مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
  #46  
قديم 04/11/2010, 05:00 PM
الصورة الرمزية الخاصة بـ الزعيم%الهلالي
الزعيم%الهلالي الزعيم%الهلالي غير متواجد حالياً
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 08/03/2010
المكان: الشرقيهـ
مشاركات: 3,693
16- وعن أبي موسى عبد الله قيس الأشعري- رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله تعالى يبسط يده بالليل ليتوب مسئ النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها))(60) .[رواه مسلم].
17- وعن أبي هريرة - رضي الله عنه- قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها تاب الله عليه))(61). [رواه مسلم].
18- وعن أبي عبد الرحمن عبد الله بن عمر بن الخطاب - رضي الله عنهما- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله - عز وجل - يقبل توبة العبد ما لم يُغرْغر)). (62) [رواه الترمذي] وقال: حديث حسن.


الشرح
هذه الأحاديث الثلاثة التي ذكرها المؤلف - رحمه الله- كلها تتعلق بالتوبة.
أما حديث أبي موسى فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم : ((إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، حتى تطلع الشمس من مغربها)).
وهذا من كرمه- عز وجل- أنه يقبل التوبة حتى وإن تأخَّرت. فإذا أذنب الإنسان ذنباً في النهار، فإن الله- تعالى- يقبل توبته ولو تاب في الليل. وكذلك إذا أذنب في الليل وتاب في النهار فإن الله-تعالى- يقبل توبته بل إنه - تعالى- يبْسط يده حتى يتلقى هذه التوبة التي تصدر من عبده المؤمن .
وفي هذا الحديث: دليل على محبة الله- سبحانه وتعالى- للتوبة، وقد سبق في الحديث السابق - في قصة الرجل الذي أضل راحلته حتى وجدها-: أن الله يفرح بتوبة عبده المؤمن إذا تاب إليه أشد فرحاً من هذا براحلته.
ومن فوائد حديث أبي موسى: إثبات أن الله تعالى - له يد، وهو كذلك، بل له يدان جلَّ وعلا- كما قال تعالى: ﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ [المائدة:64]، وهذه اليد التي أثبتها الله لنفسه- بل اليدان- يجب علينا أن نؤمن بهما؛ وأنهما ثابتتان لله.
ولكن لا يجوز أن نتوهم أنها مثل أيدينا؛ لأن الله يقول في كتابه: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ[الشورى:11]، وهكذا كل ما مر بك من صفات الله فأثبتها لله- عز وجل- لكن بدون أن تمثلها بصفات المخلوقين؛ لأن الله ليس كمثله شيء؛ لا في ذاته، ولا في صفاته عز وجل.
وفي هذا الحديث: أن الله- سبحانه وتعالى- يقبل توبة العبد وإن تأخرت، لكن المبادرة بالتوبة هي الواجب؛ لأن الإنسان لا يدري ، فقد يفجأه الموت فيموت قبل أن يتوب. فالواجب المبادرة ، لكن مع ذلك، لو تأخَّرْتَ تاب الله على العبد.
وفي هذا الحديث: دليل على أن الشمس إذا طلعت من مغربها، انتهى قبول التوبة. ولكن قد يسأل السائل ، يقول : هل الشمس تطلع من مغربها؟ المعروف أن الشمس تطلع من المشرق؟!
فنقول : نعم هذا هو المعروف ، وهذا هو المطرد منذ خلق الله الشمس إلى يومنا هذا.لكن في آخر الزمان يأمر الله الشمس أن ترجع من حيث جاءت فتنعكس الدورة، وتطلع من مغربها، فإذا رآها الناس آمنوا كلهم، حتى الكفار اليهود، والنصارى، والبوذيون، والشيوعيون، وغيرهم؛ كلهم يؤمنون. ولكن الذي لم يؤمن قبل أن تطلع الشمس من مغربها لا ينفعه إيمانه.
كل يتوب أيضاً، لكن الذي لم يتب قبل أن تطلع الشمس من مغربها لا تقبل توبته؛ لأن هذه آية يشهدها كل أحد، وإذا جاءت الآيات المنذرة لم تنفع التوبة ولم ينفع الإيمان!
أما حديث أبي هريرة رضي الله عنه في أن الله -سبحانه وتعالى- يقبل التوبة ما لم تطلع الشمس من مغربها فهو كحديث أبي موسى.
وأما حديث عبد الله بن عمر: ((إن الله يقبل توبة عبده ما لم يُغَرْغِر)) أي: ما لم تصل الروح الحلقوم، فإذا وصلت الروح الحلقوم فلا توبة، وقد بيَّنت النصوص الأخرى أنه إذا حضر الموت فلا توبة؛ لقوله تعالى:﴿وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآن[النساء: 18].
فعليك يا أخي المسلم أن تبادر بالتوبة إلى الله - عز وجل- من الذنوب، وأن تقلع عما كنت مُتَلَّبسًا به من المعاصي، وأن تقوم بما فَّرطت به من الواجبات، وتسأل الله قبول تتوبتك. والله الموفق.
اضافة رد مع اقتباس