| ~ أشباح مدافعة ~
رفعت رأسي لأعلى و أنا أرى زملائي يتساقطون واحدا تلو الآخر ، المكان بارد مليء بالغبار ، لا
أكاد أرى أو أسمع شيئا في هذا الظلام الدامس سوى أصوات دوي القنابل ، بعد كل ما كنت أمتلك
ليجعل حياتي مثالية و هادئة ، ها أنا ذا أزحف على الأرض ككلب يرجو من سيده بعض الرحمة !
من هذا ؟ أشعر بمن يمسك قدمي ! أرجو ألا يكون العدو ، أرجو أن تكون إحدى هذه الأغصان
المترامية ! التفت بكامل جسدي المغطى ببقايا ملابس الجيش الخضراء لأرى شابا بمثل عمري
بشعر أشقر و عينين زرقاوان ، عرفت عندها أن حياتي انتهت إنه أحدهم ، أحد أؤلئك الغزاة !
سمعت صوته الهامس الآتي كصوت خفيف لا يكاد يسمع من شدة الارتباك : لا تتحرك ، هناك ألغام
أمامك مباشرة ! (عندها لم أقتنع بما يحاول قوله لي ، أكمل قائلا) لا تخف أنا لست منهم ! أنا أحد
جنود الجيش المدافعين ! (شعرت عندها بصدق عبارات أبي عنهم حيث أنهم دائما ما كانوا
يظنوننا أغبياء فرددت قائلا) : قد يكون الظلام حالكا ، لكن هذا لا يعني أني لا أرى لون شعرك و
عينيك ! (لاح شبح ابتسامة سرعان ما اختفت مع الريح المليئة بالغبار و صوت الهامس يكمل) : أنا
مايكل ، و هاتين العينين و الخصل الشقراء قد ورثتها عن والدي ! (سرعان ما رددت عليه بنفس
نبرته الهامسه) : إذا أنت و هم على نفس الديانة ! فلماذا تقف بجانب صفوفنا المدافعة ؟ (رد علي و
هو يسحب ساقي بهدوء لأعود للخلف بعيدا عن الألغام) : هذا وطن أمي و أجدادها و وطني ، و
لي حق الدفاع كما تفعل أنت . (ابتسمت بهدوء و أنا أنظر له و قد عدت أدراجي لأكون بجانبه ،
شعرت بالحزن و أنا أذكر كيل الشتائم التي كان يوجهها والدي لكل شخص من ديانتهم دون أن
أعرف شخصهم ، الآن أدركت أن كل إنسان يحق له التفكير بما يحلو له ما دام هذا لا يؤثر على
أفعاله) : أنا باسم ، شكرا لك . (زادت أصوات الانفجارات و الصراخ و أنا أثبت خوذتي على رأسي
و أكمل زحفي على الأرض مع مايكل حينها سمعت صوت رصاص يطلق قريبا منا و سمعت صوت
صرخة صادرة من مايكل و أيقنت عندها أنه أصيب ، التفت إليه بفزع و أنا أنتظر أن أسمع منه
شيئا يدل على أنه على قيد الحياة ، عندها سمعت همساته تعود مرة أخرى) : أكمل الطريق إلى
الشمال و ستجد باقي الفرقة ، اذهب ! (شعرت بلحظة صمت فيها كل شيء حولي ، هل أتركه هنا
و هو من أنقذني من الخطر المحدق بي ؟ نهضت واقفا على قدمي حين شعرت بأن جنود العدو قد
ابتعدوا ، أمسكت به مساعدا إياه على النهوض و أنا أسمعه يحثني على الرحيل دونه ، لكن فجأة
توقف كل شيء و لم نعد نسمع شيئا) . |