يوهان كرويف .......أسطورة هولندية
لنقدم أدائنا الساحر .. ويرانا العالم بشكلنا الباهر
ولنلفت كل الأنظار .. ونشدُّ مختلف الأبصار
ومن ثمَّ
نعود غير مأسوف علينا .
هكذا كان شعار المنتخب البرتقالي في الأمم الأوربية عام
88 م في المانيا .
وهذا هو ما كان ينتظره شعبُ بأكمله كان يُنظر إليه بهكذا منظار
وهي رؤية يرونها ناقصه .. فالجمال لابد له وأن يكتمل ولو بعد حين ..!
ولكن في هولندا كان غير مرة ناقصاً .
ولكن متى يكتمل ؟
في عهد كرويف وبقية مجموعته لم يكتمل فهل بهذه مجموعه سيكتمل !
والمجموعة التي أقصدها هي مجموعة جولييت وكومان وريكارد
والشاب الصغير حينا فان باستن .
وبدأت بطولة الأمم الأوربية في المانيا عام 1988م
وكان العالم بإنتظار أصحاب الروؤس المُشرقه ليستمتعوا
بكرتهم الشاملة ..
كانوا ينتظرونهم ليصفقوا لهم وهم يتناقلون كراتهم الراقيه
وينفذون الجمل التكتيكية القيّمه
ليخرجوا بعد ذلك بخفّي حنين .. في مشهد يندى له الجبين !
كانوا بجمالهم الأسلوبي تضرب الأمثال
وبسحرهم المسكوب تكثُر الأقوال
كانوا يعيشون عنصر الألم في النهاية
بعدما كانوا أكثر الناس سعادة في البدايه .
وبعد مباراة أولى أمام إيرلندا تعثر فيها المنتخب الشامل
بعدما قدم من الفنونِ ما أجمع العالم عليه بأنه شيء كامل
ومن ثمّ .. جاء الإعثار .. وأصبح الحلم وكأنه قد طار !
عندها ..
أطلق يوهان كرويف أسطورة الطّواحين والكتلونيين كمدرب ولاعب
أطلق عبر الأجواء تصريحه الشهير عندما كان يعمل كمحللِ فنّي
لأحد القنوات الرياضية في تلك البطولة وقال بعد التّعثر أمام ايرلندا :
" على المدرب الهولندي أن يشرك الشاب باستن أمام إنجلترا إن
أراد التأهل للدور القادم .. وإن أراد رفع كأس البطولة في النهايه فعليه
إشراكه في جميع المباريات " . !!
وفي الغدِ وعبر إجماع الصّحف أخذ العالم يبحث عن هذا القادم الجديد
وكيف أن آمال بلد كامل معلّقة بقدميه ..!
فما بينَ تحقيقِ الحلم المنتظر الذي أصبح على كف عفريت
وما بين الخروج المعتاد مشاركة لاعب !
كيف يكون ذلك ؟ .. ومن هو هذا اللاعب ؟
جيلُ ذهبي كامل رحل ولم يحقق شيء يذكر
فكيف بلاعبٍ واحد يفعل الصعب ويجلب الذهب الأصفر !
أحد المتابعين ساخراً : أيعقل أن يكون كرويف ساذجاً هكذا .!
من هو باستن هذا حتى يكون تحقيق الهولنديين لكأس البطولة
مرتبطاً بتواجده ؟!
وأما من يعّرف باستن حق المعرفه أكتفى بالقول :
الجواب هو ما ستراه لا ما ستسمعهُ .!
وما بين شد وجذب !
وإنكار واستنكار .. من تمسك كرويف بموقفة بإصرار !
جاءت مباراة القمة أمام الأنجليز أصحاب الهمه !
الأمور تبدو للمنتخب الهولندي بأنها غير جيده .. والأحوال في مجملها سيئه
والنّقاد بإجماع يؤكدون .. أن الطواحين لن يستمرون !!
وكرويف ظهر وكأنه مطمئناً حيث يتواجد ..!
حيث الثّقة .. والرّاحه .. وإبتسامه .. وقبل ذلك فرح مُسبق !
وبحثت عن سبب راحتهِ فوجدتها مرتبطة بـ من راهن عليه .
باستن سجل حضوره الأول .. فهل بحضوره يعود المنتخب الشامل للمركز الأول ؟ !
وبعد دقائق ..
أنطلق اللقاء ..
وكالعاده حضر أجمل اداء .. في لقاء الوداع ( كما رأوه ) !
والمنتخب الأنجليزي بـ سيره بوبي روبسون حيث العنفوان
والعراقة .. وحيث العلاقه والصداقة مع كرة القدم مُتأمل بالتاريخ .
وهو تاريخ قراؤه جيداً فوجدوه .. يقول لا للمنتخب الشامل .
ويقول في المقابل .. نعم لمن يؤدي أداء ليس بكاملِ .
وبعد بُرهه ..الأعلام الهولندية ترفرف بالسماءِ ..
أنفجر المهاجم الجديد فتفجّرت الفرحة في الملعب !
ركزتُ ناظري إليه فوجدته قد زاد على نوره بنور !
ما سبب ذاك النور .. هل هي شمس أخرى ؟!
قد تكون .. !
ورغم ذلك .. لا زال للآمال الإنجليزية بقيه
فهم يعملون بموجب وصيّه .
وصية ورثوها من التّاريخ !
ويا لهذا التاريخ !
مباريات قويه وراقية تمّ نسفها إلى مزبلة هذا التاريخ
لأن أصحابها خسروا في النهاية ..
أهكذا تعامل المُبدعين أيها التاريخ ؟!
ألم تكرمهم ؟ .. وتلتفت أليهم ؟ .. وترفق بهم ؟ !
ويردُ علي أحد المُتبجحين قائلاً : التاريخ قال لي لا للخاوية أيديهم من الذهبِ .!!
فقلتُ له : الذهب آتي عاجلاًَ أم آجلاً ..
فأجاب وببجاحة أكبر : إلاّ مع المنتخب الهولندي .. فهو والذهب ضدان لن يتفقا !
كل ما عليهم فعله هو أمتاعنا .. ومن ثم الرحيل وتركنا .. !!
قلتُ له : المجريات تقول أنهم سيفوزون
فأجاب : وفي النهاية سيخسرون !
ومرّة أخرى أنفجر الملعب لهدفِ هولندي آخر ومعه كان كرويف يُشاهد
بعين الخبير ما يفعله ذاك الصغير بالدفاع الهزيل !
ومع ذاك الهدف شاهدت إزدياد حدة النّور
كان لامعاً والبقية خافتون !
كان ساطعاً والبقية مظلمون !
كان منّبعاً والبقية جافون !
وأما مُدرب الطّواحين فقد عاد إليه الأمل .. والخوف عنه قد أفل
فارتسمت على مُحيّاه إبتسامه .. رسمها باستن بجداره !!
وبعد ذلك ..
المنتخب الإنجليزي يهرول لعلّهُ يسبق الزمن
ولعله يتدارك ما فعله به المنتخب الشامل .
وإن شئت فقل :
لعله يدرك ما فعله به اللاعب الكامل !
أحد الحضور متسائلاً : ماسبب الإنهيار ؟
فقلت له : بل هو اعصار !
فقال : وما سبب الأعصار .. وماهي برأيك الأضرار ؟
فقلت : سببه كرويف وذاك الإقرار .. وحتى ينتهي سأخبرك بالأضرار !
ومرة أخرى ..
دُق جرس الخطر !
فهل أدرك المهاجم الشّاب فداحة الضّرر ؟!
رباه !
لقد صدموا .. ومن باستن قتلوا ..
ومن ثم
جاءت النهاية وبها عُذبوا .. !
هدف ثالث بعد ضربة زاوية نُفّذت لتصل إلى الشّاعر العظيم
فصعق الكرة بالتخصص ( كرة هوائية ) بماركة هولندية
لتستقبلها الشباك الإنجليزية ولها في ذلك .. كل الفخر !!
فخر للإنجليز إن يأتي بهم مثل ذلك الهدف النّادر ..
مثلما كان فخر لروسيا أن استقبلت هدف باستن الباهر !
كان هدفاً كاد أن يُمزق المرمى وحارسها
كانت كرة مُهيأة تبحث عن ضالتها
كانت تريد من قال عنه فابيو كابيلوا : أفضل من يسجل الأهداف !
ركلها بالعادة والتّخصص فأكمل الهاترك والضّحيه إنجلترا !
عفواً إنجلترا .. أنت أمام مهاجم أسمه فان باستن .
انتهت المواجهة .. وحق للهولنديين أن ينتهوا من الأسطوانة الظالمه
وحق لكرويف أن يفتخر بعدما كسب الرهان
ونجح المنتخب الشامل في الامتحان
وأصبح حال المنتخب الإنجليزي في خبر كان !
وبعد ذلك اللقاء
قال بوبي روبسون :
" ما فعله فان باستن بفريقنا شيئاً يدعوا للأسف ..." .
وكان يجب أن يقول : ما أجمل هزيمتنا إلاّ أنها جاءت على يدِ باستن !
فاز المنتخب البرتقالي بالبطولة بعدما نفّذ ذلك المدرب تعليمات كرويف
فقاده باستن إلى لقب تلك البطولة ومنحه الأفضلية على غيره كونه
المدرب الأول الذي يحقق بطولة لبلاده .
يحق لذاك المدرب شُكرَ باستن .. ويحق لكل هولندا الأفتخار بباستن
هداف تلك البطولة وأفضل لاعب فيها في تلك الأيام الخوالي .. !
فاز الهولنديون بعدما أزاح لهم باستن الألمان بعد ملحمة أخرى في
نفس الملعب الذي خرج منه استاذه كرويف باكياً قبل أربعة عشر
عام حينها يوم أن بكى كرويف وضحك بيكنباور .
وفي عهد باستن جار الزمان على الألمان
وبكى بيكنباور ( المدرب ) وضحك كرويف وصفق العالم مذهولاً
مما فعله ذاك الشّاب .
كان ذلك عندما انتقم التلميذ باستن لأستاذه كرويف في
مدينة ميونخ الألمانية .
كيف حدث ذلك .. تلك أيضاً قصه أخرى .. فانتظروها