحياة المتلاطم.



9- مارس هواية أو رياضة تحبها.



10- استمتع بمداعبتك لأطفالك فلك في النبي ص مع الحسن والحسين أسوة حسنة.



خاتمة



أخي الداعية:



ها نحن نحط رحالنا بعد هذا التجوال فيما يعترض الداعية إلى الله من بعض الضغوط النفسية التي تؤثر على إنتاجك الدعوي وحصيلتك العلمية والثقافية.



وآمل بعد هذا الاستعراض أن تصبح أقوى في تغلبك عليها فأنت تدل الخلق على الله، فكن واثقاً بمولاك، مستشعراً معيته معك، متفائلاً بنصره إياك.



وتذكر الأجر العظيم والخير العميم الذي أعده الله لمن دعا إليه، فأنت الأحسن والأفضل: قولاً وفعلاً .. قال تعالى: { ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين } [ فصلت : 33 ].



فأنت تتعب: لله .. وتدعو لله .. وترجو ثواب الله .. إن شاء الله.
اضافة رد مع اقتباس
   


إضافة رد


قوانين المشاركة
غير مصرّح لك بنشر موضوع جديد
غير مصرّح لك بنشر ردود
غير مصرّح لك برفع مرفقات
غير مصرّح لك بتعديل مشاركاتك

وسوم vB : مسموح
[IMG] كود الـ مسموح
كود الـ HTML غير مسموح
Trackbacks are مسموح
Pingbacks are مسموح
Refbacks are مسموح



الوقت المعتمد في المنتدى بتوقيت جرينتش +3.
الوقت الان » 06:01 PM.

جميع الآراء و المشاركات المنشورة تمثل وجهة نظر كاتبها فقط , و لا تمثل بأي حال من الأحوال وجهة نظر النادي و مسؤوليه ولا إدارة الموقع و مسؤوليه.


Powered by: vBulletin Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd

Google Plus   Facebook  twitter  youtube