مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
  #4  
قديم 30/10/2013, 12:39 AM
الصورة الرمزية الخاصة بـ هلالي من ارض اليمن
هلالي من ارض اليمن هلالي من ارض اليمن غير متواجد حالياً
مشرف منتدى المجلس العام
تاريخ التسجيل: 02/08/2005
المكان: بين الحلم والأسوار !
مشاركات: 13,589
الجزء الخامس

كيب تاون - اليوم الثالث

كان هذا اليوم قد خصص لزيارة أحد ابرز المعالم السياحية في مدينة كيب تاون وهي المنطقة التجارية والسياحية ( WaterFront ) أو الواجهة البحرية ! .. تتميز هذه المنطقة بانها مجموعة من المجمعات التجارية الحديثة ذات اطلالة على المحيط الاطنلطي .. وتضم ايضا العديد من المطاعم لمختلف الاذواق .. كما انها تتضمن الكثير من المحال ( الأكشاك ) التي تقدم مختلف الخدمات والفعاليات البحرية .. وايضا تعد المحطة الرئيسية لمن يريد زيارة جزيرة روبنسون ( Robinson Island ) حيث تضم هذه الجزيرة السجن الذي قضى به الزعيم مانديلا قرابة 27 عاما من عمره كمعتقل سياسي ! .. حقيقة ان منطقة الواجهة البحرية تعد منطقة محورية لمدينة كيب تاون .. ومن يستطيع السيطرة عليها فأنه يتمكن من السيطرة على المدينة ( يبدو انني تحمست عسكريا ) !



( صورة من الواجهة البحرية )

كنا قد استيقظنا مبكرا ونحن نرغب بقضاء أول برامجنا السياحية في الواجهة البحرية حيث كنت استهدف في هذا اليوم قضاء بعض الوقت والتجول في الواجهة البحرية ثم ترتيب حجوزاتنا لزيارة جزيرة روبنسون وقضاء بعض الوقت لزيارة السجن التاريخي والزنزانة التي احتوت ذات يوم أحد ابرز الشخصيات النضالية في التاريخ الحديث .. نيلسون مانديلا بالنسبة لي شخصية ملهمة للتحرر من قيود العبودية ورفض فرضية الأمر الواقع وان لا صوت يعلو فوق السوط والسجن !



( صورة لأحد المولات التجارية في الواجهة البحرية )

كنا قد قررنا تناول وجبة الافطار في احد المطاعم اعلاه بالصورة .. وبعد ان انهيت طعامي طلبت فنجان قهوة اتدارك من خلاله بعض افكاري التي اطلقت لها العنان وهي تتأمل الناس من حولها .. كان حولي الوان مختلفة من الناس ومن الطبيعي ان يكون هؤلاء من معتقدات وافكار ومذاهب عدة وبالرغم من ذلك أجد الجميع كل جنب الاخر بلطف وقبول ! .. شعرت للحظات ان هنالك خطأ ما ! .. هذا التناغم بين البشر كنت قد شاهدته من قبل في دول أخرى ولكنه حتما لم أشاهده مطلقا في عالمنا العربي ! .. في كل دولة عربية كنت قد تشرفت بزيارتها هنالك دوما مبرر ما لرفض الاخرين ونكرانهم وبخس انسانيتهم ! .. بينما في اقطار مثل كندا او بريطانيا او حتى جنوب افريقيا هنالك دوما احتواء للجميع وحب من قبل الجميع للمكان الذي احتواهم بكرامة واحترام !.. ولن أنسى يوما في مناسبة رياضية حضرتها في كندا حين وقف الجميع ينشد النشيد الوطني الكندي .. كانت اتأمل وجوه اولئك الناس فوجدتهم من اعراق مختلفة حول العالم ومعتقدات متباينة وجميعهم ينشدون لأجل كندا بحب دون من يأمرهم بذلك بالقوة او يشعرهم بالخوف ! .. وتخيلت نفسي لو نالني الحماس يوما واردت ان اقف مع جماهير دولة عربية ما وانشد معهم نشيدهم الوطني .. حتما سوف تلاحقني منهم عبارة : أجنبي !

انتقلت لمرحلة اخرى من التفكير .. وحدثت نفسي : لماذا لا نجد هذا الجفاء والتنافر سوى في مجتمعاتنا العربية ولا نجد ذلك لدى الاخرين ! .. في عالمنا العربي الصراعات مختلفة والضحية دوما نحن ! .. سنة وشيعة .. اسلاميين وليبراليين .. خليجيون وعرب .. أخوان وسلفيون .. حضر وبدو .... والقائمة تطول !



( صورة للطرقات في الواجهة البحرية )

سوف اعترف انني كنت من الاشخاص الذين صدمت من المواقف التي بلغت حد تكفير الاخوان المسلمين وتبرير قتلهم وسجنهم ونفيهم من الارض ! .. لست انتمي للإخوان .. كما انني اتفهم وجود خلاف في وجهات النظر والقناعات .. وقد أتيحت لي قراءة متواضعة لهم وللسلفيين والقوميين والليبراليين وايضا غير المسلمين .. فالقراءة فضاء رحب لا يخضع لقوانين الاسوار والحدود وتبقى الحكمة غاية المؤمن ! .. لم اكن اجد في ادبيات الاخوان تلك التهم التي تلقى عليهم لذلك عددتهم من المدارس التي اثرت الفكر الاسلامي الحديث .. وكنت ارى الخلاف بين الاخوان والسلفيين مثلا .. كما التباين في وجهات النظر الفقهية بين الشافعي وابن حنبل رحمهما الله .. فهل كفر الشافعيين الحنابلة أو العكس ؟!

تلك الحملة الاعلامية ضد الاخوان اشعرتني ان هنالك خدعة ما ! .. وان الاعلام ليس منصفا بل اداة اجرامية ترتدي البدلة والتنورة القصيرة ! .. وجدت نفسي اتيح لعقلي مساحة اكبر لكسر الحواجز واتساءل : هل الشيعة هم ايضا ضحية اعلام يريد ان يصورهم لنا بوجه قبيح .. وهل هم كذلك فعلا ام هنالك خديعة أخرى ؟! .. لا زالت بعض التساؤلات قيد البحث .. ولكنني بدأت اتوصل لقناعة شخصية مفادها : نحن في أمس الحاجة في مجتمعاتنا الى ثقافة التعايش ،،،

وجدت افكاري تفر مني عندما وجدت نفسي واقفا امام فرقة استعراضية تمارس نوع من الفنون التي يبدو انها وطنية .. وكان اللطيف في الموضوع انني حاولت ان اتذكر متى غادرت المطعم ومتى دفعت الحساب وكيف وصلت الى هنا ؟! .. يبدو انني كنت مغيب ذهنيا كما تهمة المرابطين في رابعة !



( صورة للفرقة الاستعراضية )

لم احرم نفسي فرصة مشاهدة هذا النوع من الفنون .. كانت الموسيقى صاخبة ولكنها تسير برتم متناغم .. وكانت الصوت الغنائي ثقيلا ولكنه يحمل عبر انفاسه صدق المشاعر ! .. الافريقيون يبدو انهم كما العرب تؤثر بهم العاطفة بشكل كبير .. وكان ان تقدمت طفلة افريقية من الحاضرين وتبلغ قرابة 8 سنوات .. وقد القت نفسها في مقدمة الفرقة وبدأت ترقص على الانغام والايقاعات وكان اداؤها ملفتا للجميع خاصة وان هذا الفن من الرقص الافريقي يتطلب قدرات بدنية عالية وهي تدفع بيديها الى الامام في تناغم مع حركة الصدر والركبتين والقدمين حتى تظن ان هذه الفتاة قد تعرضت الى صعقة كهربائية 500 فولت جعلت كل اطرافها تنتفض بحثا عن الحياة من جديد ! .. امام هذه الجاذبية التي صنعتها تلك الطفلة للحاضرين لم أحرم نفسي وانا اتابعها في متابعة بعض النشالين الذين رغبوا ان يشاركونا الحفلة !

سألت اين أجد الباخرة او العبارة التي تنقلنا الى جزيرة روبنسون فتم وصف العنوان لي وتوجهت الى هنالك حيث فاجئوني ان الرحلة القادمة المتاحة بعد 5 ايام تقريبا ويتوقعون في ذلك الوقت ان تكون الاجواء غير مناسبة حيث التقرير المبدئي للأرصاد الجوية ! .. كنت اقف وهنالك مجموعة من حولي كانوا يتساءلون : وهل هنالك طريقة أخرى ؟ .. اقترحت عليهم ان نذهب سباحة ! .. فانفجروا ضاحكين بالرغم ان القيتها تعبيرا عن مشاعر الاحباط !

حقيقة لقد كنت محبطا جدا ! .. فقد كنت ارغب بشدة بزيارة جزيرة نيلسون مانديلا .. فأنا أحب ان اقف شاهدا على التضحيات التي صنعها الآخرين .. لذلك وجدت نفسي اسير مثقلا بكسر الخاطر حتى وجدت فرقة غنائية اخرى تعزف بعض الالحان القديمة والقيت نفسي بجوارهم وكدت ان اشدو بصوتي عاليا : خليك هنا خليك .. بلاش تسافر ! .. الا انني تراجعت احتراما لذائقة المستمعين ان اصيبهم بشلل في أذنهم الوسطى !



( صورة لفرقة موسيقية )

ثم توجهت الى أحد الأكشاش التي تقدم خدمات الانشطة البحرية وكان القائم على الخدمة جنوب افريقي من أصول فرنسية .. وجه ابيض وشعر اشقر ولغة انجليزية بلكنة فرنسية ! .. عرض علي مجموعة من الرحلات فاخترت احداهما كجولة بحرية حول كيب تاون ،،،



( صورة لمجسد الفيل الذين نجده في كل مكان حتى انني بحثت تحت سريري قبل النوم خشية ان يكون هنالك فيل ما ! )

ذهبنا الى المرفأ فكان في استقبالنا كائن لطيف في داخل حاجز زجاجي وقد القى بنفسه يتشمس لعله ينال لون ( البرنزاج ) ! .. فربما لديه حبيبه يريد ان يثير اهتمامها !



( صورة لعجل البحر )

ثم صعدنا الى ظهر هذا المركب الذي منحني مساحة لكي افكر به ايضا ! .. فنحن سنقوم بجولة في محيط هادر يحتوي في باطنه الحيتان واسماك القرش المفترسة ! .. وتساءلت كيف لهذا القارب ان يصمد امام كل هذه التحديات ؟! .. لم أجد إجابة مقنعه فتوكلت على الله ..



( صورة القارب )

واترككم مع هذه الصور من الرحلة ..



( صورة عوامة وقد استلقى عليها عجلان في حالة استرخاء ورضى مبالغ بالنفس ! )



( صورة لسفينة القراصنة ! .. ويمكن استئجارها من احد مكاتب الخدمات البحرية حيث ترفع علم الجمجمة ويرتدي البحارة رداء القراصنة .. كنت اود الحجز بها الا انني لم اجد مكان لي وزوجتي .. فحدثت نفسي : لعل الله اراد بهم خيرا والا كنت سوف اتحمس واخطف السفينة وابحر بها الى اليمن واتخندق في خليج عدن اغزو سفن البحر ! )



( صورة للمحيط الاطلنطي )



( صورة للاستاد الرياضي الذي احتضن فعاليات كأس العالم 2010 م )



( صورة للملاحين قبل ان القي بهم في المحيط واتناول زمام الدفة ! )

عدنا عند حلول المساء الى المرفأ وبدأت قصتنا في محاولة العودة الى الفندق بعد ان خذلنا جهاز الـ GPS فوجدنا انفسنا نجوب ارجاء المدينة بحثا عن مقر السكن ! .. حتى التقينا به فجأة .. وهذا من لطف الله بنا .. والحمدلله رب العالمين ،،،



نلتقيكم مع الجزء السادس يوم السبت القادم وتجربة أخرى
بإذن الله



ودمتـم في خيـر
اضافة رد مع اقتباس