يا إخوان .. حتى و إن كانت فتوى ، فالله سبحانه و تعالى خاطبنا بالقرآن و
السنة جميعاً و لم يخص بهما العلماء فقط ، و أعطانا العقول جميعاً ، و لم يخص
العلماء و حدهم بالعقول ، و أنا أقدر للجميع حماسهم لنصرة نبينا محمد صلى الله
عليه و سلم ، ولكن هذه الفتوى عليها أكثر مما لها ، فبالله يا إخوان ،
فكروا معي دقيقة واحدة ، بعيداً تماماً عن العواطف ، لو أن أحدكم الآن
يدرس ، أو يبحث ، أو يتعالج ، أو لديه مصلحة تجارية في الدنمارك ، فهل
عليه أن يقطع السبل ، و يعود أدراجه من أجل فتوى ، قالها شخص أو
أشخاص بعيدون كل البعد عن الواقع ؟؟
ثم إن الإساءة لا تعمم على الدنمارك كلها بهذه البساطة ، المسيء
صحيفة ، أو صحف ، أو وسائل الإعلام ، أو الحكومة ، فما ذنب من كان له
مصلحة شخصية هناك ، مع طرف لا يعنى بهذه القضية ؟؟ ثم في
النهاية ، إن التحريم أمر خطير تساهل به الكثير ممن ينتسبون إلى العلم
، فحرموا الكثير ، بلا دليل ، بل بالظنون الكاذبة ، و ضيقوا على الناس
معيشتهم بدعوى الاحتياط للدين ، وهذا هو هدم الدين بعينه ، كيف لا و
الدين دين يسر ، (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر)
و الذي يحرم طلباً للأحوط ، فإنه أساء مرتين : الأولى في تحريمه شيئاً بلادليل
واضح ، و الثاني : اتهامه لله تعالى بالنسيان والتفريط ، إذا لم يحرم الله ذلك الشيء
و الله تعالى يقول : (وماكان ربك نسياً) (مافرطنا في الكتاب من شيء)
فالأصل في كل شيء : الإباحة ، و لا يحرم شيء إلا بدليل صريح صحيح
، آية أو حديث ،
أما غيرهما من اجتهاد في غير محله ، أو قياس ، أو سد لذريعة ، أو احتياط ، أو
تعليل فاسد ، أو ظنٍ كاذب ، فهذا من الوبال الذي يخشى على المسلمين منه ..
و الله تعالى أعلم و صلى الله وسلم على نبينا محمد .،.،