مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
  #8  
قديم 09/12/2002, 07:22 PM
شيروكي شيروكي غير متواجد حالياً
مشرف سابق بمنتدى الثقافة الإسلامية
تاريخ التسجيل: 15/12/2000
المكان: القصيم
مشاركات: 2,953
ســـيـــرة عـــمـــر بـــن الـــخـــطـــاب
رضي الله عنه


نسب عمر بن الخطاب رضي الله عنه :
أمه حنتمة بنت هاشم بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم ، وقالت طائفة : بنت هشام بن المغيرة ، ومن قال ذلك فقد أخطأ ، ولو كانت كذلك لكانت أخت أبي جهل بن هشام والحارث بن هشام ، وليس كذلك ، وإنما هي بنت هاشم وهاشم وهشام أخوان ، وهاشم جد عمر أبو أمه ، وهشام أبو الحارث وأبي جهل ابني هشام بن المغيرة ، وكان له من الولد ثلاثة عشر وأسلموا كلهم .

اسمه وكنيته رضي الله عنه :
لم يزل اسمه في الجاهلية والإسلام عمر وكناه رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا حفص وكان ذلك يوم بدر ، وذكره ابن إسحاق وسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم الفاروق . عن ابن عباس قال : " سألت عمر لأي شيء سميت الفاروق ؟ فقال : أسلم حمزة قبلي بثلاثة أيام ثم شرح الله صدري للإسلام فقلت : والله لا إله إلا هو له الأسماء الحسنى ، فما في الأرض نسمة هي أحب إلي من نسمة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقلت : أين رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قالت أختي : هو في دار الأرقم بن أبي الأرقم عند الصفا ، فأتيت الدار وحمزة وأصحابه جلوس في الدار ورسول الله صلى الله عليه وسلم في البيت فضربت الباب فاستجمع القوم ، فقال لهم حمزة : ما لكم ؟ قالوا عمر بن الخطاب . قال : فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ بمجامع ثيابه ثم نتره نترة فما تمالك إلا أن وقع على ركبتيه : فقال : " ما أنت بمنته يا عمر ؟ " قال : قلت : أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أنك محمدا عبده ورسوله ، قال : فكبر أهل الدار تكبيرة سمعها أهل المسجد ، قال : فقلت : يا رسول الله ألسنا على الحق إن متنا وإن حيينا ؟ قال : " بلى والذي نفسي بيده إنكم على الحق إن متم وإن حييتم " ، قلت : ففيما الاختفاء ؟ والذي بعثت بالحق لنخرجن ، فأخرجنا صلى الله عليه وسلم في صفين حمزة في أحدهما وأنا في الآخر ولي كديد ككديد الطين حتى دخلنا المسجد ، قال فنظرت إلي قريش وإلى حمزة فأصابتهم كآبه لم يصبهم مثلها ، فسماني رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ الفاروق ، فرق الله بي بين الحق والباطل " أخرجه صاحب الصفوة والرازي . وعن النزال بن سبرة قال : " وافقنا من علي يوما أطيب نفسا ومزاجا فقلنا : يا أمير المؤمنين حدثنا عن عمر بن الخطاب قال : ذاك امرؤ سماه الله الفاروق فرق به بين الحق والباطل " ، أخرجه بن السمان في الموافقة .

إسلامــه رضي الله عنه :
ذكر بدء إسلامه : قال ابن إسحاق : كان إسلام عمر بعد خروج من خرج من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الحبشة ، وعن عمر بن الخطاب قال : " خرجت أتعرض رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن أسلم فوجدته قد سبقني إلى المسجد فقمت خلفه فاستفتح سورة الحاقة فجعلت أعجب من تأليف القرآن قال فقلت : هذا والله شاعر كما قالت قريش ، قال فقرأ " إنه لقول رسول كريم وما هو بقول شاعر قليلا ما تؤمنون " ، قال : قلت : كاهن قال : " ولا بقول كاهن قليلا ما تذكرون o تنزيل من رب العالمين o ولو تقول علينا بعض الأقاويل o لأخذنا منه باليمين o ثم لقطعنا منه الوتين o فما منكم من أحد عنه حاجزين " ، قال فوقع الإسلام في قلبي كل موقع . أخرجه أحمد .

استبشار أهل السماء بإسلامه :
عن ابن عباس قال : " لما أسلم عمر أتى جبريل عليه السلام النبي صلى الله عليه وسلم فقال : " يا محمد لقد استبشر أهل السماء بإسلام عمر " . أخرجه أبو حاتم والد أرقطني والخلعي والبغوي . وفي طريق غريب بعد قوله " بإسلام عمر " ، قلت : وكيف لا يكون ذلك كذلك ولم تصعد إلى السماء للمسلمين صلاة ظاهرة ولا نسك ولا معروف إلا بعد إسلامه حيث قال : " والله لا يعبد الله سرا بعد اليوم " .

عزة الإسلام به رضي الله عنه :
عن عائشة : " أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا لعمر بن الخطاب وأبي جهل ابن هشام ، فأصبح وكانت الدعوة يوم الأربعاء وأسلم عمر يوم الخميس ، فكبر النبي صلى الله عليه وسلم وأهل البيت تكبيرة سمعت من أعلى مكة ، فقال عمر يا رسول الله على ما نخفي ديننا ونحن على الحق وهم على الباطل ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " إنا قليل " فقال عمر : والذي بعثك بالحق نبيا لا يبقى مجلس جلست فيه بالكفر إلا جلست فيه بالإيمان ، ثم خرج فطاف بالبيت ثم مر بقريش وهم ينظرونه فقال أبو جهل بن هشام : زعم فلان أنك صبوت ، فقال : أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله ، فوثب المشركون فوثب عمر على عتبة بن ربيعة فبرك عليه وجعل يضربه وأدخل إصبعيه في عينيه ، فجعل عتبة يصيح فتنحى الناس عنه ، فقام عمر فجعل لا يدنو منه أحد إلا أخذ شريف من دنا منه حتى أحجم الناس عنه ، واتبع المجالس التي كان يجلس فيها فأظهر الأيمان ثم انصرف إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو ظاهر عليهم فقال : ما يحبسك ، بأبي أنت وأمي فوالله ما بقي مجلس كنت أجلس فيه بالكفر إلا ظهرت فيه بالإيمان ، غير هائب ولا خائف ، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمر أمامه وحمزة بن عبد المطلب حتى طاف بالبيت وصلى الظهر معلنا ، ثم انصرف النبي صلى الله عليه وسلم إلى دار الأرقم ومن معه . أخرجه أبو القاسم الدمشقي .

هجرته رضي الله عنه :
عن ابن عباس قال : قال علي : ما علمت أن أحد من المهاجرين هاجر إلا متخفيا إلا عمر بن الخطاب فإنه لما هاجر تقلد سيفه ، وتنكب قوسه ، وامتضى في يده أسهما واختصر عنزته ومضى قبل الكعبة والملأ من قريش بفنائها ، فطاف بالبيت سبعا متمكنا ثم أتى المقام فصلى متمكنا ثم وقف على الحلق واحدة واحدة فقال لهم : شاهت الوجوه ، لا يرغم الله إلا هذه المعاطس ، من أراد أن يثكل أمه أو ييتم ولده ، أو يرمل زوجته فليلقني وراء هذا الوادي فإني مهاجر ، قال علي : فما اتبعه أحد إلا قوم من المستضعفين علمهم ما أرشدهم ثم مضى لوجهه . أخرجه ابن السمان .

أخوته للنبي صلى الله عليه وسلم :
عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " بينما أنا جالس في مسجدي أتحدث مع جبريل إذ دخل عمر بن الخطاب فقال جبريل : أليس هذا أخوك عمر ابن الخطاب فقلت بلى يا أخي " .

خصائصه :

الأفضلية والخيرية :
عن جابر قال : قال عمر لأبي بكر : يا خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال أبو بكر : " ما أنك إن قلت ذلك فلقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " ما طلعت شمس على رجل خير من عمر " . أخرجه الترمذي . وقال غريب ، وهذا محمول على انه كذلك بعد أبي بكر جمعا بين هذا وبين الأحاديث المتقدمة في أبي بكر . وعن ثابت بن الحجاج قال : خطب عمر ابنة أبي سفيان فأبوا أن يزوجوه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما بين لابتي المدينة خير من عمر " . أخرجه البغوي ، وأراد بعده صلى الله عليه وسلم وبعد أبي بكر ، أما الأول فبالإجماع ، وأما الثاني فلما تقدم .

تأهله بالنبوة لو كان نبي بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم :
عن عقبه بن عامر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لو كان نبي بعدي لكان عمر بن الخطاب " . أخرجه أحمد والترمذي ، وقال حسن غريب : وفي بعض طرق هذا الحديث . " لو لم أبعث لبعثت يا عمر " . وفي بعضها : " لو لم أبعث فيكم لبعث عمر " أخرجه القلعي .

جعل الله الحق على لسانه وقلبه وأن الحق بعده معه :
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن الله قد جعل الحق على لسان عمر وقلبه " . أخرجه أحمد وأبو حاتم والترمذي وصححه . وعن ابن عمر مثله . أخرجه أبو حاتم . وفي رواية بعد قوله " وقلبه " يقول " الحق ولو كان مرا " أخرجهما القلعي .
وفي رواية على لسان عمر يقول به أخرجهما المخلص . وفي رواية " أن الله نزل الحق على قلب عمر ولسانه " أخرجها البغوي . وقد تقدم في باب الأربعة من حديث الترمذي عن علي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " رحم الله عمر يقول الحق وإن كان مرا ، تركه الحق وما له من صديق " .


موافقته التنزيل في قضايا عدة :
عن ابن عمر قال : قال عمر : " وافقت ربي في ثلاث ، مقام إبراهيم وفي الحجاب ، وفي أساري بدر " أخرجه مسلم . وعن طلحة بن مصرف قال : قال عمر : يا رسول الله أليس هذا مقام إبراهيم أبينا ؟ قال : " بلى " . قال عمر : فلو أتخذه مصلى ؟ فأنزل الله تعالى : " واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى " أخرجه المخلص الذهبي .

زهده بالدنيا رضي الله عنه :
عن طلحة بن عبيد الله قال : ما كان عمر بأولنا إسلاما ولا أقدمنا هجرة ، ولكنه كان أزهدنا في الدنيا وأرغبنا في الآخرة أخرجه الفضائلي .

صرع جنيا فصرعه :
عن ابن مسعود : " أن رجلا من أصحاب محمد الله صلى الله عليه وسلم لقي رجلا من الجن فصارعه فصرعه الإنسي ، فقال له الجني : عاود فعاوده فصرعه أيضا ، فقال له الإنسي : إني لأراك ضئيلا سخيفا كأن ذراعيك ذراعا كلب ، أ فكذلك أنتم معشر الجن أم أنت منهم كذا ؟ قال : هات علمني ، قال : هل تقرأ آية الكرسي ؟ قلت : نعم ، قال : فإنك لا تقرأها في بيت إلا خرج منه الشيطان ثم لا يدخله حتى يصبح ، فقال رجل من القوم : من ذلك الرجل يا أبا عبد الله من أصحاب محمد أهو عمر ؟ قال : من يكون إلا عمر بن الخطاب ؟ " .

هيبته وخوف الشيطان منه :
عن سعد بن أبي وقاص أنه قال : لقد دخل عمر بن الخطاب على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده نسوة من قريش يسألنه ويستكثرنه رافعات أصواتهن ، فلما سمعن صوت عمر انقمعن وسكن ، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عمر : يا عدوات أنفسهن تهبنني ولا تهبن رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا عمر ما لقيك الشيطان سالكا فجا إلا سلك فجا غير فجك " . أخرجه النسائي وأبو حاتم وأبو القاسم ، وأخرجاه وأحمد وقالوا : فلما استأذن عمر قمن فبادرن الحجاب فدخل عمر ورسول الله صلى الله عليه وسلم يضحك فقال عمر : أضحك الله سنك يا رسول الله ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " عجبت من هؤلاء اللاتي كن عندي فلما سمعن صوتك ابتدرن الحجاب " . قال عمر : يا عدوات أنفسهن تهبنني ولا تهبن رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقلن : نعم !! أنت أفض وأغلظ من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا ابن الخطاب والذي نفسي بيده ما لقيك الشيطان " وذكر باقي الحديث . وعن علي رضي الله عنه قال : " والله إن كنا لنرى أن شيطان عمر يهابه أن يأمره بالخطيئة " .

السكينة تنطق من لسان عمر :
عن علي قال : " كنا نرى ونحن متوافرون أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أن السكينة تنطق على لسان عمر " أخرجه ابن السمان ، والحافظ أبو الفرج .

إجابته أبي سفيان يوم أحد :
قال بن إسحاق : إن أبا سفيان لما أراد الانصراف أشرف على الجبل ثم صرخ بأعلى صوته ، إن الحرب سجال ، يوم بيوم بدر ، أعل هبل !! فقال صلى الله عليه وسلم : " قم يا عمر فأجبه " ، فقال : الله أعلى وأجل لا سواه ، قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار ، فلما أجاب عمر أبا سفيان قال له : هلم يا عمر ، فقال صلى الله عليه وسلم لعمر : " ائته فانظر ما شأنه " ، فجاءه عمر فقال : أنشدك الله يا عمر أقتلنا محمدا ؟ قال عمر : " اللهم لا ، وإنه ليسمع كلامك الآن ، قال : أنت أصدق عندي من ابن قمئة ، إنه يقول إني قتلت محمدا " .

الشدة بأمر الله :
عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " أشد أمتي في أمر الله تعالى عمر " .

كرهه للباطل رضي الله عنه :
عن الأسود بن سريع قال : " أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله : إني قد حمدت الله تبارك وتعالى بمحامد ومدح وإياك ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن ربك تعالى يحب المدح ، هات ما امتدحت به ربك الأعلى " . قال : فجعلت أنشده ، فجاء رجل يستأذن أدلم طوالا أعسر أيسر ، قال : فاستنصتني له رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ووصف لنا أبو سلمه كيف استنصته قال : كما يصنع بالهر . فدخل الرجل فتكمل ساعة ثم خرج ، ثم أخذت أنشده أيضا ثم رجع بعد فاستنصتني رسول الله صلى الله عليه وسلم ووصفه أيضا ، فقلت : يا رسول الله ! من ذا الذي تستنصتني له ؟ فقال : " هذا رجل لا يحب الباطل ، هذا عمر بن الخطاب " . أخرجه أحمد .

شربه فضل لبن شربه رسول الله :
عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " بينما أنا نائم إذ رأيت قدحا أتيت به فيه لبن فشربت حتى إني لأرى الري يجري في أظفاري ثم أعطيت فضلي عمر بن الخطاب . قالوا : فما أولت ذلك يا رسول الله ؟ قال : العلم " . أخرجاه وأحمد وأبو حاتم والترمذي وصححه ، وقد قدم لأبي بكر مثله من حديث أبي حاتم خاصة . والظاهر أن الرؤيا تكررت ، فشرب فضله أحداهما أبو بكر وفي الأخرى عمر ، ويؤيده تغاير ألفاظ الحديثين ، ولهذه الخصوصية بلغ علمه ما روي عن ابن مسعود أنه قال : " لو جمع علم أحياء العرب في كفة ميزان ووضع علم عمر في كفة لرجح علم عمر ، ولقد كانوا يرون أنه ذهب بتسعة أعشار العلم ، ولمجلس كنت أجلسه من عمر أوثق في نفسي من عمل سنه " أخرجه أبو عمر والقلعي.

ثوب يجره دون سائر الأمة :
عن أبي سعد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " بينما أنا نائم رأيت الناس يعرضون علي وعليهم قمصا ، منها ما يبلغ الثدي ، ومنها ما هو أسفل من ذلك ، وعرض علي عمر وعليه قميص يجره " ، فقال من حوله : ما أولت يا نبي الله ذلك ؟ قال " الدين " أخرجاه وأحمد وأبو حاتم ، وفسر الثوب بالدين والله أعلم لأن الدين يشمل الإنسان ويحفظه وبقية المخالفات ، كوقاية الثوب وشموله .

مباهاة الله به يوم عرفة :
عن بلال بن رباح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له يوم عرفة : " يا بلال أسكت الناس أو أنصت الناس " ثم قال : " إن الله تطول عليكم في جمعكم هذا فوهب مسيئكم لمحسنكم وأعطى محسنكم ما سأل ، ادفعوا على بركة الله تعالى ، إن الله باهى ملائكته بأهل عرفة عامة وباها بعمر بن الخطاب خاصة " . أخرجه البغوي . وأخرجه بن ماجه من أوله إلى قوله : " ادفعوا باسم الله مكان على بركة الله " . وفيه دلالة على فضل عمر على الملائكة ، لأن المباهاة تتحقق إذا كان للمباهي به فضلا على المباهي .

عمر مفتاح الإسلام رضي الله عنه :
عن ابن عباس قال : نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عمر ذات يوم وتبسم ، فقال : " يا ابن الخطاب !! أتدري لم تبسمت إليك ؟ " ، قال : الله ورسوله أعلم ، قال : " إن الله عز وجل نظر إليك بالشفقة والرحمة ليلة عرفة وجعلك مفتاح الإسلام " . أخرجه الملاء .

أول من يعطى كتابه بيمينه يوم القيامة :
عن عمران بن حصين قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إذا كان يوم القيامة وحشر الناس جاء عمر بن الخطاب حتى يقف في الموقف فيأتيه شيء أشبه به فيقول : جزاك الله عني يا عمر خيرا ، فيقول له : من أنت ؟ فيقول : أنا الإسلام جزاك الله يا عمر خيرا ثم ينادي مناد ألا لا يدفعن لأحد كتاب حتى يدفع لعمر بن الخطاب ، ثم يعطي كتابه بيمينه ويؤمر به إلى الجنة ، فبكى عمر وأعتق جميع ما يملكه وهم تسعة " . .

الناس مادام فيهم لا تصيبهم فتنة :
عن حسن الفردوسي قال : لقي عمر أبا ذر فأخذ بيده فعصرها فقال أبو ذر : دع يدي يا قفل الفتنة فعرف أن لكلمته أصلا ، فقال : يا أبا ذر ما قفل الفتنة ؟ قال : جئت يوما ونحن عند النبي صلى الله عليه وسلم فكرهت أن أتخطى رقاب الناس ، فجلست في أدبارهم ، فقال صلى الله عليه وسلم : " لا تصيبكم فتنة ما دام هذا فيكم " . أخرجه المخلص الذهبي والرازي والملاء في سيرته .

أخوته للنبي صلى الله عليه وسلم :
عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " بينما أنا جالس في مسجدي أتحدث مع جبريل إذ دخل عمر بن الخطاب فقال جبريل : أليس هذا أخوك عمر ابن الخطاب فقلت بلى يا أخي " .

أول من تسمى بأمير المؤمنين :
عن الزبير قال : " قال عمر لما ولي : كان أبو بكر يقال له : خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكيف يقال لي : خليفة خليفة رسول الله يطول هذا ، قال : فقال له المغيرة : أنت أميرنا ونحن المؤمنون ، فأنت أمير المؤمنين ، قال : فذاك إذا " .

أول من يسلم عليه الحق يوم القيامة :
ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " عمر أو من يسلم عليه الحق يوم القيامة وكل أحد مشغول بأخذ الكتاب وقراءته " ، ولا تضاد بينه وبين ما تقدم في الذكر قبله ، إذ يعطى كتابه أول ، ثم يسلم عليه الحق والناس مشغولون حينئذ بإعطاء كتبهم .

إكماله عدة الأربعين رجلا :
عن ابن عباس قال : أسلم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم تسعة وثلاثون رجلا ، ثم إن عمر أسلم فصاروا أربعين رجلا فنزل جبريل عليه السلام بقوله تعالى : " يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين " أخرجه القلعي والواحدي قال أبو عمر : روي أنه أسلم بعد أربعين رجلا وإحدى عشرة امرأة .

محبة عمر تجلب الإيمان وتعمره :
عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من أحب عمر ، عمر قلبه بالإيمان " .

مصاهرته النبي صلى الله عليه وسلم :
مصاهرته صلى الله عليه وسلم موجبة لدخول الجنة مانعة من دخول النار . وعن عمر سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " كل نسب وصهر منقطع إلا نسبي وصهري " . أخرجه تمام .


ما أعد الله له من كرامة لعز الإسلام به :
عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ينادي مناد يوم القيامة : أين الفاروق فيؤتى به فيقول الله : مرحبا بك يا أبا حفص ، هذا كتابك إن شئت فاقرأه وإن شئت فلا ، فقد غفرت لك ، ويقول الإسلام : يا رب هذا عمر أعزني في دار الدنيا فأعزه في عرصات القيامة ، فعند ذلك يحمل على ناقة من نور ثم يكسى حلتين لو نشرت إحداهما لغطت الخلائق ، ثم يسير في يديه سبعون ألف لواء ، ثم ينادي مناد يا أهل الموقف هذا عمر فاعرفوه " .

تعبده وصلاته رضي الله عنه :
عن سعيد بن المسيب قال : " كان عمر يحب الصلاة في كبد الليل " ـ يعني وسط الليل ـ أخرجه في الصفوة . وعن عبد الله بن ربيعة قال : " صليت خلف عمر الفجر فقرأ سورة الحج وسورة يوسف قراءة بطيئة " أخرجه أبو معاوية . وعن عمرو بن ميمون قال : " كان عمر ربما قرأ بسورة يوسف والسجدة ونحو ذلك في الركعة الأولى حتى يجتمع الناس " أخرجه البخاري .
عن كعب الأحبار أنه لقي عمر بالشام فقال له : إنه مكتوب في هذه الكتب أن هذه البلاد التي كانت بنو إسرائيل أهلها مفتوحة على يد رجل من الصالحين ، رحيم بالمؤمنين شديد على الكافرين سره مثل علانيته ، قوله لا يخالف فعله ، القريب والبعيد سواء عنده في الحكم ، أتباعه رهبان بالليل وأسد بالنهار متراحمون متواصلون . قال عمر : أحق ما تقول ؟ فقلت : إي والذي يسمع ما أقول ، فقال : الحمد لله الذي أعزنا وكرمنا وشرفنا ورحمنا بنبينا محمد ورحمته التي وسعت كل شيء .

علمه وفهمه رضي الله عنه :
عن خلد الأسدي قال : " صحبت عمر فما رأيت أفقه في دين الله ولا أعلم بكتاب الله ولا أحسن مدارسة منه " ، وعنه قال : " إني لأحسب تسعة أعشار العلم ذهبت يوم ذهب عمر " .

رؤياه في الأذان واخذ الرسول به :
عن عبد الله بن زيد قال : " لما أجمع رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يضرب بالناقوس وهو كاره موافقة النصارى طاف بي في الليل وأنا نائم رجل وعليه ثوبان أخضران وفي يده ناقوس يحمله ، قال : فقلت له : يا عبد الله أتبيع الناقوس ؟ قال : وما تصنع به ؟ قال : قلت : أدعو به إلى الصلاة ، قال : أولا أدلك على خير من ذلك ؟ فقلت : بلى ، قال : تقول : الله أكبر الله أكبر وسرد الأذان إلى آخره ، ولم يرجع التشهد فيه ، قال : ثم تقول : إذا قمت إلى الصلاة الله أكبر الله أكبر وسرد الإقامة إلى آخرها ، قال : فلما أصبحت أتيت النبي صلى الله عليه وسلم ، فأخبره بما رأيت فقال : صلى الله عليه وسلم : " إن هذه الرؤيا حق إن شاء الله تعالى ، فقم مع بلال فألق عليه ما رأيت فإنه أندى صوتا منك " . فقمت مع بلال فجعلت ألقيه عليه فسمع ذلك عمر وهو في بيته ، فخرج يجر رداءه ويقول : والذي بعثك بالحق لقد رأيت مثل الذي رأيت ، قال صلى الله عليه وسلم : " فلله الحمد " . أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي ، وقال حسن صحيح ، وأخرجه ابن إسحاق .

كراماته ومكاشفاته :

يا سارية الجبل :
عن عمر بن الحارث قال : بينما عمر يخطب يوم الجمعة إذ ترك الخطبة ونادى : " يا سارية الجبل " مرتين أو ثلاثة ، ثم أقبل على خطبتي ، فقال ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنه لمجنون ، ترك خطبته فنادى يا سارية الجبل ، فدخل عليه عبد الرحمن بن عوف وكان يبسط عليه فقال : يا أمير المؤمنين !! تجعل للناس عليك مقالا ، بينما أنت في خطبتك إذا ناديت يا سارية الجبل أي شيء هذا ؟ فقال : والله ما ملكت ذلك حين رأيت سارية وأصحابه يقاتلون عند جبل يؤتون منه من أيديهم ومن خلفهم فلما أملك أن قلت : " يا سارية الجبل " يلحقوا بالجبل ، فلم تمض أيام حتى جاء رسول سارية بكتابه : إن القوم لقونا يوم الجمعة فقاتلناهم من حين صلينا الصبح إلى أن حضرت الجمعة ، وذر حاجب الشمس فسمعنا صوت مناد ينادي الجبل مرتين فلحقنا بالجبل فلم نزل قاهرين عدونا حتى هزمهم الله تعالى .

نيل مصر :
ويروى أن مصر لما فتحت أتى أهلها عمر بن العاص فقال له : إن هذا النيل يحتاج في كل سنة إلى جارية بكر من أحسن الجواري فنلقيها فيه وإلا فلا يجري وتخرب البلاد وتقحط ، فبعث عمرو إلى أمير المؤمنين عمر يخبره بالخبر فبعثه إلى عمر : " الإسلام يجب ما قبله ثم بعث إليه بطاقة قال فيها : " بسم الله الرحمن الرحيم إلى نيل مصر من عبد الله عمر بن الخطاب . أما بعد فإن كنت تجري بنفسك فلا حاجة لنا إليك ، وإن كنت تجري بالله فاجر على اسم الله . وأمره أن يلقيها في النيل فجرى في تلك الليلة ستة عشر ذراعا ، وزاد على كل سنة ستة أذرع . وفي رواية فلما ألقي كتابه في النيل جرى ولم يعد يقف ، أخرجهما الملاء في سيرته .

غوث المطر :
وعن خوات بن جبير قال : أصاب الناس قحط شديد على عهد عمر فأمرهم بالخروج إلى الاستسقاء فصلى بهم ركعتين وخالف بين طرف ردائه ، فجعل اليمين على اليسار واليسار على اليمين ثم بسط يديه وقال : اللهم إنا نستغفرك ونستقبلك ، فما برح حتى مطروا ، فبينما هم كذلك إذ أقدم الأعراب فأتوا عمر فقالوا : يا أمير المؤمنين !! بينما نحن في بوادينا في يوم كذا في ساعة كذا إذ أظلتنا غمامة فسمعنا فيها صوتا وهو يقول : أتاك الغوث أبا حفص أتاك الغوث أبا حفص .

فتاة اللبن :
وروي أنه عس ـ أي ظهر يتفقد أحوال رعيته ليلا وكان أول من عس من الخلفاء ـ ليلة من الليالي فأتى على امرأة وهي تقول لابنتها : قومي اللبن ، فقالت : لا تفعلي ، فإن أمير المؤمنين نهى عن ذلك ، قالت : ومن أين يدري هو ؟ فقالت : فإن لم يعلم هو فإن رب أمير المؤمنين يرى ذلك ، فلما أصبح عمر قال لابنه عاصم : " اذهب إلى مكان كذا وكذا فإن هناك صبية فإن لم تكن مشغولا فتزوج بها لعل الله يرزقك منها نسمة مباركة " ، فتزوج عاصم بتلك البنية فولدت له أم عاصم بنت عمر ، فتزوجها عبد العزيز بن مروان فولدت له عمر بن عبد العزيز رحمة الله عليه .

احترق أهلك :
وروي أنه قال لرجل من العرب : " ما اسمك ؟ " قال جمرة ، قال : " ابن من ؟ " قال : ابن شهاب ، قال : " ممن ؟ " قال : من الحرقة ، قال : " أين مسكنك ؟ " ، قال الحرة ، قال : " فبأيها ؟ " قال : اللظى ، قال عمر : " أدرك أهلك فقد احترقوا " ، فسارع الرجل فوجدهم كما قال عمر .

رؤيا علي لرطب رسول الله :
وعن علي رضي الله عنه : " أنه رأى في منامه كأنه صلى الصبح خلف النبي صلى الله عليه وسلم ، واستند رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المحراب ، فجاءت جارية بطبق رطب فوضع بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ منها رطبة وقال : " يا علي تأخذ هذه الرطبة ؟ " فقلت : نعم يا رسول الله ، فمد يده وجعله كذا في فمي ، ثم أخذ أخرى وقال لي مثل ذلك فقلت : نعم فجعلها في فمي ، فانتبهت وفي قلبي شوق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وحلاوة الرطب في فمي ، فتوضأت وذهبت إلى المسجد فصليت خلف عمر واستند إلى المحراب ، فأردت أن أتكلم بالرؤيا فمن قبل أن أتكلم جاءت امرأة ووقفت على باب المسجد ومعها طبق رطب فوضع بين يدي عمر فأخذ رطبة فقال : " تأكل من هذا يا علي ؟ " ، قلت نعم فجعلها في فمي ثم أخذ أخرى فقال لي مثل ذلك فقلت : نعم ، ثم أخذ أخرى كذلك ثم فرق على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يمنة ويسرة وكنت أشتهي منه ، فقال : يا أخي لو زادك رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلتك لزدناك ، فعجبت فقلت : قد أطلعه الله على ما رأيت البارحة ، فنظر وقال : يا علي المؤمن ينظر بنور الله ، قلت صدقت يا أمير المؤمنين هكذا رأيته ، وكذا رأيت طعمه ولذته من يدك كما وجدت طعمه ولذته من رسول الله صلى الله عليه وسلم " .

تلطفه باستنباطه للحكم :
وعن أبي قتادة قال : أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجلا فقال : يا رسول الله كيف تصوم ؟ قال : فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رأى ذلك عمر بن الخطاب قال : رضينا بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ، ونعوذ بالله من غضب الله ومن غضب رسوله ، قال : فجعل عمر يردد ذلك حتى سكن النبي صلى الله عليه وسلم من غضبه ، ثم قال عمر : يا رسول الله ، كيف بمن يصوم الدهر كله ؟ قال : " لا صام ولا أفطر " . أي لم يصم ولم يفطر . قال : يا رسول الله كيف بمن يصوم يومين ويفطر يوما ؟ قال : " أو يطيق ذلك أحد ؟ " قال : فكيف بمن يصوم يوما ويفطر يوما ؟ قال : " ذلك صوم داود " . قال : فكيف بمن يصوم يوما ويفطر يومين ؟ قال : " وددت أني أطيق ذلك " . ثم قال : ثلاث من كل شهر ورمضان إلى رمضان هذا صيام الدهر كله ، وصيام يوم عرفة إني أحتسب على الله أن يكفر السنة التي بعده والسنة التي قبله ، وصيام يوم عاشوراء أني أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله " . أخرجه مسلم والترمذي والنسائي .

فراسته :
عن علي قال : " كنا نقول أن ملكا ينطق على لسان عمر " . أخرجه الملاء في سيرته . وعن عبد الله بن مسلمة قال : دخلنا على عمر معشر وفد مذحج وكنت من أقربهم منه مجلسا ، فجعل عمر ينظر إلى الأشتر ويصوب فيه نظره ، ثم قال : " أمنكم هذا ؟ " فقلت : نعم قال : " قاتله الله وكفى الله أمته شره ، والله إني لأحسب منه المسلمين يوما عصيبا " ، قال : فكان ذلك منه بعد عشرين سنة . أخرجه الملاء في سيرته .

غضب الله لغضب عمر :
عن علي بن أبي طالب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أتاني جبريل اقرأ عمر من ربه السلام وأعلمه أن رضاه حكم وغضبه عسر " . أخرجه الحافظ أبو سعيد النقاش والملاء وأخرج المخلص معناه .

معيته بالرسول بالجنة :
عن زيد ابن أبي أوفى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعمر بن الخطاب : " أنت معي في الجنة ثالث ثلاثة " أخرجه المخلص .

شهادة الرسول بأنه من أهل الجنــة :
عن ابن مسعود قال : قال : رسول الله صلى الله عليه وسلم : " عمر بن الخطاب من أهل الجنة " . أخرجه أبو حاتم ، وعن علي مثله ، أخرجه ابن السمان .

عمر من أهل الجنــة :
عن جاب عن عبد الله قال : رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أدخلت الجنة فرأيت قصرا من ذهب ولؤلؤ فقلت : لمن هذا القصر ؟ فقالوا لعمر بن الخطاب ، فما منعني أن أدخله إلا علمي بغيرته " . قال : أعليك أغار بأبي أنت وأمي عليك أغار " أخرجه أبو حاتم ، وأخرجه مسلم ولم يقل من ذهب ولؤلؤ .

شفقته على رعيته وتفقد أحوالهم :
عن زيد بن اسلم ، عن أبيه قال : " خرجت مع عمر السوق فلحقته امرأة شابة فقالت : " يا أمير المؤمنين هلك زوجي وترك صبية صغارا ، والله ما ينضجون كراعا ولا لهم ضرع ولا زرع وخشيت عليهم الضيعة ، وأنا ابنة خفاف بن أيمن الغفاري وقد شهد أبي الحديبية مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فوقف معها ولم يمض وقال : مرحبا بنسب قريب ، ثم انصرف إلى بعير ظهير كان مربوطا في الدار فحمل عليه غرارتين ملأهما طعاما وجعل بينهما نفقة وثيابا ، ثم ناولها خطامه فقال : اقتاديه فلم يفنى هذا حتى يأتيكم الله بخير ، فقال الرجل : يا أمير المؤمنين أكثرت لها ، فقال : ثكلتك أمك ! والله إني لأرى أب هذه وأخاه وقد حاصرا حصنا زمانا فافتتحاه ثم أصبحنا نستفيء سهامهما " .
وروي : " انه عام الرمادة لما اشتد الجوع بالناس وكان لا يوافقه الشعير والزيت ولا التمر وإنما يوافقه السمن ، فحلف لا يأتدم بالسمن حتى يفتح على المسلمين عامه هذا ، فصار إذاأكل خبز الشعير والتمر بغير أدم يقرقر بطنه في المجلس فيضع يده عليه ويقول : " إن شئت قرقر وإن شئت لا تقرقر ، مالك عندي أدم حتى يفتح الله على المسلمين . "
وعن زيد بن اسلم قال : " أن عمر بن الخطاب طاف ليلة فغذا بامرأة في جوف دار لها حولها صبيان يبكون ، وإذا قدر على النار قد ملأتها ماء فدنا عمر من الباب فقال : يا أمة الله !! لي شيء بكاء هؤلاء الصبيان ؟ فقالت : بكاؤهم من الجوع ، قال : فما هذه القدر التي على النار ؟ قالت : قد جعلت فيها ماء أعللهم بها حتى يناموا وأوهمهم أن فيها شيئا ، فجلس عمر يبكي ، ثم جاء على دار الصدقة وأخذ غرارة ـ وهو وعاء من الخيش ونحوه يوضع فيه القمح ونحوه ـ وجعل فيها شيئا من دقيق ، وسمن وشحم وتمر وثياب ودراهم حتى ملأ الغرارة ثم قال : أي أسلم ، أي اسلم ن احمل عليّ ، قلت : يا أمير المؤمنين أنا أحمله عنك ، قال : لا أم لك يا أسلم ، أنا أحمله لأني المسؤول عنه في الآخرة ، قال : فحمله على عاتقه حتى أتى بعه منزل المرأة وأخذ القدر وجعل فيها دقيقا وشيئا من شحم وتمر ، وجعل يحركه بيده وينفخ تحت القدر ـ وكانت لحيته عظيمة فرأيت الدخان يخرج من خلال لحيته ـ حتى طبخ لهم ، ثم جعل يغرف بيده ويطعمهم حتى شبعوا ثم خرج " . خرجه الفضائلي .

تواضعه :
عن طارق بن شهاب قال : " قدم عمر بن الخطاب الشام فلقيه الجنود وعليه إزار وخفان وعمامة وهو آخذ برأس راحلته يخوض الماء قد خلع خفيه وجعلهما تحت إبطه ، قالوا له : " يا أمير المؤمنين ! الآن تلقاك الجنود وبطارقة الشام وأنت على هذه الحـال . قال عمر : " إنا قوم أعزنا الله بالإسلام فلا نلتمس العزة من غيره " . وعن زيد بن ثابت قال : " رأيت على عمر مرقعة فيها سبعة عشرة رقعة فانصرفت إلى بيتي باكيا ثم عدت في طريقي فإذا عمر وعلى عاتقه قربة ماء وهو يتخلل الناس ، فقلت : يا أمير المؤمنين ! فقال لي : لا تتكلم وأقول لك ، فسرت معه حتى صبها في بيت عجوز وعدنا إلى منزله فقلت له في ذلك فقال : إنه حضرني بعد مضيك رسول الروم ورسول الفرس فقالوا : لله درك يا عمر ! قد اجتمع الناس على علمك وفضلك وعدلك ، فلما خرجوا من عندي تداخلني ما يتداخل البشر فقمت ففعلت بنفسي ما فعلت " . وروي أنه قال على المنبر : " يا معاشر المسلمين ماذا تقولون لو ملت برأسي إلى الدنيا كذا " وميل رأسه ـ فقام رجل فسل سيفه وقال : أجل ! كنا نقول بالسيف كذا ـ وأشار إلى قطعه ـ فقال : " إياي تعني بقولك " قال : " نعم إياك اعني بقولي " فنهره عمر ثلاثا ـ أي رد عليه بمثل ما قاله عمر ثلاثا ـ وهو ينهر عمر ، فقال رضي الله عنه : " رحمك الله ! الحمد لله الذي جعل في رعيتي من إذا تعوجت قومني " خرجه الملاء في سيرته . وروي : " أن عمر جاءه برد من اليمن وكان من جيد ما حمل إليه فلم يدر لمن يعطيه من الصحابة ، إن أعطاه واحدا غضب الآخر ورأى أن قد فضله عليه ، فقال عند ذلك : دلوني على فتى من قريش نشأ نشأة حسنة ، فسموا له المسور بن مخرمة ، فدفع الرداء إليه ، فنظر إليه سعد فقال له : ما هذا الرداء ؟ فقال : كسانيه أمير المؤمنين فجاء معه إلى عمر فقال له : تكسوني هذا الرداء وتكسو ابن أخي مسور أفضل منه ؟ فقال له : يا أبا إسحاق إني كرهت أن أعطيه رجلا كبيراً فتغضب أصحابه فأعطيته من نشأ نشأة حسنة ، لا تتوهم أني أفضله عليكم ، فقال سعد : فإني قد حلفت لضربن بالرداء الذي أعطيتني رأسك ، فخضع عمر له رأسه ، وقال له : " يا أبا إسحاق وليرفق الشيخ بالشيخ " .

سراج أهل الجنة :
عن ابن عمر قال : قال : رسول الله صلى الله عليه وسلم : " عمر بن الخطاب سراج أهل الجنة " أخرجه الملاء في سيرته .

قوة إيمانه وثباته عليه حيا وميتا :
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إذا وضع الرجل في قبره أتاه منكر ونكير ، وهما ملكان فضان غليظان أسودان أزرقان ألوانهما كالليل الدامس أصواتهما كالرعد القاصف عيونهما كالشهب الثواقب أسنانهما كالرماح يسحبان بشعورهما على الأرض بيد كل واحد منهما مطرقة لو اجتمع الثقلان الجن والإنس لم يقدروا على حملها يسألان الرجل عن ربه وعن نبيه وعن دينه " . فقال عمر بن الخطاب : أيأتيانني وأنا ثابت كما أنا ؟ قال نعم !! قال : فسأكفيكهما يا رسول الله ، فقال صلى الله عليه وسلم : " والذي بعثني بالحق نبيا لقد أخبرني جبريل أنهما يأتيانك فتقول أنت : والله ربي فمن ربكما ؟ ومحمد نبيي فمن نبيكما ؟ والإسلام ديني فما دينكما ؟ فيقولان : واعجباه !! ما ندري نحن أرسلنا إليك . أم أنت أرسلت إلينا ؟ " . أخرجه عبد الواحد بن محمد بن علي المقدسي في كتابه التبصير .

مصاهرته لعلي كرم الله وجهه :
اليوم يا سادة يا كرام سأحدثكم عن أكرم ( صهر ) وأعظم ( عـم ) وزيجة من أجمل الزيجات التي يذكرها التاريخ ويخلدها .. وأما عن أطراف هذه القصة .. فأحسب والله أن الكتابة عنهم بماء الذهب قليل عليهم .. ولو أن أغلى الدرر من الياقوت وأنفسه من الزبرجد الأحمر والأخضر ارتضت معادنهم أن تسيح وتذوب ليكونوا مداداً من النور لما رضوا إلا بان يكتب فيهم سيرة هؤلاء الذين سنعطر صفحات الوطن والساحة بأخبارهم .. ونطرز زاويتنا بقصصهم .. ونكحل أعين المؤمنين السالكين درب الهدى والنور بذكرهم .. أولئك الذين يحبون الرسول وآل بيته ويعرفون لأمهات المؤمنين قدرهم وأصحابه الكرام مكانتهم رضي الله عنهم وأرضاهم .. فيا ويح قلمي أي عبارات سيسطر .. ويا ويح مدادي أي لوحة اليوم سيرسم .. ! ؟ تبدأ قصتنا عندما خطب نفر من الصحابة سيدة النساء فاطمة الزهراء من أبيها سيد ولد آدم رسولنا عليه وعلى آله أفضل الصلاة والتسليم .. حباً في رسول الله وقرابته فرفض عليه السلام وقال إنها لصغيرة .. ثم أنه تقدم بعد مدة إمامنا الشهيد علي بن أبي طالب رضي الله عنه فوافق رسول الله وزوجها له وكان مهر بنت رسول الله درع فقط ! فيا لعظمة هذا الرسول .. ثم أنه كان أكرم زواج عرفه الإسلام ومن ثمراته سيدا شباب أهل الجنة السبطان الشهيدان الحسن والحسين ثم زينب وشقيقتهم الصغرى أم كلثوم .. ولكننا اليوم لن نتحدث عن ذلك الزواج المبارك فذلك له مداد آخر ونغم أجمل ومقام أزكى وأرفع .. ولكننا سنتحدث اليوم عن قصة زواج سيدنا وخليفتنا الفاروق حبيب رسول الله وصاحبه في المحيا ورفيقه في القبر عمر بن الخطاب رضي الله عنه بابنة سيدنا وإمامنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه وشقيقة السبطين وابنة فاطمة الزهراء وحفيدة الرسول الأعظم إنها ( أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب ) رضي الله عنها .. حكي لنا الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء في ج3 ص 500 وكذا الشيخ عمر رضا كحالة في كتاب أعلام النساءج4 ص255 حكاية ذلك الزواج المبارك الذي فرح به سيدنا علي وفاروقنا عمر أشد الفرح فيقول : جاء الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى الإمام علي بن أبي طالب وكان حينها أميراً للمؤمنين وخليفة للمسلمين فقال يا أبا الحسن .. إني أطلب منك ابنتك أم كلثوم فقال له الإمام علي ما تريد إليها ؟ فقال إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (( كلُ سَببٍ ونَسَبٍ منقطعٌ إلي يوم القيامةِ إلا سَببي ونًسبي )) وإني يا أبا الحسن أرصد من كرامتها ما لا يرصده أحد .. فوافق الإمام علي على زواجه منها .. وخرج سيدنا عمر فرحاً ورجلاه تسابق الريح حتى وصل إلى مجلس المهاجرين من الصحب الكريم وكان مجلسهم بين القبر الشريف والمنبر ـ وجاء في الحديث مَا بَيْنَ مِنْبَرِي وَبَيْتِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ .. يا الله أي مجلس هذا الذي يرتعون برياض الجنة فيه . ! ؟ ـ يقول الراوي : فوجد هناك سيدنا عثمان بن عفان ذا النورين ممن زوجه الرسول بابنتيه والزبير بن العوام وطلحة .. رضي الله عنهم ، وما هي إلا لحظات حتى جاء سيدنا علي بن أبي طالب فقال أمير المؤمنين الفاروق عمر ( هنئوني .. رفئوني ) فقالوا بمن يا أمير المؤمنين ؟ قال بحفيدة رسول الله وابنة صهر رسول الله علي بن أبي طالب .. فلقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( كل نسب منقطع إلا نسبي وسببي وصهري ) فكان لي به عليه السلام النسب فتزوج بابنتي حفصة فصارت أم المؤمنين .. وأردت أن أجمع إليه الصهر .. فرفؤوه وبارك الصحابة له زواجه رضي الله عنه .. وأمهر سيدنا عمر الفاروق أم كلثوم رضي الله عنها بأربعين ألفاً ودخل بها في ذي القعدة سنة السابع عشر من الهجرة .. وأنجبت له مولودين كالقمرين رقية .. وزيد رضي الله عنهم .. وظلت زوجته المحبة حتى قتل بمحراب رسول الله شهيداً بيد الكافر الملعون أبو لؤلؤة المجوسي .. فرضي الله عنك يا عمر .. وجمعنا معك بالجنة .. آمين يا رب العالمين . ولقد وُلـد للإمام علي بن أبي طالب بعد وفاة الزهراء رضي الله ولداً من زواجه الجديد في عهد خلافة عمر وبعد تزويجه إياه ابنته أم كلثوم ولداً فسماه ( عمر ) حباً في صهره وإكراماً له رضي الله عنه فصار أولاد سيدنا علي من الذكور الحسن والحسين ومحمد المشهور بابن الحنفية ـ وسوف نفرد له بإذن الله مقالاً منفصلاً عن فضله ـ وعمر وأبو بكر .. وأما الابن عثمان بن علي بن أبي طالب وإخوته العباس وجعفر وعبد الله فقد قتلوا مع أخيهم الشهيد الحسين في فاجعة كربلاء على يد جند يزيد بن معاوية عليه من الله ما يستحق . ومن الطرائف الجميلة ما جاء في بعض الروايات أنه بعد أن تزوج عمر بأم كلثوم كان الإمام علي يدخل إلى مجلس سيدنا عمر فيقول له السلام على أمير المؤمنين فيمازحه رضي الله عنه ويرد عليه قائلا وعليك السلام يا عماه .. ! وهو يكبر سيدنا علي بخمس عشرة سنة .. وكان الصحابة يضحكون من مزاحهم رضي الله عنهم وأرضاهم .. وأما عن حفيد الإمام علي من ابنته أم كلثوم وهو زيـد بن عمر الخطاب فيروى عنه أنه لما كبر وشب كان من أجمل الناس وجهاً وخلقاً ولقد أُثِـر عنه يحدث أصحابه قائلاً : السبطان الحسن والحسين أخوالي فليرني أحدكم أخواله .. وكان يردد دوماً أنا ابن الخليفيتين .. فرضي الله عنه وأرضاه . ولقد بكى سيدنا الإمام علي بن أبي طالب عندما قُ ـ تِل سيدنا عمر الفاروق بالمحراب وهو ساجد يصلي بالمسلمين وتأثر تأثراً عظيماً على فراق صهره وصاحبه وحبيبه وخليفته من بعد صديقنا الصديق أبو بكر رضي الله عنه .. ويروي الإمام أحمد بمسنده أن علياً جاء إلى عمر وهو مسجىً بثوبه وقد قضى نحبه .. فجاء عليٌ وكشف وجهه ثم بكى وقال ( رحمة الله عليك يا ابا حفص فوالله ما بقى بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد أحب إليّ أن ألقى بصحيفته منك ) وجاء في كتاب الفتوحات الإسلامية ج2 ص429 أن علياً بكى بكاء مراً لفراق صاحبه الفاروق عمر فقيل له في ذلك البكاء الشديد فقال ( كيف لا ابكي على موت عمر ؟ إن موت عمر ثُلمة في الإسلام لا ترتقِ إلى يوم القيامة ) . تلك ديباجة سريعة .. اشتهت نفسي أن تعطر فيها قلوب القراء لا أعينهم .. وتاقت روحي إلى ذكر آل البيت وأصهارهم الكرام .. وعسى الله أن يغفر لمحب آل البيت وأمهات المؤمنين والصحب الكرام ..
كتبه / محمد المليفي

شهادة علي كرم الله وجهه في حقه :
عن الشعبي أن عليا قال لأهل نجران : " إن عمر كان رشيد الأمر ، ولن أغير شيئا صنعه " . وعنه أن عليا لما دخل الكوفة قال : " ما كنت لأحل عقدة شدها عمر " . وعن الحسن بن علي قال : " لا أعلم عليا خالف عمر ولا غير شيئا مما صنع حين قدم الكوفة " . وعن زيد " أن عليا كان يشبه بعمر في السيرة " . وعن أبي إسحاق ـ عمن حدثه : " أنه كان جليسا لعلي ، فاستبكى بكاء شديدا فقيل له ما يبكيك يا أمير المؤمنين ؟ قال : ذكرت خليلي عمر وهذا البرد علي كسانيه " . وعن أبي السفر قال : رئي علي على برد كان يلبسه فقيل له : إنك تكثر من لبس هذا البرد ؟ فقال له : كسانيه خليلي وصفي عمر بن الخطاب " . أخرجهن ابن السمان ، وأخرج الأخير أبو القاسم الحريري وزاد أن عمر ناصح الله فنصحه الله ثم بكى . وعن علي أنه كان يقول : " لا يبلغني أن أحدا فضلني على عمر إلا ضربته حد المفتري " . أخرجه سعدان بن نصر .

حسن نظره وإصابة رأيه :
عن عبد الرحمن بن أبي عمرة الأنصاري قال : حدثني أبي قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة غزاها فأصاب الناس مخمصة فاستأذن الناس رسول الله صلى الله عليه وسلم في نحر بعض ظهورهم ، فهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأذن لهم فقال عمر بن الخطاب : أرأيت يا رسول الله إذا نحرنا ظهرنا ثم لقينا عدونا غدا ونحن جياع رجال ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " فما ترى يا عمر " . قال : أرى أن تدعو الناس ببقايا أزو ادهم ثم تدعو فيها بالبركة ، فإن الله عز وجل سيطعمنا بدعوتك إن شاء الله تعالى . قال : فجاءوا بما كان عندهم قال : من الناس من جاء بالحفنة من الطعام أو الحثية ، ومنهم من جاء بمثل البيضة قال : فأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم فوضع على ذلك الثوب ، ثم دعا فيه بالبركة ثم تكلم بملء شاء الله عز وجل ، ثم نادى في الجيش ثم أمرهم فأكلوا وأطعموا وملؤوا بنيتهم ومزاودهم ثم دعا بركوة فوضعت بين يديه ثم دعا بشيء من ماء فصب فيها ثم مج فيها وتكلم بما شاء الله أن يتكلم به وأدخل كفيه فيها ، فأقسم بالله رأيت أصابع رسول الله صلى الله عليه وسلم تتفجر بينابيع الماء ثم أمر الناس فشربوا وملؤوا قربهم وأدواتهم قال : ثم ضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه ثم قال : " أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، لا يلقى بها أحد حتى دخل الجنة " . متفق على صحته .

أدبه مع رسول الله :
عن ابن عمر : " أنه كان مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر على بكر صعب لعمر ، وكان يتقدم النبي صلى الله عليه وسلم فيقول أبوه : يا عبد الله لا يتقدم النبي صلى الله عليه وسلم أحد " . أخرجه البخاري .

محبته رسول الله :
عن عبد الله بن هشام قال : " كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم وهو آخذ بيد عمر بن الخطاب فقال له عمر : يا رسول الله لأنت أحب إلي من كل شيء إلا نفسي ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " والذي نفسي بيده حتى أكون أحب إليك من نفسك " فقال له عمر : فإنه الآن ، والله لأنت أحب إلي من نفسي ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " الآن يا عمر " .

سؤاله الله عز وجل الشهادة :
عن سعيد بن المسيب : " أن عمر لما نفر من منى أناخ بالأبطح ثم كوم كومة بالبطحاء فألقى عليها طرف رداءه ثم استلقى ورفع يديه إلى السماء ، ثم قال : " اللهم كبرت سني وضعفت قوتي وانتشرت رعيتي فاقبضني إليك غير مضيع ولا مفرط " فما انقضت ذو الحجة حتى طعن " . أخرجه بن الضحاك والفضائلي . وعن حفص وأسلم مولاه قال : " قال عمر : اللهم ارزقني شهادة في سبيلك واجعل موتي في بلد رسولك " وفي رواية عن حفصة قالت : أنى يكون هذا ؟ فقال : يأتيني به الله إذا أشاء " . أخرجه البخاري وأبو زرعة .

استشهاده في الصلاة :
عن عمر بن ميمون قال : " إني لقائم ما بيني وبين عمر إلا عبد الله بن عباس غداة أصيب ، وكان إذا مر بين الصفين قال : استووا حتى إذا لم ير فيهم خلل تقدم فكبر قال : وربما قرأ بسورة يوسف والنحل ونحو ذلك في الركعة الأولى حتى يجتمع الناس ، قال : فما هو إلا أن كبر فسمعته يقول : قتلني أو أكلني الكلب حين طعنه ، فطار العلج بسكين ذات طرفين لا يمر على أحد يمينا ولا شمالا إلا طعنه ، حتى طعن ثلاثة عشر رجل مات منهم تسعة ، وفي رواية سبعة ، حتى طعن ثلاثة عشر رجلا مات منهم تسعة ، وفي رواية سبعة ، فلما رأى ذلك رجل من المسلمين طرح عليه ثوبا فلما ظن العلج إنه مأخوذ نحر نفسه ، وتناول عمر بيد عبد الرحمن بن عوف فقدمه ، فأما من كان يلي عمر فقد رأى الذي رأيت . وأما من في نواحي المسجد فإنهم لا يدرون ما الأمر !! غير أنهم فقدوا صوت عمر وهم يقولون سبحان الله ! سبحان الله !! فصلى بهم عبد الرحمن صلاة خفيفة فلما انصرفوا قال : يا ابن عباس انظر من قتلني ؟ فجال ساعة فقال غلام المغيرة بن شعبة ، قال : الصنع ؟ قال نعم ! قال : قاتله الله ، لقد أمرت به معروفا ثم قال : الحمد لله الذي لم يجعل منيتي بيد رجل يدعي الإسلام ، فقد كنت أنت وأبوك تحبان أن تكثر العلوج بالمدينة ، وكان العباس أكثرهم رقيقا فقال : إن شئت فعلت قال : بعدما تكلموا بلسانكم وصلوا قبلتكم وحجوا حجكم ,فحمل إلى بيته فانطلقنا مع . وكأن الناس لم تصبهم مصيبة قبل يومئذ, فقائل يقول : لا بأس وقائل يقول : أخاف عليه . فاتى بنبيذ فشربه فخرج من جوفه ، ثم أتى بلبن فشربه فخرج من جوفه ، فعرفوا إنه ميت فدخلنا عليه فجاء الناس يثنون عليه, وجاء رجل شاب فقال : ابشر يا أمير المؤمنين ببشرى الله عز وجل لك من صحبه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقدم في الإسلام ما قد علمت, ثم وليت فعدلت, ثم شهادة ، قال : وددت أن ذلك كان كفافا لا علي ولا لي ، فلما أدبر إذا إزاره يمس الأرض فقال : ردوا علي الغلام, قال يا ابن أخي ارفع يديك فإنه أنقى لثوبك , وأتقى لربك . يا عبد الله بن عمر , انظر ما علي من الدين فحسبوه فوجدوه ستة وثمانين ألفا أو نحو ذلك, قال : إن وفى به مال آل عمر فأده من أموالهم وإلا فسل في بني عدي بن كعب, فإن لم تف أموالهم فسل في قريش ولا تعدهم إلى غيرهم, قال له : انطلق إلى عائشة أم المؤمنين فقل : يقرأ عليك عمر السلام, ولا تقل : أمير المؤمنين فإني لست اليوم للمؤمنين أميرا وقل : يستأذن عمر بن الخطاب أن يدفن بجوار صاحبيه , فمضى فسلم واستأذن ثم دخل عليها فوجدها قاعدة تبكي فقال : يقرأ عمر عليك السلام ويستأذن أن يدفن بجوار صاحبيه ، قالت : كنت أريده لنفسي ولأوثرن به اليوم على نفسي ، فلما اقبل قيل : هذا عبد الله بن عمر قد جاء فقال : ارفعوني فأسنده رجل إليه فقال : ما لديك ؟ قال : الذي تحبه يا أمير المؤمنين أذنت قال : الحمد لله ما كان شيء أهم إلي من ذلك المضجع ، فإذا أنا قبضت فاحملوني وإن ردتني فردوني إلى مقابر المسلمين . وجاءت أم المؤمنين حفصة ـ والنساء يسترنها ـ فلما رأيناها قمنا فولجت عليه فبكت عنده ساعة ، فاستأذن الرجال فولجت داخلا لهم فسمعنا بكاءها من الداخل ، ثم قال : ـ يعني عمر ـ أوصي الخليفة من بعدي بتقوى الله عز وجل وأوصيه بالأنصار خيرا ـ الذين تبرأوا الدار والإيمان من قبلهم ـ أن يقبل من محسنهم ويعفو عن مسيئهم وأوصيه بأهل الأنصار خيرا فأنهم رداء الإسلام وجباة المال وغيظ العدو وألا يؤخذ منهم إلا فضلهم عن رضا ـ وأوصيه بالأعراب خيرا فإنهم أصل العرب ومادة الإسلام . أن يؤخذ منهم في حواشي أموالهم ويرد في فقرائهم . وأوصيه بذمة الله وذمة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يوفي لهم بعدهم ، وأن يقاتل من ورائهم وأن لا يكلفوا إلا طاقتهم . قال : فلما قبض خرجنا فانطلقنا نمشي فسلم عبد الله بن عمر وقال : يستأذن عمر بن الخطاب !! قالت : أدخلوه فأدخل فوضع هناك مع صاحبيه . أخرجه البخاري وأبو حاتم . وفي رواية من حديث غزوة بن الزبير أن عمر أرسل إلى عائشة : ائذني لي أن أدفن مع صاحبي قالت : أي والله !! قال : وكان الرجل من الصحابة إذا الرسل إليها قالت : لا والله لا أؤثرهم أبدا ـ أخرجه البخاري .

مدة عمره وولايته :
قال ابن إسحاق : كانت ولايته عشر سنين وستة اشهر وخمس ليال وكان يحج الناس كل عام غير سنتين متواليتين .
واختلف في سنه يوم استشهد رضي الله عنه : فقيل ثلاث وستون كسن النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر رضي الله عنه ، وروي ذلك معاوية والشعبي . وقيل : خمسة وخمسون ، وروي ذلك عن سالم بن عبد الله بن عمر ، وقال الزهري أربع وخمسون ، ذكر ذلك أبو عمر والحافظ والسلفي وغيرهما .
اضافة رد مع اقتباس