الموضوع: مذكرات إنسان
مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
  #329  
قديم 23/08/2007, 02:33 AM
abu_riman abu_riman غير متواجد حالياً
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 05/07/2001
المكان: الرياض
مشاركات: 5,074


المذكرة الثالثة : منعطف في حياة تركي ( الجزء الأول )

مشت الأيام بشكل روتيني عمل لساعات طويلة و جلسة بعد المغرب مع أمي و ريم اللي لاهية في دراستها و بعد العشاء أخلص لي كم شغلة قبل ما أتقابل أنا و خالد اللي يكون خلص دوامه المسائي ، أبرز تغيير إن سواليفنا صارت تدخل فيها قضية الزواج لأن أمي بدت تمدح فلانة و فلانة .

الأيام تمشي و السنة قربت تخلص و موضوع عمي شاغلني خاصة بعد ما تأمدت إنه جاد في كلامه من خلال تعامله معي من بعد الموقف ، أحس إنه تغير علي .

لما أجلس على المكتب كانت أوراقي تمتلئ بالشغلات اللي باسويها و بمذكراتي المشتتة ، هذا طبيعي !
اللي مو طبيعي إن كل الأوراق اللي انكتبت بعد وفاة أبوي الله يرحمه ما خلت من ثلاثة أسماء !!

خالد !

ريم !

نورة !!

خالد صار جزء مني !
ريم أختي و أحس بالمسئولية تجاهها !

نورة ! كيف أوصف مشاعري تجاه نورة ؟!

باقي على مهلة عمي أسبوع ! للأسف ما حققت أي تقدم و ما زلت أستلم نفس الراتب ، يعني تقريباً ربع الراتب اللي بآخذه عند عمي إذا هو بيساويني بخالد .

رجعت سالفة التقديم على الشركات يمكن أحصل عرض أفضل لكن للأسف كانت الردود سلبية تماماً ، انتهت المهلة و قدمت استقالتي و ما قلت لعمي شيء و لا حتى علمته عن استقالتي لا هو و لا تركي و لا غيرهم أصلاً ، قلت لأهلي و خالد إني ماخذ إجازة .

ثالث يوم بعد انتهاء المهلة كنت نايم الصباح و صحيت على اتصال من عمي و من قال ألو و أنا هارف إن الدعوة خربانة و إن عمي معصب ، حاولت أقاطعه بافهمه إني مستقيل و إني ما بعد علمته أبي أريح كم يوم لكن فاجأني إنه عارف !

طيب ليه معصب ؟!

عمي : تركي أنت ليه تسوي كذا ؟! تبي تضيق صدري و أنا عمك ؟!

تركي : لا يا عمي ما عاش من يضيق صدرك !

عمي : أجل تستقيل و لا تعلمني ليه ؟!

تركي : يا عمي ما لي إلا ثلاثة أيام مستقيل .

عمي : المفروض تعلمني قبل ما تستقيل ، الله يهديك يا تركي أنت من تالي متغير .

جرحتني كلمة عمي ، لأني أغليه و غلاه من غلا خالد و لحرصه علي خاصة بعد وفاة أبوي الله يرحمه .

تركي : سم يا عمي آمر أنت بس و أنا باسوي كل اللي تبيه .

عمي : مرني اليوم .

تركي : أبشر .

الدعوة فيها مرني اليوم ! معناته بينهي الموضوع !!
طيب و ريم ؟! و مبادئي ؟!

من أصعب اللحظات التي تمر على الإنسان عندما يكون أمام خيارين أحلاهما مر !
خسارة مبدأ أو خسارة إنسان عزيز .

مريت عمي بعد المغرب و لما دخلت عليه حصلت خالد عنده سلمت و جلست .

عمي : هلا أبوي ، كيف الحال وش أخبار أمك و أختك ؟!

صار يسأل عن البيت و عن ريم بالذات و دراستها و آخر جملة قالها قبل ما نترك هالسالفة : انتبه لريم تراها غالية !

من متى ريم غالية عندك يا عم ؟!
أصلاً أحياناً أحس إن عمي قبل وفاة أبوي الله يرحمه ما يدري عندي أخت أو لا ؟!

أقول !!!!!!

لا يصير في رأس عمي شيء ؟!
معقول ؟!

معقول عمي يرسم على ريم ؟!
معقول يكون حرصه علي بس عشان يحقق هدفه ؟!

إذا عمي يفكر كذا غلطان ، مستحيل أفرط في ريم مهما كان المقابل ؟!
طيب لحظة !

يمكن ريم توافق !!

جالس أناظر في وجه عمي و كل هالسيناريو مر برأسي و لاحظت إن ملامح عمي تغيرت !
رجعت من غفلتي على صوت عمي يقول : تركي وش قلت و أنا أبوك ؟!

الله يلعن إبليس ! لعب فيني .

آسف عمي ما كنت معك سم !

عمي : تركي يا أبوي وش فيك ؟!
إذا أنت منزعج للحد هذا من شغلك معنا علمني و نقفل على الموضوع و خلصنا و اعتبرني ما قلت شيء ، راحتك عندي فوق كل اعتبار .

بكل تجرد و كأني حجر و كأني متبلد و كأني إنسان بلا مشاعر و أحاسيس رديت و قلت : إذا راحتي تهمك عطني كم يوم أرتاح و أفكر قبل القرار الأخير .

لاحظت ملامح الصدمة على وجه عمي حتى على وجه خالد .

إستأذنت و مشيت و أنا طالع طلعت الجوال و كتبت لخالد : " لا ترسل و لا تكلم ، أدري إني غلطان "

فعلاً ما كلم و لا أرسل خالد و لا حتى تقابلنا بذاك اليوم اللهم إني أرسلت لخالد لما حطيت رأسي على الوسادة " تصبح على خير " و رد علي برسالة " و أنت من أهله " .

صحيت حول الظهر و جوال فيه رقم مميز متكرر ثلاث مرات !

تجاهلت الرقم و بعد الظهر طلعت للشركة أخلص أوراقي و باقي الإجراءات ، دخلت على مدير شئون الموظفين و قبل ما أحكي قال : هلا تركي ! وينك ؟!

كلمك سكرتير المدير العام ثلاث مرات يبيك اليوم الصباح !

تركي : خير عسى ما شر ؟!

مدير شئون الموظفين : الظاهر يبيك مره شف و ش عنده و ارجع لي .

مريت مكتب المدير العام قال لي السكرتير لحظة و بعد دقايق طلب مني الدخول للمدير العام !
المدير العام ما جلست معه قبل كذا أشوفه في المسجد وقت صلاة الظهر و سلمت عليه في العيدين في حفل المعايدة و السلام .

عرض علي المدير العام وظيفة مهمة و عرض علي راتب قريب من راتب المدير اللي كان فيها قبلي !
وقتها كنت بين خيارين إما أكذب و أظهر له إني ممكن أشتغل ! أو أصدق لكن أخاف أخسر الفرصة !

توكلت على الله و صارحته بكل شيء بخصوص سبب استقالتي و رغبة عمي و كان مستمع جيد ، عقب علي بجملة بارك الله فيك و هذا يؤكد لي إن اللي رشحك للمنصب كان على حق و أضاف و لك مني على صدقك و صراحتك إني أقدم لك العرض مكتوب و بشكل رسمي .

تحولت حالتي من أتعس إنسان قبل ساعات بسبب تصرفي مع عمي إلى أسعد إنسان بسبب اللي صار لي ، و هذا الإنسان مسكين و ضعيف !

أقل شيء يرفعه فوق السماء و أقل شيء ينزله تحت الأرض .

رجعت للبيت مبسوط و جلست أنتظر ريم على أحر من الجمر باشرح لها الوضع ، و أنا كلي سعادة !

وصلتني رسالة !
ما قلت لكم !
أقل حاجة تعفسنا فوق تحت !!

رسالة من خالد يقول فيها اللي بيني و بينك شيء و اللي وتصرفاتك مع الغير مهما ضايقتني ما تمس اللي بيني و بينك !!

يا خالد الله يرحم والديك مرة وحدة بس ازعل علي !!

تعكر مزاجي و طلعت لغرفتي قبل ما تجي ريم ، حست بغرفتي و كتبت و نزلت أصلي العصر و بعد الصلاة تكلمت مع ريم في الموضوع و ليه ما تبيني أشتغل عند عمي ؟!

مث ما كنت متوقع ما تبي لأحد فضل علي !
سكت ما قلت شيء عن اللي صار .

قابلت خالد في نفس اليوم و لا كأنه صار شيء و كانت كلامنا عن مشروع كبير يخطط له عمي و خالد ، بعد ما تكلمنا فيه خالد استدرك بجملة بصوت منخفض و كأن وده و لا وده إني أسمع !!
يبي يعلمني و لا يبي يضايقني !!

خالد يقول : الله يا تركي ! ليتك تكون معي لما نأخذ المشروع .

ما علقت و تفرقنا .

اتصلت فيني الشركة السابقة و كان المدير العام عند كلمته و استلمت عرض رسمي موقع من مدير إدراة شئون الموظفين ، طبعاً حتى العرض الجديد ما كن يوصل لراتب خالد لكن حوالي أقل منه شوي .

رجعت للبيت و انتظرت ريم و لما وصلت شرحت لها السالفة من طقطق للسلام عليكم !

تركي : وش رأيك ريم ؟!

ريم و بيدها العرض : أنا رأيي يا أستاذ تركي إنك تقول لأبو خالد يا تعطيني عرض أفضل يا بارجع لهم !!

تركي : والله ما أنت سهلة يا ريم !! بس مستحيل أسويها مع عمي .

في نفس اليوم بعد المغرب طلعت لعمي و أول مرة أدخل عليه من دون إذن مع إنه مبلغ السكرتير إن خالد و تركي يدخلون بأي وقت ، رفع رأسه عمي و رجع ينزله في الأوراق اللي قدامه و مع إنه هلا و رحب إلا أن هذا ما يغير من حقيقة واقع شرهة عمي علي !!

قربت من عمي و حبيت رأسه لأول مرة و طلبت منه يسامحني و شرحت له كل شيء و سلمته الأوراق و حتى كلام ريم وصلته له ، انبسط عمي و قال الحمدلله اللي ما خيب ظني فيك و ما هي غريبة عليك طبايع العناد و الشيمة الزايدة اللي بتضيعك في يوم من الأيام .

قلت لعمي الله معي و دامك حولي فبإذن الله ما راح أضيع .

حاول عمي يبدأ يناقش الأمور المالية اعتذرت و طلبت منه يعفيني .

تركي : أبي منك شيء واحد يا عمي .

عمي : آمر و أنا أبوك .

تركي : الراتب اللي أستحقه هو الراتب اللي بالعرض أو حوله ، و أي راتب أكثر منه بالنسبة لي مجاملة و يضيع كل اللي سويته .

عمي : بس أنت عارف إني مستحيل أفرق بينكم و حتى خالد ما راح يرضى !

تركي : هذا اللي عندي يا عمي ، و إذا أنت صادق في كلامك قبل شوي و إني رفعت رأسك لا تضيع اللي سويته .

عمي : يصير خير يا تركي ، خلني أفكر و أشوف .

طلعت من عند عمي و أنا شبه متأكد إنه بيعطيني راتب مثل خالد عشان كذا طلعت و أنا مو راضي حيل لأني باخالف مبادئي .

اتجهت لمكتب أعز الناس و قلت للسكرتير لا تقول شيء و دخلت بهدوء !
الولد منسجم و غايص بين الأوراق و الله شكله ينفع مدير !!

رميت ريموت السيارة على الطاولة اللي مركز فيها لا شعورياً قال : وجع !!

رفع رأسه و ضحكنا ، سلمت و جلست في الجلسة المقابلة .

خالد : وراك بعيد تعال هنا !

تركي : مو شغلك كيفي .

خالد : يا غثك غثاه !!

تركي : اسكت و اطلب لي شاهي !!

خالد : أقول ما ودك تنقلع !!

تركي : ترى باخصم عليك يومين !!

خالد : انت وراك شيء بس إيش الله أعلم !!

تركي : ما وراي شيء ! كل اللي وراي إني المدير الجديد و جاي أقول لك اطلع من المكتب لأني أبيه !!

خالد : تريك لا تمزح في هالأمور !

تركي : المزح حرام ؟!

خالد : أنا الغلطان اللي أدور علم وراك ! باتصل على أبوي .

و فعلاً اتصل و فجأة قطع الخط !!

خالد : والله ما أردى منك إلا أبوي كان الخبر صحيح بيهبل بي ما علمني !!

تركي : يا خبل لا تقول عن أبوك كذا !!

طلب خالد سكرتير أبوه و سأله إذا كنت عند عمي قبل شوي !!

خالد يكلم بالسبيكر و السكرتير يقول مبروك وظيفة تركي !!

تركي الخبل يقطع الخط و في لحظة واقف فوق الطاولة و أنا بسرعة أقفل الباب لا يجي أحد يفشلنا خويلد !!
واقف عند الباب : خويلد انزل لا تفشلنا !! أمحق مدراء من بدايتها !!

اتصل خالد على عمي و قال : مبروك يبه الموظف الجديد !! هذا وجهي يبه إذا ما قلت الأرباح من السنة الجاية !!

ما سمعت عمي لأن خالد يكلم عمي مع السماعة لكن أكيد عمي علق تعليق مضحك لأن خالد كان يضحك من قلب .

كمل رقصته خويلد الخبل على الطاولة بعد ما قفل من عمي !

تعرفون وش أكثر شيء فكرت فيه و أنا اشوف خالد يرقص و مبسوط ؟!

بساطة خالد !
ما جلس يسأل كيف و ليه و متى ؟! أهم شيء تركي معه الحين و خلاص !!
ما يدري كم راتبي و لا حتى فكر يسأل و فعلاً ما سأل .

من بكره الصباح داومنا بدري و لما وصل عمي بعدنا بساعة تقريباً جانا في المكتب و سأل وش سوينا ؟!

خالد : يالله صباح خير يبه تونا نقول باسم الله .

عمي فتح محاضرة طويلة عريضة الزبدة إنه وثق فينا و عطانا حرية التصرف لكنه يحملنا المسئولية و إن كان حولنا .

بعد الظهر جاني خالد في مكتبي و قال : حسبي الله عليك بسببك نزل أبوي راتبي !!

في رأسي قلت هذا اللي ما حسبت حسابه ! لا يكون خربت على خالد !! مع إني اعرف خالد و ملامحه تقول في شيء صاير !!

قبل حتى ما أسأل إلا خالد يقول : هات خدك والله تستاهل بوسة !

تركي : لحظة ! أول ليه ؟!

خالد : أبوي نزل الراتب و عطانا نسبة من الأرباح !!

يلوموني في عمي ! صدق حكيم ، عرف كيف يتخلص من الموقف بكل سهولة .

نزلت رأسي و قلت : يالله بوس رأسي خدي حساس .

قرب تركي و ثواني إلا الشماغ و العقال على المكتب !!

تركي : يا غبي !!

خالد : أنت تقول بوس رأسي مو شماغي !!

أقول تركي !!

تركي : لا تقول شيء و اطلع من مكتبي !!

خالد : أنا هنا في اجتماع عمل و ما يحق لك تطلعني من المكتب !!

تركي : انتهى الاجتماع !

خالد : اكتب محضر !!

لا صدق عاد تريك !! وش رأيك تغيب بكره و أنا باتوسط لك عند أبوي !!

تركي : خير إن شاء الله ! ليه ؟!

خالد : بيجون بنات من البنك بيجلسون معنا و أبوي بكره مشغول و قال لمدير الحسابات خلهم يجلسون مع تركي و خالد !!

اللي قاهرني إنه كاتب اسمك قبل اسمي في شرحه على الخطاب !!

المهم مثل ما قلت لك بكره إجازة من عندي أخاف تجي و تأكل الجو علينا !!

تركي : ياخي لا تخاف أنت ولد صاحب الشركة بيهتمون بك و بيجاملونك !!

خالد : أخاف ما يركزون في البزنس كارد .

تركي : اكتب عليه ولد صاحب الشركة و اكتب الوحيد بعد !!

مشت الأيام و أخذنا المشروع الحمدلله و صار عمي يعتمد علي بشكل كبير و تحسن وضع الشركة كثير ، صارت اجتماعاتنا كثيرة بعضها بالمكتب و بعضها في بيت عمي و أحياناً في أحد المطاعم و صار عمي ما تمر ساعتين إلا و هو متصل فيني يسأل عن شغلة أو يستفسر عن حاجة أو يكلفني بمهمة .

هذا كله شيء حلو و الحمدلله لكن كانت فيه سلبية وحدة !
كان يقربني أكثر من نورة اللي أحاول أبعد تفكيري عنها إلا إن حضورها كان دايم أقوى مني .

لو كان خالد أي شخص ثاني ما نجحت علاقتي مع عمي ، لكن خالد اللي طيبته ما لها حدود كان دائماً يعتبر نجاحي نجاح له و هذا يخليني أدين بالفضل بعد الله لخالد .

كنا نشتغل دوامين و خفت طلعاتي مع خالد بشكل كبير بعد ما صرنا نعوضها بجلسة لمدة ساعة أو حولها بعد الدوام المسائي و أحياناً نطلع بعد الدوام الصباحي نتغدى و نرجع للمكتب أما يوم الخميس و الجمعة فطلعتنا ضرورية .

بالليل غالباً جلستي مع أمي و ريم ، و نطلع لغرفنا مع بعض .

في ليلة من الليالي طلعنا و دخلت غرفتي و ما صار لي مقفل الباب دقايق إلا و ينطق الباب و مو ريم مثل العادة لكن أمي !!

الله يستر !!

فتحت الباب ، و حكت أمي معي شوي و حكينا عن ريم و عن مستقبلها قبل ما تقول لي أمي : تركي يا ولدي اليوم و أنت في الدوام كلمني أبو خالد بخصوص ريم !!
اضافة رد مع اقتباس