مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
  #1  
قديم 25/07/2010, 07:31 PM
الصورة الرمزية الخاصة بـ عباده عباده
عباده عباده عباده عباده غير متواجد حالياً
زعيــم متواصــل
تاريخ التسجيل: 09/08/2007
مشاركات: 113
نفسٌ أبيةٌ ... وهمة عليَّةٌ من الكفر إلى الإيمان

نفسٌ أبيةٌ ... وهمة عليَّةٌ
من الكفر إلى الإيمان

فتاة روسية ، من عائلة محافظة ، لكنها ( أرثوذوكسية ) شديدة التعصب للنصرانية ، عرض عليها أحدُ التجار الروس أن تصحبه مع مجموعة من الفتيات ، إلى دولة خليجية ، لشراء أجهزة كهربائية ، ثم بيعها في روسيا ، كان هذا هو الهدف المتفق عليه بين الرجل ، وهؤلاء الفتيات ، وعندما وصلوا إلى هناك ، كشَّر الذئبُ ُعن أنيابه ، وعرض عليهن ممارسة الرذيلة ، وبدأ في تقديم الإغراءات لهن ، إلى أن اقتنعن بفكرته ، إلا هذه الفتاة ، التي كانت متمنعة أبية ، فضحك منها ، وقال : أنتِ في هذا البلد ضائعة ، ليس معكِ إلا ما تلبسين من الثياب ، ولن أعطيكِ شيئاً ، وبدأ يضيق عليها ، أسكنها في شقة مع بقية الفتيات ، وأخفى جوازات سفرهن ، وانجرفت الفتيات مع التيار ، وثبتت هي على العفاف ، ولا زالت تُلِحُّ عليه كل يوم ، في تسلم جوازها ، أو إرجاعها إلى بلدها ، فيأبى عليها ذلك ، فبحثت يوماً في الشقة ، حتى وجدت جوازها ، فاختطفته ، وهربت من الشقة ، خرجت إلى الشارع ، لا تملك إلا لباسها ، هامت على وجهها ، لا تدري أين تذهب ، لا أهل ، ولا معارف ، ولا مال ، ولا طعام ، ولا مسكن ، أخذت المسكينة تتلفت حائرة يمنة ويسرة ، وفجأة رأت شاباً ، يمشي مع ثلاث نساء ، اطمأنت لمظهره ، فأقبلت عليه ، وبدأت تتكلم باللغة الروسية ، فاعتذر أنه لا يفهم الروسية ، قالت : هل تتكلمون الإنجليزية ؟ قالوا : نعم !
فرحت ، وبكت ، وقالت : أنا امرأة من روسيا ، قصتي كذا وكذا ، ليس معي مال ، وليس لي مسكن ، أريد العودة إلى بلادي ، أريد منكم فقط إيوائي ، يومين أو ثلاثة ، حتى أتدبَّر أمري مع أهلي وإخوتي في بلادي ، أخذ الشاب ( خالد ) يفكر في أمرها ، ربما تكون مخادعة ! أو محتالة ! وهي تنظر إليه وتبكي ، وهو يشاور أمه وأختيه ، وفي النهاية أخذوها إلى البيت ، وبدأت تتصل بأهلها ، ولكن لا مجيب ، الخطوط متعطلة في ذاك البلد ! وكانت تعيد في كل ساعة الاتصال ، عرفوا أنها نصرانية ، تلطفوا معها ، رفقوا بها ، أحبتهم ، عرضوا عليها الإسلام ، ولكنها رفضت ، لا تريد ، بل لا تقبل النقاش في موضوع الدين أصلاً ، لأنها من أسرة " أرثوذكسية " متعصبة تكره الإسلام والمسلمين ! فذهب خالد ، إلى مركز إسلامي للدعوة ، وأحضر لها كتباً عن الإسلام باللغة الروسية ، فقرأتها ، وتأثرت بها ، ومرت الأيام ، وهم يحاولون ويقنعون ، حتى شرح الله صدرها ، وحسن إسلامها ، وبدأت تهتم بتعاليم الدين ، وتحرص على مجالسة الصالحات ، وخافت أن ترجع إلى بلدها فترتد إلى نصرانيتها ، فتزوَّجها خالد ، وكانت أكثرَ تمسكاً بالدين ، وحرصا على طلب العلم ، ذهبت يوماً مع زوجها إلى السوق ، فرأت أختا مسلمة ، قد غطت وجهها ، وكانت هذه أولَ مرَّة تري فيها امرأة كذلك ، فاستغربت من هذا الشكل !! وقالت : خالد ، لماذا هذه المرأة بهذا الشكل ؟ لعل هذه المرأة مصابة بعلَّة شوَّهت وجهها ، فغطته ؟ قال : لا ، هذه المرأة التزمت بهذا الحجاب الشرعي ، فسكتت قليلاً ، ثم قالت : نعم ، فعلاً ، هذا هو الحجاب الإسلامي ، الذي أراده الله منا ، قال : وما أدراكِ ؟ قالت : أنا الآن إذا دخلت أي محل تجاري ، لا تنزل أعين أصحاب المحل عن وجهي ! تكاد تلتهم وجهي قطعة قطعة !! إذن وجهي هذا لابد أن يُغطَّى ، لا بد أن يكون لزوجي فقط يراه ، إذن لن أخرج من هذا السوق إلا بمثل هذا الحجاب ، فمن أين نشتريه ؟ قال : استمري على حجابك هذا ، كأمي وأخواتي ، قالت : لا بل أريد الحجاب الذي اقتنعت به ، مرت الأيام على هذه الفتاة ، وهي لا تزداد إلا إيماناً ، وأحبها من حولها ، وملكت على زوجها قلبه ومشاعره ، وفي ذات يوم نظرت إلى جواز سفرها ، فإذا هو قد قارب على الانتهاء ، ولا بد أن يُجدَّد ، والأصعب من ذلك ، أنه لا بد أن يُجدد من المدينة نفسها التي تنتمي إليها ، إذن لا بد من السفر إلى روسيا ، وإلا تعتبر إقامتها غير نظامية ، قرر خالد السفر معها ، فهي لا تريد السفر من غير محرم ، ركبوا في طائرة تابعة للخطوط الروسية ، وركبت هي بحجابها الكامل !! وجلست بجانب زوجها شامخة بكل عزة ، قال لها خالد : أخشى أن نقع في إشكالات بسبب حجابك ، قالت : أنتِ الآن تريد مني أن أطيع هؤلاء الكفرة ! لا ، والله ، فليقولوا ما شاءوا ،بدأ الناس ينظرون إليها ، وبدأت المضيفات يوزِّعن الطعام ، ومع الطعام الخمور ، وبدأ الخمر يلعب بالرؤوس ، وبدأت الألفاظ النابية ، توجه إليها من هنا وهناك ، فهذا يتندر ، وذاك يضحك ، والثالث يسخر ، ويقفون بجانبها ، ويعلَّقون عليها، وخالد ينظر إليهم ، لا يفهم شيئاً ، أما هي فكانت تبتسم وتضحك ، وتترجم له ما يقولون ، غضب الزوج ، فقالت : لا ، لا تحزن ، ولا يضِق صدرك ، فهذا أمر هيِّن ، في مقابل ما جابهه الصحابة ، وما حصل للصحابيات من بلاء وابتلاء ، صبرت هي وزوجها ، حتى وصلت الطائرة .

في روسيا .
عزيمةٌ وإصرار

قال خالد : عندما نزلنا في المطار ، كنت أظن أننا سنذهب إلى بيت أهلها ، ونسكن عندهم ثم بعد ذلك ننهي إجراءاتنا ونعود ، لكن نظرة زوجتي كانت بعيدة ، قالت لي : أهلي ( آرثوذوكس ) متعصبون لدينهم ، فلا أريد أن أذهب الآن ! لكن نستأجر غرفة ، ونبقى فيها ، وننهي إجراءات الجواز ، وقبيل السفر نزور أهلي ، فرأيت أن هذا رأياً صواباً ، استأجرنا غرفة وبتنا فيها ، ومن الغد ذهبنا إلى إدارة الجوازات ، دخلنا على الموظف فطلب الجواز القديم وصوراً للمرأة ، فأخرجت له صوراً لها بالأسود والأبيض ، ولا يظهر منها إلا دائرة الوجه فقط ، فقال الموظف : هذه صورة مخالفة ، نريد صورة ملونة ، يظهر فيها الوجه والشعر والرقبة كاملة !! فأبت أن تعطيه غير هذه الصور ، وذهبنا إلى موظف ثانٍ ، وثالث ، وكلهم يطلبون صوراً سافرة ، وزوجتي تقول : لا يمكن أن أعطيهم صورة متبرجة أبداً ، فرفض الموظفون استقبال الطلب ، فتوجهنا إلى المديرة، فاجتهدت زوجتي أن تقنعها بقبول هذه الصور ، وهي تأبى ، فأخذت زوجتي تلح وتقول : ألا ترين صورتي الحقيقية ، وتقارني بالصور التي معك ، المهم رؤية الوجه ، الشعر قد يتغير ، هذه الصور تكفي ؟! والمديرة تصر على أن النظام ، لا يقبل هذه الصور ، فقالت زوجتي : أنا لن أحضر غير هذه الصور ، فما الحل ؟ قالت المديرة : لن يحل لكم الإشكال إلا مدير عام الجوازات في موسكو ، فخرجنا من إدارة الجوازات ، فالتفتت إلى وقالت : يا خالد نسافر إلى موسكو ، عندها قلت لها : أحضري الصور التي يريدون ، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها ، فاتقوا الله ما استطعتم ، وهذه ضرورة ، والجواز سيراه مجموعة من الأشخاص فقط ، للضرورة ، ثم تخفينه في بيتك إلى أن تنتهي مدته ، دعي عنك المشاكل ، لا داعي للسفر إلى موسكو ، فقالت : لا ، لا يمكن أن أظهر بصورة متبرجة ، بعد أن عرفت دين الله سبحانه وتعالى .

في موسكو

أصرَّت عليَّ فسافرنا إلى موسكو ، واستأجرنا غرفة وسكنَّاها ، ومن الغد ذهبنا إلى إدارة الجوازات ، دخلنا على الموظف الأول فالثاني فالثالث وفي نهاية المطاف ، اضطررنا للتوجه إلى المدير الأصلي ، دخلنا عليه ، عندما رأي الجواز ، أخذ يقلب الصور ، ثم رفع رأسه إلى زوجتي وقال : من يثبت لي أنكِ صاحبة هذه الصور ؟ يريدها أن تكشف وجهها ليراها ، فقالت له : قل لأحد الموظفات عندك ، أو السكرتيرات ، تأتي فأكشف وجهي لها ، وتطابق الصور ، أما أنت فلن تطابق الصور ، ولن أكشف لك وجهي ، فغضب الرجل ، وأخذ الجواز القديم ، والصور ، وبقية الأوراق ، وضم بعضها إلى بعض ، وألقاها في درج مكتبه الخاص ، وقال لها : ليس لكِ جواز قديم ، ولا جديد إلا بعد أن تأتين إليَّ ، بالصور المطابقة تماماً ، ونطابقها عليك ، أخذت زوجتي تتكلم معه ، تحاول إقناعه ، ويتكلمان بالروسية ، وأنا أنظر إليهما ، لا أفهم شيئاً ، لكني غضبت ، ولا أستطيع أن أفعل شيئاً ، وهو يردد : لا بد من إحضار الصور على شروطنا ، حاولت المسكينة إقناعه ، ولكن لا فائدة ! فسكتت وظلت واقفة ،التفتُّ إليها ، وأخذت أعيد عليها وأكرر : يا عزيزتي ، لا يكلف الله نفساً إلا وسعها ، ونحن في ضرورة ، إلى متى نتجول في مكاتب الجوازات ، فقالت لي : { وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا } (سورة الطلاق : 2)
اشتد النقاش بيني وبينها ، فغضب مدير الجوازات وطردنا من المكتب ،خرجنا نجرُّ خطانا ، وأنا بين رحمةٍ بها ، وغضب عليها ، ذهبنا لنتدارس الأمر في غرفتنا ، أنا أُحاول إقناعها ، وهي تحاول إقناعي ،إلى أن أظلم الليل ، فصلينا العشاء ، وأنا مشغولُ البال ، ثم أكلنا ما تيسر ، ووضعت رأسي لأنام ، فلما رأتني كذلك ، تغير وجهها ،ثم التفتت إلى وقالت : خالد ، تنام !! قلت : نعم ، أما تحسين بالتعب ،!! قالت : سبحان الله ، في هذا الموقف العصيب تنام !! نحن نعيش موقفاً يحتاج منا إلى لجوء إلى الله ، قُم الجأ إلى الله فإن هذا وقت اللجوء ، فقمت ، وصليت ما شاء الله لي أن أصلي ، ثم نمت ، أما هي فقامت تصلي ، وتصلي ، وكلما استيقظت ، نظرت إليها ، فرأيتها إما راكعة ،أو ساجدة ، أو قائمة ، أو داعية ، أو باكية ، إلى أن طلع الفجر ، ثم أيقظتني ، وقالت : دخل وقت الفجر ، فهلُّم نصلي سوياً ، فقمت ، وتوضأت ، وصلَّينا ، ثم نامت قليلاً ، وبعدما طلعت الشمس ، استيقظت ، وقالت : هيا لنذهب إلى الجوازات !! فقلت لها : نذهب إلى الجوازات !! بأيِّ حجة ؟! أين الصور ؟؟ ليس معنا صور ؟! قالت : لنذهب ونحاول ، لا تيأس من روح الله ، لا تقنط من رحمة الله ، فذهبنا ، ووالله ما إن وطأت ، أقدامنا أول مكتب من مكاتب الجوازات ، ورأوا زوجتي وقد عرفوها من حجابها ، وإذ بأحد الموظفين ينادي : أنت فلانة ؟ قالت : نعم ! قال : خذي جوازكِ ، فإذا هو مكتمل تماماً ، بصورها المحجبة ، فاستبشرت ، والتفتت إليَّ وقالت : ألم أقل لك " " ومن يتق الله يجعل له مخرجا " ، فلما أردنا الخروج ، قال الموظف : لابد أن تعودوا إلى مدينتكم التي جئتم منها ، وتختموا الجواز منها ، فرجعنا إلى المدينة الأولى ، وأنا أقول في نفسي ، هذه فرصة لتزور أهلها قبل سفرنا من روسيا ، وصلنا إلى مدينة أهلها ، استأجرنا غرفة ، وختمنا الجواز .

رحلة العذاب

ثم ذهبنا لزيارة أهلها ، وطرقنا الباب ، كان بيتُهم قديماً متواضعاً ، يبدو الفقر على سكانه ظاهراً ، فتح الباب أخوها الأكبر ، كان شاباً مفتول العضلات ، فَرِحَت المسكينة بأخيها ، وكشفت وجهها وابتسمت ، ورحبت ! أما هو فأول ما رآها تقلب وجهه بين فرح برجوعها سالمة ، واستغراب من لباسها الأسود الذي يغطي كل شيء ، دخلت زوجتي وهي تبتسم ، وتعانق أخاها ، ودخلْتُ وراءها ، وجلسْتُ في صالة المنزل ، جلست وحيداً ، أما هي ، فدخلت داخل البيت ، أسمعها تتكلم معهم باللغة الروسية ، لم أفهم شيئاً ، لكنني لاحظت أن نبرات الصوت بدأت تزداد حدة !! واللهجة تتغير !! والصراخ يعلو !! وإذا كلهم يصرخون بها ، وهي تدافع هذا ، وترد على ذاك ، فأحسست أن الأمر فيه شر ! ولكنني لا أستطيع أن أجزم بشيء لأني لم أفهم من كلامهم شيئاً ، وفجأة بدأت الأصوات تقترب من الغرفة التي أنا فيها ، وإذا بثلاثة من الشباب ، يتقدمهم رجل كهل ، يدخلون على ، توقعت في البداية أنهم سيرحِّبون بزوج ابنتهم ! وإذا بهم يهجمون عليَّ كالوحوش ، وإذا بالترحيب ينقلب إلى لكمات ، وضربات ، وصفعات !!! أخذت أدفعهم عن نفسي ، وأصرخ وأستغيث ، حتى خارت قواي ، وشعرت أن نهايتي في هذا البيت ، ازدادوا لكماً وركلاً ، وأنا أتلفت حولي ، أحاول أن أتذكر أين الباب الذي دخلت منه لأهرب منه ، فلما رأيت الباب ، قمت سريعاً ، وفتحتُ الباب وهربت ، وهم ورائي ، فدخلت في زحمة الناس ، حتى غبت عنهم ، ثم اتجهت إلى غرفتي ، وكانت ليست ببعيدة عن المنزل ، وقفت أغسل الدماء عن وجهي وفمي ، نظرت إلى نفسي وإذا ، بالضربات والصفعات ، قد أثّرت في جبهتي وخدّي وأنفي ، وإذا بالدم يسيل من فمي ، وثيابي ممزقة ،حمدت الله أن أنقذني من أولئك الوحوش ، لكني قلت ، أنا نجوت لكن ما حال زوجتي ؟! أخذت صورتها تلوح أمام ناظري ، هل يمكن أن تتعرض هي أيضاً لمثل هذه اللكمات والضربات ، أنا رجل ، وما كدت أتحمل ، وهي امرأة فهل ستتحمل !! أخشى أن تنهار المسكينة !

هل حان الفراق ؟

بدأ الشيطان يعمل عمله ، ويقول لي : سترتد عن دينها ، ستعود نصرانية ، وتعود إلى بلدك وحدك ، وبقيت حائراً ، ماذا أفعل ؟ في هذه البلاد ، أين أذهب ، كيف أتصرف ، النفس في هذا البلد رخيصة ، يمكنك أن تستأجر رجلاً لقتل آخر بعشرة دولارات ! أوه ، كيف لو عذَّبوها فلم تصمد ودلَّتهم على مكاني ، فأرسلوا أحداً لقتلي في ظلمة الليل ، أقفلت عليَّ غرفتي ، وبقيت فيها فزعاً خائفاً حتى الصباح ، ثم غيَّرت ملابسي ، وذهبت أتجسَّس الأخبار ، أنظر إلى بيتهم عن بعد ، أرقبه ، وأتابع كل ما يحصل فيه ، لكن الباب مغلق ، ظللت أنتظر ، وفجأة ! فُتح الباب ، وخرج منه ثلاثة من الشباب ، وكهل ، وهؤلاء الشباب هم الذين ضربوني ، يبدو من هيأتهم ، أنهم ذاهبون إلى أعمالهم ، أُغلق الباب ! وبقيت أرقب ، وأترقب ، وأنظر ، وأتمنى أن أرى وجه زوجتي ، ولكن لا فائدة ، ظللت على هذا الحال ساعات ، وإذا بالرجال يقدمون من عملهم ويدخلون البيت ، تعبت فذهبت إلى غرفتي ، وفي اليوم الثاني ذهبت أترقب ولم أر زوجتي ، وفي اليوم الثالث كذلك ، يئِست من حياتها ، توقعت أنها ماتت من شدة العذاب ، أو قُتلت ! ولكن لو كانت ماتت ، فعلى الأقل سيكون هناك حركة في البيت ، سيكون هناك من يأتي للعزاء ، أو الزيارة ، لكني عندما لم أر شيئاً غريباً ، أخذت أقنع نفسي أنها حية ، وأن اللقاء سيكون قريباً .

اللقاء !!

وفي اليوم الرابع ، لم أصبر على الجلوس في غرفتي ، فذهبت أرقب بيتهم من بعيد ، فلما ذهب الشباب مع أبيهم إلى أعمالهم ، كالعادة ، وأنا أنظر وأتمنى ، فإذا بالباب يُفتح فجأة ، وإذا بوجه زوجتي يطل من ورائه ، وإذا بها تلتفت يمنة ويسرة ، نظرتُ إلى وجهها ، فإذا به دوائر حمراء ، وَلَكَمَاتٌ زرقاء ، من كثرة الصفعات والكدمات ، وإذا لباسها مخضَّب بالدماء ، فزعت من منظرها ، وَرَحِمْـتُهَا ، اقتربت منها مسرعاً ، نظرت إليها أكثر ، فإذا الدماء تسيل من جروح في وجهها ، وإذا يداها ، وقدماها ، تسيل بالدماء ، وإذا ثيابها ممزقة ، لم يبق منها إلا خرقة بسيطة تسترها ، وإذا بأقدامها مربوطة بسلسلة ! وإذا بيديها مربوطة بسلسلة من خلف ظهرها ، لما رأيتها ، بكيت ، لم أستطع أن أتمالك نفسي ، ناديتها من بعيد !

ثبات ، وتثبيت

فقالت لي وهي تدافع عبراتها ، وتئن من شدة عذابها : اسمع يا خالد ، لا تقلق علي ، فأنا ثابتة على العهد ، ووالله الذي لا إله إلا هو ، إن ما أُلاقيه الآن ، لا يساوي شعرة مما لاقاه الصحابة والتابعون ، بل والأنبياء والمرسلون ، وأرجوك يا خالد ، لا تتدخل بيني وبين أهلي ، واذهب الآن سريعاً ، وانتظر في الغرفة ، إلى أن آتيك إن شاء الله ، ولكن أكثِر من الدعاء ، أكثِر من قيام الليل ، أكثِر من الصلاة ، ذهَبتُ من عندها ، وأنا أتقطع ألماً وحسرة عليها ، وبقيت في غرفتي يوماً كاملاً أترقبها ، وأتمنى مجيئها ، ومرَّ يومٌ آخر ، وبدأ اليوم الثالث يطوي بساطه ، حتى إذا أظلم الليل ، إذ بباب الغرفة يُطرق ؟ ففزعت ، وقلت من بالباب ؟! من الطارق ، أصبت بخوف شديد ، مَن الذي يأتي في منتصف الليل !! لعل أهلها علموا بمكاني ، لعل زوجتي اعترفت ، فجاءوا لقتلي ، أصبت برعب كالموت ، لم يبق بيني وبين الموت إلا شعرة ، أخذت أردد قائلاً : من بالباب ؟ فإذا بصوت زوجتي يقول بكل هدوء ، افتح الباب . أنا فلانة ، أضأت نور الغرفة ، فتحت الباب ،دخلت عليَّ وهي تنتفض ، على حالة رثة ، وجروح في جسدها ،قالت لي : بسرعة ، هيا نذهب الآن ! قلت : وأنت على هذا الحال ؟ قالت : نعم ، بسرعة ، بدأت أجمع ملابسي ، وأقبلت هي على حقيبتها ، فغيرت ملابسها ، وأخرجَت حجاباً وعباءة احتياطية ، فلبستها ، ثم أخذنا كل ما لدينا ، ونزلنا ، وركبنا سيارة أجرة ، ألقت المسكينة بجسدها المتهالك الجائع المعذب ، على كرسي السيارة .

إلى المطار !!

وأول ما ركبت أنا ، قلت للسائق باللغة الروسية : إلى المطار ، وكنت قد عرفت بعض الكلمات الروسية ، فقالت زوجتي : لا ، لن نذهب إلى المطار ، سنذهب إلى القرية كذا ، قلت : لماذا ؟ نحن نريد أن نهرب ، قالت : صحيح ، ولكن إذا اكتشف أهلي هروبي ، سيبحثون عنا في المطار ، ولكن نهرب إلى قرية كذا ، فلما وصلنا تلك القرية ، نزلنا ، وركبنا سيارة أخرى إلى قرية أخرى ، ثم إلى قرية ثالثة ، ثم إلى مدينة من المدن التي فيها مطار دولي ، فلما وصلنا إلى المطار الدولي ، حجزنا للعودة إلى بلادنا ، وكان الحجز متأخراً فاستأجرنا غرفة وسكناها ، فلما استقر بنا المقام في الغرفة ، وشعرنا بالأمان ، نزعت زوجتي عباءتها ، فأخذت أنظر إليها ،يا الله ليس هناك موضع سَلِمَ من الدماء !! جسد ممزق ، دماء متحجرة ، شعر مقطع ، شفاه زرقاء !

ماذا دهاكِ ؟

سألتها : ما الذي حصل ؟
فقالت : عندما دخلنا إلى البيت جلست مع أهلي ، فقالوا لي : ما هذا اللباس ؟!!
قلت : إنه لباس الإسلام ، قالوا : ومن هذا الرجل ؟ قلت : هذا زوجي ، أنا أسلمت وتزوجت بهذا الرجل المسلم ، قالوا : لا يمكن هذا ، فقلت : اسمعوا أحكي لكم القصة أولاً ، فحكيت لهم القصة ، وقصة ذلك الرجل الروسي الذي أراد أن يَجُرَّني إلى الدعارة ، وكيف هربتُ منه ، ثم التقيتُ بك ، فقالوا : لو سلكتي طريق الدعارة ، كان أحب إلينا من أن تأتينا مسلمة ، ثم قالوا لي : لن تخرجي من هذا البيت إلا أرثوذكسية أو جثة هامدة !! ومن تلك اللحظة ، أخذوني ثم كتفوني ، ثم جاءوا إليك وبدؤوا يضربونك ، وأنا أسمعهم يضربونك ، وأنت تستغيث ، وأنا مربوطة ، وعندما هربت أنت ،رجع إخوتي إليَّ ، وعادوا لسبي وشتمي ،ثم ذهبوا واشتروا سلاسل ، فربطوني بها ، وبدءوا يجلدونني !! كل يوم يبدأ الضرب بعد العصر إلى وقت النوم ، أما في الصباح فإخواني وأبي في الأعمال ، وأمي في البيت ، وليس عندي إلا أخت صغيرة عمرها 15 سنة ، تأتي إلى وتضحك من حالتي ، وهذا هو وقت الراحة الوحيد عندي ، هل تصدق أنه حتى النوم ، أنام وأنا مغمى علي ! يجلدونني إلى أن يُغمى علي وأنام ، وكانوا يطلبون مني فقط أن أرتد عن الإسلام ، وأنا أرفض وأتصبر ، بعد ذلك ، بدأت أختي الصغيرة ، تسألني لماذا تتركين دينك ، دين أمك ، دين أبيك ، وأجدادك ؟

يجعل له مخرجاً

فأخذت أقنعها ، أُبيّن لها الدين ، وأوضح لها التوحيد ، فبدأت فعلاً تشعر بالقناعة ، بدأت تتأثر ! بدأت صورة الإسلام أمامها تتضح ! ففوجئت بها تقول لي : أنت على الحق ، هذا هو الدين الصحيح ، هذا هو الدين الذي ينبغي أن ألتزمه أنا أيضاً !! ثم قالت لي : أنا سأساعدك ، قلت لها : إذا كنتِ تريدين مساعدتي ، فاجعليني أقابل زوجي ! فبدأت أختي تنظر من فوق البيت ، فتراك وأنت تمشي ، فكانت تقول لي :
إنني أري رجلاً صفته كذا وكذا ، فقلت : هذا هو زوجي ، فإذا رأيتيه فافتحي لي الباب لأكلمه ، وفعلاً فتحت الباب فخرجْتُ وكلمتُك ، لكني لم أستطع الخروج إليك ، لأني كنتُ مربوطة بسلسلتين ، مفتاحهما مع أخي ، وسلسلة ثالثة ، مربوطة بأحد أعمدة البيت ، حتى لا أخرج ، مفتاحها مع أختي هذه ، لأجل أن تطلقني للذهاب إلى الحمام ، وعندما كلمتك ، وطلبت منك أن تبقى إلى أن آتيك ، كنت مربوطة بالسلاسل ، فأخذت أقنع أختي بالإسلام ، فأسلمت ، وأرادت أن تضحي تضحية تفوق تضحيتي ، وقرّرت أن تجعلني أهرب من البيت ، لكن مفاتيح السلاسل مع أخي ، وهو حريص عليها ، في ذاك اليوم أعدَّت أختي لإخوتي خمراً مركزاً ثقيلاً ، فشربوا ، وشربوا ، إلى أن سكروا تماماً لا يدرون عن شيء ، ثم أخذت المفاتيح من جيب أخي ، وفكت السلاسل عني ، وجئت أنا إليك في ظلمة الليل ، فقلت لها : وأختكِ ، ماذا سيحصل لها ؟ ، قالت : ما يُهمّ ، قد طلبتُ منها أن لا تعلن إسلامها ، إلى أن نتدبَّر أمرها ، نمنا تلك الليلة ، ومن الغد رجعنا إلى بلدنا ، وأول ما وصلنا أُدخلت زوجتي إلى المستشفي ، ومكثت فيها عدة أيام تعالج من آثار الضربات والتعذيب ، وها نحن اليوم ندعو لأختها أن يثبتها الله على دينه . (18)
* هذه المسلمة حديثة عهد بالإسلام تعطينا درسا عظيما في التضحية والثبات والصدق والعزيمة ، والإخلاص والتجرد .
* أين أولئك المسلمات بالوراثة واللاتي لا يعرفن من الإسلام إلا اسمه ، ولم يتذوقن حلاوة الإيمان ، وعذوبة البذل والعطاء لهذا الدين ؟
* ألا يدعونا هذا إلى التمسك بديننا ، والدعوة إليه بكل ما نملك من وسائل وأساليب ؟
والله تعالى يقول { فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إليك إِنَّكَ على صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (43) وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ (44) } سورة الزخرف .
* أليس هذا من البراهين القاطعة على عظمة هذا الدين : دين العدالة والإنصاف ، دين الطهر والعفاف : وأن المستقبل لهذا الدين الذي تشرق شمسه على قلوب الملايين مع ما تمر به أمتنا من محن متعاقبات ومن ضعف وشتات : لكنَّ عظمةَ أحكامه ورفعة مقاصده وقوة حجته وروعة بيانه كم فتحت أعينا عميا وآذانا صما وقلوبا غلفا !
{ فَمَن يُرِدِ اللّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ {125} وَهَـذَا صِرَاطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيمًا قَدْ فَصَّلْنَا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ {126} لَهُمْ دَارُ السَّلاَمِ عِندَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ {127} } .


منقول للفائدة

اضافة رد مع اقتباس