رسالة بانكوك : أكرم يوسف
مابين 9 مارس و11 أكتوبر من هذا العام قدم ابطال العين الكثير من المشاهد الرائعة في دوري ابطال آسيا على مدى 540 دقيقة وخطفوا الأضواء والإعجاب من كل عمالقة القارة بعد ان تجاوزا بنجاح الكثير من المحطات الصعبة بداية من الهلال السعودي ومرورا بالسد القطري والإستقلال الايراني وداليان شيدا الصيني ونهاية بساسانا التايلاندي في ذهاب النهائي·· ولم يتبق سوى أهم مشهد وتكتمل الصورة الجميلة ويحلق حلم الإمارات بأجنحة البنفسج في سماء بانكوك مدينة الملائكة ، كما يطلقون عليها هنا·
تفاصيل المشهد الأخير من دوري ابطال آسيا التي سيتابعها العالم على الهواء من خلال 15 محطة تليفزيونية تبدأ في الساعة الثالثة وخمس دقائق عصر اليوم بتوقيت الإمارات (السادسة وخمس دقائق بتوقيت تايلاند) عندما يلتقي العين مع تيرو ساسانا في مباراة الإياب باستاد راجا مانجالا بمدينة بانكوك وسط 30 الف متفرج ودرجة حرارة تقترب من الثالثة والثلاثين ورطوبة مرتفعة وسماء ملبدة بالغيوم·
العين فاز في لقاء الذهاب يوم 3 أكتوبر الحالي باستاد طحنون بن محمد بالقطارة بهدفين مقابل لاشيء إحرزهما كل من سالم جوهر ومحمد عمر ولذلك يدخل مباراة اليوم وهو يملك الكثير من الفرص للتربع فوق عرش الكرة الآسيوية للمرة الأولى منها التعادل بأي نتيجة أو الخسارة بفارق هدف أو الفوز··· وسيقترب كثيرا من تحقيق الحلم إذا ماتمكن من تسجيل أهداف اليوم لأن مهمة تيرو ساسانا ستزداد صعوبة وتعقيدا فهدف للعين خارج ملعبه يساوي هدفين·
من المؤكد أن المباراة اليوم لن تكون نزهة للعين بل ستكون الأصعب على الإطلاق في تاريخه الكروي وخاصة بعد أن اثبت تيرو ساسانا في مباراة الذهاب أنه خصم عنيد ولم يستسلم بسهولة حتى عندما لعب بعشرة لاعبين لمدة 25 دقيقة وظهر منظما ومتماسكا في الدفاع ولم ينهر مثل داليان شيدا الصيني وشكلت هجماته المرتدة الكثير من الخطورة على مرمى العين وتصدت العارضة لضربة رأس من عملاق الهجوم سيرماكا رقم ·14
وبالتالي علينا أن نهيئ انفسنا لمواجهة ساخنة ومثيرة من البداية وحتى النهاية لان ساسانا الذي يلعب هو الآخر في المباراة النهائية لأول مرة في تاريخه يحلم أيضا باللقب وسيهاجم بشراسة منذ الدقيقة الأولى من أجل تعويض فارق الهدفين·
ولكن الاحلام الكبيرة تتطلب جهدا كبيرا وهذا مايدركه جيدا كل لاعب من لاعبي العين ولذلك فإن الجميع في حالة فنية وبدنية ونفسية للقتال بشراسة في ارض استاد مانجالا اليوم للعودة إلى ارض الوطن بالكأس الغالية ويدركون جيدا أن المهمة في عقر دار التنين التايلاندي ستكون صعبة للغاية ولكنهم على قدر كبير من المسؤولية ولديهم رغبة قوية لتقديم كل مالديهم في آخر واهم 90 دقيقة من عمر البطولة·
يوم الحسم
هناك مثل انجليزي يقول: لاتتحدث كثيرا عن مباراة الأمس عندما تكون مباراة اليوم هي المباراة الحاسمة ·
ولذلك فإن المدرب الفرنسي برونو ميتسو يدرك جيدا أن اليوم هو يوم الحسم وبعد لحظات من نهاية مباراة الذهاب بفوز العين بهدفين قال: المهمة لم تنته بعد··لعبنا شوطا ولا يزال هناك شوط آخر ·
وبالطبع شوط اليوم هو الاكثر اهمية·· لانه شوط اللقب والتتويج والكأس··وايضا شوط الحصاد بعد عام ونصف العام من العمل والعرق والكفاح والتعب من اجل هذا اليوم وبالتالي سيخوض العين المباراة بالكثير من الحذر والحرص لان لديه مايخسره بعد ان قطع مشوارا طويلا بذل خلاله جهدا كبيرا بينما تيرو ساسانا ليس لديه مايخسره وسيلقي بكل اوراقة في الهجوم وسيلجأ للمغامرة في الكثير من لحظات المباراة عندما تتعقد الأمور·
ويخطىء من يعتقد أن فريق العين سيقف التسعين دقيقة في منطقة الجزاء للدفاع عن مرماه من اجل الحفاظ على نتيجة مباراة الذهاب بل انه سيتقدم للهجوم وسيضغط من وسط الملعب وسيحاول التسجيل من خلال الهجمات المرتدة السريعة وهذا ما ظهر خلال تدريبات الفريق في الايام الاخيرة·
وبعكس مايعتقد البعض قد تكون مهمة العين للتسجيل أسهل من مباراة الذهاب لأن فريق ساسانا الذي انتحر أمام مرماه في مباراة 3 اكتوبر الحالي سيتقدم بكل خطوطه للهجوم وهو لايملك حلا آخر غير الهجوم لتعويض الخسارة وبالتالي سنرى الكثير من المساحات الخالية في الدفاع وتلك المساحات لم تكن موجودة في المباراة الأولى مماجعل مهمة العين صعبة واحرز هدفين بشق الانفس: الاول من تسديدة من خارج المنطقة عن طريق سالم جوهر والثاني عن طريق محمد عمر عندما لعب بطل تايلاند بعشرة لاعبين·
والمساحات التي سنراها في مباراة اليوم ستمنح كلاً من محمد عمر وفرهاد مجيدي ورودريجو وغريب حارب الكثير من الحرية في التحرك والانطلاق بسرعة في الهجمات المرتدة لخلق فرص للتسجيل وشاهدنا جميعا ماذا فعل العين في تلك المساحات عندما لعب خارج ارضه امام داليان شيدا الصيني في مباراة الإياب بنصف النهائي يوم 30 اغسطس الماضي حيث تمكن من تسجيل ثلاثة اهداف عن طريق رودريجو ومحمد عمر وفرهاد مجيدي ليجعل مهمة داليان مستحيلة رغم تقدمه بأربعة اهداف بل ان العين تقدم على بطل الصين بهدفين مقابل هدف حتى قبل 13 دقيقة فقط من نهاية المباراة إلا انه انهار واستقبلت شباك وليد سالم ثلاثة اهداف في اللحظات الاخيرة من عمر المباراة وخاصة بعد طرد فهد علي·
وعلى أي حال مباراة اليوم تتطلب مزيدا من التركيز والهدوء والتماسك والتنظيم الجيد والاحتفاظ بالاعصاب هادئة في كل الظروف الصعبة حتى لايفقد الفريق التركيز ويتأثر الاداء لأن فرصة العين عمليا لحسم اللقب افضل بكثير من مباراة داليان في قبل النهائي لأن شباك وليد سالم لم تهتز في لقاء الذهاب ولذلك تبقى نتيجة 2- صفر افضل من 4-2 التي حرقت اعصاب الجماهير كلها لأن فوز داليان بهدفين نظيفين كان سيصعد بهما للنهائي ولكن هذا لم يحدث وفاز 4-3 ليصعد العين·
الضغط والمساحات
ومن الأشياء التي تدعو للثقة ان المدرب الفرنسي برونو ميتسو رجل شجاع لايعرف الخوف وخاض في تاريخه الكثير من المواقف الصعبة مع السنغال في كأس العالم وكأس الأمم الأفريقية وفي دوري الإمارات والبطولة الآسيوية ولذلك فهو يجيد إدارة تلك المباريات المؤثرة وبأعصاب هادئة واصبحت تلك الثقة من ابرز الملامح التي تميز شخصية الفريق فهو عندما يلعب خارج ارضه يقول: ليس من المهم ان يحرز الخصم هدفا لأن فريقي ايضا قادر على التسجيل واثبت ذلك عمليا في مباراة داليان الثانية عندما رفض ان يتخلى عن استراتيجية الهجوم حتى وهو يلعب بعشرة لاعبين وقد تبقت خمس دقائق من عمر المباراة عندما تمكن فرهاد مجيدي من تسجيل الهدف الثالث·
واثناء تدريبات الفريق لايتوقف برونو ميتسو عن الحديث بصوت مرتفع ويقول للاعبيه: ه ·· ُه اذهبوا··اذهبوا فهو يريد من الفريق ان يضغط على خصمه بشكل مستمر ليشل تفكيره ويفسد هجماته ويخلق فرصاً للتسجيل وبالتالي ستكون الهجمات المرتدة السريعة أحد الاسلحة المؤثرة التي سيستخدمها العين اليوم عن طريق انطلاقات رودريجو من الجانب الايسر وغريب حارب من الجانب الايمن وفي العمق كل من محمد عمر وفرهاد مجيدي بالاضافة إلى الكرات الطولية فوق المدافعين في المساحات الخالية لكل من محمد عمر وفرهاد مجيدي لانهما يجيدان ببراعة التحرك بسرعة هذا بالإضافة إلى التسديد من خارج المنطقة عن طريق كل من سبيت خاطر وسالم جوهر ورودريجو وكل منهم يجيد التسديد بدقة خاصة وان الحارس الأساسي لفريق تيرو ساسانا فانسا ميساتام الذي تألق في مباراة الذهاب قد يغيب عن مباراة اليوم نتيجة تعرضه لاصابة في انكل القدم ولم يشارك في تدريبات أمس الاول·
هجوم ساسانا
ولكن كيف سيواجه دفاع العين هجوم تيرو ساسانا العاصف؟
فريق تيرو ساسانا سنشاهده على أرضه اليوم بصورة مختلفه لأنه سيرتدي الثوب الهجومي منذ الدقيقة الأولى وهو على ارضه لايبدو سهلا ويعرف جيدا كيف يصل إلى مرمى خصومه بسرعة الهجمات وتغيير الملعب والاختراقات من العمق بالاضافة إلى التسديد من خارج المنطقة وعلى مدى اربع مباريات لعبها تيرو ساسانا خلال البطولة الآسيوية على ملعبه أحرز تسعة اهداف واهتزت شباكه اربع مرات واحرز ثلاثة اهداف من بين التسعة في آخر خمس دقائق وهو مايعطي مؤشرا ان الفريق التايلاندي يقاتل حتى آخر نفس وقد أحرز هدف التعادل الثاني في مرمى كاشيما انتيلرز الياباني في الدقيقة 90 وهدف الفوز على شنغهاي شنوا الصيني في الدقيقة 85 وفي الدور قبل النهائي أحرز الهدف الثالث في مرمى باختاكور الاوزباكستاني في الدقيقة 85 وفاز 3-·1
وتكشف ايضا هذه الارقام ان تيرو ساسانا يسجل على ملعبه بصعوبة وايضا تهتز شباكه بسهولة ففي المباريات الاربع سجل تقريبا بمعدل هدفين في كل منها بينما اهتزت شباكه اربع مرات بمعدل هدف في كل مباراة وهذا يعود لافتقار الفريق إلى التركيز الدفاعي في حالة الهجوم ولذلك قال اتابول بوسباكوم مدرب ساسانا بعد تدريب أمس انه سيلعب المباراة بأسلوب حذر حيث يدرك ان أي هدف سيدخل مرماه سيعقد الأمور وقال: وعلى الرغم من اننا سنلعب بطريقة هجومية منذ الدقيقة الاولى إلا أنه يتوجب علينا أن نحكم إغلاق الدفاع ولانغفل المساحات خلفنا لأننا لانتحمل ان تستقبل شباكنا هدفاً آخر ·
ويفضل اتابول بوسباكوم مدرب ساسانا اللعب اليوم بطريقة 3-5-2 وذلك من اجل خلق كثافة عددية في وسط الملعب لمواجهة التركيز الدفاعي العيناوي والسيطرة على منطقة بناء الهجمات حيث سيلعب بكل من دوسيت شارلميرمسان رقم 17 كجناح وسط من الجانب الايسر وجاتوبونج تونجسوك رقم 10 في الجانب الأيمن وهو الذي لعب في الجانب الايسر من وسط الملعب في المباراة الأولى·
وفي الدفاع سيعود كل من براجاكاتا تونجساك الظهير الايسر وبيراتاتا فورندي الظهير الأيمن بعد غيابهما عن المباراة الأولى بسبب الايقاف وسيلعبان في قلب الدفاع مع ووراشيي سورينسيرات رقم 25 بينما سيغيب عن الفريق في تلك المباراة قلب الدفاع رقم 4 ويتايا لحصوله على البطاقة الحمراء في المباراة الأولى· وهناك بعض الشكوك اثيرت حول اشتراك تانونجساك لاعب الوسط رقم 11 بسبب تعرضه لضربة قوية في يده اليسرى خلال تدريب امس الأول ولم يتمكن من اكمال المران وخرج من الملعب وربط يده·
اما حارس المرمى فانسا ميساتام الذي انقذ العديد من الكرات الخطيرة في الذهاب فقد تعرض هو الآخر لإصابة في الانكل ولم يشترك في المران قبل الأخير بالاضافة إلى شعور سريماكا كابتن الفريق وهدافه ببعض الآلام في قدمه ولكن معظم هذه الاصابات لن تحول دون إشتراك معظم هؤلاء المصابين في مباراة اليوم لأن هناك رغبة كبيرة لدى الجميع من اجل اللعب وتعويض خسارة المباراة الأولى ويقول اتابول مدرب الفريق: العين سيبدأ المباراة وهو يملك فرصة أفضل منا لانه فاز في مباراة الذهاب 2-صفر ولكن إذا نجحنا في تنظيم صفوفنا جيدا في الهجوم وضغطنا منذ بداية المباراة وتقدمنا بهدف في الشوط الأول ستكون لدينا فرصة جيدة في المباراة وهذه المبارة مهمة جدا للنادي والدولة وعلى المستوي الشخصي أريد ان ادون اسمي في التاريخ وافوز بأول بطولة لدوري ابطال آسيا ·
عودة فهد
وإذا كان تيرو ساسانا قد اظهر بعضا من قدراته الهجومية في مباراة الذهاب بسبب وجود مساحات في الدفاع نتيجة انشغال لاعبي العين بالهجوم والتسجيل فان بطل تايلاند اليوم سيواجه الكثير من الصعوبات في الاختراق نتيجة الحرص الدفاعي الذي سيلعب به العين واغلاق المساحات والضغط من وسط الملعب لإبعاد الخطورة وتدمير الهجمات في منطقة متقدمة قبل وصولها إلى منطقة الجزاء وستزداد صلابة الدفاع العيناوي بعودة فهد علي الذي غاب عن المباراة الأولى لحصوله على البطاقة الحمراء في مباراة داليان·
وفهد علي يمثل ركيزة اساسية في خط الدفاع ويمنح الفريق والجماهير قدرا كبيرا من الثقة والطمانينة وسيكون بجواره الفرنسي امين افانو الذي بدأ يتأقلم مع الفريق ويؤدي بشكل جيد وفي اليسار عبدالله علي واليمين حميد فاخر وسيلعب كل من سبيت خاطر وسالم جوهر او علي مسري دورا كبيرا في إحباط المحاولات الهجومية مبكرا ويسعى برونو ميتسو للدفاع من اول لاعب مهاجم من خلال الضغط على حامل الكرة عن طريق محمد عمر وفرهاد مجيدي او فيصل علي·
وعلى أي حال إن العين سيبدأ المباراة بعد ساعات قليلة وهو يدافع عن سمعة الكرة الإماراتية من اجل الفوز بأول لقب آسيوي وتحقيق الحلم الذي يراود كل جماهيرالدولة منذ سنوات طويلة والمهمة ليست سهلة وستكون الموقعة شرسة للغاية ولكن العين سيدخل المباراة بأعصاب هادئة لأنه يملك أكثر من فرصة بعد الفوز في مباراة الذهاب··بينما سيكون هناك الكثير من الضغوط على بطل تايلاند لانه لايملك سوى الفوز بهدفين بشرط الا تهتز شباكه حتى يتساوى مع العين وتذهب المباراة للوقت الإضافي والهدف الذهبي وبالتالي تلك الضغوط قد تؤثر على ادائه ويفتقد التركيز بسبب التسرع كلما تأخر التسجيل·
الوضع العادي
