مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
  #1  
قديم 24/07/2008, 05:25 AM
سامي صعب يتكرر سامي صعب يتكرر غير متواجد حالياً
زعيــم نشيــط
تاريخ التسجيل: 28/03/2008
مشاركات: 809
Lightbulb تفسير سورة الطارق

تفسير سورة الطارق

وهي مكية
‏[‏1 ـ 17‏]‏ ‏‏بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

{‏وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ * النَّجْمُ الثَّاقِبُ * إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ * فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ * خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ * يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ * إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ * يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ * فَمَا لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلَا نَاصِرٍ * وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ * وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ * إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ * وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ * إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا * وَأَكِيدُ كَيْدًا * فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا‏}‏

يقول ‏[‏الله‏]‏ تعالى‏:‏

‏{‏وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ‏}‏
ثم فسر الطارق بقوله‏:‏

‏{‏النَّجْمُ الثَّاقِبُ‏}‏
أي‏:‏ المضيء، الذي يثقب نوره، فيخرق السماوات ‏[‏فينفذ حتى يرى في الأرض‏]‏، والصحيح أنه اسم جنس يشمل سائر النجوم الثواقب‏.‏
وقد قيل‏:‏ إنه ‏"‏ زحل ‏"‏ الذي يخرق السماوات السبع وينفذ فيها فيرى منها‏.‏ وسمي طارقًا، لأنه يطرق ليلًا‏.‏
والمقسم عليه قوله‏:‏

‏{‏إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ‏}
‏ يحفظ عليها أعمالها الصالحة والسيئة، وستجازى بعملها المحفوظ عليها‏.‏

‏{‏فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ‏}‏
أي‏:‏ فليتدبر خلقته ومبدأه، فإنه مخلوق

‏{‏مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ‏}
‏ وهو‏:‏ المني الذي

‏{‏يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ‏}
‏ يحتمل أنه من بين صلب الرجل وترائب المرأة، وهي ثدياها‏.‏
ويحتمل أن المراد المني الدافق، وهو مني الرجل، وأن محله الذي يخرج منه ما بين صلبه وترائبه، ولعل هذا أولى، فإنه إنما وصف الله به الماء الدافق، والذي يحس ‏[‏به‏]‏ ويشاهد دفقه، هو مني الرجل، وكذلك لفظ الترائب فإنها تستعمل في الرجل، فإن الترائب للرجل، بمنزلة الثديين للأنثى، فلو أريدت الأنثى لقال‏:‏ ‏"‏من بين الصلب والثديين‏"‏ ونحو ذلك، والله أعلم‏.‏
فالذي أوجد الإنسان من ماء دافق، يخرج من هذا الموضع الصعب، قادر على رجعه في الآخرة، وإعادته للبعث، والنشور ‏[‏والجزاء‏]‏ ، وقد قيل‏:‏ إن معناه، أن الله على رجع الماء المدفوق في الصلب لقادر، وهذا ـ وإن كان المعنى صحيحًا ـ فليس هو المراد من الآية، ولهذا قال بعده‏:

‏ ‏{‏يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ‏}
‏ أي‏:‏ تختبر سرائر الصدور، ويظهر ما كان في القلوب من خير وشر على صفحات الوجوه قال تعالى‏:‏ ‏{‏يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ‏}‏ ففي الدنيا، تنكتم كثير من الأمور، ولا تظهر عيانًا للناس، وأما في القيامة، فيظهر بر الأبرار، وفجور الفجار، وتصير الأمور علانية‏.‏

‏{‏فَمَا لَهُ مِنْ قُوَّةٍ‏}‏
يدفع بها عن نفسه

‏{‏وَلَا نَاصِرٍ‏}‏
خارجي ينتصر به، فهذا القسم على حالة العاملين وقت عملهم وعند جزائهم‏.‏
ثم أقسم قسمًا ثانيًا على صحة القرآن، فقال‏:

‏ ‏{‏وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ‏}‏
أي‏:‏ ترجع السماء بالمطر كل عام، وتنصدع الأرض للنبات، فيعيش بذلك الآدميون والبهائم، وترجع السماء أيضًا بالأقدار والشئون الإلهية كل وقت، وتنصدع الأرض عن الأموات،

‏{‏إِنَّه‏}
‏ أي‏:‏ القرآن

‏{‏لَقَوْلٌ فَصْلٌ‏}
‏ أي‏:‏ حق وصدق بين واضح‏.‏

‏{‏وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ‏}
‏ أي‏:‏ جد ليس بالهزل، وهو القول الذي يفصل بين الطوائف والمقالات، وتنفصل به الخصومات‏.‏

‏{‏إِنَّهُم‏}‏
أي‏:‏ المكذبين للرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ وللقرآن

‏{‏يَكِيدُونَ كَيْدًا‏}‏
ليدفعوا بكيدهم الحق، ويؤيدوا الباطل‏.‏

‏{‏وَأَكِيدُ كَيْدًا‏}‏
لإظهار الحق، ولو كره الكافرون، ولدفع ما جاءوا به من الباطل، ويعلم بهذا من الغالب، فإن الآدمي أضعف وأحقر من أن يغالب القوي العليم في كيده‏.‏

‏{‏فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا‏}‏

أي‏:‏ قليلًا، فسيعلمون عاقبة أمرهم، حين ينزل بهم العقاب‏.‏

تم تفسير سورة الطارق، والحمد لله رب العالمين‏.




‏ تفسير السعدي (تيسير الكريم المنان في تفسير كلام الرحمن)




سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم
اضافة رد مع اقتباس