مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
  #2  
قديم 24/04/2002, 10:21 PM
السلطانة السلطانة غير متواجد حالياً
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 29/12/2001
المكان: جدة
مشاركات: 2,219
المحور الثامن: مبادرة العلماء بالصلح بين المختلفين:
وإن مما يجب على العلماء القيام به، الصلح بين المتخاصمين، وبخاصة حكام الشعوب الإسلامية، عندما يقع بينهم التنازع المؤدي إلى الفشل، وما أكثره في هذا الزمان!
فلا يليق بالعلماء أن يقعدوا عن القيام بالصلح بين الدول والشعوب الإسلامية، بل يجب أن يتداعوا إليه ويبادروا من عند أنفسهم، للقيام بهذا الواجب العظيم، وأن يكون صلحهم قائما على العدل والصدق مع ربهم، غير منحازين إلى هذه الطائفة أو تلك، ففي الإصلاح بين الناس بالعدل جمع لكلمة الأمة، وجلب لقوتها وعزته، ووقاية من التمزق والتصدع اللذين هما من أهم أسباب ضعف المسلمين أمام أعدائهم.
ومن عجائب الأمور أن يقبع العلماء في منازلهم، أو في مكاتبهم، في وقت يعصف التنازع بالدول والشعوب الإسلامية، دون أن يحركوا ساكنا، حتى تحشد كل دولة علماءها ومن وافق رغبتها من علماء البلدان الأخرى، لعقد مؤتمرات وإقامة ندوات لإصدار قرارات من علماء كل دولة ضد الدولة الأخرى، فيتسابق العلماء إلى التنازع بينهم، كما تسابق إلى ذلك الحكام والزعماء!
والشعوب الإسلامية تتجرع مرارة تنازع علمائها وحكامها، وتزهق أرواحهم وتهدر أموالهم، وتخرب ديارهم وترمل نساؤهم، وييتم أطفالهم، وتستباح ضرورات حياتهم، وهم يرمقون مواقف علمائهم وحكامهم وينظرون إليها نظرة عجب وازدراء، وفي الحربين الخليجيتين المدمرتين عبرة ومثال، كما في الحرب الضروس التي جرت ولا زالت تجري بين الأفغان في الوهاد والجبال، ولازالت الإدارة الأمريكية وحلفاؤها يعدون العدة لتدمير بقية بلدان المسلمين.
أين نحن يا علماء الأمة الإسلامية من آيات كتاب الله التي نتلوهن ليلا ونهارا؟
قال الله تعالى: ((لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضاة الله فسوف نؤتيه أجرا عظيما)) النساء: (114)
وقال: ((وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين)) الحجرات: (9)
والواجب على العلماء، إذا قدموا النصيحة وقاموا بالصلح، ولم يستجب لهم أن يعلنوا للأمة الإسلامية الحق ويبينوا لها الظالم من المظلوم، ويدعوا أهل الحل والعقد إلى القيام بواجب رد المعتدي عن عدوانه، وإعطاء صاحب الحق حقه، تنفيذا لأمر الحق جل جلاله: ((فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله))
ولقد ذقنا وبال نسيان هذه القاعدة العظيمة التي اغتنم أعداء الإسلام فقدها في حياتنا، فتدخلوا في شؤوننا واتخذوا كل سبب من الأسباب التي توري نار النزاع بيننا، ليجلبوا علينا بخيلهم ورجلهم، ويعتدوا على ضرورات حياتنا، كما هو الواقع اليوم!
نعم قد يقال: إن العلماء لا يتيح لهم حكام بلدانهم المبادرة بالاجتماع بأمثالهم في البلدان الأخرى، للقيام بالنصح والصلح، لأن كل دولة تستغل علماءها لدعم موقفها في اجتماعات مرتبة لهم، وهذا صحيح، وهنا يجب على العلماء إذا اجتمعوا في بلدانهم أن يعلنوا كلمة الحق بالعدل، وألا يخافوا في الله لومة لائم، حتى لا يكونوا مطايا وجسورا للسياسات المتقلبة.
فسياسات الحكام الذين لا يلتزمون شرع الله في تقلب دائم، لا ولاء لها، ويتبع تقلب ولاآتهم، تقلب مناهج حياتهم وتشريعاتهم وقوانينهم، وكافة تصرفاتهم: فالحق الذي يدعون له اليوم ويعلنونه ويقاتلون عليه، يصبح غدا عندهم باطلا، يحاربونه ويحاربون من يدعو إليه، وصديق السياسي اليوم هو عدوه غدا.
والفرض في العلماء ثبات ولائهم لله ولرسوله وللمؤمنين، فلا تتقلب مواقفهم بتقلب السياسات المضطربة التابعة لأهواء أصحابها.
ثم إن الله قد هيأ للعلماء اليوم وسائل كثيرة لاتصال بعضهم ببعض وتشاورهم، وتدارس أي أمر من أمور الأمة، وهم في منازلهم وعلى مكاتبهم، ولكن غالبهم أهملوا أو قصروا في استعمال هذه الوسائل التي ساقها الله إليهم، فحبسوا أنفسهم في زنزانات واسعة، هي بلدانهم ومنازلهم.
والعالم غير الإسلامي يتحرك من حولنا ويتواصل و يدبر لديننا المكايد، ويبرم له عظائم الأمور.
هذا مع ما هو معلوم من أن الرسول صلى الله عليه وسلم، قد استعمل كل وسيلة أتيح له استعمالها لإبلاغ دعوته إلى كل من استطاع إيصالها إليه.
فقصد الناس ماشيا على قدميه في أماكن عبادتهم، وقصدهم في أسواقهم، وقصدهم في قراهم ومخيمات حجهم، ونادى الناس بأعلى صوته من على جبل أبي قبيس، ودعا عامة قريش وخاصتهم، فدعاهم وأنذرهم، كما أرسل رسائله ورسله إلى أعيان الناس وملوك الأمم...
ويجب على علماء الإسلام-وهم ورثة نبيهم الكريم- أن يقتدوا به في استعمال كل وسيلة تتاح لهم، لإبلاغ الناس دين الله، ولا يليق بهم أن يهملوا تلك الوسائل النافعة المفيدة، وعلى حكام المسلمين تمكين العلماء من القيام بالبلاغ المبين، باللغة العربية وغيرها من لغات العالم.

المحور التاسع: السهر على ثوابت الأمة:
وإن من واجب العلماء، أن يسهروا على رعاية ثوابت الأمة، وهي ثوابت الإسلام التي لا يجوز أن تمس بتغيير ولا تبديل:
وذلك يشمل ما جاءت به شريعة الله في كتابه وسنة رسوله، وبخاصة أصول الإسلام وأصول الإيمان، وفرائض الشريعة وواجباتها، ومحرماتها ومحظوراتها، وثوابت نظام الأسرة، وثوابت الحدود الزاجرة عن الجرائم والاعتداء على حقوق الله وحقوق عباده، ومقاصد الشريعة العامة والخاصة.
فالسكوت على حرمان الأمة الإسلامية من تطبيق شريعة الله التي لا سعادة لهم بدونها، هو كتمان للحق الذي سبق وعيد الله الشديد عليه(إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون)) البقرة: (159)

المحور العاشر: الأخذ بحسن ظن بعضهم في بعض، وعدم قبول ما يقوم به بعض صغار طلاب العلم من غيبة في علماء آخرين، ونسبة بعض النقائص إليهم، فالغيبة معصية، والرضا بها معصية، وتحقير العلماء معصية، والرضا به معصية، ويجب تأديب من يسلك هذا المسلك وزجره وتأنيبه.
كما يجب التثبت مما ينقله هؤلاء عن العلماء، بالاتصال المباشر بهم أو مكاتبتهم، وفتح حوار معهم مع الالتزام بأدب الخلاف، حتى يغلقوا بذلك أبواب تحريش الشيطان بينهم.
ويجب على العلماء البعد عن تكفير بعضهم أعيان بعض، بسبب ما تحصل من مخالفة بعضهم لبعض في بعض الجوانب العقدية، حتى يحاوروهم ويستمعوا لوجهة نظرهم وأوجه استدلالهم، فقد يكون الحق معهم، لا مع من يكفرهم، وقد يكون للمخالف تأويل يمنع تكفيره وإن كان مخطئا، فالتكفير لا يجوز إطلاقه على معين، إلا بوجود شروط وانتفاء موانع، وما كل كفر يأتيه المرء يكون كافرا به.
قال ابن تيميه رحمه الله: "وأما الحكم على المعين بأنه كافر، و مشهود له بالنار: فهذا يقف على الدليل المعين، فإن الحكم يقف على ثبوت شروطه وانتفاء موانعه........
وهذا الكلام في تكفير جميع المعينين.. فليس لأحد أن يكفر أحدا من المسلمين، وإن أخطأ وغلط، حتى تقام عليه الحجة وتبين له المحجة..). [مجموع الفتاوى (12/497-501، وراجع:523)]
المحور الحادي عشر: التصدي للشبهات التي يبثها الحاقدون على الإسلام، غلاة العلمانيين، وبقايا الشيوعيين الملحدين، ممن ينتسبون إلى آباء مسلمين، الذين تمكنهم بعض الفضائيات العربية التي تحارب الإسلام باسم "الحرية" و"الرأي والرأي الآخر" من بث سمومهم، والطعن في كتاب الله وسنة رسوله ورد أحكامها ومبادئهما الثابتة، كتلك الملحدة التي لا تزال تصدر فتاواها الشيطانية في تلك الفضائيات المشبوهة، بدون رادع يردعها.
فهي ترد حكم الله في التفريق بين الذكر والأنثى في الإرث المجمع عليه بين المسلمين من وقت نزول الوحي إلى يومنا هذا، وعندما أنكر عليها أحد المشاهدين تدخلها في هذا الأمر، وهي جاهلة بالشريعة، ردت عليه بأن والدها كان عالما، وأنها هي درست كتاب الحيوان للجاحظ!!!
أرأيت مؤهلات هذه المفتية، بل "المفتنة"؟ أبوها كان عالما، وهي قرأت كتاب الحيوان؟! ولذلك يحق لها أن ترد أحكام الله باسم الاجتهاد!
لقد سمعت كلامها هذا وشاهدتها وهي تتشدق به على الملأ قبل أكثر من سنتين، في القناة التي لا ترد يد لامس: "ART"
وقريبا عَقَدت تلك الملحدة مؤتمرا لتنفث فيه سمومها ضد الإسلام:
(مؤتمر .... يطالب بمنع ختان الذكور)
http://www.islam-online.net/Arabic/news/2002-01/07/Article53.shtml
وغيرها كثير من أتباع عبد الله بن أبي بن سلول...

إن من واجب العلماء أن يتصدوا لأمثال هذه الملحدة، أن يحتجوا على الفضائيات التي تستضيفهم للهجوم على الإسلام من أرض الإسلام...
إن ذلك من أوجب الواجبات على العلماء، وبخاصة أولئك الذين يتولون مسؤولية بعض المؤسسات الإسلامية المشهورة في العالم، كالأزهر وجامعته، ومركز البحوث الإسلامية في القاهرة، ورابطة العالم الإسلامي، ومجمع الفقه الإسلامي التابع لها في مكة المكرمة، ومجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي في جدة، والمنظمة العربية للثقافة والعلوم "الأسيسكو" في المغرب، وكذلك الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة، وجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في الرياض، كافة المؤسسات الإسلامية، منها "جمعية الإصلاح الاجتماعي" في الكويت، وزارات الشؤون الإسلامية والأوقاف في جميع حكومات الشعوب الإسلامية.
لا أدري كيف يطيب لهؤلاء المنام والإسلام يهاجم كل يوم من هذه الفضائيات، ويعكف على مشاهدة هذا الهجوم وسماعه والتأثر به أبناؤنا وبناتنا في منازلنا وفي مؤسساتنا العامة والخاصة؟؟‍
لا أدري أينام هؤلاء المسؤولون إذا شاهدوا أحدا يسبهم ويعيبهم في تلك الفضائيات، بدون أن يخططوا لمحاكمة من يسبهم ويعيبهم؟؟
هل كثر إمساسنا فقل إحساسنا يا علماءنا؟ وهل يمكن أن نصون سفينتنا والمنكر يستشري في ديارنا؟‍
ومع أسفي واعتذاري الشديدين لعلمائنا الأفاضل، لا أرى مانعا أن أذكرهم بصرخة العالم الغيور الذب لم يطق صبرا على السكوت عن المنكر، وهو العلامة ابن قيم الجوزية رحمه الله الذي نعى على من ينتصرون لحظوظ أنفسهم ولا ينتصرون لدين الله، عندما قال:
"وعلى القادر على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بيده ولسانه ما ليس على العاجز عنهما..... وقد غر إبليس أكثر الخلق بأن حسن لهم القيام بنوع من الذكر والقراءة والصلاة والصيام والزهد في الدنيا والانقطاع، وعطلوا هذه العبوديات فلم يحدثوا قلوبهم بها، وهؤلاء عند ورثة الأنبياء من أقل الناس دينا، فإن الدين هو القيام لله بما أمر به، فتارك حقوق الله التي تجب عليه أسوأ حالا عند الله ورسوله من مرتكب المعاصي.....
ومن له خبرة بما بعث الله به رسوله صلى الله عليه وسلم هو وأصحابه، رأى أن أكثر من يشار إليهم بالدين هم أقل الناس دينا.
وأي دين وأي خير فيمن يرى محارم الله تنتهك، وحدوده تضاع، ودينه يترك، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم يرغب عنها، وهو بارد القلب ساكت اللسان؟ شيطان أخرس، كما أن المتكلم بالباطل شيطان ناطق.
وهل بلية الدين إلا من هؤلاء الذين إذا سلمت لهم مآكلهم ورياساتهم، فلا مبالاة بما جرى على الدين، وخيارهم المتحزن المتلمظ، ولو نوزع في بعض ما فيه غضاضة عليه في جاهه أو ماله، بذل وتبذل وجد واجتهد، واستعمل مراتب الإنكار الثلاثة بحسب وسعه.
وهؤلاء-مع سقوطهم في عين الله ومقت الله لهم-قد بلوا في الدنيا بأعظم بلية تكون وهم لا يشعرون، وهو موت القلوب، فإن القلب كلما كانت حياته أتم كان غضبه لله ورسوله أقوى وانتصاره للدين أكمل..." انتهى كلامه من كتابه الجليل:[ إعلام الموقعين عن رب العالمين عن رب العالمين (2/176-177)]
لماذا لاتخصص هذه المؤسسات مراقبين لمدة معينة يحصرون فيها الاعتداء على الدين، من الفضائيات والجهلة الذين تستضيفم، ثم يقيمون دعوى على الجميع في المحاكم للانتصار للدين الإسلامي، حتى لا يتمادوا في تضليل عقول أبناء المسلمين؟
وللحديث صلة بإذن الله.

8/11/1422هـ _ 22/1/2002م

كتبه
د . عبد الله قادري الأهدل

عذرا دكتورنا الرائع فقد اعجبت بالموضوع ووضعته هنا بدون اذن منك لعلمي انك لا تمانع في نشر الخير
اضافة رد مع اقتباس