
30/03/2010, 11:12 PM
|
 | زعيــم فعــال | | تاريخ التسجيل: 07/02/2009 المكان: في الـ ماضي ..
مشاركات: 441
| |
-4- 
عاد عامر و سمية.. إلى العجوز.. كانت قد نامت من جديد، وطلبت منهما الخادمة أن يصمتا ويراقبا العجوز التي غفت قليلاً ثم استيقظت وهي تنظر نحو عامر بحزن..
حكت بعضاً من أحلامها وخيالاتها.. ثم حكت لـ عامر عن زمنه الصعب وأنبأته أن أياماً حالكة شديدة السواد ستبدأ في زمنه.. سيموت الكثيرون، من الجوع، والقهر والاختناق.. والمرض الصعب المنتشر كالوباء.. (( آه يا بني تبدو مستغرباً نظرتي هذه.. ولكن لا بأس ستجتاز كل الشدائد التي ستمر بها.. ليال حالكة السواد ليس فيها سوى الكوابيس ستحيطك من كل جانب.. زمنك سيكون فيه الموت وسيموت الكثيرون من الجوع والقهر والاختناق والمرض الصعب المنتشر كالوباء.. لا.. لا ..))
- ما بك يا أمي؟ (( ارحل يا بني من هنا أنت و سمية، سأراكما فيما بعد.))
همست الخادمة:
- بسرعة.. ستأتيها الحالة بسرعة ولا تريد أن يراها أحد وهي تدخل فيها.
- أية حالة؟ لم أفهم؟
رجتهما الخادمة أن يخرجا.. سألها وهما يخرجان:
- ألا تزورين أمك كثيراً يا سمية؟
- إنها تعتكف باستمرار، وأحياناً تخرج من عزلتها فتستدعيني أو تستدعي والدي، أو أي شخص آخر من المدينة..
- إنها إنسانة عظيمة يا سمية.. لم أر في حياتي مثل نظراتها التي تفيض بالطيبة والحنان.. إضافة للذكاء والشجاعة..
- منذ سنوات وهي في عزلتها الغريبة تلك.. ليتني أقيم معها، هي لا تسمح لي بذلك.. وهي صارمة في قرارها.
اتجهت نحو الطريق المؤدي إلى خارج المدينة:
- إلى أين تذهبين الآن، إنه الليل بظلامه ووحشته.
- بل إنه الليل بسمائه الصافية ونجومه اللامعة وقمره الفضي البديع.
- معك حق.. همهم : ((يا لقلبي المعذب كيف لم أنتبه لكلماتها؟))
- إنها ليلة ندية، يا عامر، وهذا الهواء الخفيف مع بداية إيغال الظلام قد يعني أن العواصف الرملية قد تبدأ قبيل منتصف الليل وربما استمرت حتى الفجر..
- ألا تخيفك العواصف الرملية يا سمية؟
- أشعر بها قبل أن تبدأ أو ألجأ إلى الكهوف و المغاور الموزعة حول الجبل طوال مدة عصفها.. أو أعود إلى المدينة وهي محمية من العواصف والزوابع مهما كانت قوتها..
- تخرجين لوحدك كثيراً؟
- أحب الشرود والعزلة أحياناً.. جو الصحراء يسحرني بجماله وهدوئه..
- أتعرفين، أنت أول فتاة أقابلها في حياتي تتمتع بهذه الشفافية، بسيطة.. واثقة من نفسها.. ذكية أكبر من عمرك الحقيقي بكثير.
- آه يا عامر أشعر بالخوف دائماً من المستقبل، اللقاءات القليلة التي التقيت بها مع والدتي.. غرست فيَّ هذا الخوف من الآتي..
- حياتكم ليست سهلة يا سمية.. لم تدخل التقنية إليكم بعد.. أنتم بعيدون عن الحضارة.. وربما كان هذا أحد أسباب بقائكم وأنتم تتمتعون بهذه الميزات الفريدة من النقاء..
تردد صوت عواد ذئب ليس بعيداً عن مكانهما :
- أنت تحسن الظن بمجتمع مدينتنا أكثر مما يجب.
شعر بالخوف وعواء الذئب يقترب:
- كأن ذلك الذئب أصبح قريباً" منا.
- الذئب الوحيد لا يخيف.. إنه يبحث عن صيد سهل لا يتعبه.. أنت خائف؟ هي أول مرة تعيش فيها مثل هذه الأيام في صحراء تمتد بلا نهاية.. لم تر ما في الصحراء من أسرار.. حتى حيواناتها الغريبة لها أسرارها.. زمجر الذئب قريباً منهما كأنه يصارع حيواناً قال عامر:
- كأنه عثر على طريدته.. وهي تحاول الهرب منه..
- هذا ما يحصل فعلاً.. يبدو أنك تتعلم بسرعة يا عامر..
- بدأ القمر يختفي خلف التلال البعيدة.. الرياح تتحرك من جديد.
- لم يحن أوان الزوابع الرملية بعد. أتريد العودة إلى المدينة؟
- لا يا سمية، أتمنى أن نبقى معاً لوقت طويل.. أنت.. أنت..
- قل.. ولا تخجل.. ماذا عني؟
كانت الرياح قد بدأت تصفر:
- لا أدري ما أقول لك.. أنت.
- قل يا عامر.. الرجل عندنا لا يخجل من البوح عما في قلبه.
- إنه شعور لم أعرفه من قبل، لا يمكنني وصفه.. لا يمكنني التعبير عنه.. شعور من عثر علي شيء فيه كل حياته وسعادته"كنبتة عطشى للماء، هطل عليها المطر".
- يبدو أن الصحراء علمتك نطق الشعر يا عامر.
- بل أنت من علمني الشعر يا سمية.. أنا أحبك..
همست وهي تتنهد :
- أعلم ذلك.. هيا يا عامر بدأت حركة الزوابع.. يجب أن لا نقع في دواماتها القوية..
كانت الرياح قد بدأت تحرك الرمال في زوابع دوّارة وكان عامر يفكر:
- (آه يا إلهي كم أشعر بـ السعادة لقد ارتجفت حين وضعت يدي على كتفها، هي تحبني إذن) : يـتـبع .. : |