وهذا تساؤل آخر إرسله للشيخ عايض واطلب من الرد إن استطاع
هذا من قتل الحسين ميثم محمد الجشي * - 26 / 1 / 2007م - 10:18 م
من محن الدهر أن يمر الشيعة بهذه المرحلة الحرجة من تاريخهم، فالحصار قد ضرب على الشيعة من كل صوب، فما يوحد مدعي الليبرالية هو مهاجمة الشيعة والنيل منهم والطعن فيهم، وما يوحد الاتجاه السلفي هو الطعن في عقائد الشيعة، وما يوحد فلول حزب البعث ومعظم القوميين هو تخوين الشيعة، وما يوحد السفهاء من أتباع كل هذه الاتجاهات هو شتم الشيعة.
كتب الشيخ عائض القرني مقالاً عنونه بـ «من قتل الحسين؟»، يصرخ فيه ويحتج على من قتل الحسين ، ولعمري فإن الشيخ لم يبلغ حتى مرحلة لعن من قتل الحسين الذي ورد عن جده رسول الله «حسين مني، وأنا من حسين، أحب الله من أحب حسينا»، ولكنه يصب جل غضبه وحنقه على الشيعة ويرميهم بأبشع الألفاظ والصفات.
هناك تهمة مضحكة، وهي أن كل شيء ينسب للصفويين، وهؤلاء لعمري مساكين، تحملوا حتى ذنوب غيرهم، والعجم ساعدهم الله على محنهم حملوا الجزء الآخر من السب والشتم، وإن هذا الاتهام لهو دليل على سطحية هذه الأقلام وفقرهم التاريخي والفقهي، إذ أن إيران تشيعت على أيدي العرب، وبالتحديد المرحوم آية الله الشيخ إبراهيم القطيفي «ت: 1001هـ» وبعض مشائخ جبل عامل بلبنان.
يتهم القرني وكل من يهاجمون الشيعة بقتل السنة في كل مكان، إذ يقول «هل من المعقول أن تُحارب أمة الإسلام لأجل كذبة أعجمية صفوية ملفّقة كاذبة خاطئة تكفِّر الصحابة والتابعين ودول الإسلام وتتبرأ من أبي بكر وعمر وأصحاب بدرٍ وأهل بيعة الرضوان ومن نزل الوحي بتزكيتهم وأخبر الله أنه رضي عنهم»، ويقول قبل هذا «والآن تُهدَّم المساجد في العراق ويُقتل الأئمة وتُبقر بطون الحوامل وتحرَّق الجثث ويُختطف الناس من بيوتهم وتُغتصب العذارى بحجة الثأر للحسين».
أستطيع هنا أن أسرد المجازر التي ارتكبها التيار التكفيري في كربلاء وما زال يرتكبها، والطائف، والمدينة المنورة وجدة، ولكن هل هذا سيسكت هذه الأفواه؟ بالطبع لا، فهذه الأفواه تتفانى بالتجييش الطائفي ضد الشيعة، ولن يفيدنا شيئا لو كتبنا من الآن إلى ظهور الإمام المهدي«عجل الله فرجه» فلن نحرز أي تقدم مع هذه العقول الهمجية. ولكن ما استفز الرد لدي هو إدعاء الشيخ القرني بقوله «نحن أولى بالحسين ديناً وملَّة، ونسباً وصهراً، وحباً وولاءً، وأرضاً وبيتاً، وتاريخاً وجغرافيا، ارفعوا عنّا سيف العدوان، وأغمدوا عنّا خنجر الغدر فنحن الذين اكتوينا بقتل الحسين، وأُصبنا في سويداء قلوبنا بمصرع الحسين».
لا أدري كيف اكتويتم بنار قتل الحسين، هل بالبكاء عليه، أم بالترحم على قاتليه؟ هل بذكره في منابركم؟ أم بتعظيم قاتليه؟ أين هو الحسين في تراثكم؟ أين هو الحسين في كتاباتكم؟ أين هي مأساة كربلاء في عقول وثقافة ناشئتكم؟. إن الإدعاء سهلا يسير، ولكن أين هو الإثبات بأنكم أولى بالحسين. إن كلام الشيخ القرني لهو مليء بالقومية والقبلية والشعوبية المقيتة، فالشيخ القرني يحتج حتى بالجغرافيا في حب الحسين، ولعمري لآثار الحسين وجده التي طمست في مكة والمدينة لهي خير شاهد على حب الحسين.
إن الحسين يا سيدي خط حياتي وفكري وعقدي متكامل، إن الحسين أعاد إحياء سنة جده المصطفى بعد أن كادت تنمحي، الحسين ثورة المظلومين المسحوقين، الحسين سيف غرس بخاصرة كل ظالم على مر التاريخ، ومن العجائب أن يكتب المسيحيون عن الحسين تاريخاً وشعراً، وتبياناً لمقام هذا الإمام، ويعجز من يدعي حبه عن ترسيخ ثقافة الحسين عليه السلام في أوساط مجتمعه ومثقفيه، حتى قال أحدهم أن الحسين خرج على إمام زمانه، إن حب الحسين ليس كلمة بسيطة تتقاذفها الأقلام، وليس حب الحسين بيتا من الشعر، إن حب الحسين التزاماً بخط الحسين، وبمبادئ الحسين، وبثورة الحسين.
تقول بأنكم أولى بالحسين دينا وملة، ولا أدري كيف تقول هذا، فأنت تعود لما شنعت به علينا، فها أنت تخرجنا حتى من الدين هداك الله، ولكن دعني أهمس في أذنك بجواب على عنوان مقالتك، أي من قتل الحسين؟
إن من قتل الحسين هو من ساوى الحسين بغيره من الناس، إن من قتل الحسين هو من قتل زواره بكربلاء وهدم قبره، إن من قتل الحسين هو قتل محبيه وشيعته في كل بقاع الأرض، إن من قتل الحسين هو من لم يستطع حتى لعن من أمر بقتله، إن من قتل الحسين هو من جند كل طاقته لتكفير محبي الحسين، إن من قتل الحسين هو من لم تدمع عينه على ما جرى على الحسين.
إن هذا التوجه المريب الذي تنتهجه هذه الأقلام ووسائل الإعلام المختلفة بالهجوم على الشيعة ورميهم بهذه التهم البشعة لهو دافع على التفكير بأننا نعيش بأزمة عميقة تنطلق من الأرضية التي يستند عليها هؤلاء، فهذا الهجوم المنظم المؤدلج على بث الكراهية والحقد وإذكاء الفتنة بين المسلمين لهو هجوم ناتج عن تخطيط مسبق بإصرار شديد على شرذمة المسلمين وتقسيمهم أكثر ما هم عليه من تشرذم وتخلف.
لا أملك إلا أن أردد ما قاله المصطفى حينما ذهب للطائف «رب اهد قومي فإنهم لا يعلمون». |