مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
  #1  
قديم 14/05/2003, 07:17 AM
المناصر المناصر غير متواجد حالياً
زعيــم فعــال
تاريخ التسجيل: 22/04/2003
مشاركات: 210
د.الأهدل: الإيمان (35) تابع الاهتمام بالقرآن..

دروس في الإيمان (35)

وجوب الاهتمام بالقرآن

تمهيد :

لو علم أعمى البصر أن طبيبا ظهر عنده قدرة على علاجه ليعود إليه بصره، لسارع كل أعمى إلى ذلك الطبيب، ينشد عنده العلاج الذي يمكنه من التمتع بنعمة البصر.

ولو علم الأصم أن طبيبا آخر عنده قدرة على علاجه ليعود إليه سمعه لسارع كل أصم إلى ذلك الطبيب ينشد عنده العلاج الذي يمكنه من التمتع بنعمة السمع.

وهكذا الأبكم، وفاقد الشم، وكل من عنده مرض مزمن أو عرف بصعوبة العلاج، هذا أمر مشاهد في ذوي العاهات والأمراض، يجتهدون هم وأقاربهم في البحث عن الأطباء والمستشفيات التي يأملون أن يجدوا فيها علاج أمراضهم، ينفقون في سبيل ذلك الأموال، ويكابدون مشاق السفر والتنقل، وهجر الديار، طلبا للشفاء والطمأنينة والاستقرار.

وهذا الحرص مطلوب طبعا وعادة وشرعا، لأن العبد مأمور بتعاطي الأسباب التي تجلب له المصالح وتدفع عنه المفاسد.

ولكن الأهم من ذلك - مع كونه مهما - أن يهتم الجاهل بمصالح دنياه وآخرته، وبالمفاسد التي تكدر عليه حياته في الدنيا، وتفقده السعادة فيها وفي الآخرة.

ألا وهو العلم النافع الذي يزيل عنه غشاوة الجهل وينير له درب الحياة، فيكون به على بصيرة بالمنهج الذي يهديه في حياته إلى ما يحقق له سعادة الدارين: فردا وأسرة و أمة، حاكما ومحكوما، خادما ومخدوما، المنهج الذي يؤدي به حق نفسه وحق خالقه وحق المخلوقين من حوله.

وإنك لترى كثيرا من المفكرين والقادة في العالم يبدون ضجرهم وامتعاضهم مما يرونه يحل بأممهم من المصائب المتنوعة: الاجتماعية، والاقتصادية والسياسية والعسكرية، وغيرها من المشكلات التي تدمر الناس تدميرا، ويبحثون عن مناهج يضعونها لأممهم علها تحل مشكلاتهم أو تخفف منها، ويجربون منهجا إثر منهج، وكلما بدا لهم نقص في منهج لجئوا إلى آخر، ولقد جربوا كل المناهج البشرية الموجودة على ظهر الأرض.

أخذ الغرب بعض تجارب الشرق، كما أخذ الشرق بعض تجارب الغرب، ولكنها كلها قد أخفقت، وبعض الدول الكبيرة قد انهارت، والبعض الآخر في طريقه إلى الانهيار، ولم يقدروا على تحقيق السعادة لقومهم، ولا على التخفيف من القلق والاضطراب، فقد العالم العدل والأمن والسلام والمحبة والإيثار، لأن تلك المناهج كلها من صنع البشر الذين يعتريهم الجهل والهوى والغفلة والظلم، ومن كانت تلك صفاته فلا بد أن يكون في منهجه الذي يضعه نقص وسلبيات، يكون من ثمارها الظلم وكثرة الأخطاء التي تترتب عليها كثرة وقوع المفاسد، وكثرة فوات المصالح، وعدم إصابة الحق - إذا كان واضع المنهج ينشده، فكيف إذا تعمد اتباعا لهواه ومصالحه إرادة الباطل - وهذا ما نشاهده اليوم في مشارق الأرض ومغاربها.
اضافة رد مع اقتباس