مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
  #4  
قديم 17/06/2003, 03:51 PM
الكريمي الكريمي غير متواجد حالياً
زعيــم متواصــل
تاريخ التسجيل: 09/06/2003
المكان: الغربية
مشاركات: 96

بداية القصر والجمع للصلاة
ومن الجدير بالذّكر : أن القصر مبدؤه من بعد الخروج من البلدة ، وهو مذهب الجمهور من العلماء .
قال الشنقيطي رحمه الله تعالى : ((يبتدىء المسافر القصر ، إذا جاوز بيوت بلده ، بأن خرج من البلد كله ، ولا يقصر في بيته إذا نوى السفر ، ولا في وسط البلد ، وهذا هو قول جمهور العلماء ، منهم الأئمة الأربعة ، وأكثر فقهاء الأمصار ، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قصر بذي الحليفة . وعن مالك : أنه إذا كان في البلد بساتين مسكونة ، أن حكمها حكم البلد ، فلا يقصر حتى يجاوزها .
واستدل الجمهور على أنه لا يقصر إلا إذا خرج من البلد ، بأن القصر مشروط بالضّرب في الأرض ، ومَنْ لم يخرج من البلد لم يضرب في الأرض
)) (16) .
وقال النووي : ((وأما ابتداء القصر ، فيجوز من حين يفارق بنيان بلده ، أو خيام قومه ، إن كان من أهل الخيام ، هذا جملة القول فيه ، وتفصيله مشهور في كتب الفقه ، هذا مذهبنا ، ومذهب العلماء كافّة ، إلا رواية ضعيفة عن مالك : أنه لا يقصر حتى يجاوز ثلاثة أميال . وحكى عن عطاء وجماعة من أصحاب ابن مسعود : أنه إذا أراد السفر قصر قبل خروجه . وعن مجاهد : أنه لا يقصر في يوم خروجه حتى يدخل الليل . وهذه الروايات كلّها منابذة للسنّة وإجماع السّلف والخلف)) (17) .
والأدلة كثيرة ومتضافرة على القول الذي نصره النووي ، والنظر في الردّ على قـول مَنْ قال : إذا خـرج نهاراً لم يقصر إلى الليل ، في ((نيل الأوطار)) : (3/251) .
وانظر الأدلة على ما نصره النووي في : ((صحيح البخاري)) : ((باب يقصر إذا خرج من موضعه)) (18) و ((أضواء البيان)) : (1/371) و((إرواء الغليل)) : رقم (563) و ((سلسلة الأحاديث الصحيحة)) : رقم (163) و((المحلى)) : (5/2) .
والخلاصة : أن القصر يبدأ من الخروج من البلد ومفارقة بنيان مكان الإقامة ، من قرية ، أو مدينة ، أو خيام ، ولا يوجب الأمر ـ كما وجدت عليه بعضَ إخواننا ـ أن يكون الخروجُ عن كلّ بنيان يصادفه في طريق سفره ، ولو امتدً إلى آلاف الأميال ، والله تعالى أعلم (19) .
نعم ، لو كانت قريتان متدانيتان ، فاتًصل بناء إحِداهما بالأُخرى فهما كالواحدة ، وإن لم يتصل فلكل قرية حكم نفسها (20) ، وبمجرد خروجه عنها ـ إن كانت بلدتَه ـ فله القصر ، وإن واجهه في الطريق مجموعة قرى متّصلة أو منفصلة .
والاعتبار بالنيّة لا بالفعل : فلو خرج يقصد سفراً بعيداً ، فقصر الصّلاة ، ثم بدا له فرجع ، كان ما صلاه ماضياً صحيحاً ، ولا يقصر في رجوعه إلا أن تكون مسافةُ الرجوع مبيحة بنفسها ، نصّ أحمد على هذا ، ولو خرج طالباً لعبد آبق (هارب) ونحوه ، لا يعلم أين هو ، أو منتجعاً غيثاً (كلأ) ، متى وجده أقام أو رجع ، أو سائحـاً في الأرض ، لا يقصد مكاناً ، لم يُبَح له القصر ، وإن سار أياماً (21) . .
اضافة رد مع اقتباس