مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
  #1  
قديم 28/08/2008, 05:41 AM
هام هام غير متواجد حالياً
زعيــم فعــال
تاريخ التسجيل: 30/07/2007
مشاركات: 235
كلمة الإمام ابن عثيمين بمناسبة استقبال شهر رمضان

من محمد الصالح العثيمين إلى من يبلغه من عباد الله المؤمنين سلك الله بنا
وبهم طريق الهداية والصواب آمين.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد فإنه بمناسبة استقبال شهررمضان
أقدم لإخواني هذه الكلمة راجياً من الله تعالى أن يجعل عملنا جميعاًخالصاً
لوجهه، وتابعاً لما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم، فنقول مستعينين
بالله:

1 ـ لا شك أن من نعمة الله على عباده أن منَّ عليهم بهذا الشهرالكريم،
الذي جعله موسماً للخيرات، ومغتنماً لاكتساب الأعمال الصالحات، وأنعمعليهم
فيه بنعم سابقة، ونعم مستمرة دائمة، ففي هذا الشهر أنزل الله القرآن هدى
للناس وبينات من الهدى والفرقان.

وفي هذا الشهر حصلت غزوة بدر الكبرىالتي أعز الله فيها الإسلام وأهله،
وخذل فيها الشرك وأهله، وسمي يومها يومالفرقان.

وفي هذا الشهر حصل الفتح الأعظم الذي طهر الله فيه البيت الحرام من
الأوثان، ودخل الناس بعده في دين الله أفواجاً.

وفي هذا الشهر أعطيت أمةمحمد صلى الله عليه وسلم خمس خصال لم تعطهن أمة
من الأمم قبلهم: خلوف فم الصائمأطيب عند الله من ريح المسك، وتستغفر لهم
الملائكة حتى يفطروا، ويزيين الله كليوم جنته، ثم يقول: يوشك عبادي
الصالحون أن يلقوا عنهم المؤونة والأذى ويصيرواإليك، وتصفد فيه مردة الشياطين
فلا يخلصون فيه إلى ما كانوا يخلصون إليه فيغيره، ويغفر لهم في آخر ليلة،
قيل: يا رسول الله أهي ليلة القدر؟ قال: "لا،ولكن العامل إنما يوفى أجره
إذا قضى عمله".

ومن صام هذا الشهر إيماناًبالله واحتساباً لما عند الله غفر الله له ما
تقدم من ذنبه، ومن قام رمضانإيماناً واحتساباً غفر الله له ما تقدم من
ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيماناًواحتساباً غفر الله له ما تقدم من ذنبه.

2 ـ هذه التراويح التي نصليها منقيام رمضان وفي قيام رمضان إيماناً
واحتساباً ما سبق من الأجر، وقد ورد عنالنبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من
قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيامليلة" وهذه نعمة كبرى لا ينبغي
للمؤمن أن يتركها، بل ينبغي له أن يثابر عليها،ويحافظ على التراويح مع الإمام
من أولها إلى آخرها، وكثير من الناس يضيعونقيامهم مع الإمام بالتجول في
المساجد، فيصلون في هذا المسجد تسليمة أوتسليمتين، وفي المسجد الثاني
كذلك، فيفوتهم القيام مع الإمام حتى ينصرف،ويحرمون أنفسهم هذا الخير الكثير
وهو قيام الليلة، والأولى للإنسان إذا كان يحبأن يتخير من المساجد أن يذهب
إلى المسجد الذي يريد من أول الأمر، ويبقى فيه حتىينصرف الإمام.

3 ـ كثير من إخواننا أئمة المساجد يسرعون في التراويح فيالركوع والسجود
إسراعاً عظيماً، يخل بالصلاة ويشق على الضعفاء من المأمومين،وربما أسرع
بعضهم إسراعاً يخل بالطمأنينة التي هي ركن من أركان الصلاة، ولاصلاة بلا
طمأنينة، وإذا لم يخل بالطمأنينة فإنه يخل بمتابعة المأمومين، إذ لايمكنهم
المتابعة التامة مع هذه السرعة، وقد قال أهل العلم ـ رحمهم الله ـ: "إنه
يكره للإمام أن يسرع سرعة تمنع المأمومين فعل ما يسن"، فكيف وهي قد تمنعه
فعل ما يجب؟!

فنصيحتي لهؤلاء الأئمة أن يتقوا الله تعالى في أنفسهموفيمن خلفهم من
المسلمين، وأن يؤدوا تراويحهم بطمأنينة، وأن يعلموا أنهم فيصلاتهم بين يدي
مولاهم يتقربون إليه بتلاوة كلامه، وتكبيره وتعظيمه والثناءعليه ودعائه بما
يحبون من خيري الدنيا والا?خرة، وهم على خير إذا زاد الوقتعليهم ربع ساعة
أو نحوها، والأمر يسير ولله الحمد.

4 ـ أوجب الله الصيامأداء على كل مسلم مكلف قادر مقيم، فأما الصغير الذي
لم يبلغ فإن الصيام لا يجبعليه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "رفع
القلم عن ثلاثة"، وذكر "الصبي حتىيبلغ" ولكن يجب على وليه أن يأمره بالصيام
إذا بلغ حدًّا يطيق الصيام فيه، لأنذلك من تأديبه وتمرينه على فعل أركان
الإسلام، ونرى بعض الناس ربما يترك أولادهفلا يأمرهم بصلاة ولا صوم وهذا
غلط، فإنه مسؤول عن ذلك بين يدي الله تباركوتعالى، وهم يزعمون أنهم لا
يُصَوِّمون أولادهم شفقة عليهم ورحمة بهم، والحقيقةأن الشفيق على أولاده
والراحم لهم هو من يمرنهم على خصال الخير وفعل البر، لامن يترك تأديبهم
وتربيتهم تربية نافعة.

وأما المجنون ومن زال عقله بهرمأو نحوه فإنهم لا صيام عليهم ولا إطعام
لعدم العقل عندهم.

وأما العاجزعن الصيام فإن كان يرجو زوال عجزه كالمريض الذي يرجو الشفاء،
فإنه ينتظر حتىيعافيه الله، ثم يقضي ما فاته، لقوله تعالى: {وَمَن كَانَ
مَرِيضًا أَوْ عَلَىسَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ
اللَّهُ بكُمُ الْيُسْرَ وَلاَيُرِيدُ بكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ
الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللَّهَعَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ
تَشْكُرُونَ } وأما العاجز الذي لا يرجوزوال عجزه: كالكبير والمريض الايس
من البرء، فهذا ليس عليه صيام، وإنما الواجبعليه أن يطعم عن كل يوم
مسكيناً، وهو بالخيار: إن شاء صنع طعاماً ودعا إليهفقراء بعدد أيام الشهر، وإن
شاء أعطى كل فقير خمس صاع من البر.

والمسافر مخيرإن شاء صام وإن شاء أفطر، إلا أن يشق عليه الصيام، فإنه
يفطر، ويكره له الصيام،لأن في ذلك رغبة عن رخصة الرحيم الكريم وزهداً فيها،
وإن كان الصيام لا يشقعليه ولا يفوت حاجته، فالصوم أفضل لما في الصحيحين
من حديث أبي الدرداء ـ رضيالله عنه ـ قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله
عليه وسلم في شهر رمضان في حرشديد، حتى إن كان أحدنا ليضع يده على رأسه من
شدة الحر، وما فينا صائم إلا رسولالله صلى الله عليه وسلم وعبدالله بن
رواحة.

منقول
للإستزادة على هذا الرابط:
كلمة للشيخ محمد العثيمين رحمه بمناسبة استقبال شهر رمضان المبارك
اضافة رد مع اقتباس