مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
  #1  
قديم 04/04/2003, 03:14 PM
فتى المدينه فتى المدينه غير متواجد حالياً
في انتظار تفعيل البريد من قبل العضو
تاريخ التسجيل: 28/04/2002
المكان: طيبة الطيبة
مشاركات: 4,558
بغداد ياأم المدائن فاصمدي...بكاء وضحك

أيام عصيبة ولحظات حاسمة من تاريخ أمتنا، نشهد فيها حرباً طاحنة تدور على أرض العراق، ونحن نعرف حجم التفوق الأميركي ومدي الجبروت الأميركي، وقدرة الطاغوت الأميركي، بينما شعب العراق الشقيق ليس أمامه إلا الصمود والقتال من نخلة إلى نخلة، لا دفاعاً عن نظامه، بل عن بغداد الرشيد، بغداد العرب والمسلمين، بغداد التاريخ، بغداد بلد الفتوحات والانتصارات، بغداد بلد العلم والفقه والثقافة والشعر والأدب والفلسفة، بغداد بلد اللحن الحزين، بغداد التي حكمت إمبراطورية إسلامية، أينما شرقت الغيمة فيها أو غربت فإن خراجها عائد إلى خزائنها. كلنا ننادي. بغداد يا أم المدائن.. اصمدي. نحن لا ندافع عن صدام حسين، ولكننا لن ننضم إلى ركب بوش، فصدام حسين فترة وانتهت، كما انتهي نظامه، ولكن بغداد باقية والعراق باقٍ والأمة العربية باقية. والذين يصمدون اليوم في أم القصر والبصرة والناصرية، وعلى كل شبر عراقي، لا يحبون صدام حسين بالضرورة، ولكنهم قطعاً لا يحبون بوش أكثر منه، وإنما يستبسلون في الدفاع عن وطنهم وتاريخهم ومستقبلهم، وعن مكانتهم في أمتهم وأمام العالم، كشعب صلب لا يتخاذل أمام أكبر قوة في العالم على الإطلاق، وأمام أحدث تكنولوجيا عرفها العالم حتى الآن. نحن نعارض صدام حسين، ولكننا قطعاً لا نؤيد الحملة الأميركية على العراق، ونحن نلتزم بمبدأ "انصر أخاك ظالماً كان أو مظلوماً "ونصرة الأخ الظالم هي منعه من ارتكاب الظلم. والأمة العربية فعلت ذلك حين احتل العراق الكويت، فقد وقفت أمته معه لمنع ظلمه وتحرير الكويت. أما اليوم فالشعب العراقي مظلوم، رغم أن نظامه ظالم، ولهذا فنحن معه ضد الظلم اللاحق به من نظامه، ومعه ضد الظلم الأميركي أيضاً. ولأن نظام صدام انتهي عملياً، فإننا مع الصامدين في أم القصر والبصرة والناصرية، ومع الذين يذودون عن الحصن العربي والإسلامي في بغداد. ومع أن الوقت غير مناسب للحساب، إلا أننا يجب ألا نبخس أمتنا العربية حقها. وعندما أعلنت الرياض وأعلنت القاهرة موقفهما فلأنهما مع الشعب العراقي ومع العروبة ومع الإسلام. بل إن السعودية دفعت الثمن حين رفضت تحرك أي جندي أميركي من أراضيها ومنعت إقلاع أية طائرة أميركية من قواعدها. وعندما وعد الملك فهد في الكلمة التي ألقاها الأمير عبدالله بأن السعودية لن تكون ممراً للهجوم على العراق، فقد أوفي بوعده. وهذا دأب أولاد عبدالعزيز، إذا وعدوا أوفوا، وكانوا أوفي من الوفاء. وفي مصر، رغم كل الضغوط والحملات الإعلامية، فإن الرئيس مبارك لم يقدم الغطاء السياسي للحملة الأميركية، بل رفض أسلوب الحرب ودعا إلى وقفها فوراً. ولو كان موقف السعودية ومصر مختلفاً، لسارت الأمور على غير ما تسير عليه الآن، في ساحة المعركة. ولكن أخطر شيء الآن أن يقع شقاق بين الأنظمة العربية وشعوبها، فالمطلوب منا أن نكون صفاً واحداً، لأن البديل ستكون آثاره بالغة الخطورة على وحدة أوطاننا على استقرارها، ويفتح المجال لتكرار النموذج العراقي، وهذا ما لا يريده أحد، وإنما تسعي إليه بعض الدوائر في الإدارة الأميركية. والصمود العراقي اليوم يكتب صفحة جديدة في التاريخ، ومنذ حوالي شهرين ونصف الشهر في العدد رقم "1349"، تساءلنا. ماذا يحدث لو صمد العراق؟ واليوم، نجد الجواب أكثر وضوحاً، فرغم أن الإدارة الأميركية أعلنت أن هدفها من الحرب الإطاحة بصدام حسين وإقامة حكم ديمقراطي على أنقاضه ونزع أسلحة الدمار الشامل التي يمتلكها، إلا أن الحقيقة غير ذلك تماماً، فالرئيس الروسي فلاديمير بوتن أعلن صراحة أن بلاده ستكون الهدف الثاني بعد العراق عبر القوقاز، كما أن أحد صانعي الفكر اليميني الأميركي وهو مايكل ليدين يعلن صراحة في حواره المنشور في هذا العدد من "الوطن العربي" أنه لا حل للقضية الفلسطينية قبل الإطاحة بنظامي سورية وإيران. إذن، هي لعبة "دومينو" أميركية، وأول حجر على رقعتها هو العراق. ولذلك فإن صمود العراق يعني بداية النهاية لهذه اللعبة التي تهدف إلى الهيمنة الأميركية الفعلية على العالم، منطقة بعد منطقة. ونحن لا نزعم أن العراق سينتصر في الحرب، ولكن يكفيه الصمود مدة زمنية معقولة، فإن هذا الصمود سيكون له فعل السحر. ولعل أول نقطة إيجابية لصمود الشعب العراقي، هو رفع معنويات أبناء أمتنا العربية الذين عاشوا طويلاً تحت وطأة الشعور بالعجز والقهر والهوان، ويعيد الثقة إلينا بأنفسنا بأننا أمة قادرة على المنازلة، وسنعيد الاعتبار لصورتنا في العالم كأمة تملك الإرادة وترفض الخضوع والاستسلام، وهي صورة تمكنا من صنعها عندما نجح اللبنانيون في طرد الاحتلال الإسرائيلي من جنوب لبنان، وعندما تصدي الشعب الفلسطيني الأعزل لآلة العدوان الإسرائيلي في انتفاضاته المتتالية. ولكن الأهم من ذلك أن صمود الشعب العراقي سيشجع الدول الرافضة للحرب في العالم، وخاصة فرنسا وألمانيا وروسيا والصين، على تشكيل تكتل سياسي ضد المشروع الأميركي للهيمنة على العالم، وليس من المستبعد أن يقدم هذا التكتل، أو بعض أعضائه نوعاً من المساندة للشعب العراقي حتي يتمكن من مواصلة الصمود، وليس من المستبعد أيضاً أن يؤدي الصمود العراقي إلى نشوء رأي عام أميركي يعارض الفكر اليميني للإدارة الأميركية، وهذا ليس بغريب، فقد توقع ذلك أكثر من خبير أوروبي. ولذلك، فتأييدنا للصمود العراقي، لأنه يحمل عدة رسائل إلى الأمة العربية وإلى العالم، فإذا كان العراق هو بداية التنفيذ العملي للمشروع الأميركي، فإنه يمكن أن يكون السد الأول لإسقاط هذا المشروع. وإيماناً بكل هذه المنطلقات، ننادي من أعماق قلوبنا. يا بغداد، يا أم المدائن.. اصمدي. ويا أحفاد خالد بن الوليد تكامنوا واصمدوا. من أجل عراق المجد والتاريخ والمستقبل، ومن أجل أمتكم العربية الصابرة والمجاهدة، ومن أجل عالم جديد يسوده التفاهم لا الحروب. صدام حسين صار من الماضي، ولكن بغداد الرشيد والمجد التليد هي بوابة المستقبل. ويا أمة العرب لا تنتهي ولا تتهاوني.. فإنك كما قال الشاعر. أمة العرب لن تموت أتحداك باسمها يا فناء
اضافة رد مع اقتباس