مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
  #2  
قديم 20/09/2010, 02:26 PM
غريب2002 غريب2002 غير متواجد حالياً
زعيــم جديــد
تاريخ التسجيل: 17/09/2010
مشاركات: 3
((( تابع ))
18) الغموض ... القاتل الخفي ... والحديث عن الغموض ... حديث ذو شجون ... لكنه مليء بالأحزان ... مما سبق ذكره ... فإن من أكثر ما يجمل الصداقة ... الصراحة... ومن أكثر ما يقرب الصديق إلى القلب هو أن أعرف بأني محل ثقته (فليست العبرة أن تجد صديقـًا تثق فيه ... لكن العبرة أن تجد صديقـًا يثق فيك) والصديق الثقة ... صندوق أمانات بل قد قيل ( قلوب الأحرار .. قبور الأسرار) قلت بأن الحديث عن الغموض حديث ذو شجون ... فهنا الآن قد عرجت على الثقة ... والتي تعتبر من أساسات الصداقة ... فعندما يكون الصديق غامضًا فلا يخلو أن يكون لذلك أثر .... لكن المهم تحديد حجم الأثر وتحديد أبعاده على المدى البعيد أو القريب ... فعندما يكون الصديق غامضا أو أصابه غموض فإما أن يكون لأمر فيه خير (وهذا شيء محدود) وصاحبه لا يظهر غموضه لصديقه حتى لا تتلاعب بصديقه الظنون ، وإن كان المفترض عدم ذلك ... لكن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم ... ونهى النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أن يتناجى اثنان دون الثالث .. لأن ذلك يحزنه .... وإما أن يكون الصديق غامضًا أو أصابه غموض لأمر فيه شر ... وهذه الرسالة القادمة بمشيئة الله.
00000000000000

(19) .. وأحيانا يكون الغموض لأمر فيه شر ... وقبل ذلك أؤكد أن من تمام الصداقات أن يكون المتصادقين لا حواجز بينهما .. ولو احتاج الصديق إلى إخفاء شيء فلا يظهر لصديقه أنه يخفي عليه شيء ... موضوع الغموض ... موضوع ينخر في الثقة المتبادلة بين المتصادقين ... وإلا لماذا يكون الصديق يحتفظ بشيء دون صديقه ؟؟ (( أنا أتكلم في الأحوال العادية التي ليس فيها استئمان وحفظ للأسرار)) وأعود إلى حيث بدأت ... قد يحاول الصديق أن يكون غامضًا أمام صديقه ويظهر ذلك بشتى الطرق .. مثال يتضح به المقال .... ألوووو فلان لا تنس موضوعنا اليوم ... الصديق المسكين ببراءة: ما موضوعك اليوم ؟؟ الغامض : لا موضوع خاص بيني وبين فلان !!! فجأة يعرف الصديق المسكين أن الموضوع تافه لا يستحق الإخفاء ( فلان سيوصل الغامض إلى الكلية ) !!!! عجبـًا عجبـا ... أنا لا أتكلم عن أسرار بيوت ولا علاقات زوجية الأصل فيها الستر ... أنا أتكلم عن توافه ... نعم توافه يحاول أن يكون غامضًا لإدخال الوحشة في قلب صديقه ... بل لكي يجعله يحس بأنه يختص بأشياء دون صديقه !!! وأبعد من ذلك بأن يجعله يحس بأن بينهما حدود ونقاط مظلمة ... ليس للصديق الحق بـالسؤال عنها ... ولو كانت تافهة ، والأبعد من ذلك أن يشعر صديقه بأنه ليس ثقة يؤتمن على أسراره ...!!! هذا الفعل المؤسف له سببان ، أما الأول: فهو السبب الذي قد لا يعرف الصديق الجاهل الغامض نهايته ... وأما السبب الثاني: فهو إعلان الانسحاب التكتيكي ... وللحديث بقية !!
00000000000000

(20) ذكرت أن لتعمد إظهار الصديق لصديقه أنه غامض ... وأن لديه ما يخفيه عن صديقه سببين ، الأول : قد يجهل هذا الصديق نهاية طريقه ... وهو إغاظة الصديق من أجل الإغاظة ... إما لموقف فهم بالخطأ .. فيحاول تصفية حسابات سخيفة ، وإما لمحاولة أن يكون هو ربانـًا لدفـة الصداقة بجعل الصديق تابعـًا له!! أليس هو صاحب الأسرار والحكايات والمواقف والمعارف والأصدقاء ... فيرى من نفسه الاستعلاء على صديقه.

وأما السبب الثاني: فهو الانسحاب التكـتـيكي .. وهو من أسوأ ما يقوم به صديق مع صديقه فترى الصديق الخائن يظهر الغموض... لكي يوحش قلب صديقه ؛ فلان: أين ستذهب الليلة؟؟ .. الخائن: أنا مشغول .. فلان: وما شغلك ؟؟ .. الخائن: مشغول مع فلان شغل خاص ( الشغل هو الذهاب للسوق!!!!) ... فلان: اتصلت بك ولم ترد علي ثلاثة أيام .. عسى ماشر ؟؟ الخائن : كنت مشغول بمواضيع مهمة ... فلان: وما هي؟؟ أبشر بالمساعدة ... الخائن : المعذرة مواضيع خاصة .. ( المواضيع هي جلسات ودواوين ولعب كرة!!) .. هذا الخائن يحاول من خلال مرور الأيام أن يجعل صديقه لا يسأل عنه بهذه التصرفات الصبيانية!! .. لأن الصديق سيعرف الجواب مسبقـًا ... فبذلك حقق الخائن النصر الذي يحلم به .. وكأنه نصر الأبطال !!! لكنه نصر له طعم الخسارة ... لأنها معركة أخلاقية ... المنتصر فيها خاسر ... والخاسر فيها مغبون ... لكن ألا تلاحظون شيئا مهما ؟؟؟ .. (وللحديث بقية).
00000000000000

(21) لقد ذكـرت في (20) ألا تلاحظون شيئا مهما ؟؟ ... أما أنا فـأقول في ملاحظتي ، ألا ترون أن أغلب علاقات الصداقة تختتم بنهايات مؤسفة ... لماذا الصديقان عندما يفترقان لا يكون بينهما احترام متبادل ؟!! ... لماذا لا يذكر بعد الفراق إلا الأحزان والفضائح وهتـك الأسرار؟!! لماذا يسير الصديق الخائن وفـق سياسة الأرض المحروقة ... يدمر كل شيء بعده ويبالغ في البطش ... ويتطرف في البغض!!؟
في نظري أن الفراق بين الصديقين له أسباب كثيرة ... لكن ألا تسعنا الأخلاق وقت الفراق؟ قد يكون سبب الانسحاب التكتيكي ضغوطـًا خارجية ، بمعنى أن يعاني هذا المنسحب ممن يهاجمه لصداقته مع فلان ... كيف تصادق فلانا؟ وكيف تخرج معه؟ لماذا..؟ ولماذا..؟!! فـلأجل هذه الضغوط فإنه يلجأ لهذا الانسحاب ... لكن لماذا تدمير العلاقة ؟؟؟ وقد يكون من أسباب هذا الانسحاب ... عدم قدرة الصديق على الوفاء بحقوق الأخوة ... إما لجهله بها ... وإما لعدم مبالاته بأداء حق صاحبه ، لكن لماذا تـنحر الأخلاق عند الفراق ؟؟؟ قد يكون سبب الانسحاب الزهد في الصديق ووجود البديل !!! ... وحتى لو بررنا ذلك فلماذا تكون الجناية على الأخلاق قبل الفراق.
ألا نلاحظ أن الانسحاب الغامض من أخلاق الجبناء ... فلماذا الغموض ولماذا الصمت ؟؟ بل تراه يظهر المديح ويتستر به لتغطية هروبه. (( أعرف بأنها جملة غامضة ))...
00000000000000

(22) مما يفسد الأخوة ... ويضع العوائق في مسيرة الصداقة ( سياسة الأرشفة ) وأقصد بالأرشفة تجميع الهـفوات ... فمن خلال المصاحبة قد يجد الصديق من صديقه شيئا من الخطأ في حق نفسه ... أو حق صديقه ... أو غيرهما !!! .. أو يكون عنده شيء من التقصير في بعض الجوانب ... على حد قولهم :-
(( من ذا الذي ترضى سجاياه كلها ... كفى بالمرء نبلا ً أن تعد معايبه ))

إلى هذا الحد ... فالأمر لا يعدو شيئا غريـبًا ... لكن الغريب ... وليس بمستغرب عند أهل البغي ... والتمادي والجهل ... ألا يقوم الصديق بنصح صديقه ... بل الأدهى أنه قد يستحسن تلك الأخطاء ... وتقع البليــّة ... عندما يقوم الصديق الذي لبس ثوب اللؤم بأرشفة الأخطاء وحفظها في ذاكرته ... حتى إذا جاءت ساعة الخصام ... وحضر الشيطان ... وغاب الفكر ... وبحثت النفس عن النصر ... أخرج اللئيم ما في الجعبة من هفوات الصديق ... أو مما يظنه هفوة أو مما كان يستحسنه ... لكنه يشهره اليوم منتـقدًا ... معنفـًا .. ومؤنبـًَا .. ألم تكن يا فلان تعلم بهذا الأمر من قبل ؟؟؟ لماذا لم تناصحني ؟؟؟!! ألم ألقاك بعده وخرجنا ودخلنا وسافرنا وأكلنا وشربنا ؟؟؟!!! لماذا اليوم ؟؟؟ إنها النفس المريضة ... التي تنتهز وقت الغفلة ... إنها الصحبة الجوفاء ... والعلاقة الخادعة ... إنه القلب الخرب ... الذي يعيش على تعاسة الآخرين ... للحديث بقية ... والصفحة البيضاء...
00000000000000

(23) ما قصة الصفحة البيضاء ؟؟ وما علاقتها بأرشيف الأخطاء ؟؟ قبل ذلك مما ينبغي معرفته والتواصي به ... الحرص على تأليف القلوب ... وجمع الكلمة ... وحفظ الود ... والوفاء ... وعدم نسيان المعروف ... إذا تقرر ذلك فلابد أن نعلم أن الحياة لا تصفو لأحد ، وأن مما يبتـلى به الإنسان الخطأ .. منه أو عليه !!! لكن العفو مطلوب ... والتسامح من شيم الكبار ... وعلى الصديق الصادق قبول الظاهر ... والصراحة في أمره كله ... إلى هذا الحد فالأمور إلى خير.

لكن قد يختلف الصديقان ... ويحصل بينهما الشقاق ... ويعظم النزاع ... وقد يستدل بأرشيف الأخطاء ... وكنت تفعل كذا ... وفي يوم كذا فعلت كذا وكذا ... لكن قد تصدق النيات ... ويتفق الصديقان على فتح ( صفحة بيضاء) ... وينسون الماضي.
المشكلة الخطيرة ... التي تدل دلالات واضحة على عدم سلامة القلوب .. هو عند حصول مشكلة أخرى ... فقد يرجع دنيء النفس إلى أمور حصلت ... وكان حصولها قبل فتح الصفحة البيضاء .. فهذا الفعل الدنيء يدل على أمرين ، أن هذا الصديق مريض قلب لا يصدق في وعد ولا عهد ... فـهاهو بالأمس يتناسى الماضي ... ويزعم أنه يفتح صفحة نقية كأنه يعرفه من حينها ... ثم هو يخون ويرجع للماضي ... ويعيد كتابة الممسوح ... والأمر الآخر ... هو أن الصديق الخائن .. خبير أرشفة ... لا تضيع عنده الملفات ... بل يحفظها كحفظ اسمه ... لكن مع الأسف ... هي الملفات السوداء.
لذلك فإني أقول لمن أحب ... أن الصديقين إذا فتحا بينهما صفحة بيضاء ... فلا يحق لأحدهما الرجوع إلى ذكريات مؤلمة قبلها ... ومن رجع ... فإن في قلبه شيء.

هل هناك استثناءات ؟؟؟ .... أقول في حدود ضيقة ... والحديث فيها ... يقود إلى مفسد جديد ... استغفال الصديق ...
00000000000000

(24) استغفال الصديق ... من الصفات التي تعافها النفوس السوية ... وتنبئ عن خبث النية ... وفساد في الطوية ... فصديق سلم ثقته ... ومشاعره ... ووجدانه ... لصديقه ... الذي يظن للثقة محلا ... وللصحبة أهلا ... فتجده لا يتحرج منه في شيء ... بل يستحي أن يذكر ص...ديقه بحفظ الأسرار .... لأنه يعلم مكانه من صديقه ومكان صديقه منه !!! بل يستحي بعد السفر والرحلة مع صديقه أن يقول له الكلمة المعتادة استر على ما واجهت ) ... فإذا الآخر كالمنخل ... ( المشخال) ... لا يمسك خبرا ... ولا يحفظ سرا ... ولا يستر عيبا ... وهذا النوع من من المخلوقات (المحسوبة على البشر) موجود ... بل وبكثرة ... لكن مع هذا كله .. فليس هنا محل الاستغفال ... وليس هذا مكان الاستغلال ... (وأطلب من إخواني إتمام القضية بصورة يتحقق فيها الاستغفال مع المقدمة السابقة وما علاقة ذلك بالصفحة البيضاء .... وسأتوقف عن إتمام الرسائل في حال عدم المشاركة )
00000000000000

(25) من الصور ..التي تمثل ما يقوم به الصديق ( المحسوب على البشر ) باستغلال واستغفال صديقه ... أن هذا الدنيء قد يأتي بالعظائم ... ويفعل الطوام ...... ويسحق صديقه سحقا ... ويطؤ برجله على سمعته ... ثم بعد برهة من الزمن ... يأتي بصورة المعتذر ... ويذكر صديقه بفضائل العفو ... (( إذا ما عذرتني يا فلان من يعذرني غيرك )) ... (( إذا أنت ما قدرت الأخوة فمن يقدرها )) ... (( يا فلان أنا لما تكلمت فيك ... كنت أتوقع إني أمون عليك )) ... ويأخذ بالكلام المعسول ... (( يا فلان أنا مستعد أفتح صفحة بيضاء)) .. لكن المشكلة أنها صفحة رقم (100) ... والأخطاء مكررة .. وهذه الصفحة في حقيقتها غطاء ... وإذا نظرت عن قرب أكثر ... فلا هو قد ندم ... ولا هو قد أصلح ما أفسد ... والعجب العجاب ... أنه بعد أن يلاقي الصدود من صديقه ... فإنه يظهر نفسه بمظهر المظلوم ... وفلان لا يحترم الصداقة والصحبة ... ولا يعرف حقوقها ... وكما قيل : يرى القذاة (الشي البسيط) في عين أخيه ... ولا يرى الجذع في عينه ... وبهذا وبغيره ... يكون الصديق في حالة تأنيب ضمير ... هل أقبل اعتذاره ... أم أعرض عنه ... فإن قبلت فلن أسلم من شره ... وإن أعرضت عنه فمثل ذلك ... !!!!
00000000000000

(26) التقصير في بذل حقوق الأخوة معول هدم لصرحها ... وسبب رئيس لتقويض بنائها ... وكما ذكرت سابقا أن الأخوة والصداقة حقوق متبادلة ... تبذل من غير طلب .. أفضلها ما كان منها سجية وخلقا ... وأمرها ما كان منها تمثيلا وتكلفا !!! ...في طريق الصداقة ... قد يحصل التقصير من الصديقين ... وقد تكون مرارة في حلق الصديق أن يقول لصديقه أنت قصرت في كذا معي ... وإن كانت الصراحة مطلوبة ... لكن في بعض الأحوال تكون لا طعم لها ... لو حتى أخبر صديقه بوجه التقصير ... فسوف فيكون بعد ذلك شبهة تمثيل وتكلف ... أقول التقصير وارد ... وقد يتمثل الصديق الوفي بالمثل الشعبي .. (( أخليها في القلب تجرحني ولا أطلعها قدام الناس تفضحني)) .. لكن الصديق الوفي يصاب بالدهشة والذهول عندما يرى صديقه يبذل هذه الحقوق لغيره ... على التمام والكمال ... بالمثال يتضح المقال ... يقول أحدهم دائما أدخل المجلس وأجد أخي وصديقي قد سبقني ... أتوقع منه أن يناديني ليجلسني بجانبه لأن المجلس مزدحم !!! ومع ذلك لا يفعل ... (التوسعة في المجلس من أبسط الحقوق) لكن إذا دخل غيري نجد يبش له ويفرح ويناديه ويجلس بجانبه أو قريبا منه ... أقول صديقي (يمون) علي وهذا الداخل بحسبة الضيف ... لكن المشكلة أن هذا طبعه مع كل أحد ... حتى من نراه يوميا !!!! يقول الصديق لي : هل تريدني أصرح له لماذا لا يفعل ذلك لي ؟!!!!! يقول ومثلها حتى في الكلام ... لما أتكلم مع أو في مجلس ... لا يلقي اهتماما لي ... بل أحيانا يقاطعني ... مع أن الجالسين في المجلس كلهم يستمعون ... وبإنصات واهتمام ... أما هو فلا ... ومع ذلك فهو منصت رائع لحديث غيري !!!! أحيانا يحرجني بكلمة لا تناسب المقام في مكان عام ... (( أنت ما عندك إلا السوالف )) ... علما ألا أحد يجرؤ أن يقول ذلك لي من بقية الأصحاب .. لاحترامهم لي ... المشكلة الأدهى ... أن الأصحاب والمعارف يحترمونه !!!! ولا يحترمونه إلا من أجلي !!! لأنه صديقي !!!!!!!!!!! ومع ذلك ((......))
00000000000000

(27) والعذر عند كرام الناس مقبول ... والعفو من شيم السادات مأمول ... العذر ... والعفو .. إذن هناك تعدٍ أو تقصير ... أقول من مفسدات الصداقة ... عدم قبول الأعذار ... وفي الحقيقة ... إن مسألة الاعتذار بين المتصادقين من المسائل الصعبة جدا ... هل بين المتصافين أعذار وأخطاء ... وهل بين المتصادقين آسف وسامحني ... سأتكلم من وجهة نظري ... المفترض ألا أنتظر صديقي أن يتأسف لي ... أو أجعل الصداقة معلقة لكي يتأسف لي ... وهل رأيتم يدا تخاصم يدا من أجل أنها جرحتها بالسكين ولو عمدا ؟؟؟!! الصديقان في الحقيقة جسد واحد ... لا يهتمان لما يكون بينهما من خطأ أو تقصير ... وهذا الكلام ليس شماعة لتعليق الأخطاء أو الاستمرار فيها .. أو لاستغفال الصديق !!! قد يحصل من الصديق ما يجرح ويحزن ... لكن من أجل عين نكرم مدينة ... وموقف الاعتذار موقف انكسار ... النفس الأبية لا تحب أن ترى من يعز عليها فيه ... فتجد الصديق الوفي إذا اعتذر إليه صديقه ... يهوّن عليه الأمر ...وأنه أرفع عنده من أن تناله الشكوك ... بل ربما يؤنبه لاعتذاره ... فلان هل وصلت الأمور أن تعتذر مني ؟؟!!! .. لكن كما قلت هذه النفوس الأبية !!! ... قد يحس الصديق بمرارة الخطأ ... خصوصا إذا كان مظلوما ... أو يرى أن صديقه لا يعامله كما يعامل بقية الناس ( انظر الرسالة 26) ... فهو يريد من صاحبه الاعتذار... وإن لم يطلبه صراحة ... لكون أن العبرة تمنعه ... والغصة تخنقه ... لكون الأمور آلت إلى ما هي عليه .. ومع ذلك يريد الاعتذار ... ليس من أجل الاعتذار ... إنما من أجل تطييب الخاطر ... وأن يعرف قدره عنده ... وأنه لا يزال يحفظ الود ... لا من أجل أن يذله ... أو يكسر من شموخه ... مواقف صعبه وخيوط متشابكة ...
00000000000000

(28) الاعتذار بين الصديقين ... سبق أن بينت أن في الأحوال المثالية .. والتي من المفترض أن تكون هي الأحوال العادية ... فإن مسألة الاعتذار من المسائل المتصورة في حدود ضيقة ... وليس المقصود في هذه المسائل ذات الاعتذار إنما المقصود ... إظهار الود .. وحفظ المكانة ... لكن قد يحصل أن يكون خطأ الصديق شنيعا .. تأباه النفوس ... ومع ذلك فقد حصل في ساعة غاب فيها الفكر ... وحضر فيها الشيطان ... ثم لا الصديق أن يأتي منكسرا ... وللعذر مقدما ... تملأ قلبه الحسرات ... ويأكل فؤاده الندم ... وهو فلان ذو التاريخ الأبيض ... والمواقف المشهودة ... الذكريات الجميلة ... والأيام السعيدة ... التي هي من أمتع أيام الدنيا ... فإذا حصلت المعادلة وفق هذه المعطيات ... فهي معادلة قد ظهر فيها الجواب والبيان ... ولا تحتاج إلى تفكير أو برهان ... وهنا تظهر أخلاق أهل الفضل ... وتبرز شيم الرجال ... وتظهر المعادن ... ويكون الناس بعد ذلك على أقسام .... واحفظوهم ... قسم هو الذهب ... يزداد جمالا وبهاء ... كلما عرض على النار ... وقسم هو الحديد الصدأ ... لا يقبل من صاحبه عذر ولا واسطة .. ولا استعطاف ولا واسطة ... ونسي صديقه بهذه السهولة ... وكأنه ينتظر هذه اللحظة ... وقسم هو النحاس يشابه الذهب في لونه ... فيقبل العذر ... قبول المتردد ... لكن النحاس يصيبه الاخضرار ... فهو وإن كان قد قبل العذر ... لكنه لن يعود في وده كما كان سابقا ... فيصبح وكأنه يحمل في قلبه شيئا يخفيه ...

(29) من وسائل تدمير الصداقة ... والقضاء عليها ... كثرة العتاب ... صحيح أن المعاتب في الغالب إنما يعاتب عن ود ... ويؤنب عن محبة ... لكن أحيانا تختلط الأمور .. وقد يزيد الصديق في التأنيب تشفيا ... وفي أحيان أكثر ينفر الإنسان ممن يؤنبه ... ولو كان المؤنب صادقا ... التأنيب فن ... وليس الكل يحسنه ... فرب كلمة آذت ... ورب عبارة جرحت ... فبقي أثرها إلى حين ... لذلك فليحذر الصديق من التمادي في تأنيب صديقه .. ومحاسبة ... وأزيد فأقول .. وليحذر من التحقيق معه ... أين كنت ؟؟ لماذا لم ترد ؟؟ مع من ذهبت ؟؟؟ وغيرها من الأسئلة التي تشعر الصديق بالنقص ... وقد قيل:-
( إذا كنت في كل الأمور معاتبا .. صديقك لن تلقى الذي لا تعاتبه )
وقيل :-
( ومن لم يغمض عينه عن صديقه ... وعن بعض ما فيه ، يمت وهو عاتب )

وفي الجانب الآخر فإني أحث كل صديق وجد من صديقه تأنيبا .. أن يتلقاه بصدر رحب ... وببشاشة ووجه .. فلولا مكانتك العالية عنده ... ما أنبك ... ولا عاتبك ... ولو لا محبته لك ... ما عبس في وجهك !!! فأحيانا يكون العبوس عن محبة !!!! لأنه لو لم يعبس ذلك اليوم ... لما فهمت قصده ومراده ... وتذكر قول القائل :-
( إذا ذهب العتاب فليس ود ... ويبقى الود ما بقي العتاب )

فاحمل أمور الصديق على محمل الخير ... واحرص على جمع الكلمة ... واحذر الشقاق والفرقة ... فلا ينس الإحسان إلا لئيم ... ولا يخون الصديق إلا دنيء ... وراقب الله في أمورك ... تكن أسعد الناس ... بقي من السلسلة حلقتها الأخيرة ... (30) قاصمة الظهر وكلمة الوداع ... ولله الأمر من قبل ومن بعد ...
00000000000000

(30) .. من مفسدات الأخوة ... ومقوضات بنائها ... (( وكنت أنسيتها)) كثرة الخلاف والمخالفة .. فما أجمل من الصديقان عندما يتفقان ... وما آلم المخالفة ... عندما يوافقني الناس ... ويخالفني صديقي ... دعونا نسافر السبت ... الكل موافق ... صديقي فلان : لا الأحد ... لا عذر مقبول له .. أو له عذر لكنه تافه .. كنت أظن أن مكانتي عنده أرفع من أن يخالفني لهذا العذر ... لن أطيل فالرسالة رسالة ختام ...
أما قاصمة الظهر ... وباقعة البواقع .. فذاك الأمر الخفي ... والمفسد الأكيد .. والدمار الشامل ... كم من صديقين قد افترقا .. وكم متآخيين تباعدا ... ذاك السم الزعاف ... والمرض المخوف ... فجأة ... إذا بي انقبض من صديقي ... تكثر المشاكل بيننا .. لا أحب أن أراه ... فضلا عن أذكره ... ذاك الأمر ... وتلك البلية ... هي معصية رب البرية ... جاء في الحديث (( ما تواد اثنان في الله فيفرق بينهما إلا بذنب يحدثه أحدهما )) ... فلما عصى أحدهما ربه ... لم يكن أهلا أن يصاحب صديقا ... طاهر القلب .. فمن رحمة الله بالصديق التقي ... أن يبعد عنه من ليس أهلا لمودته ... وصداقته وأخوته ... وهذا المعنى وهو طاعة الله وعدم معصيته ... منه بدأت ... وإليه انتهيت .. وما كتبت ما كتبت ... إلا ابتغاء رضوان الله ... فأسأل الله أن يجعله ذخرا لي في الآخرة ... وأن يجمع به بين المتحابين فيه ... وأن يزيل به الشحناء والبغضاء ... وما كان فيه من صواب فلا فضل لأحد فيه إلا ربي ... وإن ابتليت بالزلل والخطأ ... فأستغفر الله وأتوب إليه ... هذا وإني كنت أكتب ما تجود به النفس من غير تحضير ولا إعداد ... حديث قلب أرجو أن يصل إلى القلوب ... كان مداده من تجارب عشتها .. وقراءات قرأتها ... وإني لأسأل كل من قرأ أن يدعو لي ولوالديّ ... وأن يهب لي نصحه وتوجيهه .. فما أنا إلا كما قال الأول :
أسير خلف ركاب النجب ذا عرج ..
مؤملا جبر ما لاقيــت من عــــــوج
فإن لحقت بهم من بعد ما سبقوا ...
فكم لرب الورى في ذاك من فـــرج
وإن بقيت بظهر الأرض منقطعا ...
فما على أعرج في الناس من حرج

وأصلي وأسلم على عبد الله ورسوله محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ...
اضافة رد مع اقتباس