حفر اللاعب الفرنسي أريك كانتونا اسمه بحروف من ذهب في الملاعب الإنكليزية وخصوصاً في أولد ترافورد، ملعب المانشستر يونايتد، الذي كان شاهداً على انجازات هذا النجم الكبير صاحب الشخصية الفذّة والمزاجيّة الدائمة. ففي فرنسا لقّب بالفتى الكارثي والمشاغب فيما لقبّه الإنكليز بالملك والأسطورة وعزفوا النشيد الفرنسي وغنوا اسمه إكراماً له وتقديراً لعطائه .

كانت مسيرة هذا اللاعب الذي ولد في ضواحي باريس و نشأ في مرسيليا، حافلة بالأحداث والتناقضات، ولم يكن يتخيّل يوماً أن يتحول إلى عملاق في إنكلترا بعد مسيرة متعثّرة في الدوري الفرنسي تمثلّت في معارك طاحنة قادها ،سواء ضد المدربين أو اللاعبين أو الحكام أو الصحفيين أو حتى ضد رؤساء الأندية. لم يهب أحداً، وشتم علناً برنارد تابي رئيس نادي مرسيليا، كما أنه وصف في أحد اللقاءات التلفزيونية مدرب المنتخب الفرنسي هنري ميشال آنذاك بأنه رزمة من القذارة ، مما تسببّ في منعه من المشاركة مع المنتخب لمدة عام. ولا ينسى جمهور مرسيليا يوم انتزع قميص الفريق و مزّقه أمام عدسات الكاميرا شاتماً الجمهور.

بداية كانتونا مع الكرة الفرنسية كانت مع نادي أوكسير، انتقل بعدها إلى مرسيليا، مونبيلييه بوردو، ثم نيس، ليعلن بذلك نهايته مع الكرة الفرنسية بعد حادثة طرد تعرّض لها إثر رميه الكرة بقوة في وجه حكم المباراة ثم ضرب اللاعب كاستيندوتش الذي سبب له المشكلة.

وأجبره مزاجه المتعكر على شد الرحال والإنطلاق إلى إنكلترا لخوض مغامرة جديدة و تحقيق مستقبل أفضل، و توقع كثيرون فشل كانتونا في الخارج، لكنه قلب جميع التوقعات وتحوّل من لاعب عادي إلى أسطورة حين انضمّ إلى مانشستر يونايتد قادماً من ليدز يونايتد . و كان لا بد للسير أليكس فيرغوسون مدرب الفريق الإستفادة من طابعه القيادي وشخصيّته القويّة وقرر بناء جيل جديد من صغار السن بقيادته أمثال ديفيد بيكام وريان غيغز وبول سكولز وغاري نيفيل، ساهموا معه في إحراز أربعة ألقاب في الدوري ولقبين في كأس انكلترا منها ثنائية عام 1996.

أحبه الجميع في إنكلترا وكان على ودّ دائم مع الصحافة الإنكليزية التي تكلّمت عنه كثيراً خصوصاً وانه أعاد مانشستر يونايتد إلى مصاف الكبار والعمالقة في إنكلترا وأوروبا بعد 26 عاماً افتقد خلالها الفريق للإنجازات. ونال كانتونا جائزة أفضل لاعب أجنبي طيلة العقد الأول من المسابقة الإنكليزية، وفي تصريح تاريخي أغضب فيه الفرنسيين، قال: " أنا إنكليزي وأشعر فعلاً بأني إنكليزي أكثر منّي فرنسي وأحبّ الكرة هنا وحماسة المشجعين."

وكانت النقطة السوداء الوحيدة في خلال مسيرته في إنكلترا، اعتداءه على أحد مشجعي نادي كريستال بالاس بعد أن طار في الهواء في قفزة شبيهة بحركات "بروس لي" وضرب ماثيو سيمونز الذي شتمه، مما دفع إتحاد كرة القدم إلى إيقافه لمدة سبعة أشهر بالإضافة إلى تغريمه 120 ساعة من الأشغال العامة. والمثير في هذه القضية أنه في خلال المؤتمر الصحفي بعد الحادثة، وفيما كان الجميع ينتظر من كانتونا أن يعلق على الأمر، لم يتفوّه إلاّ بجملة واحدة ، قال: " طيور النورس تلحق بالصيادين عادة لأنها تنتظر ما سيرمونه من فتات السردين." ضحك الجميع من هذا المثل لكنهم لم يفهموا ما قصده، إلاّ بعد مدة حيث سخر منهم هو بنفسه لأنه كان يعني أن الصيادين هم لاعبو الكرة وطيور النورس هم الصحفيون والسردين التفاهات التي تتسابق عليها الصحافة. وجاء الطلاق بين كانتونا ومانشستر وديّاً ومفاجئاً للجميع عام 1997 ولم يكن يتجاوز الـ31 من عمره.

بعد اعتزاله اللعبة، دخل كانتونا عالم السينما من الباب الواسع وشارك في عدة أفلام فرنسية كان آخرها عام 2005، و لم يبتعد عن كرة القدم ، إذ زاول كرة القدم الشاطئية وقاد فرنسا للفوز ببطولة العالم في ريو دي جانيرو عام 2005.

البطاقة الشخصية:

- ولد أريك كانتونا في 24 أيار/مايو عام 1966 في باريس، فرنسا ولعب لأندية : أوكسير- مارتيغ- مرسيليا-بوردو- مونبيليه - نيس- ليدز يونايتد - مانشستر يونايتد.

- فاز مع منتخب فرنسا للشباب ببطولة أمم أوروبا للشباب عام 1988

- فاز بكأس فرنسا مع مونبيليه عام 1990

- فاز بالدوري الفرنسي مع مرسيليا عام 1991و1992

- فاز مع ليدز يونايتد بالدوري الإنكليزي عام 1992

- فاز مع مانشستر يونايتد بالدوري الإنكليزي أربع مرات في أعوام : 1993-1995-1996-1997

- فاز بكأس إنكلترا مرتان 1994و 1996

- اختير أفضل لاعب في إنكلترا مرتان : 1994-1996

- اختير أفضل لاعب على مرّ تاريخ مانشستر يونايتد من قبل مشجعي النادي في استفتاء مجلة النادي.

- لعب 368 مباراة في الدوري الإنكليزي وسجّل 131 هدفاً.

- لعب 45 مباراة دولية مع منتخب فرنسا وسجّل 20 هدفاً.