مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
  #10  
قديم 02/03/2006, 04:52 PM
creem creem غير متواجد حالياً
زعيــم متواصــل
تاريخ التسجيل: 31/08/2003
مشاركات: 98
Exclamation اللهم إني أعوذ بك من الخبث و الخبائث

جريدة الوطـ(ث)ـن

الدكتور النجيمي حين يَغضب

حمزة قبلان المزيني*
أوردتُ في مقالي الذي نشرتْه "الوطن" بعنوان "استغلال الأزمات (العدد 1966) فقرة نُشرت في موقع الوفاق الإلكتروني نُسبت إلى الدكتور محمد النجيمي شن فيها هجوما شديدا على من صنَّفهم بـ"الليبراليين السعوديين".
وأشرت إلى خطورة الاتهامات التي ساقها الدكتور النجيمي من غير برهان. وأخطر هذه التهم أن من وصفهم بالليبراليين السعوديين "لا تعنيهم ثوابت هذه الأمة"، وأنهم "يخطبون ود كل أجنبي"، وأنهم "يتسولون على أبواب السفارات الأجنبية".
وتصل هذه الاتهامات الثلاثة إلى مستوى الخيانة الوطنية لو صحت.
ولم يكن ذلك الموضعَ الوحيد الذي ساق فيه الدكتور النجيمي مثل هذه الاتهامات التي يجب أن يدلل عليها بل تحدث بمثلها في ملحق الرسالة الذي يصدر عن صحيفة المدينة (الجمعة 25/1/1427هـ) حيث شن هجوما على من أسماهم بـ"الليبراليين العرب" و"أفراخهم من الليبراليين السعوديين" اتهمهم فيه بكل ما في جعبته من تهم من غير أن يبرهن على شيء منها.
وزاد الدكتور النجيمي ما هو أكثر من ذلك في مقابلة له مع موقع الوفاق الإلكتروني بعد نشر مقالي سالف الذِّكر.
ويبدو أن الدكتور النجيمي قال في تلك المقابلة ما قاله تحت تأثير الغضب من مقالي الذي لم أورد اسمه فيه. ويمكنني القول إنه لو اجتهد أحدٌ جهدَه في أن يسيء إلى الدكتور النجيمي فلا يمكن أن يسيء إليه بقدر ما أساء هو لنفسه. ذلك أنه تجاوز حدود المعقول في سوقه اتهامات جديدة يعرف أي متابع لما أكتبه أنها ليست صحيحة.
وكي لا يكون كلامي تجريديا أورد ما قاله حرفيا ليتبين القارئ مدى تأثير الغضب عليه مما جعله يضحي بأدنى المقاييس المقبولة في الحوار. فمما قاله في تلك المقابلة:
"أنا أتحدى الدكتور حمزة المزيني أن يمثل معي وجها لوجه أمام القضاء، ليعرف من منا المتطرف والإقصائي والمحرض، ومن الذي يتحرك وفق أجندة أجنبية، والذي لا يعترف أصلا بالقضاء!".
وتتضمن هذه الفقرة اتهامه لي بأني "متطرف"، وإقصائي"، و"محرِّض"، وأني أتحرك "وفق أجندة أجنبية"، وأني لا أعترف "أصلا بالقضاء". ومن الواضح أنه لا يملك دليلا واحدا على صدق أي من هذه الاتهامات الخطيرة. وأخطرها كما هو واضح أنني أتحرك "وفق أجندة أجنبية".
وأنا أطالبه هنا إما أن يأتي بدليل على هذه التهم القبيحة أو أن يعتذر عنها علانية. أما اتهامه لي بأني لا أعترف أصلا بالقضاء فاتهام طفولي ساذج ساقه إليه موقفه الأيديولوجي.
وكنت أشرت في مقالي السابق إلى أن تيار الغلو والتطرف فَقَد كثيرا من وهجه بعد أحداث العنف الإجرامية التي تعرض لها وطننا ـ المملكة العربية السعودية ـ منذ الثاني عشر من ربيع الأول سنة 1423هـ. لذلك أظهر كثير من المنتسبين إلى ذلك التيار الاعتدالَ ونسبوا أنفسهم إلى ما يسمونه بـ"الوسطية". لكن حال كثير منهم تبدلت بعد الرسوم المشؤومة التي أساءت إلى الرسول صلى الله عليه وسلم. وهو ما استغله بعضهم استغلالا غير أمين ليظهروا مرة أخرى ويتذرعوا بهذه الحادثة المشؤومة لتصفية حساباتهم مع التيارات المعتدلة في المجتمع السعودي.
لكن الدكتور النجيمي قلب الأمر مستخدما ضمير المتكلم الجمع، ولا أدري باسم من يتكلم، ليقول:
"أولا نحن ظاهرون منذ تأسيس هذا الكيان الشامخ، المملكة العربية السعودية، ولم نكن يوما في جحور، كما ادعى (المزيني)، ونقوم بالدعوة للاعتدال والوسطية، منذ أكثر من ثلاثين عاما، ولم يثبت علينا يوما ـ كدعاة إلى الله ـ أننا نسعى للشهرة، كما يفعل غير الدعاة من غلاة العلمانيين.
"أما غلاة اللبراليين... فهم الذين كانوا في جحورهم، ولم يخرجوا إلا بعد أحداث 11 سبتمبر2001 المشؤومة، ومنهم هذا العجوز الذي تجاوز الستين عاما، وخرج علينا ليبحث عن النجومية، من خلال هجومه على المناهج التعليمية، ووصفها بأقذر الأوصاف، واتهمها بتخريج إرهابيين، ومن خلال هجومه على مبادئ إسلامية عظيمة مثل (الجهاد) و(الولاء والبراء)، فمن خلال ما يسميه بـ (محاربة الإرهاب) هاجم ـ المزيني ـ كل المبادئ الإسلامية، التي أساء (الإرهابيون الدينيون) فهمها، فجاء (الإرهابيون العلمانيون) من أمثاله... فانقلبوا على كل هذه المبادئ، حتى إنه في مقال له بصحيفة الوطن السعودية قال "إن ذكر هذه المصطلحات يثير الآخرين، ويؤثر على علاقاتنا بالأمم الأخرى"، ثم إنه اتهم وسائل الإعلام بأنها فتحت الأبواب على مصراعيها للإرهابيين، كشاشات التلفزة وأعمدة الصحف، بل لم تسلم منه منابر المساجد، وهذا يدل على أن الرجل يعد كل من ينتمي إلى غير تياره إرهابيا، وهذا هو الإرهاب الفكري والإقصائي الذي نحذر منه".
ويتضمن هذا النص تهما متعددة ووصفا غير صحيح لما كتبتُه، وتعبيرات أقل ما يقال فيها إنها لا تليق بمن ينسب نفسه للدعوة. ومن أخطر التهم ادعاؤه أني هاجمت "مبادئ إسلامية عظيمة مثل "الجهاد" و"الولاء والبراء"" و"كل المبادئ الإسلامية"!
وأنا هنا أطالبه مرة أخرى بأن يأتي بدليل واحد على هذه التهم الجزافية. كما اتهمني بأني من الإرهابيين العلمانيين!! وهذان اتهامان خطيران لابد أن يبرهن عليهما. ومن المعلوم أن اتهام أحد من الناس بأنه "علماني" يرقى إلى أن يكون حكما عليه بالكفر، وقد صدر حكم شرعي قبل سنوات قليلة على شخص بالجلد أربعين جلدة لاتهامه أحد المثقفين بالعلمانية.
كما طالت اتهامات الدكتور النجيمي بعض المواطنين السعوديين الآخرين فاتهمهم بالعمالة للأجنبي؛ فيقول: "وليس ببعيد عنا زيارات (كولن باول)، ومن بعده (كونداليزا رايس) ودعواتهما لإطلاق سراح من كان مسجونا منهم، واعتبرا ذلك من رأس المطالب، وأيضا التصريحات الداعية إلى دعم التيار الليبرالي صراحة، ووصفهم بالإصلاحيين".
ومن أغرب ما قاله في تلك المقابلة: "لماذا لم يخصص (يقصدني) مقاله هذا في الذود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والمشاركة في الحملة الرسمية والشعبية التي تعم العالمين العربي والإسلامي، دفاعا عن سيد الخلق عليه السلام؟".
والواقع أن هذا السؤال يجب أن يوجه للدكتور النجيمي نفسه: ذلك أني لم أطلع على أي مقال كتبه هو عن هذه القضية.
ويعرف القراء جميعاً أن عشرات من الكتّاب الوطنيين السعوديين كتبوا مستنكرين التطاول على مقام رسول الله صلى الله عليه وسلم. واقترح كثير منهم طرقا معقولة للتعامل مع هذا الحدث الكبير يمكن أن تحقق ما يطالب به المسلمون الغربيون من احترام للمقدسات الإسلامية وعلى رأسها احترام النبي الكريم والاعتذار عن الإساءة إليه. وكنت كتبت مقالات ثلاث عن هذه القضية في هذا السياق.
وقد ورد أخطر اتهام تفوه به الدكتور النجيمي في قوله: "أنا لا أستغرب من الدكتور حمزة المزيني وصفنا (!) بالإرهاب والتطرف، وهو نفسه الذي أيد ما يسمى بـ (إسرائيل) في بنائها الجدار العنصري، وقال "إن من حقها أن تحمي نفسها من الإرهابيين" انظروا كيف يخالف (المزيني) حتى القوانين والمواثيق والمنظمات الدولية التي اعتبرت الجدار العنصري العازل مخالفا للقانون الدولي، وحكمت محكمة العدل الدولية بإزالته، وأن جميع مواثيق الأمم المتحدة تبيح للشعوب المحتلة الدفاع عن أرضها المحتلة، وتناضل وتجاهد لتحريرها، لأن هذا حق مشروع، بينما يعتبر (المزيني) نضال الشعب الفلسطيني نوعا من الإرهاب".
والسؤال هو: من أين أتى الدكتور النجيمي بهذه الفرية؟ وربما كان سبب هذه الفرية الظالمة أن الدكتور النجيمي ممن يسمون بـ"قراء العناوين"، وهم الذين يكتفون بالنظر إلى كلمة وردت في عنوان ما ثم يظنون أنهم يعرفون مضمون ما كتب تحته.
ويعرف قراء صحيفة الوطن أنني ترجمت مقالا نشرته صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية للمفكر اللساني الناقد السياسي ذائع الصيت نعوم تشومسكي لأول مرة في تاريخها، نظرا لموقف تشومسكي المبدئي المعارض لانحياز الصحيفة للسياسة الإسرائيلية. ونشرت "الوطن" في عددها (1245) ترجمتي للمقال بعنوان: "الجدار العازل سلاحا". ويتضمن نقدا جذريا قويا للسياسة الإسرائيلية وسياسة الإدارة الأمريكية المؤيدة لها في إقامة هذا الجدار العنصري. ويتضمن كذلك تبيينا واضحا لمخالفته للقوانين الدولية.
فكيف يفهم الدكتور النجيمي هذا المقال ـ إن كان قرأه ـ فهما مغلوطا؟!
أما قوله إنني "أعتبر نضال الشعب الفلسطيني نوعا من الإرهاب" فهو أدخل في باب المغالطة ما نشرته لي "الوطن" والصحف العربية الأخرى من ترجمات لمقالات كثيرة مهمة لأبرز الكتّاب الأمريكيين، وعلى رأسهم تشومسكي، يعارضون فيها السياسة الخارجية الأمريكية القائمة على التحيز ضد القضية الفلسطينية في السنين الماضية.
ويكفي لتبيين جهل الدكتور النجيمي بما كتبته الإشارة إلى الكتاب الذي نشرته لي دار مدبولي في القاهرة سنة 2003 بعنوان "العولمة والإرهاب: حرب أمريكا على العالم"، ويتضمن مقالات ومحاضرات كثيرة كتبها أولئك النفر البارزون من الكتّاب أصحاب الضمائر الحية، وهي تدافع عن حقوق الفلسطينيين وحقهم في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي.
وخلاصة القول أن اتهامات الدكتور النجيمي المبنية على الجهل والغَرض تمثل بوضوح لا مثيل له مدى ما نعاني منه في هذا الوطن العزيز من تسلط بعض الفئات التي تتخذ الدين أداة لقمع من تختلف معهم في الرأي والتوجه حتى إن ألجأها ذلك إلى الكشف عن جهلها وقولها الزور.

*فأر ليبرالي خبيث أجلكم الله
اضافة رد مع اقتباس