(6) بعد السهرة الصاخبة ..

في الغد حضر الجميع وبدأت المحاضرات الاعدادية حيث تبدأ الدراسة كما ذكرت سابقاً في الاسبوع القادم ..
كان الجميع إلا من رحم ربي في حالة إعياء بعد شربهم ليلة سهرتهم الصاخبة. الجميع يتحدث عن مصطلح ( الهنق أوفر أو Hangover). مصطلح جديد لم أكن أعرفه من قبل. أول من قام بتفسير سبب ( الهانق أوفر) الدكتور جونثان أستاذ مادة علم الأنسجة شرح لنا ماهي اسبابها وهي ان الكبد هي المصرف الوحيد للكحول وتحويلها الى فضلات والتي تؤثر على خلايا المخ سلباً وحينما يشرب الأنسان بشراهه فالكبد تقضي وقتاً طويلاً في التخلص من هذه الكحول وأطلاق هذه المادة التي تؤثر على المخ ببطأ وحينما يصحو المخمور من النوم يشعر بالدوار والغثيان. البعض منهم يرجع للشرب مطبقاً مبداً ( وداوني بالتالي هي كانت الداءُ) والبعض يأخذ المسكنات والتي لا تؤدي إلى أي نتيجة. الكثير من ساعات العمل ضُيعت بسبب ذلك.
نعود لمجموعتي الدراسية حينما أجتمعوا بعد المحاضرة لأداء العمل الجماعي..... بدأ (الحش) أو gossip وهو تقليد بريطاني قديم فماتم عمله بالخفاء يظهر للعلن بطريقة أو بأخرى. أذكر من تلك القصص والتي أصابتني بالصدمه في وقتها أن ( لويس) وجدت عارية تماماَ وهي في حالة (سُكر شديد). (لويس) هذه الآن طبيبة يشار لها بالبنان. وجميع القصص تدور حول هذا المضمون.
من الأشياء التي لاحظتها أثناء الأسبوع الأعدادي أن الجميع يبحث عن صديقه والعكس. فالغالبية قد أنهوا علاقاتهم العاطفية قبل الأنتقال للدراسة وكل منهم يبحث عن شريك جديد. !!
تقول الدراسات أن معدل عدد الرجال التي تلتقي بهم المرأة الأنجليزية أثناء فترة نشاطها الجنسي يبلغ 15رجلاَ. اذكر ان زميلاَ يعمل في عيادة الأمراض التناسلية أخبرني عن أحد مرضاه والذي يبلغ من العمر 19 عاماَ وهو قد يدرس في السنه الأولى من الجامعه في أحد التخصصات الأدبية وكان يعاني من مرض جنسي اخبرهم انه في الستة الأشهر السابقة نام مع أكثر من عشرين فتاة...!!!
الغرض من السؤال حتى يتمكنوا من الاتصال بهم وإخبارهم بطريقة تحفظ سرية المريض وأعطائهم رقم والطلب منهم مراجعة أقرب عيادة امراض تناسلية. .!
حينما تبدا الدراسة تكثر بينهم الحفلات (وماصاحبها) والتي غالباَ ما تنتهي بمأسي..قرأت في أحد المراجع الطبية أن 40% من المشاكل الصحية والأجتماعية والأقتصادية في المملكة المتحده بسبب الكحول.
الأنجليز عُرف عنهم كثرة شرب الخمور ويكثر الشرب كلما اتجاهت شمالاً حيث تقل درجة الحرارة.
الغريب ان كثيراً من هذه الحفلات تقام أثناء الأمتحانات وتحت رعاية أتحاد الطلاب في الجامعة أو أتحاد طلاب كلية الطب. أذكر ان (سبنا) أخبرتني يوماَ أنها لم تفوت ليلة واحدة دون الذهاب الى أحدى الحفلات.
أذكر أن إحد الطالبات في الكلية وهي يونانية رأيتها تتشابك الايادي أو في أوضاع مخلة ( بمعاييرنا ) مع أكثر من شخص وقد كنت أتعجب منها !!
وزال عجبي عندما اخبرني أحد الأشخاص أنها في كل أسبوع تتأخذ لها صديقاً جديداً ..
هذه الفتاة اليوناينة عملت معيدة في الكلية لفترة محدودة وهي الآن تعمل في إحدى المستشفيات في مديتنا ..
وكم كان شعوري حينما دار الزمان ورأيتها مراقبة عليّ في قاعة الامتحان النهائي..!!
قد يتعجب البعض كيف أصبحت مراقبة علينا في الامتحان النهائي وقد بدأنا الدراسة سوية ..!! و سآتي على ذكر السبب لاحقاً بإذن الله..
تعتبر العفه سلعة نادرة في الفتيات حينما تبلغ الثامنة عشر عاماً بل انهم يعيرون الفتاة التي لم تفقد عذريتها في المدارس. أذكر أن قناة البي بي سي قد نشرت خبراً في 2004 م عن فتاة لندنية ( سحاقية ) وتدرس في جامعة بريستول قد عرضت (بكارتها) للبيع على موقع الي باي الشهير لدفع المصاريف الدراسية. وصل السعر النهائي بمايقرب ب9000 جنيه أسترليني دفعه مهندس في شركة الأتصالات البريطانية. أذكر أن أحد المحاورين يتحسر كيف أنقلبت المفاهيم وكيف تغير المجتمع!!!. الخبر لازال موجد على الأنترنت في موقع البي بي سي.
لنعد لمجموعتي الدراسية ......
في هذا الأسبوع أعطيتْ كل مجموعة مهمة لأدائها ..مجموعتنا اعطيت مهمة زيارة عائلة مكونة من خمس أفراد ويعيشون على الإعانات الاجتماعية ..
رب العائلة كان مريضاً بمرض مزمن ولا يستطيع العمل ، للذهاب لهذه العائلة زُودنا بخريطة تحدد لنا موقع المنزل ، استقبلتنا الام وجلسنا جميعاً في غرفة الإستقبال بدأت الأم حديثها عن المشاكل التي تعانيها هي وأسرتها لم يكن أحد منا يعلم لماذا طلب منا زيارتهم ..!!
حقيقة ..كم شعرت بالأسى لفقرائنا حينما أقارنهم بفقرائهم ..فالفقير هنا له إعانة إجتماعية ثابتة تكفيه ذل السؤال وحسب حالته الصحية،له تخفيضات معينة على السلع وعلاج مجاني ( بدون واسطة ) إي أن الفقير هنا شخص له كيان واحترام ..
اما في بلادنا فيعيش الفقراء حياة البأس والمرض حتى الموت ..!!
في بلادنا تحتاج الواسطة لتجد سريراً لتموت عليه بسبب خطأ طبي..!!
نعود لحديثنا ..
في صباح اليوم التالي بعد الزيارة العائلية .. طلب من كل مجموعة اعداد تقرير عن مهمتهم لعرضها على المجموعات الاخرى ..
بعد الظهر شرعت كل مجموعة بعرض تقارير مهمتها ..
كل مجموعة كان موكل لها زيارة عائلة تعاني من حالة خاصة ..بعض هذه العائلات لديهم طفل معاق والبعض إمرأة كبيرة في السن وحيدة في منزلها ..
في نهاية عرض التقارير أدركت المغزى من القيام بهذه المهمة فكانت تهدف إلى إشعار الطلاب وإطلاعهم على أمر هام وهو أن الحياة الاجتماعية والحالة الصحية لايمكن أن يفترقا وأن الحالة الاجتماعية لها تأثير كبير على الحالة الصحية ..
هذا المفهوم بعيد كل البعد عن كليات الطب في مجتمعنا ..مع ان شريعة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم قد بينت لنا ذلك قبلهم !!
في نهاية الاسبوع يوم الجمعة كانت هناك محاضرة لوكيل الكلية للشؤون الاكاديمية البروفسور ( بيتر) بدأها بقول ان الكلية معروفة بالصرامة والجدية وأنه يتوقع ان 50 % من الطلبة سيدخلون امتحانات اعادة المقرارات في نهاية السنه الدراسية و 20% سيطردون من السنة الأولى وأنه كل سنة 10% من الطلبة يُطرد وفي المحصلة النهائية ان 50% من الحاضرين سيتخرجون في نهاية المطاف ..!!
عندها اصاب الجميع الرعب الكل ينظر لمن بجانبه ويتسأل من منا سيطرد..؟؟
وبعدها دخل وقت صلاة الجمعه وكان مصلى الجمعة في غرفة الموسيقى ..!!
من ييحضر مبكرا يقوم بإبعاد الطبول والآلات العزف جانبا ويلملم الأوراق المبعثرة ويضعها جانبا ويفرش سجادات الصلاة ..
قابلت في المصلى بعض الطلبة السعوديين وشدّ انتباهي ( خالد) فقد كان في قمة الأناقة ويحمل في يده حقيبة ظننته في البداية انه على ابواب التخرج ولكن المفاجأة عندما اخبرني انه مضى على قدومه الى هنا اسبوع واحد فقط ..!!!
ملاحظه قد لايعلمها البعض منكم وهي أن المبتعث في بداية ابتعاثه يحرص جدا على مظهره واناقته وبعد انخراطه في الدراسة ينسى كل ذلك فتجده على النقيض ..!!
( خالد ) عجيب أمره فهو من الشخصيات التي تتظاهر بالحزن والأسى يتبرم دائماً ويتشكى من الدراسة وكان جلّ حديثه عن المشرف الذي يصفه بـ ( ابن الكلب ) وكيفية تعامله معهم ..وأموره في حقيقة الامر (عال العال) ..
( محمد) ايضا تعرفت عليه في مصلى الجمعة الذي اصبح بعدها جاري وصديقي .. محمد قضى سنين عديدة ولم يوفق في دراسته ..!!
مشكلة محمد انه حصل على البعثه وهو كبير السن. أن هنا لست لأحكم أين الصح واين الخطأ.