
20/03/2011, 11:42 PM
|
 | زعيــم مميــز | | تاريخ التسجيل: 08/03/2010 المكان: الشرقيهـ
مشاركات: 3,693
| |
تم في اليوم الخامس عشر من شهر شوال سنة 1404هـ بقلم مؤلفه الفقير إلى الله محمد الصالح العثيمين بسم الله الرحمن الرحيم نص الكلمة التي نشرناها في "مجلة الدعوة" السعودية في عدد (911) الصادر يوم الاثنين الموافق 4/1/1404هـ الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان وسلم تسليماً. أما بعد: فقد كنا تكلمنا في بعض مجالسنا على معنى معية الله تعالى لخلقه، ففهم بعض الناس من ذلك ما ليس بمقصود لنا ولا معتقد لنا، فكثر سؤال الناس وتساؤلهم ماذا يقال في معية الله لخلقه؟ وإننا: (أ) لئلا يعتقد مخطئ أو خاطئ في معية الله ما لا يليق به. (ب) ولئلا يتقول علينا متقول ما لم نقله أو يتوهم واهم فيما نقوله ما لم نقصده. (جـ) ولبيان معنى هذه الصفة العظيمة التي وصف الله بها نفسه في عدة آيات من القرآن الكريم ووصفه بها نبيه محمد صلى الله عليه وسلم. نقرر ما يأتي: أولاً: معية الله تعالى لخلقه ثابتة بالكتاب والسنة، وإجماع السلف، قال الله تعالى: (وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ)(227). وقال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ)(228). وقال تعالى لموسى وهارون حين أرسلهما إلى فرعون: (لا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى)(229). وقال عن رسوله محمد صلى الله عليه وسلم: (إِلاّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا)(230). وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أفضل الإيمان أن تعلم أن الله معك حيثما كنت"(231). حسنه شيخ الإسلام ابن تيميه في العقيدة الواسطية، وضعفه بعض أهل العلم، وسبق قريباً ما قاله الله تعالى عن نبيه من إثبات المعية له. وقد أجمع السلف على إثبات معية الله تعالى لخلقه. ثانياً: هذه المعية حق على حقيقتها، لكنها معية تليق بالله تعالى ولا تشبه معية أي مخلوق لمخلوق؛ لقوله تعالى عن نفسه: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ)(232). وقوله: (هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً). وقوله: (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ)(233). وكسائر صفاته الثابتة له حقيقة على وجه يليق به ولا تشبه صفات المخلوقين. قال ابن عبد البر: "أهل السنة مجمعون على الصفات الواردة كلها في القرآن والسنة والإيمان بها وحملها على الحقيقة لا على المجاز إلا أنهم لا يكيفون شيئاً من ذلك، ولا يحدون فيه صفة محدودة". أ.هـ. نقله عنه شيخ الإسلام ابن تيميه في الفتوى الحموية ص87 من المجلد الخامس من مجموع الفتاوى لابن قاسم. وقال شيخ الإسلام في هذه الفتوى ص102 من المجلد المذكور: "ولا يحسب الحاسب أن شيئاً من ذلك - يعني مما جاء في الكتاب والسنة - يناقض بعضه بعضاً ألبته مثل أن يقول القائل: ما في الكتاب والسنة من أن الله فوق العرش يخالفه الظاهر من قوله: (وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ)(234). وقوله صلى الله عليه وسلم: "إذا قام أحدكم إلى الصلاة فإن الله قبل وجهه"(235). ونحو ذلك، فإن هذا غلط وذلك أن الله معنا حقيقة، وهو فوق العرش حقيقة كما جمع الله بينهما في قوله: (هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ)(236). فأخبر أنه فوق العرش يعلم كل شيء وهو معنا أينما كنا كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث الأوعال: "والله فوق العرش، وهو يعلم ما أنتم عليه"(237). وذلك أن كلمة - مع - في اللغة إذا أطلقت فليس ظاهرها في اللغة إلا المقارنة المطلقة من غير وجوب مماسة أو محاذاة عن يمين أو شمال، فإذا قيدت بمعنى من المعاني دلت على المقارنة في ذلك المعنى فإنه يقال: مازلنا نسير والقمر معنا أو والنجم معنا. ويقال: هذا المتاع معي لمجامعته لك، وإن كان فوق رأسك فالله مع خلقه حقيقة وهو فوق عرشه حقيقة. أ.هـ. كلامه. |