مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
  #11  
قديم 29/08/2008, 02:44 AM
abu_riman abu_riman غير متواجد حالياً
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 05/07/2001
المكان: الرياض
مشاركات: 5,074
@@ الجزء الواحد و الثلاثون @@

كالعادة آخر الزوار أهلي بعد أهل مياسم ، لأنهم يجلسون معي .

طلعت أمشي مع أمي و حنين أوصلهم للسيارة و عند الاستراحة القريبة من الغرفة طلبت أمي مني الجلوس في الاستراحة ، كان واضح إنها تبيني في موضوع ، مباشرة أنبني ضميري قلت لا يكون انشغالي بمرض مياسم ألهاني عن حقوق أمي و البيت .

أم عبدالرحمن : " عبدالرحمن يا ولدي أبيك في كلمتين "

عبدالرحمن : " آمري يمه "

أم عبدالرحمن : " مياسم و أنا أمك حالتها شوفة عينك ، و الأولاد هم زينة الدنيا و أمل الإنسان في الحياة و من دونهم الدنيا ما تسوى ، و يمكن أنت ما تعرف قيمة الكلام هذا اليوم لكن راح يجي يوم و تفهم كلامي ، وقتها يا خوفتي يصير فات الفوت ، و أنا و أنا و أمك ودي أشوف عيالك قبل أموت "

عبدالرحمن : " ما راح يصير إلا الخير يمه و إن شاء الله تنحل و الأمل بالله كبير "

طلعت أمي من المستشفى و رجعت لغرفة مياسم و بالطريق كنت أفكر في كلام أمي !

يعني أمي وش تبيني أسوي ؟!
معقولة أمي تقصد إني أتخلى عن مياسم ؟!
لا مستحيل ! أمي أكثر إنسانة تعرف إنه مستحيل أتخلى عن مياسم .

دخلت الغرفة و حصلت مياسم على غير العادة نايمة و مغطية و جهها !

عبدالرحمن : " فيك النوم مياسم ؟! "

مياسم : " حاسة إني مرهقة و أبي أنوم "

أطفأت الأنوار و جلست بجانب السرير ، ما زال الوقت بدري .
حسيت إن في شي صاير ، بهدوء سحبت الغطاء ، و مثل ما كنت متوقع ..

عبدالرحمن : " ليه تبكين ؟! "

مياسم : " إذا تبي تتزوج و تجيب عيال تزوج الله يوفقك أنا ما عندي مانع ، و تكلمت مع أمك و حنين في الموضوع هذا و قلت لهم من حقكم تفرحون بولدكم "
عبدالرحمن : " ليه تقولين كذا ؟ و ليه أساساً تفكرين كذا ؟! "

مياسم : " عبدالرحمن خلك واقعي ، أنت مو ناقصك شيء و ألف بنت تتمناك ! ليه تربط مصيرك بمصير إنسانة ممم .... "

عبراتها منعتها من المواصلة ، بعدين كيف عرفت بالحقيقة هذي ؟!
أمي تدري من زمان و ما صار شيء ، أكيد خالاتها اللي توهم دارين علموها !!

عبدالرحمن : " مياسم ! أول مرة تفكرين بالطريقة هذي !! ممكن أفهم ليه ؟!
أحد قايل لك شيء ؟! لا تغبين عني شيء رجاءً "

مياسم : " حتى لو ما فكرت اليوم يا عبدالرحمن ، بيجي وقت و تفكر لأن هذا هو الواقع و لأنك لازم .. "

عبدالرحمن يقاطعها : " اسمعيني كويس ، هذا القرار قراري و ما لأحد حق يتدخل فيه !!
و إذا انت خلاص ما تبيني قوليها ، و بكذا ينتهي دورك و أي شيء ثاني ما لك علاقة فيه ، أتزوج ما أتزوج مو شغلك "

مياسم : " أبي أنام "

عبدالرحمن : " تصبحين على خير "

ما قدرت أنام في البداية ..
ما كان المفروض أقسى على مياسم !! كلما ذكرت كلمتها لما قالت ما بقى لي غيرك طاح على كتفي جبل .


أذكر الوقت قرب من الفجر لكن الشيطان ..
صحيت على صوت مياسم .

مياسم : " عبدالرحمن قم صل قربت إقامة الصلاة "

عبدالرحمن : " و أنت صليت ؟! "

مياسم : " إن شاء الله "

انسدحت مياسم و أشوفها غطت وجهها ، دخلت دورة المياه و أنا كلي نوم ، و أنا أتوضأ للصلاة ناظرت المراية لقيت ورقة مكتوب فيها ( أول مرة ترفع صوتك علي )

طلعت من دورة المياه سحبت الغطاء و شفت دموع مياسم .

عبدالرحمن : " معناته من أمس ما نمت !! من أمس تبكين !! "

صمت و تجاهل و لا تعليق !!

عبدالرحمن : " أنا آسف ، لكن تأكدي إني رفعت صوتي عليك لأول مرة بحياتي لأنك لأول مرة بحياتك تفكرين بالطريقة هذي ، و لأني ما أسمح لأحد حتى أنت نفسك يتكلم عن مشاعري تجاهك أو علاقتي فيك من جهتي ، أنت من حقك تتكلمين عن علاقتنا من تجاهك و بس "

طلعت للمسجد ، هناك في بيت الله ..
طلعت كل اللي بخاطري ، بكيت حتى ارتحت ، توجهت لربي و من التعب ما قويت أتكلم و أناجي ربي لكن ربي يعلم السر و أخفى .

بعد الصلاة استغفرت الله في المسجد حتى نعست و رجعت للغرفة و حصلت مياسم نايمة و نمت ، علمونا أهل الخير إن الاستغفار مفتاح كل باب .

صحيت من النوم و قررت أتكلم مع خالة مياسم بخصوص ضرورة سفرها إلى الخارج ، الفكرة تراودني من زمان ، و ما دام مياسم عرفت بالوضع ما في سبب يخليني أؤخرها ، مياسم اليوم وحيدة و مسألة الحمل و الإنجاب بالنسبة لها أهم ، كل شيء بيد الله سبحانه هو الشافي و لكن الأخذ بالسبب مطلوب .

تكلمت مع خالتها و اقتنعت بكلامي و كان لها شرط واحد فقط و هو سفرها معنا ، كنت محتاج حنين و ما كنت أبي أحرجها فما طلبتها ، جاء الفرج من الله و ولد عمي لما عرف إن أمي مسافرة معي جاني و قال إذا حنين عندها رغبة في السفر معكم ما عندي مانع ، إذا ما وقفت مع أخوها اليوم متى توقف معه ؟!

أخجلني ولد عمي بتعامله ، و الحمدلله حنين بتروح معنا .

رتبت كل شيء و سافرنا أنا و أمي و حنين و مياسم و خالة مياسم .


سافرنا و في الطيارة قالت لي مياسم كنت أتمنى أسافر معك أول سفرة شهر عسل ، أو سياحة !
ما توقعت بيوم تكون سفرتي معك لغرض العلاج ، فوق هذا أحس إني فارضة حالي عليك .

تنرفزت كثير و تعكر مزاجي و مياسم ما تبي تسمع الكلام !! التزمت الصمت ..

سبحان الله العظيم ..
قبل أيام كان الخوف إني أحس إني أقل منهم و إنهم أرقى و بالتالي أحس بالنقص ، و اليوم مياسم تحس إنها فارضة نفسها علي !!

آه يا دنيا التعب ، يا ليتني يا مياسم أقدر أقدم لك شيء ، يا ليتني أقدر أعطيك نصف عمري تعيشين به طيبة و أخلي النصف الثاني أعيش فيه معك .

وصلنا و بدأت مراجعات المستشفى و فحوصات و أشعة و مياسم ما كأنها في الدنيا ، غرقانة في التفكير طول وقتها و تتأمل أكثر ، بسببها صار الجو كله مشدود و حتى أنا صرت على أعصابي و مثلي الباقين و أخيراً تم تحديد الموعد لاستلام النتيجة .

طلعنا من المستشفى و بنرجع نستلم النتيجة النهائية ، و في الطريق قالت لي مياسم لو الله شفاني و صرت أقدر أحمل و أنجب نذر علي أتصدق بكل اللي عندي ، أبي بس أعيش معك و أقدر أجيب لك أطفال و بارضى بأي عيشة ، بس ربي يشفيني و أقدر أجيب عيال .

وقتها حسيت بمعاناة مياسم ..
وقتها تعبت و كرهت الدنيا و نفسي ..
وقتها لمت نفسي ، لمت حنين ليه ما أصرت علي أبعد عن مياسم ؟! آسف مياسم ..
وقتها شفت لوعة الحرمان بعيونها ، شفت كيف إن الإنسان في غمضة عين ما تسوى عنده الدنيا شيء !!

وقتها عرفت رخص الدنيا و سألت نفسي من اللي مثلي عرف ؟! وين اللي يركضون خلف الأموال ما تفرق حلال حرام ؟! حق الغير ربا ما يهم ، الأهم الرصيد يزيد !!

باظل مؤمن بالله ، أملي كبير و مهما كانت النتيجة ، عهد و وعد ما أخذل مياسم ، راح أكون معها سواءً كتب لنا الله أطفال أو انحرمنا منهم ، تكفيني ضحكتها و وقفتي معها إذا نزلت دمعتها .

الأيام بس هي اللي بتثبت لمياسم إن الموت بس يقدر يبعدني عنها .
الأيام بس هي اللي بتثبت للكل إن عبدالرحمن راح يظل لمياسم وحدها .
اضافة رد مع اقتباس