(( الجزء الخامس عشر والأخير )) " نـهايةُ البداية " ******** - بقعةُ ضوْء - : (( اليومُ هوَ الثامن والعشرون من الشهرِ الهجريّ الحادي عشر ذو القعدة .. للمرة الخامسة والعشرين يمرّ عليّ هذا اليوم .. في نفس هذا اليوم أطلقتُ أولَ صرخةٍ .. وبعدها صرخة وصرخة وصرخة .. بدأتُ ابتسم .. أحاولُ الحديثَ وأتلعثم .. وأعاودُ الكرَّةَ ألفَ مرةٍ ومرةٍ ومرة .. أمِّي تعملُ على تجهيزي لأوَّل يومٍ دراسيّ في حياتي .. أبي يصْحَبُني معهُ إلى المدرسةِ التي يعملُ فيها مدرسًا أيضًا .. هوَ يقودُ السيارة .. وأنا نائمٌ على المقعدِ بجانبه .. أبي يوقظُني عندَ بابِ المدرسة .. واجتيازٌ لبابها الخشبيّ كاجتيازٍ نحوَ قصرٍ وجنةٍ وفضاء .. يدي بيدهِ .. ويدهُ تحتضنُ كلَّ عمري .. وأمي بالتأكيد أنها لم تنم بعد خروجنا .. أمي بستانٌ " ليس كمثلهِ شيء " .. **** تمرُّ السنون .. وامتلكتُ القدرةَ على التحررِ من خجلي نوعًا ما .. أنا الآن أتحدث .. أقرأُ .. وأكتب.. وأناقشُ .. وأضحكُ .. وأبكي .. وأعملُ لتعودَ لي ضحكتي .. باختصار .. أنا حيّ .. )) --------- وأخيرًا .. انتهت إجراءات المعاملة من الوزارة وإدارة التربية والتعليم .. بعد أن استمرت لثلاثة سنوات مابين الأنظمةِ المعقدة والغير منطقية .. ومابين أمزجة الموظفين .. عميد الكلية يتصلُ بي ويقول : " لن أقول مبروك لك بقبولك معيدًا لكن مبروك للكلية بـ رياض " فقط تبقت اللمسات الأخيرة من الجامعة .. وأنتقلُ إلى المساحة الأكبر .. المهم أنني حصلتُ على موافقة إدارة التربية والتعليم لانتقالي إلى وزارة التعليم العالي .. طبعًا لم يكن بالأمر السهلِ أبدًا .. المعاملةُ في طريقها إلى كلية المعلمين التي انضمت إلى لواء الجامعة مؤخرًا .. تصلُ إلى وكيل الجامعة الجديد .. هوَ الآخرُ يرغب في حذفِ كل شيءٍ كان قبله .. يريد أن يضعَ أنظمتهُ التي تناسبه .. عفوًا .. تناسب سياسته الإدارية .. يقول : " معاملتك في حياة البرزخ ويضحك !!!! " - ويكمل - : " حظُّكَ عاثر , ويبدو أنهُ ليسَ لكَ نصيب . النظامُ تغير وعليك أن ترشح نفسك من جديد " .. هذا فكر وكيل الجامعة !!! ثلاث سنوات وأنا أعمل وأسعى في هذه المعاملة .. وأكثر من ذلك بكثير وأنا أخطط وأجتهد لنيْلِ هذه الفرصة .. في كل اختبارٍ أو مقابلة شخصية توصيةٌ بسرعة إنهاء إجراءات مباشرتي في الجامعة .. والتهاني كانت تأتيني من المسؤولين في الكلية !!! لكن انتهت وتوقفَ كلّ شيء .. مرةً أخرى .. من يقتلُ منْ ؟؟ أنتم أيها العابثون .. هذا الوطن براء منكم .. وأنا .. أنا .. أنا لنْ أسقطْ .. --------- كلّ صباح .. يبدأ بصلاة الفجرِ .. شنطتي بيميني .. الرُّوح متحفزة .. والأفكارُ أكثرَ نضجًا .. هذه مرحلةٌ جديدة .. خطوةٌ أخرى .. كلّ ماحدث لايعني موْت الطّموح .. ولا بترًا لأحلام ولدت كبيرة .. وتظلّ تكبرُ وتكبر .. وستتحقق يومًا بإذنهِ تعالى .. المعلّم رسالته أكبر مما هيَ عليه الآن .. والمجتمع مقصرٌ جدًّا في حقّ المعلم .. والمعلمُ مقصرٌ في حقّ نفسهِ ومجتمعهِ .. كلنا جميعًا مسؤولون عن واقع التعليم .. ومسؤولون عن وطننا .. وبيئتنا .. ومجتمعنا .. إنَّ علاقة المعلم بالطالب ليست مجرّد معلومة .. والضلع الآخر في عملية التعليم - أقصد الأسرة - دورهُ بهتَ كثيرًا هو الآخر .. التعليم من الممكن ألا يتراجع لظروف الزمان والمكان .. لكن بالتأكيد أنه يتقدم بهما كثيرًا .. المدرسةُ حديقةٌ لا معتقل .. والطلاب إذا ماأجدْنا التعامل معهم .. سنعودُ لنستظلّ بظلهم .. غدًا سيكونُ أجمل .. فقط يجب أن نعلمَ أنَّ في قتلنا لموهبةٍ انتحارُنا .. **** عذرًا .. حان أنْ أغسلَ سمعي بصوتِ والديّ .. _________________ رياض (( صمت الرماد )) الخبر : 28/11/1428هـ
اخر تعديل كان بواسطة » صمت الرمــاد في يوم » 08/12/2007 عند الساعة » 09:45 PM |