الجزء الثامن ( تكملة الجزء السابق )
كيب تاون - اليوم السادس
كنت قد غادرت بعد ذلك دار العبودية بعد ان شكرت موظفي الاستقبال الذين رفضوا ان ادفع لهم رسم الدخول واتاحوا لي زيارة المكان والتجول في أروقته مجانا ! .. ومن وجهة نظر شخصية هنالك معالم في كل دولة يفترض ان تكون مجانا لأن الغاية من تلك المعالم هو تشجيع الزائر في معرفة وقراءة ابرز معالم دولة ما ! .. اتذكر في زيارة الى بريطانيا حيث تلك الديار التي يمتاز اهلها بالبخل الشديد للدرجة التي اتخيل فيها احيانا انني قد اضع يدي في جيب إي شخص بريطاني واجد لديه جنية استرليني منذ 100 عام ! .. جنيه واحد يتم توارثه عبر مائة عام وكل جيل يحلف أغلظ الايمان ان لا تفريط وان ثوار أحرار وحنكمل المشوار ! .. عجيب هؤلاء البريطانيين وبخلهم الشديد الذين يجعل وجوههم في حمرة دائمة من حال الغضب الذي يعتريهم عندما يقول لهم البقال ادفع الحساب ! .. ومع ذلك لا استطيع التوقف عن محبتي لجدتي اليزابيث وتحديدا نخرتها المليئة بالبثور والرقع ( النخرة باللهجة اليمانية تعني الأنف ) رمز الشموخ البريطاني ،،،
أكتب ! .. إنه بالرغم مما يتمتع به سادتنا البريطانيين العظماء من بخل شديد يجعل الزائر يدفع ثمن الهواء الذي يستنشقه في أزقة لندن بفئرانها المصابة بداء الكساح ! .. الا انني عندما ذهبت الى تحفتهم الفنية العظيمة المسماه المتحف البريطاني ( British Museum ) كان رسم الدخول مجانا ! .. حتى انني عندما غادرت ذلك المتحف بقيت يوما كاملا أفكر كيف استطاعت الحكومة البريطانية ان تقدم خدمة مجانية لهذا الزائر المستفز من ارض اليمن ؟! .. في الختام وصلت الى قناعة شخصية مفادها : ان تلك الخدمة المجانية منحتني انطباع غير مباشر وانا اتجول بين اثار وحضارات العالم من قسم الى اخر أن بريطانيا استطاعت ان تحتضن كل حضارات العالم بين جدرانها الاربعة وهذا مؤشر حقيقي على عظمة هذه الدولة البخيلة ! .. وهنا بيت القصيد .. ولم امنع نفسي بعد هذا الاكتشاف المذهل ان اتصل بجدتي اليزابيث واطلب منها ان تحضر لي وجبة عصيد بالمرق وزن 200 جرام الا ربع .. فهي دقيقة جدا بالأوزان من شدة البخل .. ويكفي ان هكذا وجبة قد تكلفها صدمة عصبية تغيبها عن الوعي لمدة 4 ايام قادمة !

وجدت نفسي بعد دار العبودية أسير في طريق مرصوف تظلله الاشجار ويكتض بالعاشقين وكل منهما يحتضن خصر الآخر ويسيران سوية في طريق لا يروا فيه من نهاية ! .. ألذ العبارات وأجملها تلك التي تصدر من قلوب العاشقين وليست السنتهم ! .. حيث المشاعر ونبضات القلب من تنطق عوضا عن كل حروف الهجاء ! .. تبا لهذا الحب .. كم هو فاتن ؟! .. أسرت لأم عبدالرحمن قائلا لها : الرجل يجب ان يتمتع بزوجتين ؟! .. قالت لي : لماذا ثكلتك جدتك اليزابيث ؟! .. قلت لها : امراءة تحفظ البيت وتنجب الاطفال وتربي الأجيال .. وإمرأة اخرى للصياعة والدشرة والمزاج ! .. ومع اخر حروف تلك العبارة لا زلت احاول ان اتذكر ما الذي حدث ؟!
( لوحة ارشادية للمكتبة العامة الوطنية )
اتذكر انني استعدت ذاكرتي وانا اقف امام لوحة ارشادية مفادها انها المكتبة الوطنية ! .. وانا شخصيا لدي شغف في زيارة المكتبات العامة .. ربما لانها تحمل لي ذكريات ماضية أو لأنها تجعلني اقرأ المجتمعات من خلال مكتباتهم .. فعندما تكثر المكتبات العامة والقراء الغير متخصصين في دولة ما فأعرف انك امام مجتمع راق وحضاري .. وعندما تختفي المكتبات العامة والقراء الغير متخصصين فأعلم انك أمام مجتمع على حافة الهاوية ! .. لذلك اجتهد بالقراءة ولو كانت قصص أطفال !
( مدخل المكتبة العامة )
دخلت الى المبنى وطلبوا مني عدم اصطحاب الكاميرا معي ووضع اغراضي الشخصية لدى الامانات ! .. أحترمت رغبتهم بالرغم انني كنت أود اصطحاب الكاميرا ولكن ليس من بأس ! .. تجولت في المكتبه ولم تكن محتوياتها وأدواتها المساعدة ترتقي الى ما أتطلع اليه خاصة وقد كانت لدي تجارب ممتعه مع المكتبات العامة بكندا حيث الحديث عنها يحتاج الى صفحات .. وبالرغم من ذلك وجدت المكتبه لدي شعور بالدفء والحميمية ربما لأن القائمين عليها كانوا لطفاء في تلبية تساؤلاتي واستفساراتي وان أطلب منهم البحث عن كتاب باللغة العربية ! .. وقد فاجئوني ان احضروا لي عدة كتب وكان جوهرها كيف تتعلم اللغة العربية ! .. حتى انني عندما تناولت احد الكتب بين يدي وجدت ان اللغة العربية ممتعة وبدأت أفكر جديا ان لزاما علي أن أتعلمها !
( لوحة يعرضها شخص بالطريق اسمه تسنيم واطلق عليها اسم يأمل في رحلة ! .. والسؤال : اين شاهدت هذه الصورة ضمن الصور اعلاه ؟! )
انتهينا من جولتنا وعدنا لكي نستكمل الرحلة بطريقة مختلفة وهي استكشاف المرتفعات الجبلية المحيطة بمدينة كيب تاون .. وفي كيب تاون هنالك ثلاث مرتفعات :
1 - مرتفع يطلق عليه الإشارة ( Signal hills )
2 - مرتفع اخر ويطلق عليه الأسد ( Lion hills )
3 - وجبل شاهق يحيط بكيب تاون كما احاطة العمامة بالرأس اليمانية ويطلق عليه جبل الطاولة ( Table mountain ) .. ويتميز الأخير بوجود تليفريك ينقلك الى اعلى نقطة بالجبل الا ان الاجواء لم تساعدني في تلك الفترة على ذلك .
( منظر عام لكيب تاون .. ويظهر في البداية بجوار الملعب .. جبل صغير مستقل وينتهي في الخلف بما يشبه النتوء او الرأس .. هذا الجبل في مقدمته بالقرب من الملعب يقع مرتفع الاشارة وايضا مراسم مدفع الظهيرة .. وفي نهايته حيث يبدو النتوء يكون قمة الأسد .. وفي الخلف نجد سلسلة جبلية شاهقة يطلق عليها جبل الطاولة )
توجهنا مباشرة نحو مرتفع الاشارة حيث كانت الاطلالات التي تجعلك تسبح الله كثيرا وتحمده كثيرا وتكبره كثيرا على عظيم ما خلق وابدع وما سخر لنا ،،،
( صورة من مرتفع الاشارة ويظهر في اقصى اليمين مرتفع الأسد وفي منتصف الصورة جبل الطاولة )
( صورة للحافلة التي تقل الزائرين وهو يشابه الى حد كبير الباص البريطاني الشهير )
( منظر جانبي من المرتفع وتظهر في الأفق جزيرة روبن حيث كان مقر اعتقال الزعيم مانديلا )
( منظر عام لحي المسلمين في كيب تاون حيث يتميز بمبانيه الملونه ويطلق عليه بوكاب )
( منظر عام لقمة رأس الأسد ويلاحظ وجود مسجد أسفل الجبل )
حينما أخذت الصورة اعلاه شد انتباهي المسجد والخصوصية والتفرد الذي يحظى به في هذا المكان المنعزل .. فحملت نفسي وتوجهت لمعرفة كنه هذا المسجد وحتى نكسب ثواب الصلاة فيه ويكون لنا يوم العرض عليه من الشاهدين ،،،
وصلت الى سور المسجد الخارجي فوجدته مغلقا ! .. فعدت وصعدت سيارتي وانا ارغب بالرحيل ! .. الا انني لم اكن مقتنع بوجود هكذا مسجد في هكذا بقعة دون سبب مقنع ! .. ترجلت من السيارة مجددا وعالجت المزلاق الحديد للباب حتى فتح ! .. وصلت الى باب المسجد وكان مغلقا ايضا مع عبارات تحذيريه من عدم الازعاج وخلع النعال وانتم بكرامة بما يليق بهذا المكان الطاهر .. عالجت مفتاح الباب ورفض ان يستجيب .. لكنني كنت قد وصلت الى نقطة الا تراجع فعالجت الباب ودفعته بجسدي .. فتوقفت امام هذا المنظر !
( صورة ضريح لشخص ما ! )
وجدت ما يبرر لي وجود هكذا مسجد في هكذا مكان ! .. حقيقة لم أعرف ماذا افعل ! .. فلم أجد نفسي من قبل في هكذا موقف ! .. ووجدت نفسي في حيرة حتى عندما عجزت قلت : السلام عليكم .. وانصرفت ! .. والحمد لله إنه لم يرد السلام !
توجهنا بعد ذلك الى جبل الطاولة .. واترككم مع الصور
( الطريق الى جبل الطاولة )
( منظر عام لمدينة كيب تاون )
( محطة التلفريك في جبل الطاولة .. ويبدو في اعلى الصورة المحطة الأخرى في أعلى القمة )
( صورة مقربه للمحطة الثانية في أعلى قمة جبل الطاولة .. ولم يسمح لنا بالصعود بسبب الامطار )
( ترجلنا وسرنا في ممرات جبل الطاولة )
قبل الإنتهاء من هذا الجزء أود أن اعبر عن وافر سعادتي وافتخاري بأحد أخواننا في شبكة الزعيم ومن المتابعين بصمت لـ المجلس العام حيث قام باصدار مطبوعته الشعرية الأولى والتي حملت عنوان :
عنق الحمام
لـ سالم جرمة
وهو شاب يمني يعيش في المملكة الحبيبة بمنطقة القصيم
وهذه المطبوعة صادرة عن :
الدار العربية للعلوم ناشرون - لبنان
وسيتم تقديم الكتاب للجمهور عبر معارض الكتاب في كل من :
الرياض - ابوظبي - الدوحة - القاهرة - بيروت
كل التمنيات بالتوفيق لأخونا الحبيب سالم ( هلالي واسطورتي سامي ) .. ولا تنسوه احبتي من دعمكم وتشجيعكم .. ولا تكونوا كبخل البريطانيين واشتروا كتابه 
نلتقيكم ان شاء الله مع الجزء التاسع يوم السبت المقبل
ودمتـم في خـير