مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
  #4  
قديم 28/03/2002, 03:48 PM
السلطانة السلطانة غير متواجد حالياً
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 29/12/2001
المكان: جدة
مشاركات: 2,219
الأول والآخر

إن كل ما نراه في الكون لابد وأن يكون له أول وأن يكون له آخر.
أما الحيوان والنبات والإنسان و و فكثيرا ما نسبق عليها فيتأخر وجودها عن وجودنا كما نبقى بعدها فتهلك ونشاهد هلاكها، وأما الأرض والشمس والقمر وتوابعها كالجبال والبحار والأنهار والأنجم الزاهرة والليل والنهار و فإنا وإن لم ندرك أولها ولا نبقى إلى أن ندرك آخرها إلا أن العلماء والمفكرين ينبئوننا عن مدى قدمها وإنها قبل ملايين السنين لم تكن شيئا مذكوراً كما يخبروننا عن مقدار بقائها وإنها بعد ملايين السنين تعدم فلا يبقى منها عين ولا أثر.
إن الله هو الذي خلق هذه الأشياء، وهو الذي يفني هذه الأشياء، فهو سابق عليها وباق بعدها فهو أول ولا سابق عليه وآخر ولاشيء بعده كان إذ لم يكن زمان ولا مكان ولا حركة ولا سكون ولا سماء بنجومها ولا أرض بمائها وهوائها وحيوانها وانسانها، ثم يبقى بعدها فلا أرض تدور ولا شمس تسير ولا بحر يتلاطم ولا نام ينمو ولا متحرك يتحرك، فلو أسرحنا خيالنا في الماضي البعيد نجد الله كان وكان ولم يخل وقت منه ولو أطلقنا زمام الفكر في المستقبل المترقب نجد الله يكون ويكون فلا يخلو منه وقت.
ولو قيل انه كان وقت ولم يكن الله لكان لنا أن نقول فمن كون الله.
ولو قيل انه يأتي وقت ولا يكون الله لكان لنا أن نقول فمن يعدم الله.
لا هذا ولا ذاك بل هو الأول وليس قبله شيء وهو الآخر ولا يكون بعده شيء.
يقول القرآن الحكيم أو لم يكف بربك انه على كل شيء شهيد (65).
فهو تعالى يشهد جميع الأشياء يشهد تكونها فهو قبلها ويشهد فنائها فهو بعدها
ويقول سبحانه وما نحن بمسبوقين (66).
ويقول تعالى سبح لله ما في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم له ملك السماوات والأرض يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم (67).
وسأل نافع بن الأزرق أبا جعفر عليه السلام قال أخبرني عن الله عز وجل متى كان
فقال لـــه ويلك! أخبرنـــي أنت! متى لم يكن حتى أخــــبرك متى كـــان سبحان من لم يزل ولا يزال فرداً صمداً لم يتخذ صاحبة ولا ولداً (68).
وعن الصادق عليه السلام قال قال رأس الجالوت لليهود إن المسلمين يزعمون إن علياً من أجدل الناس وأعلمهم! أذهبوا بنا إليه لعلي أسأله من مسألة أخطئه فيها فأتاه فقال يا أمير المؤمنين! إني أريد أن أسألك عن مسألة..
قال عليه السلام: سل عما شئت..
قال يا أمير المؤمنين: متى كان ربنا؟
قال يا يهودي: إنما يقال متى كان لمن لم يكن فكان.
هو كان بلا كينونة أي بدون أن يصنعه غيره كيف يكون له قبله وهو قبل القبل… انقطعت الغايات عنه أي لا يكون بعده شيء فهو غاية كل غاية (69).
قال تعالى كل شيء هالك إلا وجهه أي ذاته له الحكم وإليه ترجعون (70).

المتكلم

إنا نبدي عما في ضمائرنا بالكلام في الأغلب، والوحوش تبدي ما في خلدها بالعجيج.
لكن الله لا يحتاج إلى الكلام فهو يتمكن من صنع الشيء بمجرد الإرادة، كما يتمكن من إفهام الملائكة والأنبياء بإلقاء ما يريده في أذهانهم، لكن ثبت في القرآن والسنة إن الله متكلم، وليس معنى كلامه إن له لساناً وشفتين وحنجرة ولهوات (71) فإنه ليس بجسم وليس له ما لنا من الفم والآلات كما سيأتي فليس كلامه تعالى شبيهاً بكلامنا يخرج من الفم، بل معنى انه متكلم انه متى شاء الكلام خلق الصوت في الهواء أو في شجرة أو في شيء آخر فيسمعه الملائكة أو الأنبياء أو غيرهم ممن شاء.
يقول القرآن الحكيم وكلم الله موسى تكليماً (72).
والكلمة تطلق بمعنى النعمة والمخلوق ونحوهما يقول القرآن الحكيم ولو انما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله إن الله عزيز حكيم (73).
وقال تعالى قل لو كان البحر مداداً لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مدداً (74).
وقال الإمام الصادق عليه السلام كان الله عز وجل وليس بمتكلم ثم أحدث الكلام (75).
وقال الإمام الرضا عليه السلام كلام الخالق لمخلوق ليس ككلام المخلوق لمخلوق ولا يلفظ بشق فم ولسان(76).

الصادق

هل يكذب أحد إلا عن خبث في نفسه أو عجز عن دفع مضرة أو جلب منفعة بدون الكذب أو جهل بالحقيقة.
إن أسباب الكذب تنحصر في هذه الثلاثة.
والله منزه لا يتطرق إليه زيغ أو فساد.
والله قادر لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء.
والله عالم لا يجهل صغيراً ولا كبيراً كان أو يكون.
إذن فالله صادق فيما يقول فيما يبشر وينذر لا يكذب أبداً ولا يخلف الميعاد.
إن ما بشر به المؤمنين من جنات وعيون وزروع ومقام أمين في ظل ممدود وماء مسكوب وفاكهة كثيرة لا مقطوعة ولا ممنوعة(77).
وما أنذر به الكافرين من عذاب أليم ونار جحيم وظل من يحموم لا ظليل ولا يغني من لهب (78).
كلها صدق وحق..
يقول القرآن الكريم ذلك جزيناهم ببغيهم وإنا الصادقون (79).
وقال سبحانه ثم صدقناهم الوعد فأنجيناهم ومن نشاء وأهلكنا المسرفين (80).

الصفات الجمالية

إن لله وجود عظيم لا يحده زمان ولا مكان ولا جهة، وصفاته كذلك لا يحدها شيء فهي كثيرة جداً ووسيعة جداً، فهناك كثرة في الكيفية فصفة العلم لا تقف عند حد حتى يقال يعلم الله هذا ولا يعلم ذاك كما هو في المخلوق كذلك أو يقال يقدر الله على شيء ولا يقدر على شيء آخر أو يقال يسمع الله صوت فلان ولا يسمع صوت فلان، وهناك كثرة في الكمية فصفاته كثيرة كثيرة وما ذكرناه من العلم والقدرة والحياة والإرادة ليس إلا قدراً قليلاً منها.
وقد ورد في القرآن الحكيم والسنة البيضاء عدة منها ونحن نذكر في هذا الصدد جملة منها.
يقول القرآن الحكيم:
هو الله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة هو الرحمن الرحيم هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر سبحان الله عما يشركون هو الله الخالق البارئ المصور له الأسماء الحسنى يسبح له ما في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم (81).
وعن الصادق جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن علي عن أبيه علي بن الحسين عن أبيه الحسين بن علي عن أبيه علي بن أبي طالب عليهم السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إن لله تبارك وتعالى تسعة وتسعين اسماً مائة إلا واحدة من أحصاها دخل الجنة وهي.
الله الإله الواحد الأحد الصمد الأول الآخر السميع البصير القدير القاهر العلي الأعلى الباقي البديع البادئ الأكرم الظاهر الباطن الحي الحكيم الحفيظ الحق الحسيب الحميد الخفي الرب الرحمن الرحيم الذارئ الرازق الرقيب الرؤوف الرائي السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر السند سبوح الشهيد الصادق الصانع الطاهر العدل العفو الغفور الغني الغياث الفاطر الفرد الفتاح الفالق القديم الملك القدوس القوي القريب القيوم القابض الباسط قاضي الحاجات المجيد المولى المنان المحيط المبين المقيت المصور الكريم الكبير الكافي كاشف الضر الوتر النور الوهاب الناصر الواسع الودود الهادي الوفي الوكيل الوارث المبر الباعث التواب الجليل الجواد الخبير الخالق خير الناصرين الديان الشكور العظيم اللطيف الشافي (82).

البساطة

إذا نظرنا إلى الإنسان وجدناه مركباً من أجزاء العين والأذن والفم واللحم والدم والعظم، وإذا لاحظنا الحيوان وجدناه مثل الإنسان وإنما الفرق بينهما بالإدراك ونحوه، وإذا سبرنا أحوال سائر الأشياء من نبات وحجر وماء وهواء و وجدنا كلها مؤتلفة من أجزاء وأعراض وألوان، والموجودات كلها تشتـــرك في هذه الناحية مـــن غير فــــرق بين أن يكون صغيراً كالجرثومة أو كبيراً كسائر الأشياء.
لكن الله تعالى ليس كذلك، فليس له جزء بل هو بسيط لا أذن له كآذاننا ولا عين له كأعيننا ولا يد ورجل له كأيدينا وأرجلنا ولو كان لله يد ورجل أو لسان أو مقلة أو جوارح أو أعضاء لكان مركباً وكل مركب يحتاج إلى أحد يؤلفه ويركبه والله ليس قبله أحد حتى يكون هو المركب للإله.
يقول القرآن الحكيم ليس كمثله شيء (83).
وقال تعالى ما قدروا الله حق قدره (84).
إن الله ليس بجسم ولا بذي أعضاء ولا يشابهه شيء وليس له جوف كأجواف المخلوقين ولم يكن له والد ولّده ولم يلد هو أحداً كما زعمت اليهود إن عزير ابن الله !‍ وكما زعمت النصارى إن المسيح ابن الله (85).
وقد سأل جماعة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن الله، فأنزل الله في الجواب لهم قل هو الله أحد الله الصمد الذي لا جوف له لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد (86).
وكتب محمد الهمداني إلى أبي الحسن عليه السلام إن من قبلنا من مواليك قد اختلفوا في التوحيد فمنهم من يقول جسم ومنهم من يقول صورة، فكتب عليه السلام بخطه سبحان من لا يحد ولا يوصف ليس كمثله شيء وهو السميع العليم (87).
وقال الصادق عليه السلام لا جسم ولا صورة ولا يحس ولا يجس ولا يدرك بالحواس الخمس لا تدركه الأوهام ولا تنقصه الدهور ولا تغيره الأزمان (88).
وقال عليه السلام ليونس يا يونس من زعم أن لله وجهاً كالوجوه فقد أشرك ومن زعم أن لله جوارح كجوارح المخلوقين فهو كافر بالله (89).
وقال عليه السلام إن الله تبارك وتعالى لا يشبه شيئاً ولا يشبهه شيء وكلما وقع في الوهم فهو بخلافه(90).
إن من الناس من يتخيل إن الله في السماء ومنهم من يزعم إنه جالس على العرش ومنهم من يظن أنه قطعة من نور ومنهم من يتوهم انه كالإنسان له وجه ويد ورجل، كل هذه الأوهام مما يأباه العقل ويرده القرآن والسنة.
إن الله لو كان في العرش كان محتاجاً إليه ولو كان له جارحة كان محتاجاً إليها والله غني بجميع معنى الكلمة لا يحتاج إلى شيء أبداً.

لا يدرك كنهه

هل تفكرت يوماً في أنك لا تعلم أشياء كثيرة ؟
هل عرفت أن ما لا تعلم أكثر وأكثر مما تعلم ؟
هل طرق سمعك أن شعب العلم التي توصل إليها العلماء تقرب من المائة والثلاثين علماً فالفيزياء علم والكيمياء علم والحساب علم والهندسة علم والطب علم ؟
ثم هل تدري انك لا تعرف من العلوم إلا شيئاً يسيراً ؟
وهل رأيت في الكتب أن العلماء مع هذا التوسع المدهش من العلم وهذه الاختراعات يركعون أمام عظمة الكون وأسراره خشعاً ويقولون إن ما كشفناه ليس شيئاً بالنسبة إلى مالم نكتشفه وإن العالم مليء بالأسرار والعلوم ؟
وهل قرأت أن الروح التي هي بين جنبيك وبين جنبي كل ذي روح لم يعرف حقيقتها إلى الآن مع كثرة فحص العلماء عنها وشدة ولعهم لاكتشافها ؟
وهل سمعت أن العقل أخ الروح في هذه الجهالة والغموض؟
دعنا عن العقل والروح هل سمعت أن الكهرباء التي تضيئنا في كل ليل وتحرك مراوحنا وتغسل أثوابنا و إلى ألف جهاز التي تمونها الكهرباء لم يعرف بعد حقيقتها وإنما يقول العلماء نرى آثارها ولا ندرك كنهها.
إنا مع أنه لا نعرف حقيقة ما هو معنا دائم العمر كالروح والعقل ولا نعرف كنه ما نستفيد منه في كثير من شؤون حياتنا كالكهرباء كيف نتجرأ ونقول ما هي حقيقة الله.
إن حقيقة الله شيء لا يعرف، والعقل البشري أقصر من أن يدرك كنه الله، إنا نعترف بوجود الله لأنا نرى آثاره كما نعترف بوجود الروح والكهرباء لأنا نرى آثارهما، أما حقيقة الله فلا يمكن معرفتها بل نعرف الله بآثاره
أتدري أن العين ولو كانت حادة لا تبصر الجرثومة الصغيرة ولا تبصر الجرم البعيد ولا تبصر الشيء القريب إليها جداً ولا تبصر إلا مع وجود النور، إن العقل كذلك فهو كالعين لكن العين تدرك المحسوس في نطاق ضيق والعقل يدرك المعقول في نطاق ضيق أيضاً، وكما أنه ليس من المنطق أن ننكر الأجسام البعيدة بمجرد أنا لم نرها‍ كذلك ليس من المنطق أن ننكر وجود الله بمجرد أنا لا ندرك حقيقته
إن من يرى بناءاً يحكم بوجود البناء له وإن لم ير البناء ومن يرى أثر القدم يعلم بأنه مر هناك شخص وإن لم ير الشخص لأن الأثر يدل على المؤثر وإن لم يعرف حقيقة المؤثر ولم يره.
إنا لا نعرف حقيقة الله ولم نر الله لكنا عرفناه من آثاره وكفى.

لا تدركه الأبصار

يقال إن رجلاً أنكر وجود الله وقال إن كل شيء موجود لابد وأن يدرك بإحدى الحواس الخمس العين والأذن والأنف واللسان واللمس وأنا لم أرى الله ولم أسمع صوته ولم أشم ريحه ولم أتذوق طعمه ولم ألمس جسمه، فصنع رجل سمع مقالة الرجل المنكر كرتين كرة من خشب وكرة من حديد وصبغهما ثم أتى بهما إلى المنكر وقال إن هاتين كرتان صنعت أحدهما من خشب والأخرى من حديد فهل تتمكن أن تحكم بمجرد نظرك إليهما بأن أيهما حديد وأيهما خشب، فنظر المنكر إليهما وقال لا أتمكن من التميز‍ بالنظر، قال المثبت فادن سمعك إليهما لعلك تسمع صوتهما وتميزهما، فأدنى المنكر أذنه ولم يتمكن من التميز.
قال المثبت فالطعهما بلسانك لعلك تميزهما من الذوق، فلطع المنكر ولم يميز، قال المثبت فاستنشق ريحهما لعلك تميز بالشم، فلم يعرف المنكر‍.
قال المثبت فالمسهما بيدك لعلك تميز باللمس، فلمسهما المنكر ولم يميز! قال فمن أين تميز بينهما.
قال المنكر أرفعهما فأيهما كان أثقل عرفت أنه الحديد وأيهما كان أخف عرفت أنه الخشب، قال المثبت ومن يحكم بأن الأثقل هو الحديد.
قال المنكر العقل.
فكر المثبت قائلاً إن اللون الخفيف إذا كان حائلاً دون معرفتك وسد أبواب حسك حتى اعترفت بعجز حواسك عن الإدراك ولجئت أخيراً إلى العقل فما يمنعك من الاعتراف بوجود الله الذي ترى آثاره وإن لم تدركه حواسك
فانقطع المنكر وقفل (91) إلى الاعتقاد وآمن بالله.
إن الله ليس بمرئي لأنه ليس بجسم.
وعدم رؤيتنا له ليس دليلاً على عدم وجوده.
إنا لم نر العقل فمن أين نحكم بأن هذا عاقل وهذا مجنون ليس ذلك إلا بأنا نرى آثار العقل في أحدهما دون الآخر.
وكذلك نحكم بوجود الله لما نشاهد من آثاره.
إن الله يمتنع عليه الرؤية فلا يرى لا في الدنيا ولا في الآخرة لأنه ليس بجسم وكل ما ليس بجسم لا يمكن رؤيته.
يقول القرآن الحكيم لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار (92).
وحيث طلب موسى عليه السلام من الله أن يريه نفسه.
أجابه الله لن تراني ولكن أنظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني(93). تعليقاً على المستحيل فلما تجلي ربه للجبل جعله دكاً وخر موسى صعقاً (94).
وقد استعظم الله تعالى سؤال الرؤية فقال يسألك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتاباً من السماء فقد سئلوا موسى أكبر من ذلك فقالوا أرنا الله جهرة‍ فأخذتهم الصاعق بظلمهم (95).
وقام رجل يقال له ذعلب إلى أمير المؤمنين عليه السلام فقال يا أمير المؤمنين هل رأيت ربك.
قال عليه السلام ويلك يا ذعلب لم أكن بالذي أعبد رباً لم أره
قال كيف رأيته صفه لنا.
قال ويلك لم تره العيون بمشاهدة الأبصار ولكن رأته القلوب بحقائق الإيمان (96).
وقال الإمام الباقر عليه السلام لأبي هاشم يا أبا هاشم أوهام القلوب أدق من أبصار العيون أنت قد تدرك بوهمك السند والهند والبلدان التي لم تدخلها ولا تدركها ببصرك وأوهام القلوب لا تدركها فكيف أبصار العيون (97).
وهناك في القرآن الحكيم آيات قد يتوهم منها انه تعالى جسم أو مرئي
قال تعالى الرحمن على العرش استوى (98).
وقال سبحانه وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة (99).
لكن هذا استعمال عرفي كما نقول استوى الملك على سرير السلطنة والملك لم يجلس على السرير وإنما نقصد أنه أخذ بأزمة الحكم.
أو نقول أنظر إلى التلميذ الفلاني وقد أصبح مديرا والحال أنه بعده تلميذ وإنما نقصد من النظر العلم بذلك.
فيراد إن الله مستول على أزمة الكون آخذ بأطرافه
وإن يوم القيامة يعلم الناس جميعاً بوجود الله كأنهم ينظرون إليه على خلاف ما كانوا في الدنيا شاكين فيه.

لا يحده زمان ولا مكان

الزمان والمكان من عوارض الجسم.
الفراغ الذي يشغله الجسم هو المكان.
والبقاء الذي للجسم هو الزمان.
لكل جسم طول وعرض وارتفاع وامتداد وهو الزمان كما يقول أنيشتاين(100) لو تخيلنا انه لا شيء في الوجود فهل يبقى هناك زمان.
كلا‍..
الزمان امتداد للجسم.
إن الله خارج عن الزمان والمكان أي ليس له مكان فيقال الله في السماء أو في الأرض أو على العرش.
أو أو.. وليس له زمان فيقال الله في يوم الجمعة أو في شهر شعبان أو في سنة ألف أو أو.. إن الله ليس بجسم فلا زمان له ولا مكان.
فكما انه يرى كل الأشياء أي يرى من أقصى الشرق إلى أقصى الغرب من الأرض إلى منتهى الفضاء من.
كذلك يرى كل الأزمنة أي يرى الماضي والحال والمستقبل في آن واحد، إنا لانرى آخر المشرق لأنه يحيط بنا المكان الذي هو المغرب مثلاً، وإنا لا نرى الماضي ولا المستقبل لأنه يحيط بنا الزمان الذي هو الحال.
لكن الله لا مكان له فيرى كل الأمكنة، ولا زمان له فيرى كل الأزمنة.
لو فرضنا أن رجلا ولد في جو مملوء من الدخان لم يتصور هذا الرجل فضاءاً ليس فيه دخان بل يظن أن كل شيء محاط بالدخان، أما الخارج عن الدخان فيعلم أول الدخان وآخره لأن الدخان لم يحط بهذا الرجل الخارج، إنا كلما تصورنا الأشياء نتصور معها الزمان والمكان لأنا ولدنا زمانياً ومكانياً.
أما الله الذي هو خارج عن الزمان والمكان فلا تحويه الأزمنة والأمكنة.
قال الإمام الصادق عليه السلام إن الله تبارك وتعالى لا يوصف بزمان ولا مكان ولا حركة ولا انتقال ولا سكون بل هو خالق الزمان والمكان والحركة والسكون والانتقال (101).
إن الله ليس في زمان ولا مكان لكنه مطلع على الجميع وآخذ بأزمة الجميع.
قال أمير المؤمنين عليه السلام إن موسى بن عمران كان ذات يوم جالساً إذ جاءه ملك من المشرق فقال له من أين جئت؟
قال من عند الله عزوجل.
ثم جاءه ملك من المغرب فقال له من أين جئت؟
قال من عند الله عزوجل.
ثم جاءه ملك آخر فقال من أين جئت؟
قال جئتك من السماء السابعة من عند الله عز وجل.
وجاءه ملك آخر فقال من أين جئت؟
قال قد جئتك من الأرض السابعة السفلى من عند الله عزوجل.
فقال موسى عليه السلام سبحان من لا يخلو منه مكان ولا يكون إلى مكان أقرب من مكان (102).
وسمع أمير المؤمنين عليه السلام رجلاً يقول والذي احتجب بسبع طباق فقال عليه السلام يـــا ويــلك! إن الله أجـــل من أن يتحجب عـــن شــيء أو يحتـــجب عنـــه شــيء سبـــحان الذي لا يحويه مكان ولا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء (103).
اضافة رد مع اقتباس