- الدراسة هنا سهلة جداً .. ودراسة بلدي صعبة ..وأنا أحب الصعب -
بسم الله الرحمن الرحيم أن تُعطي الصغار درساً ، أو تكون لهم قدوة .. فهذا ليس بغريب ، لكن أن تنقلب الآية فيعطونك هم الدروس و يكونون مثالاً تنتهجه فهذا هو العجب بعينه ! كنتُ ألاطف صغيرةً تدرس الصف الخامس الابتدائي ، وهي من بلد عربي شقيق وتدرس هنا في السعودية بمدرسة حكومية . فكنتُ بحسب خبرتي اسألها عن "العنصرية" مع الأجانب و إذا كانت قد عانت مثل هذا .. فكانت الإجابة لدي معروفة مسبقاً ، بأنها بالفعل تُعاني من العنصرية لدى البعض من أهل البلد من زميلاتها في الفصل الدراسي ، وحتى من المعلمات .
ودون الخوض في هذه المسألة لأن موضوعي لا يتحدث عن ذلك. سألتها .." لو خيرتِ بين الدراسة هنا في السعودية أو بين دراسة بلدك فأيهما ستختارين ؟ " أجابتني بما أذهلني " الدراسة هنا سهلة جداً .. ودراسة بلدي صعبة ، وأنا أحب الصعب .. أود الدراسة في بلدي فهذا أفضل بالنسبة لي ولكن ليس الآن حتى لا أُضيع علي نفسي فرصة تعلم اللغة الإنجليزية السنة القادمة ، ففي بلدي دراستهم الإنجليزية متقدمة جداً أما هنا فلم نبدأ بدراستها بعد ! " ما أجمل هذا ..!! كنت أبحث عن إحدى قريباتي لتستمع ما تقوله هذه الصغيرة في سنها ، الكبيرة في عقلها . إنها هنا تُعطينا دروساً . وأردفت بما أصابني بالحزن " إذا درست هنا فلن أُصبح شيئاً !! " وأخذت أُفكر فيما قالته .. هل هو صحيح أم أنها تظن ذلك ؟! بالنسبة لي ما من إجابة لهذا السؤال ! و ما زلنا في حديثنا عن الدراسة حتى قالت مُنزعجة " لا أعرف هل الطالبات يأتين للعلم أم للاستعراض ؟ في كل مرة تصفيف شعر مختلف ، و حقيبة جديدة و زي مدرسي جديد !! أما أنا فليس لدي سوى حقيبة واحدة و زي مدرسي واحد أنيق .. وفي كل صباح أجمع شعري بـربطة وانتهى الموضوع! " كنت لا أزال أستمعُ إليها لعلي أفهم .. إلى أي مدى حلقَ عقل هذه الصغيرة و أثمر عن قناعات رائعة ، لا يتسنى لفتاةٍ في مثل سني أن تصلَ إليها بهذه السهولة ! نعم من هذه الصغيرة تعلمت .. وأحببتُ أن أجلس معها مرةً أخرى ، لعل الفرصة تسنح أن نجتمع من جديد فلربما أثبتُ وجودي وغلبتُـها !
الشكر لكم على هذه القراءة 