غطرسة آيرلندية
يبدو أن الغطرسة الايرلندية قد تجاوزت مداها لا سيما ان محتواها اغفل ما للآخرين من قدرات وحظوظ.
واحسب أن طلب هؤلاء الايرلنديين الذي يقضي بتحديد التصفية النهائية بينهم وبين ثالث آسيا بمباراة واحدة وعلى ارض محايدة خلافاً لما نصت عليه توصيات «الفيفا»، فيه من الكبرياء الأجوف ما تجاوز حد الإساءة للآسيويين بل وربما يشير إلى التقليل من قدراتهم وإمكانياتهم.
وحقيقة فقد كنت كما غيري مهيأ ولو حتى نفسياً لقبول اختزال الذهاب والإياب والإشارة للأرض المحايدة «رغم رفض المبدأ جملة وتفصيلاً من قبل الآسيويين» لو كان المعنى الأوربي بهذا الشأن من هو بقامة ألمانيا أو ايطاليا او انجلترا أو حتى من هو قريب منهما عطاء وتوهجاً في ميادين الكرة... لكن ايرلندا الشمالية فتلك مسألة فيها نظر! واحسب أن العنوان الأول لذلك التوجه يحمل في مطلعه الكبرياء وفي داخله الخوف والهلع عطفاً على ما يحدث الآن في أفغانستان.
واعتقد أن مسيري الكرة الايرلندية الشمالية، أدركوا وعبر الحسابات، أن منافسهم لن يخرج عن أحد ثلاثة في المقام الأول: الإمارات والسعودية ومن ثم إيران. ولا اعلم كيف ستكون حساباتهم لو أن الكازاخستاني كان ضمن المعنيين، وكيف حالهم لو تسنت للعراق بارقة أمل! هنا نتلمس الغطرسة الايرلندية بالقفز فوق الحقائق عبر استعطاف الحضور الأوروبي القوي في «الفيفا»، تلك المطالب التي تلغي الفرص العادلة باختيار آخر الملتحقين بكأس العالم 2002، بضمان حق كل منتخب بأن يلعب على أرضه إلا إذا كان هو لا يرغب بذلك أو أن ضرورة ما تخص الأمن والسلامة تمنع من إقامتها.
الأمر الجدير ذكره في شأن الاستخفاف الايرلندي يتمحور حول سؤال فحواه: هل لاعبوهم قادرون على تجيير حسابات هذه المباراة اليتيمة لمصلحتهم، وهل هم بقامة كبار أوروبا كرويا كي يضمنوا ولو نسبيا تحقيق الانتصار؟ ومع ذلك ندرك أن فزعاً دفيناً ووجلاً مريعاً يعانون منهما، وكان عليهم قبل أن يستفحلا ليكونا مرضاً، أن يسألوا ويتبينوا ما يخص البلدين الأقرب كي يواجهه أحدهما (السعودية والإمارات)، ليدركوا بأنهما من أكثر البلدان في العالم أمناً وأماناً، وان «الفيفا» ما انفك يكلفهما بمهام تنظيمية لمناسبات كروية عالمية كثيرة، انطلاقاً من أمن وأمان وحسن إدارة.
وعليه فنحن نسأل: ماذا عن ايرلندا وسجلها التنظيمي أو استقرارها الأمني، كيف حاله؟. وبعد، كنت احسب أن العقلانية هي ما يميز عمل مسيري الرياضة سواء في أوروبا أو غيرها لأن الرياضة هي مَنْ قفز فوق حواجز اختلاف السياسة، وهي مَنْ مسح آفات الضغينة، وهي مَنْ قرب بين الشعوب وجعلها اكثر تآلفاً وتلاقياً... لكن هذا هو حال بعضنا على هذه المستديرة لا يدرك معنى ما يريد.. إما طمعاً أو خوفاً!