تفنى الجسوم ..و تبقى الرسوم!! تفنى الجسوم ..و تبقى الرسوم!!
أخي العزيز هناك آلاف من الأقوال و الحكم و الأمثال التي نحفظها عن ظهر قلب , وتبقى راسخة في عقولنا , و نرددها بألسنتنا , و قد ندرك القليل من معانيها , و نجهل الكثير , و هل تحمل بين طياتها الفرح و السرور , أم الترح و الشرور , و هي لم تأت من فراغ , بل كانت نتيجة لظروف الحياة القاسية التي عاشها الأجداد . و اعلم أن أفضل الكلام ما قاله الله ورسوله صلى الله عليه و سلم , إذ فيه الحكم و الأحكام و العبر و الأمثال , و الأجر و الشفاء , و سعادة الدارين , و قد قضى الله على عباده بالموت , فهناك السابقون و اللاحقون , و نحن في آثارهم مقتدون , قال تعالى : ( كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ ) . نعم , إنهم أهلون و أصحاب قد تخطفتهم يد المنون , و باتوا جيرانا لا يتزاورون , قد بليت جسومهم في اللحود , و صار كل رهين عمله , و لم تبق إلا الذكرى الطيبة و الرسوم , و إن رأينا تلك الرسوم , أو داهمتنا في الحياة الخطوب و الهموم رجعت بنا الذكرى سنين و سنين , نتذكر الأهلين و الأحباب الذين بالأمس قد كانوا بيننا , و اليوم رحلوا عنا فما كانوا , وصار لهم غير الأصحاب أصحاب , و غير المنازل منازل , فالذكرى رمز يدق في عالم النسيان , يجد الإنسان فيها تنفيسا عن همومه و أحزانه , فهذه عبر , و إلى الله المشتكى , و لكن أين المعتبر؟! و الشاعر يقــول :
لِكُل شَيءٍ إذا مَا تَم نُقْصَــــانُ * فَلا يُغَر بِطيْبِ العَيْشِ إنْسَانُ
هيِ الأمُوْرُ كَمَا شَاهَدْتُهَا دُوَل * مَنْ سَرهُ زَمَنٌ سَاءَتْهُ أزْمَانُ
وهَذِهِ الدارُ لا تُبْقِي عَلِى أحَـدٍ * وَلاَ يَدُوْمُ عَلى حَالٍ لَهاَ شَانُ
عبد العزيز السلامة / أوثال |