الجزء الثاني
بعد أن كتبت مقدمة تسلط الضوء عن بطولات الجنود المسلمين اليوم سوف أصغر الدائرة حتى استطيع التركيز على بطل قصتي الذي لا يعرف ما فعله سوى قلة قليلة من الناس
سألته ذات يوم هل تفتخر بعملك الذي قمت به فأجاب بكل هدوء كنت فقط أقوم بعملي وواجبي اتجاه وطني وليس لي اي فضل
هكذا هم الأبطال مهما فعلوا إلا أنهم يرون انهم لم يفعلوا شيء سواء القيام بواجبهم
وانا اتحدى الجميع الآن لو قام الجميع فقط بأداء واجبه
فإن قام كل بدوره كالمعلم في مدرسته والطبيب في عيادته والجندي في قاعدته والموظف في مكتبه لكنا الآن من أعظم الدول فلا تعتقد أن القيام بدورك وواجبك بالأمر السهل وخاصة أن واجبك هذا قد يتطلب تأديته فقدان حياتك هكذا الرجال الأشاوس
فمقاتلنا الشجاع تفتحت عيناه واشتم أنفه الهواء الطلق في قرية تسمى كتام تقع في مدينة ظهران الجنوب التابعة لإمارة عسير
بالطبع في زمن هذا البطل الذي سمي محمد محسن كان الفقر سمة واضحة في ذلك الزمن فالجميع يعانون من الفقر والجوع وبالطبع لم يكن فقط الفقر والجوع فقط معوقاته بل في مرحلة طفولته مات والديه ليصبح اليتم مصاحبا للفقر والجوع وايضا ليس ذلك وحسب بل من كان قريبه الوحيد وابن عمه الأكبر لم يكن قادر على أن يشبع بطنه فكيف يشبع بطن ابن عمه اليتيم الصغير
عاش متنقلا مع خالاته وجدته وعمته شقيقة أباه فالجميع يعانون الفقر ففي عمر السابعة كان على بطلنا ان يبحث عن قوت يومه ليس له وحسب بل لكل من كان معه في البيت من ابن عمه أو عمته ولكن لصغر سنه فكان يوم يستطيع أن يجد شيء وغالبا لا يجد شيء ومع مرور الأيام بدأ ينضج شيء فشيئا وبدأ يتجلى للناس من حوله أن هذا الفتي يمتلك قلب شجاع ولسان فصيح فلما وصل الثانية عشر أصبح قادر على تحمل أعباء الحياة بل وقادر على إطعام من معه فشخص يمتلك عقل لبيب وقلب شجاع ولسان بليغ فليس عاجز عن الحصول على قوت يومه
بالطبع مرت الأيام وأصبح عمره قرابة التاسعة عشر كان لديه خياران أن يمضي في حياته في فقر وجوع وتشرد كما فعل كثير من جيله حيث فضلوا هذه الحياة على الالتحاق بالجيش الذي يعتبر في ذلك الوقت قمة الشدة والقسوة القصوى
وليس ذلك وحسب بل كانت تلك الفترة تمر بفترة سياسية متقلبه واضف أن العسكرية والجيش يعني الامتثال الكامل للأوامر العسكرية الحازمة والتنقل من مكان لآخر في اي وقت اي الابتعاد عن الاهل والديار
بالطبع كان بطل قصتنا ذو عقل راجح ونفس عفيفه فهو يعلم أن قوة هذه الدولة ستساهم بشكل كبير في أن تحظى الأجيال القادمة بحياة رغيده وهانئه وان الفقر والجهل بإذن الله سوف يرحل حينها قرر أن يصبح جندي وفي عام 1374هجري اصبح من جنود المملكة العربية السعودية بالطبع إلتحق بوزارة الدفاع الجوي اي جندي يواجه الصقور الحديدة اي الطائرات الحربية
بالطبع استطاع في فترة وجيزة الخروج من حياة القرية البسيطة والسفر لجميع أنحاء المملكة ليتعرف على العالم الكبير الذي استطاع التكيف فيه فكان سريع الفهم يستطيع التعلم بسرعة فهو يتقن السلاح الذي يتخصص فيه بسرعة كبيرة ثم يجعله القائد يشرح لبقية الجنود لقدرته على الشرح وتبسيط الأمور
بالطبع الأمور الورقية سوف تأتي الأيام لنرى هل يستطيع بطلنا محمد محسن أن يجعلها واقع وكما ذكرنا أن تلك الفترة كانت تعيش تقلبات سياسية وبالفعل أصبحت هناك مناوشات على حدود المملكة العربية السعودية مع جارتها اليمن التي كانت مصر في تلك الفترة تدعمها تحت قيادة جمال عبدالناصر
وبالفعل ازداد التوتر ونشبت الحرب وكلنا نعلم أن تلك الفترة أن السعودية لا تمتلك أسلحة كما يمتلكها الجيش المصري والتي من ضمنها الطائرات الحربية
بالطبع انتقل بطل قصتنا محمد محسن إلى مدينة نجران وبالتحديد في موقع بئر سليم حارة ال نصيب وقرية ال هتيلة بجوار أبا السعود كان ضمن السرية الثالثة وكان سلاحه مدفع وعيار ثلاثين وكانت فرقته مكونه من أربعة أفراد وهم بطل قصتنا العريف محمد محسن ورجل من زهران ورجل من عسير ورجل من بني شهر (لم أستطع الوصول لاسمائهم)
وفي أحد أيام سنة 1381 هجري كان يوم ساطع ومشرق يسوده الهدوء فالعدو لم يتحرك ومضت ساعات النهر حتى أوشك العصر على الدخول ومرت بجوارهم أرملة عجوز كان اسمها حمدة فكانت تعرف ان هؤلاء ما تركوا بيوتهم وديارهم إلا من أجل حماية حدود الوطن وأبناء الوطن فكانت تربط على قلوبهم بادعيتها لهم بأن يعينهم الله ويوفقهم وينزل عليهم الصبر مضت تريد أن تورد الماء لكي تتزود منه قبل مغيب الشمس ومع آذان العصر كان الشهري يعاني من إرهاق وتعب وارتفاع في درجة الحرارة فحملوه تحت ظل يرتاح من لهيب الشمس وحرارة الجو وكان الهدوء مريح لهم فالوضع آمن
ولكن هي فقط مجرد دقائق معدودة تفصلهم بين الهدوء والضجيج وما هي إلا لحظات إلا وصوت طائرة من نوع يوشن صناعة روسية تعكر أجواء الهدوء
ولكي أوضح لكم ما معني مواجهة الدفاع الجوي لطائرة حربية هيه أشبه بتبارز رجل ينتطي خيل وآخر واقف على قدماه |