الجزء الرابع :
كان كارل قد أمضى وقتاً طويلاً في القتال وكلما طلب من قائده رخصة لكي يزور أمه ويطمئن عليها يرفض القائد . وبعدة مدة تعرض قائد كارل للقتل , وجاء قائد آخر . فاستغل كارل هذا التغيير وذهب للقائد الجديد واخبره بأنه يريد الذهاب إلى قريته أيام معدودة لكي يزور أمه فهو وحيدها ولم يرها منذ سنين .
فقال القائد : أنت وحيد أمك ؟! كيف تركتها وجئت إلى الجيش ؟ قال كارل : لقد أتيت لخدمة بلدي والدفاع عنها . فقال له القائد : وتترك أمك وحدها !! حسناً أذهب إلى أمك وبإمكانك العودة متى شئت.
خرج كارل وهولا يصدق أذناه , خرج وهو يطير من الفرح فلقد قطعه الشوق للقاء أمه وقد تمزق فكره في معرفة أخبار أمه وكيف حالها واقسم بأنه سوف يعوض أمه الفترة الطويلة التي قضاها في الحرب . كما حركة الشوق للقاء حبيبته إيفا .
أكملت إيفا بحثها عن كارل وبعد بحث طويل دب اليأس قلبها وقررت العودة إلى قريتها واستغلال رخصتها في الذهاب لرؤية أهلها , وفي أحدى الخيام كانت إيفا تحكي قصتها لصديقتها وعن سبب انضمامها للجيش وفي هذه الأثناء كان هناك أحد الجنود يستمع إليها فناداها وقال لها : أأنت تبحثين عن كارل النجار ؟ صعقت إيفا وقالت بصوت عالي : والدمع ينحدر من عينيها أتعرف كارل ؟ قال : أهو شاب من قرية هيلفنبيرغ ؟ قالت نعم هو إنه هو أتعرفه ؟ قال : نعم أعرفه ؟
إنه في الجبهة الفرنسية في الكتيبة التاسعة عشر .. لكن بكل أسف أخبركِ بأن الفرقة التي كان بها كارل تعرضت لكمين وقيل لي بأن كل أفراد الفرقة تعرضوا للقتل . قالت إيفا : هل رأيت كارل وهو ميت ؟ قال لا , ولكن هذا ما سمعت , وأظن ذلك صحيح إن كارل وضع في أسوء جبهة حيث الحرب قاسية وعنيفة هناك ضد الفرنسيين والإنجليز .
في اليوم التالي ذهبت إيفا وطلبت من القائد أن يرسلها للكتيبة التاسعة عشر . فقال : لا استطيع ذلك , حدود النساء التمريض خلف الخطوط أما في جبهات القتال الفعلية فهناك ممرضون رجال مدربون على القتال والإسعاف .
حاولت إيفا لكنها لم تنجح , عندها أدركها التعب فقد مكثت شهورا طويلة ولم تذهب لزيارة أهلها فضلاَ على أن الأخبار تأتيها بأن فرقة كارل قد أبيدت ومن المحال أن ينجو , وعلى أقل تقدير لو كان قد جرح لجاء إلى هذا المخيم تحديداً .. يئست وتعبت إيفا. فقررت أن تخبر قائدها بأنها تريد استغلال رخصتها والذهاب إلى أهلها .