مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
  #1  
قديم 11/02/2002, 11:03 AM
طالب العلم طالب العلم غير متواجد حالياً
زعيــم فعــال
تاريخ التسجيل: 11/10/2001
المكان: الامارات - دبي - ديره
مشاركات: 277
الغيبة وخطرها على المغتاب والمستمع

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات
أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد ألا إله إلا
الله ، وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .

" يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون " آل عمران
: 102

" يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة ، وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا "
النساء : 1

" يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما " الأحزاب : 70-71

أما بعد :
إخواني وأخواتي الأفاضل..
تعلمون حرمة الغيبة وما فيه من خطر على أنفسنا وعلى مجتمعنا المسلم، فنلاحظ في الفترة الأخيرة انتشار هذا الأمر بكثرة بين الناس، وإذا تم نصح المغتاب يقول أنا لم اغتب أحدا، وهذا طبعا خطاء فادح يقع فيه كثير من الناس، وفي هذا الموضوع سأذكر لكم الآيات والأحاديث التي حرمت الغيبة وسماعها ومتى يجوز لنا الغيبة وبالله التوفيق.


تحريم الغيبة(1) والأمر بحفظ اللسان

قال الله تعالى: (( وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً(2) فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ )) سورة الحجرات: 12، وقال تعالى: (( وَلاَ تَقْفُ(3) مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً )) سورة الإسراء: 36، وقال تعالى: (( مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ(4) عَتِيدٌ )) سورة ق: 18.

اعلم انه ينبغي لكل مكلف أن يحفظ لسانه عن جميع الكلام إلا كلاما ظهرت فيه المصلحة، ومتى استوى الكلام وتركه في المصلحة، فالسنه الإمساك عنه، لإنه قد ينجر الكلام المباح إلى حرام أو مكروه، وذلك كثير في العادة والسلامة لا يعدلها شئ.

وعن أبى هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليقل خيرا أو ليصمت )) متفق عليه < خ (6475)ـ م (47) >

وهذا الحديث صريح في انه ينبغي أن لا يتكلم إلا إذا كان الكلام خيرا، وهو الذي ظهرت مصلحته، ومتى شك في ظهور المصلحة، فلا يتكلم.

وعن أبي موسى رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله أي المسلمين افضل؟ قال: (( من سلم المسلمون من لسانه ويده )) متفق عليه < خ (11)، م (42) >

وعن سهل بن سعد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( من يضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه (5) اضمن له الجنة )) متفق عليه (6) < خ (6474) >

وعن أبى هريرة رضي الله عنه انه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (( إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين فيها يزل بها إلي النار ابعد مما بين المشرق والمغرب )) متفق عليه < خ (6477)، م (2988)>

ومعنى: ( يتبين ) يتفكر أنها خير أم لا.

وعنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله تعالى ما يلقي لها بالا يرفعه الله بها درجات، وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله تعالى لا يلقي لها بلا يهوي بها في جهنم )) رواه البخاري (6478)

وعن أبي عبد الرحمن بلال بن الحارث المزني رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (( إن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله تعالى ما كان يظن أن تبلغ ما بلغت يكتب الله له بها رضوانه إلي يوم يلقاه، وان الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله ما كان يظن أن تبلغ ما بلغت يكتب الله له بها سخطه إلي يوم يلقاه )) رواه مالك في الموطأ (2/985) والترمذي (2320) وقال: حديث حسن صحيح.

وعن سفيان بن عبد الله رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله حدثني بأمر اعتصم به قال: (( قل ربي الله، ثم استقم )) قلت: يا رسول الله ما أخوف ما تخاف علي؟ فاخذ بلسان نفسه، ثم قال: (( هذا)) رواه الترمذي (2412) وقال: حديث حسن صحيح.

وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله، فان كثرة الكلام بغير ذلك الله تعالى قسوة للقلب وان ابعد الناس من الله القلب القاسي )) رواه الترمذي(7) (2413)

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( من وقاه الله شر ما بين لحييه، وشر ما بين رجليه دخل الجنة )) رواه الترمذي (2411) وقال: حديث حسن.

وعن عقبه بن عامر رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله ما النجاة؟ قال: (( امسك عليك لسانك، وليسعك بيتك (8)، وابك على خطيئتك )) رواه الترمذي (2408) وقال حديث حسن.

وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( إذا اصبح ابن آدم، فان الأعضاء كلها تكفر اللسان، تقول: اتق الله فينا، فإنما نحن بك: فان استقمت استقمنا وان اعوججت اعوججنا )) رواه الترمذي (2409)

ومعنى ( تكفر اللسان ) أي تذل وتخضع له.

وعن معاذ رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله اخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعد ني من النار؟ قال: (( لقد سالت عن عظيم، وانه ليسير على من يسره الله تعالى عليه: تعبد الله لا تشرك به شيئا، وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت ثم قال: ألا أدلك على أبواب الخير؟ الصوم جنه(9)، والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ المار النار، وصلاة الرجل من جوف الليل )) ثم تلا: (( تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ * فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ )) سورة السجدة:16 و17، ثم قال: (( ألا أخبرك براس الأمر، وعموده وذروة (10) سنامه )) قلت: بلى يا رسول الله قال: (( راس الأمر الاسلام وعموده الصلاة وذروة سنامه الجهاد)) ثم قال: (( ألا أخبرك بملاك(11) ذلك كله؟ )) قلت: بلى يا رسول الله، فاخذ بلسانه قال: (( كف عليك هذا )) قلت يا رسول الله وإنا لمؤخذون بما نتكلم به؟ فقال: (( ثكلتك(12) أمك وهل يكب(13) الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم؟ )) رواه الترمذي (2619) وقال: حديث حسن صحيح.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (( أتدرون ما الغيبة؟ )) قالوا: الله ورسوله اعلم قال: (( ذكرك أخاك بما يكره )) قيل: افرايت (14) أن كان في أخي ما أقول؟ قال: (( أن كان فيه ما تقول، فقد اغتبته، وان لم يكن فيه ما تقول فقد بهته ))(15) رواه مسلم (2589).

وعن بي بكرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في خطبته يوم النحر بمنى في حجة الوداع: (( إن دمائكم، واموالكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا، ألا بلغت )) متفق عليه < خ (105)، م (1679) >

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت للنبي صلى الله عليه وسلم حسبك (16) من صفيه كذا وكذا. وقال بعض الرواة: تعني قصيرة، فقال: (( لقد قلت كلمة لو مزجت بماء البحر لمزجته )) قالت: وحكيت له إنسانا(17) فقال: (( ما احب أني حكيت إنسانا وان لي كذا وكذا )) رواه أبو داود (4875) والترمذي (2504) وقال: حديث حسن صحيح.

ومعنى مزجته: خالطته مخالطة يتغير بها طعمه، أو ريحه لشدة نتنها وقبحها، وهذا من ابلغ الزواجر عن الغيبة، قال الله تعالى: (( وما ينطق عن الهوى إن هو ألا وحي يوحي )).

وعن انس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( لما عرج بي مررت بقوم لهم أظفار من نحاس يخمشون(18) وجوههم وصدروهم، فقلت: من هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس، ويقعون في إعراضهم ))(19) رواه أبو داود (4878)

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (( كل المسلم على المسلم حرام: دمه وعرضه (20) وماله )) رواه مسلم (2564)

-------------------------------------
(1) ذكرك أخاك بما يكره.
(2) شبه من يتناول عرض أخيه في غيابه يأكل لحمه ميتا لان كلا منهما لا يقوى على الدفاع عن نفسه.
(3) لا تتبع.
(4) ملك حافظ لأقواله معد حاضر.
(5) لسانه، وما بين رجليه: فرجه.
(6) لم يخرجه مسلم.
(7) في إسناده إبراهيم بن عبد الله بن الحارث: لا يعرف حاله.
(8) ليسعك بيتك: اعتزل الناس والزم بيتك مستقلا بما يرضي الله.
(9) وقاية وستر من النار.
(10) أي أعلى شئ فيه.
(11) ما يقوم به الأمر.
(12) فقدتك والدعاء فير مقصود فيه معناه اللغوي.
(13) أي يقلب.
(14) أي اخبرني.
(15) من البهتان وهو افتراء الكذب على الناس.
(16) يكفيك من: وفي ذلك تعريض وتقليل من الشان.
(17) قلدت فعل إنسان وقمت بحركات تشبه حركاته ساخرا.
(18) يجرحونها بأظفارهم وأيديهم.
(19) يأكلون اللحوم ويقعون بالأعراض: الغيبة أكل لحم الإنسان، والوقوع في الأعراض ذمها.
(20) حسبه ومكانته بين الناس.
اضافة رد مع اقتباس