مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
  #3  
قديم 28/03/2002, 03:47 PM
السلطانة السلطانة غير متواجد حالياً
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 29/12/2001
المكان: جدة
مشاركات: 2,219
الخالق

الله خالق كل شيء فما من صغير في منتهى الصغر ولا كبير في غاية الكبر إلا وخالقه الله ليس له مشارك في خلقه ولا ظهير في تكوينه.
هو خلق الشمس والقمر وهو خلق النبات والحيوان وهو خلق الأرض والسماء والإنسان في كثير مما يفعله إنما هو معد لا غير فالإنسان إنما يباشر زوجه فقط أما جريان الماء من الصلب والترائب إلى الرحم.
أما استقراره في مكان مكين أما نموه وصيرورته عظاماً وغضاريف وأوردة وشرايين وسمعاً وبصراً ولساناً وشفة، أما دخول الروح فيه، أما تجهيزه بالصفات والأحوال فكلها من الله (41).
والزارع إنما يحرث الأرض ويدفن البذر ويتعهد سقي الماء أما نمو النبات إلى أن يخرج من الأرض.
أما اخضرار أوراقه، أما إخراج الثمار، أما نضوجها فكلها من الله
وهكذا نقول في كل ما نرى في الكون من كبير وصغير ونام وجماد وسائل وجامد وحي وميت.
يقول القرآن الحكيم الذي جعل لكم الأرض فراشاً والسماء بناءاً وأنزل من السماء. ماءاً فأخرج به من الثمرات رزقاً لكم فلا تجعلوا الله أنداداً وأنتم تعلمون (42).
وقال سبحانه خلق الإنسان من نطفة فإذا هو خصيم مبين والأنعام خلقها لكم فيها دفء ومنافع ومنها تأكلون ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون… ويخلق ما لا تعلمون (43).
وقال تعالى خلق السماوات والأرض بالحق (44).
وقال عزوجل أو لم يروا أنا خلقنا لهم مما عملت أيدينا أنعاماً (45).
وقال سبحانه والله خلقكم من تراب ثم من نطفة ثم جعلكم أزواجاً (46).
وقال تعالى ذلكم الله ربكم خالق كل شيء لا إله إلا هو فأنى تؤفكون (47).
وقال سبحانه سبحان الذي خلق الأزواج كلها مما تنبت الأرض ومن أنفسهم ومما لا يعلمون (48).
وربما يدور في خلد بعض الناس إن الله ليس بخالق لمثل البق الذي يتكون في المستنقعات! لكن هذا زعم بعيد.
إن الله جعل لكل شيئاً سبباً فكما جعل سبب تكون الإنسان زوجاً وزوجةً وسبب تكون النبات أرضاً وماءاً بذوراً وضياءاً، كذلك جعل سبب تكون البعوض المستنقعات وسبب تكون الجراثيم القاذورات والنفايات.
دخل ابن أبي العوجاء على أبي عبد الله الصادق عليه السلام فقال أليس تزعم أن الله خالق كل شيء.
فقال أبو عبد الله عليه السلام: بلى.
فقال له: أنا أخلق.
فقال عليه السلام: كيف تخلق.
قال: أحدث في الموضع ثم البث عنه فيصير دواباً فأكون أنا الذي خلقتها
فقال أبو عبد الله عليه السلام: أليس خالق الشيء يعرف كم خلقه
قال له: بلى.
قال عليه السلام فتعرف الذكر منها من الأنثى! وتعرف كم عمرها (49).
إن منتهى ما في اختيار الإنسان أن يحدث السبب كأن يصب الماء في مكان قذر أما انه يخلق شيئاً فلا يمكن.


هل للطبيعة صفة الخالقية

ما هي الطبيعة حتى نزعمها خالقاً ؟
إن الإنسان كامل جداً له عين وأذن ولسان ولمس وشم وفكر وتجارب وأدوات والطبيعة ناقصة جداً لا شيء لها، ثم ما هي الطبيعة هل هي الأرض أم الشمس أم الضوء أم الدفء أم الهواء أم بمجموعها أم النظام السائد فيها.
إن الأرض البكماء العمياء الصماء وكذلك الشمس و و التي هي مثل الأرض في العجز والجهل و و هل تتمكن من خلق الروح والجمال والحب، أما النظام السائد فيها فمن جعل ذلك النظام.
إنها أسئلة تستحق شيئا من التفكير.
إن من ينظر إلى الكون ثم يزعم انه من صنع الطبيعة ثم يفسر الطبيعة بأنها هي الكون إن هذا الشخص كمن ينظر إلى بناء جميل ثم يزعم انه صنع نفسه
هل هذا منطق المفكر؟ كلا
إن للكون إلهاً عالماً حكيماً قادراً مريداً صنعه وأجرى فيه النظام.

العلماء اشد الناس ايماناً

أما العلماء المكتشفون، فمن الجدير أن يكونوا أشد الناس إيماناً بالله إن فضل المكتشف انه كشف عن حقيقة كانت ولكن كانت مجهولة وإنما كشفها هذا العالم أما الحقيقة فهي تنادي بأن لها خالقا وجاعلا ثم جعل مفتاحها دماغ هذا المفكر وإلا فمن جعل الهواء بحيث تقل الطائرة ومن جعل البخار قويا بحيث يحرك الباخرة والقاطرة ومن جعل للرادار(50) عيناً ومن جعل الأثير يحمل الأصوات.

الغنيّ

أرأيت الأغنياء لا يملكون من الكون إلا دراهم معدودة ومع ذلك يسميهم الناس أغنياء
إنه إطلاق مجازي إذ هذا الغني لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً ولا حياة ولا موتاً ولا صحةً ولا مرضاً ولا شيباً ولا شباباً ولا نقصاً ولا كمالاً، منتهى الأمر إن صديقه الفقير لا يملك مثل دراهمه.
إن الله غني بما لهذه اللفظة من معنى.
غني في وجوده فلا يحتاج إلى خالق يخلقه.
غني في ملكه فلا يحتاج إلى أحد يملكه.
غني في علمه فلا يحتاج إلى معلم.
غني في خلقه فلا يحتاج إلى مشير أو ظهير.
غني في ذاته فلا يحتاج إلى آلة أو تجربة.
غني في أحواله فلا يحتاج إلى خزينة أو درهم أو دينار.
إن غنى الله ليس لأنه يملك معادن الأرض النفيسة ولا لأنه يملك عدداً كثيراً من. الجن والإنس والملك ولا لأنه يملك الفضاء الشاسع والأنهار والأراضي ولا لأنه يملك خزائن المخلوقات من ماء وهواء وضياء وتراب التي بها تثمر الأشجار وتنمو النباتات وتخلق الحيوانات، بل لأن له القدرة العظيمة التي بها يخلق ما يخلق وإن أفنى جميع الكون بحيث رجع لا شيء إن في كلمة كن كنز الله الذي إذا شاء خلق أكواناً وأكواناً بلا نصب ولا لغوب.
يقول القرآن الحكيم إ نما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون (51).
ولقد سفه المنافقون الذين حكى الله قولهم هم الذين يقولون لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا(52).
زاعمين أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم محتاج إلى عونهم وإنه بانقطاع صلاتهم ينفض المسلمون من حول النبي صلى الله عليه وآله وسلم وإن الله لا يتمكن من إنقاذ الموقف فرد الله عليهم بقوله ولله خزائن السماوات والأرض ولكن المنافقين لا يفقهون (53).
إن العلم والخلق والرزق والأمانة والإحياء والصحة والمرض والمال والجاه و كلها في خزائن الله يعطيها من يشاء ويصرفها عمن يشاء ولكن ذلك تحت حكمة عالية ومصلحة قاضية يقول الله تعالى وإن من شيء إلا عندنا خزائنه وما ننزله إلا بقدر معلوم (54).
وحيث نزل قوله تعالى من ذا الذي يقرض الله قرضاً حسناً فيضاعفه له أضعافاً كثيرة (55) قال جمع من اليهود استهزاءً إن إله محمد فقير ونحن أغنياء زاعمين إن ما لديهم من دراهم يغنيهم وظنوا أن هذه الآية تدل على فقر الله فرد الله عليهم ووعدهم بالعذاب في قوله لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء‍‍‍ سنكتب ما قالوا‍ وقتلهم الأنبياء بغير حق ونقول ذوقوا عذاب الحريق ذلك بما قدمت أيديكم وإن الله ليس بظلام للعبيد (56).
وقد يزعم أناس إن إيمان الناس بالله تعالى مما يحتاج إليه، إن الله لا ينفعه إيمان المؤمنين ولا يضره كفر الكافرين فهو الغني عن كل ذلك وإنما ترجع الفائدة إلى المؤمن نفسه وتعود المضرة إلى الكافر نفسه.
ولقد قال القرآن الكريـــم عن لسان مــوسى عليه الســــلام وقال موســـى إن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعاً فإن الله لغني حميد(57).
وقال في آية أخرى ومن جاهد فإنما يجاهد لنفسه إن الله لغني عن العالمين (58).
وقد أظهر سبحانه الاستغناء عن قوم تولوا عن وعظ المرسلين وسلكوا سبيل الكافرين فقال ألم يأتكم نبأ الذين كفروا من قبل فذاقوا وبال أمرهم ولهم عذاب أليم ذلك بأنه كانت تأتيهم رسلهم بالبينات فقالوا ابشراً يهدوننا‍ فكفروا وتولوا‍ واستغنى الله والله غني حميد (59).
إذن من الخرافة أن يقول أحد إن الله غني عن طاعتي فلم أتعب نفسي، أو إن الله غني عن مالي فلم أنفقه في سبيله.
إن الإطاعة والإنفاق يعودان إلى نفس المطيع والمنفق وتعودان إلى نظام الحياة الاجتماعية.
أليس من السخف أن يقول تلميذ إن الحكومة في غني عن نجاحي ورسوبي فلم أتعب نفسي وأسهر ليلي بالحفظ والدرس.
إن مثل هذا التلميذ يعد سخيفاً ويعد كلامه هراءاً وإن كان لا تضر الحكومة بطالته ورسوبه ولا ينفعها نجاحه ورقيه والحكومة كما نعلم بمكان نازل من الغنى فكيف بالله العلي العظيم الذي له ملك السماوات والأرض وهو على كل شيء قدير.

الحي

الحياة تقابل الموت والجمود فالإنسان الحي والحيوان الحي والنبات الحي كلها أحياء لا موت فيها ولا جمود.
والحي يترشح منه الكمال فالإنسان الحي يبصر ويسمع ويفكر ويعمل والحيوان الحي يأكل ويشرب ويمشي ويتكاثر والنبات الحي ينمو ويورق ويخضر ويثمر، ومراتب الحياة مختلفة فحياة الإنسان أرقى من حياة الحيوان وحياة النبات أنزل من حياة الحيوان وهكذا مراتب الحياة في الإنسان مختلفة فكلما كانت آثار الحياة في فرد أقوى كانت الحياة فيه أرقى وكذلك الحيوان والنبات.
إن الله حي.
وليس معنى ذلك أنه يأكل أو ينمو أو مما يكون من لوازم الجسم والعرض، بل معنى حياة الله انه يخلق ويعلم ويريد ويقدر ويحيي ويميت ويرزق ويعطي ويثيب ويعاقب، إن بعض الفلاسفة زعم أن الله يعمل لكنه غير حي فهو كماكنة تشتغل أتوماتيكياً، إن الماكنة الأتوماتيكية لا تعمل إلا شيئاً واحداً، أما الله فهو كل يوم في شأن نرى سيل الوجود الجارف الذي لا يحصي مداه بشر يجري في نهر الوجود كل يوم بل كل آن ولحظة في شكل وصورة وحجم وقالب ولون وكيفية.
هذا يحيى وهذا يموت وهذه تلد وهذه تعقم والأرض تخضر ثم تصفر ثم تغبر والطفل يشب ثم يشيب والسحاب يزجي ثم يركم ثم يمطر ثم يضمحل.
إن الله حي وبيده أزمة الكون وهو كل يوم في شأن (60).
يقول القرآن الحكيم الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم له ما في السماوات وما في الأرض(61) وقال تعالى وتوكل على الحي الذي لا يموت وسبح بحمده وكفى به بذنوب عباده خبيراً (62).
وقال سبحانه وعنت الوجوه للحي القيوم وقد خاب من حمل ظلماً (63).
إن آثار الحياة في كل بشر مهما عظمت مقدرته واتسعت آثاره ضئيلة جداً ومحدودة بحدود الزمان والمكان أما آثار الحياة في الله تعالى فهي بعكس ذلك فكل ما في الكون الشاسع من أثر فهو أنموذج عن آثار حياته تعالى، حتى ان حياة ما سواه أضئل من الصفر في جنب حياته تعالى، ولقد زعم اليهود أن الله لا يصنع شيئاً وفرغ مما أراد فشدد الله في النكير عليهم حيث يقول وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء (64).
اضافة رد مع اقتباس