كيف سعدوا

لا زلت محتار اي الحروف التي اشبكها لتكون لي الكلمة المناسبة التي تستوجب علي أن اضعها في مقدمة موضوعي الذي اريد أن ابحر بك فيه

فوجدت أن كلمة لا استغرب هي الكلمة التي يجب أن يبدأ به موضوعي التي تخوض كلماتها عن الحياة وكيف الاستمتاع بها

فكما قلت لا استغرب أن من يمتلكون المال والسلطان يمكنهم الاستمتاع بملذات الحياة بما فيها من شهوات متعددة مثل متعة النساء ومتعة الطعام والمسكن والسفر وكل ما ترتبط بشهوات الانسان

فنحن نعتقد بل افعالنا تجزم أن من يملك المال يملك متعة الحياة
ولكن ما يدهشني أن بعض من كشف لنا الستار عن حياتهم من اصحاب المال عاشوا لحظات ضنك وضيق بل منهم من شدة الاحزان اقدم على الانتحار

ولست هنا احاول ان اقنعك أن المال ليس كل شيء لأني للأسف مثلك مقتنع بهذا الشيء
فأنا اقول في نفسي لو ملكت المال لوفرت لنفسي سبل الراحة من منزل فخم و سيارة فارهة واربع زوجات جميلات ورحلات وسفريات
فما دام المال في يدي فلن يقف الهم في طريقي

فالحياة ومشاغلها جعلتنا نتصور أن المال يعني السعادة وفي الحقيقة أن هذا الوهم الذي نعتقده كالسراب
و السراب لن تتحقق من أنه سراب إلا إذا وصلت اليه فتعرف حينها أن ركضك تلك المسافة ذهب سدى وأن ما فعلته طيش اضعت به وقتك وجهدك

فأنا الان سأنقلك مع قصص حقيقية وواقعية لا يوجد فيها زيف ولا تزوير لاشخاص عاشوا وتمتعوا بالحياة في اثناء حدوث المصائب
فمنهم من يستمتع بالفقر ومنهم من استمتع بالسجن ومنهم من استمتع بالتعذيب ومنهم من استمتع بالقتل
فأي عظمة عاشها هؤلاء الاشخاص وما سر تمتعهم بأشياء لا يتمنى احد منا أن تحدث له ولو في الاحلام

في الحقيقة أن هؤلاء الناس عرفوا طريقا في الاستمتاع بالحياة يشعرهم أنهم يعيشوا حياة ممتعة غيرهم لا يعيشها
فنحن لا نعجب من أن يستمتع الغني بماله او زوجته الجميلة او قصره او سيارته فهذا شيء بديهي

ولكن العجيب أن يستمع الفقير بفقره والمريض بمرضه والسجين بسجنه

فكيف وصلوا لهذه الدرجة من القدرة بالاستمتاع بالمصائب
فنحن على ما نجده من رغد العيش إلا أننا نفشل في الاستمتاع بالحياة وذلك بسبب أننا نفكر بقلق وبتوتر عن ماذا سيحدث بالمستقبل

ولكي نعرف كيف استمتعوا بحياتهم علينا ان نسمع قصصهم


فهذا الفضيل بن العياض ماذا يستمتع به
كان يتلذذ بكسرة خبز يابسة يدخلها في الماء لكي يسهل عليه اكلها
ويقول وهو في قمة السعادة والله لو عرف الملوك ما نحن فيه من سعادة لجالدونا عليها بالسيوف
ما اروعك جعلت من الفقر متعة تتلذ به

وهذا ابن تيمة شيخ الاسلام وهو في السجن يقولها بكل سعادة ما يفعل اعدائي بي فسجني خلوة ونفيي سياحة وقتلي شهادة
ما اعظمك كيف حولت من السجن مكان تقضي فيه اوقات ممتعة

وهذا بلال بن رباح كان يستمتع بالحياة سعيدا بها وهو يعذب ويضرب ويربط في الصحراء الحارة ويوضع فوقه صخرة كبيرة وكان مع ذلك ينشد ويردد احد احد فرد صمد لا والد ولا ولد
ما اعظمك يابلال وانت في وسط الصحراء الحارة تعذب إلا أن السعادة والمتعة تسكن قلبك

اما حين نصل إلى قمة المتعة وهو الاستمتاع بالموت
فهذا مولى ابوبكر ولما خانهم بعض القبائل التي اتت إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وطلبت منه أن يرسل معهم من يعلمهم فلما ابتعدوا عن المدينة غدرو بهم ورفعوا السيوف عليهم
بينما كان مولى ابوبكر يقاتل ذودا عن اصحابه طعن طعنة قاتلة فصرخ وقال فزت ورب الكعبة فزت ورب الكعبة
أي متعه وجدها في الموت ليقول فزت ورب الكعبة


ما اعظم دربهم الذي مشوا فيه حتى جعلهم يستمتعون بالحياة بكل مشاقها

ماهو السر الذي جعل الغني عبدالرحمن بن عوف والفقير ابوهريرة يستمتعوا بالحياة
ما السر الذي جعل ذو الحسب والنسب ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن ابي طالب والعبد الحبشي بلال يستمتعوا بالحياة

انه الإيمان الصادق بالله واتباعهم الصحيح لرسول الله صلى الله عليه وسلم جعل قلوبهم لا يشغلها غير ذكر الله فخلت الهموم من قلوبهم وصفت
فأصبحت اماكن لا يوجد فيه إلا الراحة والسعادة
فكانوا كما قال رسول الله صلى عليه وسلم فيما معناه(عجبا لامر المسلم فأمره كله خير فأن اصابته نعماء شكر وأن اصابته ضراء شكر)