كأس العالم 2006... بطولة القيود القاسية على اللاعبين والمشجعين والصحافة
تعني كأس العالم العاطفة والاحساس والبهجة والاحتفالات والترفيه والتسلية لكن بالنسبة لنهائيات ألمانيا 2006 فهي تعني أيضا قائمة طويلة من المحظورات التي لن يسمح الاتحاد الدولي لكرة القدم للمشجعين أو اللاعبين أو رجال الاعلام بتجاوزها.
فالتلويح بعلم صنعته جدتك بكل فخر سيكون ممنوعا طالما أنه لا يحمل المواصفات القصوى التي يطلبها الاتحاد الدولي للعبة.
أما إذا كنت حارسا للمرمى وترغب في وضع اسمك أو توقيعك على القفازات التي ستخوض بها المباريات فعليك أن تكون حريصا في الاختيار ما بين الكف اليمنى أو اليسرى لانه لن يسمح لك بالقيام بذلك إلا على واحد منهما فقط.
أما إذا كنت صحفيا وتنوي مثلا تصوير بعض اللقطات النادرة التي تعكس الاجواء التي تعمل فيها في الملاعب عبر هاتفك الجوال وأن ترسل نسخة منها إلى صديق لك.. فعليك أن تحذر صديقك بشدة من أنه من غير المسموح له بنشر هذه اللقطات عبر الانترنت لان ذلك سيحرمك من تغطية المنافسات وسيعرضك للطرد من البطولة.
وإذا ما راودت الشكوك شخصا ما فإن الاتحاد الدولي لكرة القدم أوضح أن له كلمة الختام في هذا الشأن.ويذكر جريجور لينتز رئيس الشركة التي تراقب عملية التسويق والحقوق التلفزيونية لكأس العالم أن "نهائيات كأس العالم ليست حدثا عاما. إنه حدث خاص للغاية يجري تنظيمه من جانب 207 اتحاد محلي لكرة القدم منضوية تحت لواء الاتحاد الدولي لكرة القدم".
ولقد حاولت اللجنة المنظمة الالمانية في مناسبة ما الالتفاف على قواعد الاتحاد الدولي لكرة القدم عندما أبدت رغبتها في أن يسمح الاتحاد الدولي ببيع الجعة الالمانية في الملاعب بدلا من جعة بودوايزر الامريكية أحد الرعاة الرسميين لهذه البطولة.
وتصدى جوزيف بلاتر رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم بنفسه لهذه المحاولة ورفضها تماما.
وقال "أريد أن أوضح مرة واحدة للجميع: نهائيات كأس العالم لا تخص ألمانيا.إنها ليست كأس عالم ألمانية.. إنها كأس عالم تخص الاتحاد الدولي لكرة القدم وينظمها في ألمانيا وهي تكلفنا مليار فرانك سويسري (770 مليون دولار)".
ولائحة المحظورات لا نهاية لها حيث لن يسمح للجماهير بدخول الملاعب وفي حوزتهم كاميرات فيديو أو آلات تصوير يستخدمها محترفون. كما يمنع عليهم إدخال الحلوى ولفائف ورق الحمامات لاستخدامها في الاحتفالات من خلال إلقائها على أرض الملعب.
ولن يسمح بإدخال اللافتات إذا ما زاد طولها أو عرضها أو ارتفاعها عن متر واحد أو الابواق أو العبوات الغازية التي تطلق أصواتا معهودة في الملاعب ولا حتى الحقائب أو المحافظ الجلدية الكبيرة.
ومن الواضح أن الكثير من الجماهير يدركون منذ الان ماذا ينتظرهم وماذا سيواجهون لانهم عانوا كثيرا من أجل الحصول على تذاكر دخول المباريات التي كان يجب عليهم أن يدفعوا ثمنها عبر شيكات مصرفية أو بطاقات الائتمان.. وليس أي بطاقة إئتمان وإنما تلك التي يقدمها الراعي الرسمي للمنافسات.
أما الشبكات والوسائل الاعلامية فقد واجهت بالفعل معركة ضخمة حيث شدد الاتحاد الدولي لكرة القدم على أن بطاقات اعتماد الاعلاميين لتغطية نهائيات كأس العالم هي رسميا من ممتلكاته الخاصة ويمكنه سحبها من أي شخص أو إلغائها في أي وقت.
وتزيد حدة المواجهة عندما يتعلق الامر بأزمة نشر الصور على شبكة الانترنت.
وبداية حاول الاتحاد الدولي لكرة القدم منع نشر أي صور لاي مباراة قبل مرور ساعتين على صافرة النهاية لكن بعد نحو ستة أشهر من الاحتجاجات والمفاوضات والاتهامات قالت الرابطة الدولية للصحف: "من الواضح أن كسب المال هو أكثر ما يهم الاتحاد الدولي لكرة القدم".. وبعدها تراجع الاتحاد الدولي للعبة عن قراره وسمح بنشر الصور في أي وقت.
أما بالنظر إلى اللاعبين فسيكون عليهم حتى قبل لمس الكرة في هذه النهائيات أن يوقعوا إقرارا يتعهدون فيه بعدم تناول منشطات محظورة وهي بدعة جديدة لم تعرفها النهائيات من قبل كما أن عليهم آلا يشاركوا هم أو أقاربهم في المراهنات على نتائج مباريات البطولة العالمية.
وبرر بلاتر تلك الاجراءات بقوله: "انفق الكثير من المال على المراهنات وهو شيء من الجنون ويشكل خطرا واضحا".
وتطال الاشياء المحظورة الاخرى على الفرق تلك الادوات التي يستخدمها اللاعبون. وأوضح الاتحاد الدولي لكرة القدم في مذكرة مؤلفة من 48 صفحة الادوات التي يمكن استخدامها من جانب اللاعبين وكيف يزينون أنفسهم وأي شعارات يمكن أن يرتدوها وأين.
وعلى سبيل المثال لا يجب أن تحتوي قمصان التدريب الخاصة باللاعبين على شعارات تزيد مساحتها عن 100 سنتيمتر مربع وأن لا تزيد مساحة علم الدولة الموضوع على الاكمام عن 25 سنتيمترا مربعا والا تحمل حقائب الاسعافات الاولية أي إعلانات على الاطلاق.
حتى الشركات التي أرادت أن تعلن عن منتجاتها في نهائيات كأس العالم لم تجد الامر سهلا. واستثمر الرعاة الرسميون للبطولة نحو 643 مليون يورو (780 مليون دولار) من أجل الترويج لانفسهم خلال هذه المنافسات.
وهكذا يحمي الاتحاد الدولي لكرة القدم صورته بكل ما يملك من قوة وقد أقام أكثر من ألف دعوى قضائية على شركات لا يتضمنها اتفاق الرعاية مع الاتحاد الدولي للعبة بعدما استخدمت اسم كأس العالم دون الحصول على تصريح مسبق.
ويعتقد أن عدد المحاكم المكتظة بهذه القضايا المرفوعة من جانب الاتحاد الدولي على الشركات التي يعتقد بأنها استخدمت كلمات "كأس العالم" و"ألمانيا" و"2006" وتعكف على دراستها ليست كافية.
على أي حال خسر الاتحاد الدولي لكرة القدم إحدى قضاياه التي نظرت أمام المحكمة الالمانية العليا في كارلسروه التي أكدت أنه ليس من حق الاتحاد أن يعترض على عبارة "كأس العالم لكرة القدم 2006".
وكان الاتحاد الدولي لكرة القدم سجل تلك العبارة باسمه باللغة الالمانية علامة مسجلة ل860 شركة ومؤسسة خدمية لكن شركة فيريرو الدولية لصناعة الشيكولاتة والحلويات تحدته عبر المحاكم الالمانية.
ليس هناك الكثير المواقف التي يمكن أن يفوت من رقابة الاتحاد الدولي لكرة القدم على الرغم من أن تلك التي تعني بالسجائر لها وضع خاص. ففي كأس العالم التي أقيمت في كوريا الجنوبية واليابان كان التدخين ممنوعا بصفة رسمية لكن الامر سيختلف في ألمانيا.
فلقد حاول الاتحاد الدولي لكرة القدم أن يطبق نفس المبدأ في البطولة المقبلة لكنه واجه معارضة شديدة من بعض المنظمين إلى جانب القواعد الاوروبية المتعلقة بالتدخين وانتهى الامر بالاكتفاء بوضع لافتات في الملاعب التي ستقام عليها المباريات توصي بالتوقف عن التدخين.. "يرجى التوقف عن التدخين" وليس مقاطعة كاملة. |