مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
  #1  
قديم 15/10/2001, 01:11 PM
الصورة الرمزية الخاصة بـ الاسير الهلالي
الاسير الهلالي الاسير الهلالي غير متواجد حالياً
زعيــم نشيــط
تاريخ التسجيل: 03/08/2001
المكان: الرياض
مشاركات: 926
Post لاتهملوا الموعظــة // للشيخ : محمد الدويـــش

إن النفوس تصيبها القسوة والغفلة، وتبتعد القلوب عن الله وتتعلق بالدنيا ومافيها، ويلابس الناس الذنب والمعصية، فيحتاجون للتذكير والوعظ.
ومن يتأمل سنة النبي صلى الله عليه و سلم يرى أنه كان يعنى بالموعظة، وكان كثيراً مايذكِّر أصحابه ويرقق قلوبهم، ولم تكن الموعظة خاصة بأولئك حديثي العهد بالإسلام والتوبة، ولا بالمقصرين المخلطلين، إنما كانت هدياً راتباً له صلى الله عليه و سلم يتخول بها أصحابه.
عن العرباض بن سارية- رضي الله عنه- قال : وعظنا رسول الله صلى الله عليه و سلم موعظة ذرفت منها العيون، ووجلت منها القلوب، فقلنا يارسول الله كأنها موعظة مودع فأوصنا.
ويصف حنظلة الأسيدي وكان من كتاب رسول الله صلى الله عليه و سلم مجالسه صلى الله عليه و سلم فيقول: لقيني أبو بكر فقال كيف أنت يا حنظلة؟ قال: قلت: نافق حنظلة قال: سبحان الله ما تقول؟ قال: قلت: نكون عند رسول الله صلى الله عليه و سلم يذكرنا بالنار والجنة حتى كأنا رأي عين، فإذا خرجنا من عند رسول الله صلى الله عليه و سلم عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات فنسينا كثيرا، قال أبو بكر فوالله إنا لنلقى مثل هذا.
وحين دفن النبي صلى الله عليه و سلم أحد أصحابه جلس على القبر وهو لما يلحد فوعظ أصحابه موعظة بليغة وذكر لهم مايلقاه العبد بعد موته من أحوال البرزخ وأهواله.
وفي خطبه الجمعة كان يعنى صلى الله عليه و سلم هذا الأمر؛ فعن أم هشام بنت حارثة بن النعمان قالت: ماحفظت إلا من في رسول الله صلى الله عليه و سلم يخطب بها كل جمعة، قالت: وكان تنورنا وتنور رسول صلى الله عليه و سلم واحدا.
وقد أخبر تبارك وتعالى عن عباده المتقين وأنهم بحاجة إلى تعاهد النفوس ورعايتها، فقال (وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين* الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين* والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على مافعلوا وهم يعلمون).
بل أخبر صلى الله عليه و سلم عن نفسه فقال: "إنه ليغان على قلبي وإني لأستغفر الله في اليوم مائة مرة".
فإذا كانت هكذا نفوس المتقين الذين بلغوا الرتب العالية والمنازل الرفيعة، فكيف. ممن هم في ون ذلك بكثير؟ كيف بنا اليوم ونحن نعيش عالما مليئا بالفساد والمنكرات، ونلابس ونواقع كثيرا منها صباح مساء، ناهيك عن الاستغراق في فضول المباحات والوقوع في المشتبهات، وهذه دائرة ربما لم نفكر فيها لأنا لم نتجاوز ما قبلها.
فلئن كان الرعيل الأول وخير القرون يتعاهدهم نبيهم صلى الله عليه و سلم بالوعظ والتذكير، ويتخولهم بها، ويسمعون منه كل جمعة ذلك، فكيف بجيلنا نحن؟
بل وكيف نتصور بعد ذلك أن المواعظ إنما هي لفئات خاصة من حديثي العهد بالاستقامة والتوبة، أما الدعاة ومن قطعوا شوطا في الطريق فهم في غنى عن ذلك كله، وهم بحاجة للحديث عن القضايا الفكرية والدعوية والمسائل الساخنة.


من : المكتبة الالكترونية الشاملة
اضافة رد مع اقتباس