نقلا عن جريدة قول أون لاين الالكترونية
كتبه : محمد اليحيى بتاريخ : 2010-07-20



أنا ومن بعدي الطوفان ..

يقال إن أول من قال هذه العبارة هو الملك الفرنسي "لويس الخامس عشر".. ويقال إنها زوجته "بومبادور" .. وقد قالها أيضا "نابليون بونابرت" القائد والامبراطور الفرنسي ... وقالها "مترنيخ" وزير خارجية النمسا في القرن التاسع عشر .. "أنا ومن بعدي الطوفان" ..



كل الشخصيات آنفة الذكر كانت تعني بهذه المقولة أنهم هم كل شيء، وأنهم هم الوحيدون القادرون على تحقيق الأمن والسلام والازدهار لأمتهم .. وهي تعني "أنني إذا رحلت فالطوفان سيجتاحكم وستغرقون جميعا .."



لا أدري ... لماذا تترنح هذه العبارة في رأسي كلما سمعت هلاليا يتحدث عن كأس آسيا ..؟

الهلالييون (أغلبهم وليس كلهم) .. على مستوى أعضاء الشرف والإدارة والجماهير والإعلام .. (وأخشى أن يكون على مستوى اللاعبين) ... أغلبهم وضعوا بطولة آسيا نصب أعينهم وجل اهتمامهم .. وكأنها البطولة التي من بعدها الطوفان ؟؟



تحدثت إلى مشجع هلالي أعتبره عاقلا ومتزنا .. وقال لي بالحرف الواحد: (الموسم القادم أهم شيء بطولة آسيا .. لو حقق الهلال الدوري وكأس ولي العهد وكأس الأبطال وحتى بطولة الأمير فيصل بن فهد الأولمبية و"ضاعت" بطولة آسيا ... ما راح أعتبر الموسم ناجح) !!؟؟



أجد نفسي متعاطفا مع الجماهير الهلالية .. ومتفهما لهذه النظرة "المتحمسة جدا" لتحقيق البطولة الآسيوية والتي تؤهل لبطولة كأس العالم للأندية .. خصوصا وأن الهلال في هذه الفترة يعتبر في أفضل حالاته التكاملية العناصرية وربما لم يسبق أن كان الهلال بهذا التكامل منذ زمن .. أضف إلى ذلك أن آخر بطولة هلالية على الصعيد الآسيوي كانت منذ ثمان سنوات وبالتحديد مارس 2002 ..



ولكن التعاطف وحده والحماس والتشدق لتحقيق هذه البطولة ليس كافياً .. بل على العكس .. من وجهة نظري أن هذا التركيز "المبالغ فيه" هو السبب في ضياع البطولة الآسيوية من الهلال مرات ومرات ..



لنعد بالذاكرة إلى الوراء قليلا .. وتحديدا قبل سبعة أشهر .. وقبل انطلاق البطولة الآسيوية الأخيرة ..

قال سامي الجابر في لقاء تلفزيوني رداً على سؤال بخصوص البطولة الآسيوية ومدى جاهزية الهلال لها: (يجب أن لا نضغط كثيرا على الفريق بهذه البطولة وهذا الكلام موجهٌ للجماهير أيضا .. ثقافتنا تغيرت إلى الأحسن .. يجب أن لا نضغط بكلمة لازم .. لازم .. لازم ..)



في اعتقادي ان ذلك "الخطاب الإعلامي" من سامي الجابر كان أحد أهم الرسائل التي وجهها سامي للجماهير ووصلت إلى اللاعبين مما ساهم في تخفيف حدة الضغط النفسي ووصول الهلال إلى دور الـ8 من البطولة عن جدارة واستحقاق .. وهذا الخطاب هو ما يحتاج الهلالييون إلى أمثاله الآن ..



ولكن بعد الإجازة الصيفية .. وكلما اقتربت منافسات دور الـ8 أكثر ... كلما زادت حدة التوتر من قبل الجماهير الهلالية والتي ستصل بشكل أو بآخر إلى اللاعبين .. مما يحتم على الإدارة الهلالية وأعضاء الشرف والإعلام والجماهير الواعية.. التخفيف من هذا الضغط النفسي بالتصريحات الهادئة والمنطقية والمطمئنة والمقالات المشجعة والمحفزة وبدون تشنج أو ضغوط والتي ليس من ضمنها بالتأكيد .. التلميح بالاستقالة كما كاد أن يفعل الأمير عبدالرحمن بن مساعد لولا تجاوز بونديكيور الأوزبكي..!



حتى رحيل جيريتس .. تم تضخيمه وإثارته أكثر من اللازم .. علما بأنني متأكد أن أكثر من نصف مدربي الفرق في دوري زين سيَرحَل أو (يُرحّل) قبل نهاية الدور الأول كالعادة .. أي قبل جيريتس !!!



ومما يساهم في زيادة الضغط النفسي أيضا ... الإعلام المضاد للهلال والجماهير غير الهلالية والتي تسخر من الهلال لعدم المشاركة في البطولة العالمية بين الحين والآخر والواجب هو تجاهل تلك السخريات والاستفزازات تغليبا لمصلحة الفريق وعدم شحن الأنفس سلبيا..



أخشى على الهلال (في ظل هذا الضغط الرهيب) من الهلال نفسه ... فيما لو أخفق في تحقيق البطولة الآسيوية (لا قدر الله).. أن يسير في نفس طريق الإتحاد العام الماضي ويمر بعقبات تعيقه عن النهوض مجددا ..



على الهلاليين جميعا أن يعوا أن هذه البطولة ليست بالبطولة السهلة .. وأن المتنافسين كلهم يملكون نفس الحق الهلالي بالفوز بها وسيفوز فريق واحد فقط .. وهي كذلك ليست بالبطولة الأخيرة !!!



كذلك .. هي ليست بالبطولة المستحيلة ..! فقد قطع الفريق أكثر من نصف الطريق (بسبع مباريات) .. تعادل في اثنتين وخسر في واحدة (تحصيل حاصل) .. وانتصر في أربع وبقي (خمس مباريات) من المرجح جدا تجاوزها (بدنيا وفنيّا).. وكل ما في الأمر أنه لترويض هذه البطولة ... هنالك لغزٌ ... حلُّه في التهيئة المعنوية .. والفوز بالحرب النفسية الباردة .. واسترجاع ثقافة البطولة الآسيوية ... وعدم الضغط بصعوبة المباريات والتهويل من أمرها... وفي نفس الوقت عدم الاستهانة بالخصوم واحترامهم دون المبالغة في الاحترام لدرجة الخوف وعدم الثقة في النفس.. والبدء من الآن بالتخفيف من حدة الضغط النفسي والمعنوي ... وقبل كل شيء طلب التوفيق من الله ..



أخيرا ..

ليعلم الجمهور الهلالي بأن "الطوفان" لن يأتي .. ولو ضاعت البطولة .. فالهلال حتى هذه الساعة .. هو زعيم آسيا بعدد البطولات وليس بالكلام !!



دمتم بصحة وعافية .. ومن بعدكم الطوفان ..