مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
  #1  
قديم 06/07/2010, 04:21 PM
وقت الغروب وقت الغروب غير متواجد حالياً
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 10/10/2008
المكان: فى قلب الهلال
مشاركات: 3,349
هؤلاء هم السَـفِـلة

هؤلاء هم السَـفِـلة
قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لعبد الله بن عمرو (يا عَبْدَ اللَّهِ بن عَمْرو كَيْفَ بِكَ إذا بَقِيتَ في حُثَالَةٍ من الناس، وقد مَرَجَتْ عهودهم وأماناتهم.. الحديث) روى البخاري أوله تعليقا في صحيحه، وروى باقيه أحمد والطبري والطبراني وابن حبان وصححه. ويعني صلى الله عليه وسلم بالحثالة: سفلة الناس وأراذلهم وشرارهم.
سُئِل ذو النون عن السفلة فقال: من لا يعرف الطريق إلى الله ولا يتعرف.
وسُئل الأعمش مَنْ السفلة؟ قال: الذين يطلبون الدنيا بعمل الآخرة.
وقال فضيل بن عياض: سُئِل ابن المبارك من الناس؟ قال: العلماء، قال من الملوك؟ قال: الزهاد، قال فمن السفلة؟ قال: الذي يأكل بدينه.
وروى البيهقي عن ذي النون بن إبراهيم (ت245) – من معاصري الإمام مالك وتلاميذه - يقول: من أحب الله عاش ومن مال إلى غيره طاش، والأحمق يغدو ويروح في لا ش والعاقل عن خواطر نفسه فتاش.
وقال أيضا: من جهل قدره هتك ستره.
وقال إبراهيم بن عبدالله السعدي: سألت الأصمعي عن السفلة فقال الذي لا يبالي ما قال، وما قيل فيه.
لم يذكر القرآن الكريم اسم منافق واحد رغم خطورة المنافقين على بناء الدين ورغم عملهم الدؤوب لتقويض دعائمه، وإنما ذكر لنا صفاتهم – ولعل من حكم ذلك لأنهم لا ينقضون؛ ففي كل زمان منهم الكثير؛ فبصفاتهم نعرفهم ونحذر منهم ومنها، وكذلك الرسول صلى الله عليه وسلم يُعرض بهم ويذكر صفاتهم وهو يعرفهم ويمشون معه في الطرقات بل يخالطونه ويجلسون في مجلسه ويصلون في مسجده، وقد أسر لحذيفة رضي الله عنه بعضا منهم {وَلَوْ نَشَاء لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُم بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ} (30) سورة محمد، وعلى هذا الهدي سأشير إلى أبرز صفات السفلة، والسفلة (تُنطق بفتح السين وكسر الفاء): السقاط من الناس والسفالة النذالة أ.هـ (كما في النهاية في غريب الأثر لأبي السعادات الجزري، وكذا في لسان العرب ومختار الصحاح).


وما أكثرهم وأكثر ظهورهم، وما أكثر أقوالهم وتصاريحهم وحواراتهم وسطورهم في هذا الزمان، وخاصة في وسائل الإعلام.
تراهم دائما يشعلون نار الفتنة على دين الله وشريعته بأقلامهم، وينشرون سموم أفكارهم بأقوالهم وتصوراتهم الفكريــة الشيطانية وفنونهم وطيشهم وخفة عقولهم..
{ كُلَّمَا أَوْقَدُواْ نَارًا لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ} (64) سورة المائدة.
قال ابن جرير الطبري كلاما معناه أن آيات المنافقين نزلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المنافقين في عصره وإن كان معنيا بها كل من كان بمثل صفتهم من المنافقين بعدهم إلى يوم القيامة!
لم يحدث على مدى التاريخ أن منافقا واحدا خرج للناس واعترف بأنه منافق، وإنما قوله ومن على شاكلته (إنما نحن مصلحون)، ولكن الله رد على هذا القول بقوله {أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِن لاَّ يَشْعُرُونَ} (12) سورة البقرة، قال السدي: الفساد في الأرض هو الكفر والعمل بالمعصية!!
وقد تلونت ثيابهم ولبوسهم في هذا العصر، فمن ناقد ومن كاتب حر وجريء ومن فنان ورسام وممثل وشاعر ومصلح وليبرالي ومثقف وأديب وثائر وإعلامي... وغير ذلك ممن تظهر فيهم صفات السفلة بأعمالهم وأقوالهم، وكلهم يدعي الإصلاح والتطوير والتنوير!!


آية في كتاب الله ما أقربها وأقرب وعيدها في المعنى المفهوم من بعض كتّاب الأعمدة والزوايا والروايات والقصص والمسلسلات والحلقات والمؤلفات، الذين يكتبون ليصدوا عن سبيل الله ويأكلوا بأقلامهم ثمنا قليلا، قال الله تعالى: {فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِندِ اللّهِ لِيَشْتَرُواْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا يَكْسِبُونَ} (79) سورة البقرة.
قال ابن عباس رضي الله عنهما: فالعذاب عليهم من الذي كتبوا بأيديهم من ذلك الكذب، والويل لهم مما يكسبون، مما يأكلون به، من السفلة وغيرهم.
وقال ابن جرير الطبري: يكسبون من الحرام بكتابهم الذي يكتبونه بأيديهم بخلاف ما أنزل الله ثم يأكلون ثمنه وقد باعوه ممن باعوه منهم على أنه من كتاب الله.
قال الحسن: قال كلما اجتمعت السفلة على قتل العرب أذلهم الله.


يكثر السفلة حين يذهب الصالحون والمصلحون والعلماء، جاء في الحديث:
(يَذْهَبُ الصَّالِحُونَ أَسْلافًا حتى لا يَبْقَى إِلا حُثَالَةٌ كَحُثَالَةِ التَّمْرِ وَالشَّعِيرِ لا يُبَالِي اللَّهُ بِهِمْ) – رواه البخاري، واللفظ للطبراني والحاكم - قال ابن جرير في تهذيب الآثار: فإنه يعني بالحثالة السفلة من الناس، وأصل الحثالة ما تفتت وتساقط من قشور التمر والشعير وغيرهما.
قال عنهم أنس بن مالك رضي الله عنه محذرا منهم: يا بني إياكم والسفلة. قالوا وما السفلة؟ قال الذي لا يخاف الله عز وجل.
وقد عرفنا بهم الإمام مالك عندما سُئل مَنْ السفلة؟ فقال: من أكل بدينه. فقيل له مَنْ سفلة السفلة؟ قال: من أصلح دنيا غيره بفساد دينه.أ.هـ
هم قوم تتابعت ألسنة الناس على ذمهم، ونعوذ بالله ممن هذه حاله. عن مطرف قال: قال لي مالك: ما يقول الناس فيّ؟ قلت: أما الصديق فيثني وأما العدو فيقع. قال ما زال الناس كذا لهم صديق وعدو، ولكن نعوذ بالله من تتابع الألسنة كلها. (يقصد ذم الصديق والعدو).
وهم قوم لا عهود لهم ولا أمانة، كيف وقد انقضوا على أمتهم ليفسدوا الأخلاق ويسخروا من دين الله الواحد الخلاق.
وهم قوم سلطوا ألسنتهم وأقلامهم لينالوا من تعاليم دينهم واستحلوا شعائر الله وفسقوا في الأشهر الحرم والله نهى المؤمنين عن ذلك: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحِلُّواْ شَعَآئِرَ اللّهِ وَلاَ الشَّهْرَ الْحَرَامَ ...- الآية إلى - وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} (2) سورة المائدة.


تراهم لا يكادون يعرفون الطريق إلى الله ولا يظهر عليهم الخوف منه سبحانه، وذلك ظاهر من استخفافهم بشعائر الله وشريعته.
لا تبالي أن تطلق عليهم أقذع الأوصاف، كما كان السلف يسمونهم: الأوباش والأراذل واللئام والوضعاء، رعاع الناس، أسقاط الناس وغوغاءهم، الجهلة الرذلاء، المسرعين إلى الشر.
السفلة أعداء الحق والخير وأعداء النجاح والناجحين، يَدَّعون الوطنية ويتربصون بالوطن وثوابته، قال ابن عساكر: وقلما كان كبير في عصر قط إلا وله عدو من السفلة؛ فلآدم إبليس ولإبراهيم نمرود ولموسى فرعون وللمصطفى أبو جهل.


قال ابن المبارك في إيضاح بعض صفاتهم:
قوم إذا غضبوا كانت رماحهم * * * بث الشهادة بين الناس بالزور
ومن طرقهم: يحاولون أن يستزلوا صاحب الحق عن رأيه، فإن أطاعهم بعد ذلك استخفوه وأهانوه وذموه.
فهلا يرعوي بعض الراكضين إلى الظهور لئلا تظهر عليهم أعراض المعضلة، وهلا علم المستأجر والمأجور أولئك المكتسبون من تلويث الآفاق والسطور أن الله لا تخفى عليه خافية، وأنهم مهما كثروا ولم يبق من أهل دين الله وسنة رسوله إلا رجل واحد فهو عليهم ظاهر، وهو المنصور؛ لأن دين الله غالب؛ فقد أظهره الله على الدين كله ولو كره الكافرون. وفَّق الله الجميع لما يحبه ويرضاه.
اضافة رد مع اقتباس