مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
  #4  
قديم 26/01/2011, 10:29 PM
وقت الغروب وقت الغروب غير متواجد حالياً
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 10/10/2008
المكان: فى قلب الهلال
مشاركات: 3,349
ثقافة الحوار.. من أين نبدأ؟

"ثقافة الحوار" موضوعٌ شائك مُتلبَّسٌ بتفاصيل قد تَحَار المساحة عن سبر أغواره وكشف دقائقه..
ولا يمكن تعريف مصطلح (ثقافة الحوار) - قُلْتُ مصطلحاً وليس مفهوماً لجدته وحداثته، ولمّا يرسخ بعدُ في مجتمعنا المعاصر ليصبح مفهوماً - قبل إجراء فصل لفظي بين الكلمتين؛ لأنه يتشكل من جزيئات بنسب متفاوتة كالماء، ذلك السائل الذي به قوام الحياة.

فلو بدأنا بتعريف مفهوم الثقافة لوجدنا عشرات التعريفات، ولكنها باختصار تشير إلى أن الثقافة: (نتاج معرفي ومسلكي يُشكّل أسلوب الحياة ونمط المعيشة للمجتمع)..

أما مفهوم الحوار (أو التحاور أو المحاورة) فيمكن الاستناد إلى التعريف الآتي له، وهو: (القدرة على التفاعل المعرفي والعاطفي والسلوكي مع الآخرين، وهو ما يميز الإنسان عن غيره؛ ما سهَّل تبادل الخبرات والمفاهيم ونقلها بين الأجيال). ولا يتم إلا بوسيلتين، هما:

الإرسال (التحدث) والاستقبال (الاستماع)، وما ينشأ عنهما من ردود أفعال هي المحصلة الثقافية لكلا الطرفين.
من هنا يمكن التعبير عن "ثقافة الحوار" كما توصل لها عدد من الباحثين بأنها "إنتاج خــِطابي وسلوكي يستند إلى قِيَم حية، يؤدي فيه الحوار الدور الأساس".

ولكن.. من أين تنشأ ثقافة الحوار؟

بداية، وقبل أن ننطلق للآخر القريب أو البعيد في نشر ثقافة الحوار، لا بد أن نشير إلى أن هناك عوامل مهمة تُشكّل ثقافة الفرد، ألا وهي:

الأسرة، المدرسة ووسائل الإعلام..

* أولاً: الأسرة *

فالأسر الناجحة هي الأسر التي تبني ركائزها ولبناتها على التفاهم العميق بين أعضائها، ومعرفة الظروف والرغبات والطموحات لكل منهم..

والحوار البنّاء من أعظم وسائل تحقيق ذلك؛ فهو لغة التواصل الأعمق أثراً وأكثر كفاءة في هذا الجانب..
فلن يكون هناك حوار أسري ما لم نُنظِّم أوقاتنا؛ حيث نولي أفراد أسرتنا: رعاية خاصة، نتحاور معهم، نستغل المشكلات؛ لنغرس من خلال قيادتنا الأسرية مبادئ الحوار، وثقافته وأدبياته، لا أحادية الرأي القاطع ومصادرة الآراء المعارضة لنا، مع إعطاء كل ذي حق حقه من التقدير والاحترام، وصفاء النية، وسلامتها من التعصب للرأي، والتنازل للآخر؛ من أجل الوصول إلى قاعدة مشتركة يمكن الاتفاق على الانطلاق منها نحو أهداف أسمى وأكثر إيجابية لجميع الأطراف.

* ثانياً: المدرسة *

أما المدرسة فلا شك أنها محضن الناشئة، وبها يرسخ العلم والتربية المنزلية..

ولكن هل مدارسنا ومؤسساتنا التربوية تقوم بواجبها تجاه ترسيخ قِيَم الحوار وإدراك الاختلاف بين أبنائنا الطلاب؟ هذا سؤال لا يمكن القطع بالإجابة عنه..

ولكنني ومن استقرائي لحالات كثيرة بين الطلاب والمدرسين توصلت إلى قناعة بصعوبة تنفيذ ذلك لأسباب، منها:
- ازدحام الفصول وتكدسها بالطلاب.

- طول المناهج مع كثرتها.

- بلوغ نصاب المُعلِّم الحد الأقصى من الحصص الدراسية طوال اليوم.

- والمعضلة الأكبر أن المُعلّم أحد مخرجات هذا التعليم؛ فأصبح يكرر ما درسه وتعلمه من خبرات معرفية

ومسلكية على طلاب فصله؛ لندور معه في إطار حلقة لا نعلم أولها من آخرها..!!

* ثالثاً: الإعلام *

أما الإعلام فلا شك أنه الآن، ومن خلال البحوث والدراسات المنهجية التي تُجرى في مختلف دول العالم، إحدى الركائز المهمة في تشكيل وعي وسلوك الأفراد المتلقين، فما أدراك إذا كان هذا الإعلام ذا مسار واحد من الأعلى إلى أسفل!! حيث لا يستطيع المتلقي التعبير عن رأيه والمشاركة في تصحيح الخلل إنْ وجد..!!

ختاماً:

إنَّ تبني الحوار في تعاملاتنا قيمة تنمو أو تتضاءل بدواخلنا قبل أن تكون من وسائلنا في التواصل مع الذات والآخرين..
اضافة رد مع اقتباس