مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
  #52  
قديم 04/11/2010, 05:20 PM
الصورة الرمزية الخاصة بـ الزعيم%الهلالي
الزعيم%الهلالي الزعيم%الهلالي غير متواجد حالياً
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 08/03/2010
المكان: الشرقيهـ
مشاركات: 3,693
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((أما هذا فقد صَدَق ، فقم حتى يقضي الله فيك)) وسار رجال من بني سلمة، فقالوا لي: والله ما علمناك أذنبت ذنباً قبل هذا، لقد عجزت في أن لا تكون اعتذرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بما اعتذر إليه المخلَّفون، فقد كان كافيك ذنبك استغفار رسول الله صلى الله عليه وسلم لك.قال فوالله مازالوا يؤنِّبونني حتى أردت أن أرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأكذب نفسي، ثم قلت لهم: هل لقي هذا معي من أحد؟ قالوا: نعم؛ لقيه معك رجلان قالا مثل ما قلت، وقيل لهما مثل ما قيل لك، قال: قلت: من هما؟ قالوا: مرارة بن الربيع العمري، وهلال بن أمية الواقفي؟ قال: فذَكَروا لي رجُلين قد شهدا بدرًا فيهما أسوة. قال: حين ذكروهما لي، ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كلامنا أيها الثلاثة من بين من تخلف عنه، قال: فاجتنبنا الناس- أو قال: تغيروا لنا- حتى تَنَكَّرتْ لي في نفسي الأرض، فما هي بالأرض التي أعرف، فلبثنا على ذلك خمسين ليلة، فأما صاحباي فاسْتَكَانا وقعدا في بيوتهما يَبْكيان، وأما أنا فكنت أَشَبَّ القومِ وأجْلَدَهم، فكنت أخرج فأشهد الصلاة مع المسلمين وأطوف في الأسواق ولا يكلمني أحد، وآتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم عليه، وهو في مجلسه بعد الصلاة، فأقول في نفسي: هل حرَّك شفتيه بردِّ السلام أم لا ؟ ثم أصلي قريباً منه وأُسارِقُه النظر، فإذا أقبلت على صلاتي نظر إليَّ، وإذا التفت نحوه أعرض عنِّي، حتى إذا طال ذلك عليَّ من جفوة المسلمين مشيت حتى تسورت جدار حائط (75) أبي قتادة ؛ وهو ابن عمِّي وأحب الناس إليَّ، فسلمت عليه فوالله ما رد عليَّ السلام، فقلت له: يا أبا قتادة أنشدك بالله هل تعلَمُني أُحِبُّ الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ؟ فسكت، فعدت فناشدته فسكت، فعدت فناشدته، فقال: الله ورسوله أعلم. ففاضت عينايَ، وتوليت حتى تسورت الجدار، فبينا أنا أمشي في سوق المدينة؟ إذا نبطي من نبط أهل الشام ممن قدم بالطعام يبيعه بالمدينة يقول: من يدل على كعب بن مالك؟ فطفق الناس يشيرون له إليَّ حتى جاءني، فدفع إليَّ كتاباً من ملك غسان، وكنت كاتباً.فقرأته فإذا فيه: أما بعد؛ فإنه قد بلغنا أن صاحبك قد جفاك، ولم يجعلك الله بدار هوانٍ ولا مضيعة، فالحق بنا نواسيك، فقلت حين قرأتها: وهذه أيضاً من البلاء ، فَتَيَمَّمْتُ بها التنور فَسَجَرتهُا (76) حتى إذا مضت أربعون من الخمسين واستلبث الوحي(77) إذا رسولُ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يأتيني، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرك أن تعتزل امرأتك، فقلت: أُطلِّقها، أم ماذا أفعل؟ قال: لا، بل اعتزلها فلا تقربنَّها، وأرسل إلى صاحبيَّ بمثل ذلك.فقلت لامرأتي: الحَقِيْ بأهلك فكوني عندهم حتى يقضي الله في هذا الأمر، فجاءت امرأة هلال بن أُميَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت له: يا رسول الله إن هلال ابن أمية شيخٌ ضائعٌ ليس له خادم، فهل تكره أن أخدُمَه؟ قال: لا، ولكن لا يقربنك. فقالت: إنه والله ما به من حركة إلى شيء وَوَالله ما زال يبكي منذ كان من أمره ما كان إلى يومه هذا، فقال لي بعض أهلي: لو استأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في امرأتك، فقد أذن لامرأة هلال بن أمية أن تخدمه؟ فقلت: لا أستأذن فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما يدريني ماذا يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استأذنته فيها وأنا رجل شاب! فلبث بذلك عشر ليال، فكَمُلَ لنا خمسون ليلة من حين نهى عن كلامنا.
ثم صليت صلاة الفجر صَبَاحَ خمسين ليلة على ظهر بيت من بيوتنا، فَبَيْنا أنا جالس على الحال التي ذكر الله تعالى منّا، قد ضاقت عليَّ نفسي وضاقت عليَّ الأرض بما رحبت، سمعت صوت صارخٍ أوفى على سَلْعٍ (78) يقول بأعلى صوته: يا كعب بن مالك أبشر، فَخَرَرْتُ ساجداً، وعرفت أنه قد جاء فرج. فآذَنَ رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس بتوبة الله- عز وجل- علينا حين صلَّى صلاة الفجر فذهب الناس يُبَشروننا، فذهب قبل صاحبيَّ مبشرون، وركض رجل إليَّ فَرَسًا، وسعى ساعٍ من أسلم قبلي وأوفى على الجبل، وكان الصوت أسرعَ من الفرس، فلما جاءني الذي سمعت صوته يُبشِّرُني نزعت له ثوبي فكسوتهما إياه ببشارته، والله ما أملك غيرهما يومئذٍ، واستعْرت ثوبين فلبستهما وانطلقت أتأمَّمُ (79) رسول الله صلى الله عليه وسلم يتلقَّاني الناس فوجا فوجا يُهنئونني بالتوبة ويقولون لي: لِتَهنَكَ توبة الله عليك، حتى دخلت المسجد، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس حوله الناس، فقام طلحة بن عُبيد الله-رضي الله عنه- يُهرْول حتى صافَحَني وهنَّأني، والله ما قام رجل من المهاجرين غيره، فكان كعب لا ينساها لطلحة، قال كعب: فلما سلَّمتُ على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وهو يبرقُ وجهُه من السرور: أبشر بخير يوم مر عليك مذ ولدتك أمك: فقلت: أمِنْ عندك يا رسول الله أم من عند الله؟ قال: لا. بل من عند الله- عز وجل- وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سُرَّ استنارَ وجهُهُ حتى كأن وجهه قطعة قمرٍ، وكنا نعرف ذلك منه فلما جلست بين يديه قلت: يا رسول الله إن من توبتي أن أنْخَلِعَ من مالي صدقة إلى الله وإلى رسوله. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أمسِكْ عليكَ بعض مالك فهو خير لك، فقلت: إني أمسك سهمي الذي بخيبر وقلت: يا رسول الله إن الله تعالى إنما أنجاني بالصدق، وإنَّ توبتي أن لا أحدث إلا صدقا ما بقيت، فوالله ما علمت أحداً من المسلمين أبْلاهُ (80) الله - تعالى- في صِدقِ الحديث منذ ذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومي هذا، وإني لأرجو أن يحفظني الله- تعالى- فيما بقي، قال: فأنزل الله تعالى : ﴿لقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ﴾ حتى بلغ: ﴿إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (117) وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ﴾حتى بلغ:﴿اتَّقُوا اللًّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ[التوبة:117ـ 119]، قال كعب: والله ما أنعم الله عليَّ من نعمة قط بعد إذ هداني الله للإسلام أعظم في نفسي من صِدقي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا أكون كذبتُه، فأهلَكَ كما هلَكَ الذين كَذَبوا: إن الله تعالى قال للذين كَذَبوا حين أنزل الوحي شر ما قال لأحدٍ، فقال الله تعالى: ﴿سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (95) يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ [التوبة:95،96] .
اضافة رد مع اقتباس