مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
  #7  
قديم 05/09/2005, 08:15 PM
صدى الكلمات صدى الكلمات غير متواجد حالياً
زعيــم فعــال
تاريخ التسجيل: 04/11/2002
المكان: في كل حرف من صدى الكلمات
مشاركات: 415









أحبتي ،،

اليوم سأطرح لكم شخصية جديدة ،، كاتبة عملاقة في أدبها عملاقة في شخصيتها المميزة رائدة وشعلة مضيئة في عالم الأدب ،،كاتبة سوف يظل قلمها منبراً مشعاً في قلوبنا ،، متألقاً في ساحاتنا الأدبية ،،


هي الأديبة اللبنانية ( مـــــــــيّ زيـــــــــــــادة )



مولدها ونشأتها :

ولدت مي زيادة وأسمها الحقيقي ( ماري ) في مدينة الناصرة بفلسطين عام 1886 م ،،لأب لبناني ،، وأم سوريّة الأصل فلسطينية المولد ،،تلقت علومها الإبتدائية في مدرسة الناصرة ،،قبل أن يرسلها والدها إلى لبنان موطنه الأصلي لتُكمّل دراستها في معهد ( عينطورة ) ،،فقضت مــيّ في هذا المعهد خمس سنوات قبل رجوعها للناصرة ،،

لكن عائلتها لن تلبث حتى غادرة متوجهه إلى القاهرة ،، حيث أنفتح أمام مـيّ زيادة عالم جديد حمل لها تحديات كثيرة ،،ودفعها إلى بذل الجهد الكبير من أجل إثبات نفسها في محيط كبير من الشخصيات والمفكّرين ،،وفي نفس الوقت كان والدها يتلمّس طريقه في عالم الصحافة ،،فأنشأ مجلة ( المحروسة ) ،،


وقد كتبت مــيّ عن تنقلاتها من مكان لأخر قائلة :

( ولدت في بلد ،، وأبي من بلد ،، وأمي من بلد ،، وسكني في بلد ،، وأشباح نفسي تنتقل من بلد إلى بلد ،، فلأي هذه البلدان أنتمي ،، وعن أي هذه البلدان أدافع ؟؟ )




ثــقــافــتــهــا ولــغــاتــهــا :

أولاً : يجب أن نذكر هنا أن لمحيطها العائلي فضل كبير في تقدمها ،، وتفتح مواهبها وثقافاتها ،،حيث أنها نشأت في أسرة راقية مُحاطة بالعاطفة والإعجاب فهي وحيدة أبويها ،،وقد فقدا أخاً لها في الطفولة ،،وبقيت ذكرا هذا الطفل في ذاكرة مــيّ ووجدانها ،،هذا الغذاء الفكري والعاطفي كان الأساس الأول لـمــيّ زيادة في حياتها وثقافتها وكيانها ،،فراحت تلتهم العلم والمعرفة من كل باب ،،وقد ساعدها على توسيع آفاقها الفكرية إلمامها ومعرفتها بعدة لغات غير العربية والفرنسية وهي :

الإنكليزية ،، الألمانية ،، والإيطالية ،، الأسبانية ،، والأتينية ،، والسريانية ،، واليونانية القديمة ،،

وهذه اللغات ساعدتها وكانت سبيلاً لها في الوصول إلى منابع الحضارات المتعددة ،،مما ساعدها في نقل آثار من تلك الحضارات الى العربية وخصوصاً الفرنسية والإنكليزية والالمانية ،،وقد كانت هذه الأبواب رافد مهم لها في مجالات العلم والفكر والفن ،، وكانت لا تملّ من الغرف من هذه المنابع المهمه في الحضارات المتعددة ،،
أنتقالها للقاهرة ،، ودخولها عالم الأدب والصحافة :

أنتقلت أسرة مــيّ إلى القاهرة وأنشأ والدها مجلة المحروسة كما قلت أعلاه ،،ومن هذا المنطلق دخلت مــيّ عالم الأدب والصحافة من أوسع أبوابها ولكن بنوع من التحفظ ،،كان إحساس مي بالغربة حافزاً زادها طموحاً وأستنفر طاقاتها الكامنة ،،لتثبت وجودها في المجتمع الجديد حيث كانت ذلك الوقت تُمرن قلمها وتنشر مقالات وأشعار بالفرنسية والعربية ،،

ولكن تحت أسماء مستعارة مثل :

( إيزيس كوبيا ) ،، ( عائدة ) ،، ( شجية ) ،، ( كنار ) ،، ( السندبادة البحرية الأولى ) ،، ( مدموزيل صهباء )

( خالد رأفت ) ،، ( الأنسة مي ) ،،

ولكن في الأخير إستقرت على ( الأنسة مي ) ،،



وقد كتبت لجبران رسالة بهذا الخصوص تقول أمضي مـيّ بالعربية وهو إختصار أسمي ويتكون من حرفين الأول والأخير من أسمي الحقيقي وهو ماري ،،وأمضي إيزيس كوبيا بالفرنجية غير أن لا هذا ولا ذاك هو أسمي ،، إني وحيدة والدي وإن تعددت ألقابي ) ،،


وقد كانت هذه الرسالة البداية للحب بين ميّ زيادة وجبران سوف أذكر هذا الأمر في مكان آخر ،،المهم ،،

الفتاة التي دخلت المجتمع المصري بتردد وخجل لن تلبث حتى رسخت أقدامها فيه عبر قلمها الرشيق ،،وبدأت ميّ في إصدار أول ديوان لها بالفرنسية يحمل أسم ( أزهـــار حــلــم ) ،،

وصدر لها هذا الديوان تحت أسم مستعار ،، وراحت الأقلام الأدبية تتسأل : من تكون صاحبة هذا الديوان الجديد ؟؟

وأثار ديوانها جدلاً واسع في الأوساط الأدبية والصحافية مما دفع ميّ لبذل جهود أكبر ،،ونشاط أفضل لتثبيت نفسها وكانت لديها قناعة بأنها يجب أن تقوّم لغتها العربية ،،لذى تعهدها في المراحل الأولى أستاذ اللغة ( لطفي السيد )

الذي قوّم لغتها وساهم في توجيهها الفكري والأدبي ،،





إنشأها صالونها الأدبي الشهير :

أنشأت ( مي زيادة ) صالوناً أدبياً أسمته ( نـــدوة الـــثـــلاثــــاء ) ،،أصبح هذا الصالون ساحة حرة يتسابق لها الشعراء ،، حاملين قصائدهم إليها ،،والمفكرين ، يأتون إليها راغبين في الحوار والمناقشة والجدل ،،مما جعل ندوتها مشهورة ومكانتها تكبر في عيون الآخرين ،،والأدباء يقصدونها ليشاركوا في إخصاب تاريخ الأدب المعاصر مساهمين في تميز عصرهم الذهبي ،،




ومن الأسماء التي كانت تأتي إلى صالون مي هم :

إسماعيل صبري ،، لطفي السيد ،، شبلي شميل ،، خليل مطران ،، أحمد زكي باشا ،،أحمد حسن الزيات ،، أحمد شوقي ،، الأمير مصطفى الشهابي ،، عباس محمود العقاد ،، مصطفى صادق الرافعي ،، أنطوان الجميل ،، يعقوب صروف ،، ولي الدين يكن ،، طه حسين ،، جرجي زيدان ،، سلامة موسى ،، زكي مبارك ،، والسيدة ملك حنفي ناصف ،،


وغيرهم من كبار الشخصيات الفكرية والأدبية وقد وصف بعض الأدباء مدى تعلقهم بالندوة وصاحبة الندوة خصوصاً

تأثير صاحبة الندوة :

الصبية الحلوة .. الجذابة .. ذات الصوت الساحر .. والحضور الأسر .. والشجاعة والظرف وخفة الظل
..



وقد قال العقاد :

( كان ما تتحدث به مي ممتعاً كالذي تكتب بعد روية وتحضير فقد وهبت ملكة الحديث في طلاوة ورشاقة وجلاء ووهبت ما هو أدل على القدرة من ملكة الحديث وهي ملكة التوجيه وإدارة الحديث بين مجلس المختلفين في الرأي والمزاج والثقافة والمقال ) ،،


ومي كانت خطيبة من طراز نادر وصاحبت صوت ساحر وبيان رائع ،،ولم ينحصر نشاطها على الكتابة والخطابة بل كان لديها وعياً بكل قضايا عصرها وأمتها واهم قضية شغلتها كانت قضية المرأة ،،فالنهضة النسائية التي عمّت أوروبا وأمريكا وصلت لأسماع العربيات في كل مكان وخاصةً للقائدات على المستوى الثقافي وأولهن الكاتبة والأدبية المصرية : هدى شعرواي ،،وقد مدت ( مي زيادة ) يد العون ووقفت معها ،،وقد أستوعبت مي دعوة قاسم أمين مناصر المرأة وأتصلت مي برائدات من لبنان وسوريا والعراق وحتى في تركيا وإيران فالدعوة النسائية في زمانها دعوة مشرقية ،،ولم تكتف بنشر مقالات حول قضية المرأة بل حتى كتبت عن رائدات سبقنها وعاصرنها ،، أمثال :

( وردة اليازجي ) و ( عائشة تيمور ) و (ملك حفني ناصف ) ،،

وقد كتبت مي عن قضية المرأة من الزاوية الإنسانية عبر تجربتها الشخصية

وتأملاتها ومطالعاتها حيث اكدت انه ليس هناك عائق يحد المرأة من التقدم والإنطلاق للأمام

وبلوغ مراتب رفيعة في العلم والعمل إذا أفسح لها المجال وأتيحت لها الفرصة ،،






مي ... وجبران ... والحب :

من وراء البحار ،، ومن وراء البلدان والأقطار ،،نشأت علاق حب كبير ،، رومانسية غامضة ،،رائعة كبيرة ،، بين عملاقين من عمالقة الأدب ،،،بين فيلسوفين كما آراهما أنا ،،،نعم بين جبرا خليل جبران ،، وأديبتنا الكبيرة ( مي زيادة ) ،،

حب أسطوري ،، لم يتقابلا ،، لم يريا بعضهم البعض إلى من خلال الصور والرسومات ،، نشأت بينهم علاقة جميلة مبدأها الرسائل بينهم ،،وما اجملها رسائل تحس وانت تقرأها بجمال الأسلوب والحب الساحر ،، ولكن لم يدم لهذا الحب أن يدوم فقد بدأ في عام 1911 م وكانت نهايته بوفاة جبران عام 1931 م ،،




مؤلفات مي وآثارها :

1910 م أزهار حلم .. ديوان شعر باللغة الفرنسية .. وقد كتبته بأسم مستعار هو : إيزيس كوبيا ..

1911 م إبتسامات ودموع .. رواية مترجمة عن الألمانية ..

1920 م باحثة البادية .. عن شخصية الأديبة ملك حفني ناصف ..

1922م سوانح فتاة .. شذرات فكرية ..

1922 م كلمات وإشارات .. مجموعة خطب إجتماعية وفلسفية ..

1924م الصحائف .. صحائف أشخاص ووصف رحلات السندباد ..

1924م الحب في العذاب .. رواية مترجمة عن الإنكليزية ..

1925م رجوع الموجة .. مترجمة ..

بين المد والجزر .. أدب .. وفن .. وحضارة ..

ظلمات وأشعة .. مقالات شعرية ...

المساواة ... دراسة في القضية الإجتماعية ..





محاضرات :

غاية الحياة ..

رسالة الأديب .. ألقتها في الجامعة الأمريكية بيروت عندما كانت في محنتها ..

ولها مقالات غير هذه لم تنشر ،،

وكتاب ( ليالي العصفورية ) وهو ايضاً لم ينشر على حد علمي ،،

ثم رسائلها مع جبران وغيره من الأدباء ،،




ألمها وحزنها ووحدتها ومحنتها :

لقد بدأت معاناة مي زيادة ،، عندما توفي والدها عام 1929 م ،، وبعدها وفاة والدتها عام 1930 م ،،ثم وفاة حبيبها من خلف البحار جبران خليل جبران عام 1931 م ،،بعد كل هذا بدأت مي تحس بالوحدة الخانقة والألم ،،فأستعانت بالأسفار علها تبعد عنها الحزن والألم ،،،فسافرت إلى إيطاليا .. وسويسرا .. وإنكلترا .. وفرنسا .. تبحث عن الراحة

والبعد عن جو الحزن الذي غشى حياتها بوفاة احبابها ،،تلفّتت مي حولها فإذا ساحة حياتها خالية ،، من معجبي الأمس الذين كانوا يتسابقون لرضاها والحصول على بسمتها وبسمة رضاها ،،كل هذا وهي تعبر منتصف عمرها لكنها مع ذلك إستمرت بالمتابة والإيمان بالنفس القوية ،،لكن اهل وأقرباء الظلم لم يتركوها في حالها ولا في أحزانها ،،

بل بدأؤ في التدخل في حياتها وهز أعصابها طمعاً بكل شيء في المال وغير المال ،،أستنجدت بطبيبها القريب فأخذ الشكوى التي تقدمت بها له على أمل ان يساعدها لكن هو حولها ضدها ،،

وأقام القوانين وعلقها في عنقها ثم أستغلوا ثقتها وطلبوا منها توقيع أوراق هي في الحقيقة تدينها ولا تساعدها ،، فأتهموها بالقصور العقلي ،،وأدخلوها مستشفى الأمراض العقلية ،،وقد كلفها ثقتها بأهلها وبني عمها ثلاث سنوات من عمرها ،،قضتها بين جدران ( العصفورية ) مستشفى الأمراض العقلية في لبنان ،،

حتى قامت الصحافة والرأي العام بحملة بقيادة مجلة ( المكشوف ) ،،ثم بادرت الأقلام في الدفاع عنها وكأن التهمه الموجه لمي زيادة موجهه لكل من حمل قلم وعلى رأسمه الأديب الكبير ( أمـــيـــن الـــريـــحـــانــي )
الذي ساهم في إخراجها من محنتها ،،

فكان إنتصار الحق وخرجت مي برئية من تهمة الجنون او القصور العقلي ،،لكن هذا لم يساعدها كثيراً فقد كانت هذه الصدمة محبطة لها ولا تستطيع ان تمسحها كلمات من حولها في تعزيتها ،،وعادت الى القاهرة ،،

وظلت تعيش في عزلة منصرفة الى التأليف والتأمل في الحياة ومعنى الوجود ،،وبدأ جسمها ينحل ويضعف تدريجياً إلى أن رزح نهائياً ولم يعد يقوى على الدفاع عن نفسه امام إقتراب الموت ،،

حتى حل يوم التاسع عشر من شهر تشرين الثاني عام 1941 م حيث توفيت في القاهرة ،،

معلنةً وفاة واحدة من أعظم وأروع أديباتنا العربيات ،،



نعم رحلت مي الإنسانة ،،

ولكن بقيت آثارها وكتبها تملأ المكتبات وتملأ حياتنا الثقافية إشعاعا ونوراً وجمالا ،،

رحلت بجسدها عن عالمنا ولكن بقيت روحها ونوعمتها في ما تركته لنا من مؤلفات ،،





ملاحظة :

لقد كان للأديب : أمين الريحاني دور كبير ومهم في تخليص مي من معضلتها ومشكلتها ومحنتها التي لحقت بها وتكالب أهلها عليها ،،وإتهامهم اياها بالقصور العقلي وإدخالها ( العصفورية ) مستشفى الأمراض العقلية ،،

ومن اراد معرفة كافة التفاصيل في قصة مي مع هذه المعضلة وهذا الظلم الكبير ظلم ذوي القربى ودور امين الريحاني فليرجع لكتاب :

( قـــصـــتـــي مـــع مــــيّ ) لمؤلفه أمــيــن الـــريـــحـــانـــي ) ،،



تقبلوا تحيتي ممزوجة لكم بأعذب وأرق عطور الياسين ،،
ولكم مني جزيل الشكر على المتابعة






















اضافة رد مع اقتباس