مساء الورررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررد
منظمة الصحة العالمية تعلن اكتشاف الفيروس المسبب للالتهاب الرئوي وتقف حائرة نحو التوصل إلى لقاح فعّال حوار : عبد الرحمن المنصور
في 16أبريل 2003م أكدت منظمة الصحة العالمية ان الفيروس التاجي الجديد (Coronavirus) هو المسبب لمرض الإلتهاب الرئوي اللانمطي ولم يسبق لهذا الفيروس أن أصاب الإنسان. ويرجع الفضل في التأكد من هذا الفيروس الجديد للتعاون البناء والسريع مع مختلف المختبرات المسؤولة عن دراسة هذا الفيروس في عشرة بلدان في العالم بعد دراسة التركيب الجيني (Genes) لهذا الفيرس.
وحتى 16إبريل 2003سجلت في أنحاء العالم أكثر من 3500حالة مرضية وأكثر من 150حالة وفاة وكانت أعلى الوفيات في الصين ثم هونج كونج ثم كندا وأخيراً سنغافورة.
وسوف تعقد منظمة الصحة العالمية اجتماع في جنيف في 17يونيو 2003لمراجعة طرق انتشار المرض وكيفية معاملة المريض وتشخيص العينات في المختبر وطرق الوقاية في جميع أنحاء العالم.
أوضح ذلك ل"الرياض" أ.د.طلال بكير أستاذ علم الفيروسات الطبية بكلية الطب بجامعة الملك سعود والذي تحدث عن طبيعة هذا المرض وانتشاره وسبل الوقاية منه والعلاجات المتوفرة له.
كما تطرق إلى العديد من القضايا والاشكاليات التي لا تزال تمثل عوائق نحو اكتشاف السبب لحدوث هذا الفيروس أمام نص الحوار.
تشبه الانفلونزا
* ما هو هذا المرض الجديد الذي يسببه التهاب حاد في الجهاز التنفسي والذي انتشر خبره بسرعة كبيرة في وسائل الإعلام؟
- إن التهاب الجهاز التنفسي الحاد الذي ظهر حديثاً في آسيا وأمريكا وأوروبا هو عبارة عن أعراض خفيفة تشبه في بدايتها مرض الانفلونزا أو قد تكون شديدة وتؤدي إلى الوفاة حيث قدرت شبه الوفاة بهذا المرض حوالي 3% لكن ما هو العامل المسبب لهذا المرض، هذا غير معروف تماماً في الوقت الحاضر.
العدوى
* هل لنا أن نتعرف على عدوى هذا المرض وأعراضه؟
- إنه عبارة عن التهاب حاد في الجهاز التنفسي شديد العدوى. تبدأ الأعراض بحرارة فوق 38مء وتصاحبها صداع، شعور بعدم الراحة وآلام في الجسم. فترة الحضانة وهي الفترة التي تمتد من بداية اصابة المريض وحتى ظهور علامات المرض تتراوح بين 2- 7أيام وتمتد إلى 10أيام، عندها يُصاب المريض بالكحة وقد ينقص الأكسجين في دم بعض المرضى مما يستلزم اسعافهم، صعوبة في التنفس، فقدان الشهية عن الطعام، ظهور بعض الطفح على الجلد، اسهال في بعض الحالات.
انتشاره
* كيف ينتشر هذا الوباء؟
- ينتشر المرض بصورة رئيسية عن طريق التنفس فالكحة والعطاس وحتى الكلام تنشر الجراثيم في الهواء بكميات كبيرة مسببة العدوى للأشخاص غير المصابين المخالطين للمرضى. كذلك السفر إلى البلدان التي ينتشر بها هذا المرض فيه خطورة التقاط هذا الفيروس بواسطة الاختلاط مع المصابين.
وقد كانت بداية ظهور هذا الوباء في 28فبراير 2003في إحدى المستشفيات في مدينة هانوي في فيتنام. بعض خبراء منظمة الصحة العالمية يشيرون بأن أول حالة قد تكون سجلت في 16نوفمبر 2002م في مدينة قوسهان في الصين.
وكانت أيضاً مدينة جواندونج في الصين من أولى المدن التي يسجل بها هذه الحالات المرضية. يهدد هذا المرض الآن وبعد هذه الفترة القصيرة من اكتشافه القطاع الصحي في العالم وذلك لسرعة انتشاره ولعدم معرفة السبب في حدوثه وبالتالي عدم وجود دواء أو لقاح له. لكن منظمة الصحة العالمية وبالتعاون الكبير والجاد مع مختلف بلدان العالم وخاصة البلاد التي ينتشر بها هذا المرض تعمل على تطويقه وعزل المرض عن الأشخاص غير المصابين ثم أخذ عينات من المرض ودراستها في المختبرات لعزل هذا الفيروس والتأكد من معرفة نوعه وهل هو فيروس جديد أم قديم، والعمل جار في هذا المجال بكفاءة عالية وتواصل مستمر.
مسبباته
* ما هي مسببات هذا المرض؟
- حتى الآن لا يُعرف تماماً ما هو المسبب لهذا المرض. تلقت منظمة الصحة العالمية ومركز وقاية الأمراض في أمريكا عدة تقارير طبية من مختلف بلدان العالم تفيد بوجود مرضى يعانون من التهاب حاد في الجهاز التنفسي وان بعض الحالات ازدادت سوءاً. بعد اجراء عدة دراسات مخبرية مكثفة تبين ان المسبب لهذا الوباء قد يكون "فيروس". وبينت الدراسات المخبرية لعينات بعض المرضى أنه فيروس يتبع عائلة النظير مخاطية (Paramyxovirus) وقد حدثت به طفرة جينية. هذه العائلة الفيروسية تحوي على عدة فيروسات تصيب الجهاز التنفسي وتحوي أيضاً فيروسات أخرى مثل فيروس الحصبة وفيروس الغدة النكافية. وفي دراسات أخرى علي عينات من المرضى دلت على أن المسبب قد يكون فيروس جديد من عائلة الفيروسات التاجية (Coronavirus) وهذه الفيروسات تصيب الجهاز التنفسي بأمراض بسيطة ولكن قد تسبب التهاباً رئوياص في الأشخاص ذوي المناعة الضعيفة. ولا تزال الدراسات المخبرية جارية على قدم وساق لفصل الفيروس ومعرفة نوعه، حيث إن معرفة التركيب الجزئي لهذا الفيروس مهمة جداً وذلك للتوصل لإنتاج لقاح فعّال وعلاج ناجح بإذن الله.
المعرضون له
* من هم الناس الأكثر عرضة للمرض؟
- من المعروف حتى الآن أن المرض ينتشر بصورة رئيسية عن طريق التنفس والرذاذ مما يجعل هذا الفيروس قابلاً للانتقال من شخص لآخر ومن مكان لآخر بسرعة وسهولة. والطريقة المثلى لانتقال هذا الفيروس هي اختلاط الأصحاء بإنسان مصاب والجلوس معه والتحدث إليه مثال ذلك المريض في المنزل مصدر عدوى كبير لجميع الذين يعيشون معه، حيث انهم يخالطونه وقد يستعملون أغراضه الشخصية مثل الفوطة والملابس. كذلك العاملين في المجال الصحي فهم عرضة لانتقال هذا المرض لهم عن طريق المرضى المنومين أو الزائرين للمستشفيات والمراكز الصحية. تدل التقارير الطبية على أن معظم المرضى الذين أصيبوا بهذا المرض من الكبار ( 25- 70سنة)، ولكن في حالات قليلة سجلت في أطفال أقل من 15سنة.
الكشف عنه
* كيفية الكشف عن المرض في المختبر؟
- أخذت عينات من المرض وتم زراعتها في خلايا داخل كبائي خاصة لزراعة ونمو الفيروس ولقد تم فصل فيروس التاجي Corona Virus
كذلك باختبار العينة تحت المجهر الإلكتروني، ونتائج فحص دم المريض أثبتت أن مضادات فيروس التاج موجودة. عينات أخرى أُخذت من الأنف والبلعوم أثبتت أيضاً وجود هذا الفيروس، وأخيراً الدراسة الجزيئية للمادة الوراثية للفيروس أثبتت أنه نوع جيد من الفيروس التاجي. ولكن كل هذه التجارب المخبرية التي أجريت حديثاً لا تعطي نتائح نهائية ومؤكدة على أن الفيروس التاجي الجديد هو المسؤول عن المرض. لذلك يحتاج إجراء فريداً من الدراسات المكثفة على عينات المرض لمعرفة مدى ارتباط هذا الفيروس الجديد بهذا المرض الجديد.
التشخيص
* كيف يمكن تشخيص المرض؟
- الأعراض المرضية التي تظهر على المريض، هل سافر المريض قريباً إلى تلك المناطق الموبوءة؟ عمل أشعة للصدر وإجراء اختبارات مخبرية لمعرفة السبب.
* هل لكم ان تحدثونا عن انتشار هذا الوباء عالمياً؟
- في 11مارس 2003اعلنت منظمة الصحة العالمية ان هذا المرض يهدد العالم بالانتشار السريع وهو اول مرض ذو اعراض شديدة وسريع الانتشار يظهر في القرن 21ولانزال نجهل الكثير عن هذا المرض وسببه، لكن نعرف انه سريع الانتشار خاصة بين المسافرين بالطائرة الى البلدان الموبوءة. في 10ابريل / 2003تم اكتشاف 2781حالة مرضية توفى منهم (111) حالة في 17دولة في ثلاث قارات وفي خلال يومين فقط أي في 12أبريل ازدادت عدد الحالات المصابة والمتوفين الى (2960).
وتعتبر الصين، هونج كونج، فيتنام، سينغافورا من البلدان التي يتركز بها المرض ونتشر في المستشفيات بسرعة ولقد سجلت اصابات كثيرة لبعض العاملين في المجال الصحي. في كندا المرض لايزال ينتشر بالرغم من اتخاذ اجراءات وقاية صحية ممتازة ولقد سجلت 98حالة مرضية بالاضافة الى 10حالات وفاة وبمتابعة الحالات تبين ان هولاء المرضى قد سافروا الى عدة دول في اسيا او انهم اختلطوا في بيوتهم او في المشافي الصحية مع مرضى آخرين. سجلت هونج كونج اسوأ الاصابات لذلك اعلن مسؤولو الصحة بأن على الناس المختلطين بمرض هذا الفيروس ان يلزموا بيوتهم لمدة 10أيام وهي مدة حضانة الفيروس فأن ظهر عليهم اعراض مرضية وحرارة عندها يجب عليهم مراجعة المراكز الصحية حالاً. في سنغافورة والتي سجلت ايضاً اسوأ الاصابات من بينهم اطفال. ويعتقد ان سبب انتشار المرض في سنغافورة ربما يرجع الى مريض من الصين كان يعالج في احدى مستشفيات سنغافورة في الفترة من 5- 20مارس/ 2003وكان مصاب بهذا الفيروس على الارجح.
عند بداية تسجيل الحالات المرضية في 11مارس 2003كانت النتائج كالتالي:
- في كندا: 62حالة مرضية مع 6حالات وفاة في 2003/3/12سجلت 101حالة مرضية.
- في هونج كونج: 734حالة مرضية و 17حالة وفاة في 2003/3/12سجلت 1108حالة مرضية و 35حالة وفاة.
- في سينغافورة: 98حالة مرضية و 4حالات وفاة في 2003/3/12سجلت 147حالة مرضية.
- في فيتنام: 59حالة مرضية و 4حالات وفاة في 2003/3/12سجلت 62حالة مرضية.
- في الصين: 1190حالة مرضية مع 46حالة وفاة.
- في تايوان: 14حالة مرضية بدون وفيات.
- في الولايات المتحدة الامريكية: 85حالة مرضية بدون وفيات وقد سجلت حالات قليلة من المرض (اقل من 10حالات) في كل من بالجيكا، فرنسا، المانيا، ايطاليا، ايرلندا، رومانيا، سويسرا، بريطانيا، تايلند، البرازيل واستراليا.
ونظراً لعدم المعرفة التامة بطريقة انتشار هذا المرض فلقد اتخذت منظمة الوقاية من المرض اجراءات وقائية وذلك بمنع المصابين من التبرع بالدم خشية انتقاله عن طريق الدم ولو انه لاتوجد حتى الآن اي معلومات تدل على ان الفيروس قد ينتقل عن طريق الدم.
الوقاية والعلاج
* كيف يمكن الوقاية من هذا المرض وطرق العلاج؟
- حيث انه وكما اسلفنا سابقاً لم يعرف بالتأكيد المسبب لهذا المرض لذلك لايوجد علاج ناجح في الوقت الحاضر وبما ان هذا الوباء ينتشر بسرعة كبيرة عن طريق التنفس والرذاذ من الفم والانف فمن الطبيعي ان تؤخذ بعض الاجراءات السريعة للحد من انتشار هذا المرض. منها على سبيل المثال عدم الاختلاط مع المريض، النظافة العامة وغسل اليد جيداً بالصابون. واود ان اوجز بعض اجراءات الوقاية التي يجب اتخاذها وهي المتبعة بواسطة منظمة الصحة العالمية وهي:-
1- عدم السفر الى البلدان الموبؤه مثل الصين، هونج كونج، سنغافورة وفيتنام . اما القادمين من هذه البلدان فيجب عليهم مراقبة انفسهم لمدة 10ايام وفي حالة ظهور أي اعراض مرضية او حرارة وحكة او صعوبة في التنفس عليهم مراجعة المراكز الصحية فوراً. وقد سجلت عدة حالات مرضية بين القادمين بالطائرة من تلك البلدان المصابة.
2- في حالة العطاس او الحكة يجب على المصاب استعمال المناديل الورقية لتغطية الانف والفم ليحد من انتشار الفيروس في الهواء ويجب على المريض والمخالطين له وضع كمامة على الانف والفم وهذه بدورها تحد من انتشار هذا الفيروس في الهواء.
3- في المستشفيات والمراكز الصحية يجب استعمال القفازات المعقمة قبل التعامل مع عينات المريض ومن ثم التخلف منهما بطرق صحية معروفة.
4- عدم مشاركة المريض في طعامه وعدم استعمال الملعقة والشوكة والسكين الخاصة بالمريض.
5-عند استعمال الحمام بواسطة المرض بعدها يجب تنظيمها بواسطة المطهرات المعروفة في المنزل مثل الكلوركس والديتول.
6- على اقارب المريض ومخالطيه ان يلتزموا بقواعد النظافة التامة في المأكل والملبس والمشرب وغسل اليد جيداً بالماء والصابون باستمرار. ويمكنهم ان يأووا اعمالهم اليومية واستمرار حياتهم الطبيعية خارج المنزل وداخله ولكن اذا ظهرت عليهم اعراض المرض المذكورة سابقاً عندها يجب عدم الذهاب الى العمل او القيام بزيارات بل يجب الذهاب الى المراكز الصحية حالاً لاجراء الفحوصات الطبية اللازمة. العاملون في المجال الصحي يجب عليهم اخذ الحيطة والحذر من مخاطر هذا المرض واتباع ارشادات السلامة والوقاية عند التعامل مع الحالات المرضية او الحالات المشكوك بها وكذلك يجب عليهم التصرف السريع في حالة انتشار هذا المرض.
ولقد اتخذت وزارة الصحة في المملكة كافة الاجراءات اللازمة والمناسبة للحد من دخول هذا المرض الى بلدنا العزيز ولله الحمد لم تسجل اي حالة مرضية في المملكة حتى الان وندعو الله عز وجل ان يحفظ الجميع بالصحة والعافية وان يجنبنا شر الامراض جميعها.
اما العلاج فإن المصاب يعطى مضاداً حيوياً ليس لعلاج الفيروس لان الفيروس لا يستجيب للمضاد الحيوي ولكن لعلاج البكتيريا التي قد تصيب هذا المريض ايضاً وستسبب التهاب الرئة في بعض المراكز الصحية كان المرضى يعالجون ايضاً بالمضادات الفيروسية مثل (او سلتا ميفير والريبافيرين، Ribavirin, Oseltamivir) وهي ادوية تستعمل في علاج مرض الانفلونزا.
في الوقت الحاضر لايوجد علاج فعال حتى الان. الدراسات الكثيرة والابحاث جارية لتحديد نوع الفيروس والتأكد من انه المسبب الحقيقي لهذا المرض عندها يتم انتاج لقاح فعال مناسب لنوع الفيروس وكذلك اعطاء الادوية المناسبة المضادة لهذا الفيروس.
اتخذت وزارة الصحة الاجراءات اللازمة والضرورية لمنع انتشار هذا المرض.
1- تعميم على المطارات بوضع الكمامات اثناء استقبال القادمين من الدول الموبوءة وفحصهم ومتابعتهم لمدة 10ايام.
2- نصح المواطنين بعدم السفر الى تلك البلدان وهي الصين، سنغافورة، هونج كونج، تايوان، فيتنام وحتى اشعار آخر.
3- تعميم على المستشفيات والمراكز الصحية بأخذ الحيطة والحذر وليس الكمامات عند فحص الحالات المرضية وعند التعامل مع عينات المرض.
*استاذ علم الفيروسات الطبية
كلية الطب ومستشفى الملك خالد الجامعي
الرياض