صحيح أن النجم الدولي سالم الدوسري مرّ بفترات عصيبة، شهدت معها مستوياته الفنية انحدارًا رهيبًا.
وصحيح أيضًا أن سالم كان غائبًا منذ هدفه الأسطوري في الأرجنين، الأعظم في تاريخ كرة القدم السعودية في مونديال كأس العالم، ولكنها أشياء لا تمنع من القول، وبكل ثقة، إن هذا النجم الكبير بات هو أفضل لاعب سعودي وآسيوي، رغم كل المتغيرات التي طرأت على مستوياته، التي يقدمها، الموسم الماضي، وقبل أن يستعيد، وبشكل كامل، نجوميته، فيما سبق من جولات، أو من خلال المبارايات الودية أمام كوستاريكا، وكوريا الجنوبية، بشهادة المتابعين والنقاد الرياضيين.
ولم يكن غريبًا، أو بدعًا من القول، حينما يتم وصف سالم الدوسري باللاعب الأجنبي التاسع في صفوف ناديه من قبيل الإشادة، فهو يستحق، حيث كان رقمًا ثابتًا في كل التشكيلات، مزاحمًا للاعبين الأجانب مهما بلغت نجوميتهم، ومهما تغيرت أسماء المدربين، واختلفت جنسياتهم.
أعرف مسبقًا، أن هناك من سولت له نفسه، الأمارة بالسوء، محاولة التأثير على اللاعب وجره إلى خارج العشب الأخضر، بافتعال سواليف [الاستراحات]، والأخبار المكذوبة، وكيف سيكون عليه وضع اللاعب بحضور النجم العالمي نيمار، وما هو حال شارة القيادة، وهي محاولات أحبطت في مهدها.
فنيمار لعب وأبدع، وسالم واصل نجوميته، ولم يغادر أرض الملعب، ولم تنزع شارة القيادة.
من يعرف سالم يعلم أنه لاعب يعشق التحدي، ولديه جينات اللاعبين العالميين الكبار، وهل هناك أحد يمكن أن ينسى أو يتناسى [حس يا سالم] مع ناديه، أو سالفة [العكاز] مع منتخب بلاده، ومع ذلك ظل سالم نجمًا كبيرًا يخلط الخصوم في كل مرة يواجههم في الملاعب.
أتذكر أنني انتقدت سالم كثيرًا، لأنني أعرف أنه من طينة الكبار، ربما يتراجع قليلًا، ولكنه يرفض السقوط، ويرفض أن يكون هامشيًا في حضرة النجوم، وكأن لسان حاله يقول “سالم موجود والخلط مستمر”.
ومن أراد أن يتعرف أكثر على شخصية سالم الدوسري عليه العودة لحديثه بعد مواجهة الرياض الدورية، ليكون متيقنًا بحجم الفوراق الهائلة، التي تفصل بين سالم وبقية أقرانة من اللاعبين المحليين، فهو ليس مجرد موهبة عابرة، ما تلبث أن تنتهي.

عام 2014 حقق نادي النصر لقب بطولة جميل للمحترفين، وكانت مباراة التتويج الأخيرة أمام التعاون في بريدة، وحتى تُنقل إلى الرياض، ويحتفل النصر بين جماهيره بالإنجاز، صدر تقريرٌ من الدفاع المدني عن وجود شرخ في الملعب طوله سبعة سنتيمترات، فقرَّرت اللجنة المُشكَّلة حينها نقل المواجهة إلى الرياض الأمرُ الذي تسبَّب في جدل جماهيري ما بين مؤيد ومعارض.
هذا القرار حينها أغضب مدير مكتب الرئاسة العامة لرعاية الشباب في منطقة القصيم عبد العزيز السناني، فصرَّح قائلًا:
“ملاحظة الدفاع المدني في المنطقة، كانت حول وجود شرخ، لا يتجاوز طوله سبعة سنتيمترات، ولا يشكِّل أي خطورة على سلامة الجماهير، ويمكن إصلاحه في ساعات، ويقع في غرفة المؤتمرات الصحافية، وليس مخيفًا، لكنه تسبَّب في نقل المباراة إلى الرياض”.
في الموسم الجاري من دوري روشن السعودي، هل يحتاج الهلال أو الاتحاد إلى “شرخ” في الملعب لنقل مباراة التتويج إلى أرضهما؟! ففي الجولة الأخيرة من الدوري، سيلعب الأزرق خارج أرضه أمام الوحدة في مكة المكرمة، والأمر نفسه ينطبق على الاتحاد، إذ سيلعب أمام النصر في الرياض، وفي حال استمرار المنافسة على تحقيق لقب “روشن” إلى الجولة الأخيرة، مع العلم أن الهلال والاتحاد من أقوى المرشحين لنيله، سيكون التتويج خارج أرضهما، وسيكون غير لائق وضعيفًا من مختلف النواحي ومهددًا بالفشل.
لا يبقى إلا أن أقول:
تعدُّ المباراة الأخيرة في الدوري فرصةً للفريق البطل للتواصل المباشر مع جماهيره، وتقديم الشكر لهم على دعمهم طوال الموسم، وعندما يتم لعب هذه المباراة على أرض الفريق، يتمكَّن اللاعبون والإدارة من الاحتفال باللقب بصورة أكثر قربًا من المشجعين، مع تنظيم حفل تتويج، يعزِّز التواصل والترابط بين النادي وجماهيره، ويقوّي هويته، ويزيد تعاطف محبيه معه، وكل هذه العوامل لها تأثيرُ تسويقي إيجابي.
ليس عيبًا أن نعيد جدولة الجولة الأخيرة من الدوري بصورة تضمن التسويق المثالي لمباراة التتويج، ولأن النصر مرشحٌ لتحقيق البطولة مثل الاتحاد، فماذا أنتم فاعلون؟!
هنا يتوقف نبض قلمي وألقاك بصحيفتنا “الرياضية” وأنت كما أنت جميل بروحك وشكرًا لك.