مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
  #13  
قديم 20/02/2007, 03:41 AM
زعــيــم آسيا زعــيــم آسيا غير متواجد حالياً
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 02/01/2006
المكان: ArAr ..~
مشاركات: 4,136
الحلقة الثانية عشر..

كان ذلك الشيخ الذي دخل للمسجد وخرج هو العم عبد الله بن عمر العمري..

وهو احد أقران الشيخ ابن عثيمين في الدراسة على شيخه ابن سعدي رحمه الله..

بعد برهة وجيزة دخل ذلك الشيخ مرة أخرى ..

وتسنن ثم نشر مصحفه وانكب عليه..

بقيت وحيدا أرقب باب المسجد وارقب حقيبتي وكرتوني..

خرجت قليلا من باب المسجد ، و قفت على الدرج الخارجي العريض ..

حيث يقابل الخارج من المسجد دكانان أحدهما مكتوب عليه مركز إحياء التراث ..

وعلى اليسار لوحة مكتوب عليها مؤسسة الاستقامة.. وكانت مغلقة!!

دخلت لإحياء التراث ، وهي عبارة عن مكتب خدمات تصوير ..

مليء بمذكرات دروس الشيخ ابن عثيمين ، وغيره من العلماء..
استأذنت البائع بالتصفح فأذن لي..

وسألته : هل هذه من تأليف الشيخ ..؟؟

قال : كلا ، هذه مذكرات مفرغة من دروس الشيخ ...

خرجت من عنده ثم توجهت للوضوء والاستعداد للصلاة..

بعد دقائق ... دخل شاب نحيل بهي الطلعة..

وتقدم لدولاب طويل أبيض خلف المحراب ملصق بالجدار..

ففتحه ثم أضاء الميكرفون فأذن.. بصوت عذب وندي أعجز عن وصفه..

لم اسمع في حياتي أذانا جميلا مثل أذان ذلك الشاب ..

لا أدري هل ذلك بسبب حبي للجامع وأهله أم أن ذلك حق يوافقني عليه آخرون..؟؟

لكن هذا رأيي الشخصي عن ذلك الصوت ولا شك أن الأذواق تختلف في الحكم ..!!

فلا تلوموني إخوتي !!!

اسم ذلك الشاب عبد الرحمن الريس بارك الله فيه..فهو جاري في الصف لسنوات !!
بعدها تتابع الناس في الدخول للمسجد ولكن بوتيرة بطيئة!!

خلاف ما رأيته في المساجد الأخرى.. !!

وغالب من جاء للمسجد هم من الشباب المستقيم الملتزم ...

تأخر الإمام فسألت من بجواري : هل الشيخ موجود ؟؟

قال : نعم ولكنه يتأخر..

وبعد مرور حوالي خمس وأربعين دقيقة من الأذان دخل الشيخ...

هو كما عهدته لم يتغير من شكله شيء ..

غير أنني هذه المرة أنا من قدم إليه..

تقدم من الباب ثم خلع نعله وحملها بيده ثم سلم على الجماعة ..

وقف المؤذن وفي يده ميكرفون ذو حبل طويل مما يعلق على الصدر..!!

أقام الصلاة .. وكان الشيخ يستن بالسواك بيده اليسرى!!

التفت للمؤذن ثم تناول منه الميكرفون فعلقه الشيخ على صدره بلمسة إحترافية..!!

ثم التفت للناس وأمر الجميع بالاستواء والتراص..

نظرات الشيخ ثاقبة وحاجباه كثيفان مليئان بالشعر الأبيض..

يثيران في النفس الرهبة والمهابة.. كأن نظرته تخترق جسدك اختراقا..!!

قدم وأخر في الصفوف كأنه قائد جيش !!

حينما اطمأن من تراص الصفوف واستكمال الأول فالأول كبر الشيخ..

أطال الشيخ في الركعة الأولى إطالة لم أعهدها...!!

وفي ركوعه وسجوده وسائر الأركان يطيل الشيخ تطويلا بينا..

فمع كبر سنه إلا أن نشاطه وتماسكه يساعدانه على تحمل تلك الصلاة !!

ثم إن أغلب من يصلي معه من الشباب النشيط..

سوى العم عبد الله العمري سالف الذكر..

ورجلا آخر له شأن وأي شان...

رجل مسن رقيق الجسم لا تكاد أن ترى في جسمه مزعة لحم..

منحني الظهر ثيابه رثة وهيئته كهيئة مخبول أو معتوه !!

ولكنه يحمل في صدره علما كالجبال ..

إنه الشيخ الزاهد عبد الله الفالح..

حينما رأيته ظننته شحاتا ..

ولكن سمعت عنه وجالسته بعد ذلك فوجدت الرجل واسع الإطلاع راسخ العلم ..

غير انه زاهد في الدنيا ومتعها حتى إنه لم يتزوج قط..!!

ولعل أن تأتي مناسبة للحديث عن هذا الحبر بشكل أوسع ..

ختم الشيخ صلاته بالسلام ..

ثم استغفر بصوت جهوري .. وضج المسجد خلفه بالتسبيح والتهليل..

ثم استدار الشيخ بفتوة ونشاط كما يستدير الفارس على صهوة فرسه..!!

واستمر في تسبيحه وتهليله..

تخطيت الصفوف وجلست بجوار الشيخ فألقيت بين يديه توصية صاحبي..

فأشار لي الشيخ بيده اليسرى وهزها بعنف أن انتظر ..

فخجلت وشعرت بحرارة تملئ وجهي حياء من ذلك الموقف..

حينما استكمل الشيخ تسبيحه قال ماذا تريد..؟؟

فقدمت له الورقة..

فقال : ماذا فيها؟؟

قلت: توصية من فلان..

قال أعرفه وماذا تريد ؟؟

قلت أريد أن ألتحق بحلقتك للدراسة لديك...

قرأ الورقة بسرعة ثم أعادها وقال..: هذا لا يكفي لا بد من توصيتين .. ابحث عن

شخص آخر أعرفه ليوصي بك..!!!

ثم فز من مجلسه وتناول نعله وقام..!!!

بقيت برهة أنظر حولي واحترت..؟؟؟

هل انتهى كل شيء ؟؟

لم اطل التفكير بل عزمت أن ألحق بالشيخ لأكلمه مرة أخرى..!!

خرجت فلحقته فرأيت حشدا من الناس تسير مع الشيخ..

منهم السائل والمستفتي ومنهم صاحب الحاجة ..

كنت أراقب المشهد وأنا بحذو الشيخ ..

يسير الشيخ من المسجد حتى بيته في كل الصلوات..

صيفا وشتاء .. دونما كلل ..

ولقد رأيت فتية نشطاء أقوياء يعجزون عن لحاق الشيخ حينما يسرع الخطى!!

بعد تجاوز نصف المسافة .. ورجوع أكثر الناس..

نظر إلي وقال : ايش عندك؟

قلت له : ياشيخ لقد جئتك من مكان بعيد ولا يعرفني أحد سوى فلان الذي أوصى بي..

فماذا أفعل ؟ لا سكن عندي ولا أعرف أحدا هنا في عنيزة؟؟؟

قال : هل أنت شمري من حائل؟؟

أسقط في يدي فالورقة فيها فلان الشمري؟؟

فلو قلت غير ما هو مكتوب فهذا نهاية المطاف ؟؟

وإن كذبت فلا حول ولا قوة إلا بالله !!

تماسكت وقلت: نعم أنا شمري؟؟

قال هل يعرفك عبد الله العبيلان رئيس مكتب الدعوة في حائل؟

قلت : لا والله..

قال هل يعرفك فلان رئيس المحكمة؟؟

قلت : لا والله ياشيخ!!

قال : ماذا افعل لك تصرف!!

قلت : هل ممكن أن أنزل في السكن مع الطلاب حتى أجد من يزكيني؟؟

أدار الشيخ وجهه نحوي..

أخذني الشيخ طولا وعرضا بنظره وتأملني ثم قال : لا بأس أذهب لمحمد البجادي !!

وقله أرسلني لك محمد للسكن مؤقتا !!

قبلت رأسه ورجعت لمتاعي..

حملته ثم التففت من خلف السكن المقابل للمسجد..

وشاهدت جموعا من الطلبة تصعد وتنزل من باب السكن..

فرأيت لوحة مكتوب عليها : مكتبة عنيزة الوطنية ..

أسسها الشيخ عبد الرحمن الناصر السعدي..

وها أنذا أدخل السكن الذي لن أخرج منه سوى بعد سنوات..

يتبع إن شاء الله
اضافة رد مع اقتباس