الموضوع: وسائل الدعوة
مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
  #29  
قديم 21/04/2004, 10:53 AM
الصورة الرمزية الخاصة بـ srabالهلال
srabالهلال srabالهلال غير متواجد حالياً
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 07/12/2002
المكان: السعودية - البديعه
مشاركات: 2,602
المحتويات
• مقدمة .
• دلالة هذا الموضوع .
• من فوائد نجاح الداعية .
• عناصر التأثير في الدعوة .
• مقومات نجاح الداعية .
• معالم التميز .
• وصايا في طلب العلم .
• من أساليب التأثير المقنعة .
• مقومات في ممارسة الدعوة .
• المقومات في مفاهيم الداعية .


مقومات الداعية الناجح

مقدمة
لقاؤنا في هذا اليوم عن مقومات الداعية الناجح ، وهذا موضوع مهم وحديثه طويل، ولكننا بعون الله - سبحانه وتعالى - نأخذ الأهم فالأهم ، ونصل بإذن الله - عز وجل - إلى ما يضيء لنا جوانب هذا الموضوع ، ويجلّي لنا حقائقه ، ويبصرنا بطرائقه ، ويعيننا على التزامه والانتفاع به بعون الله - جل وعلا - .
سوف نتحدث - إن شاء الله - عن دلالة هذا الموضوع وأهميته ، ثم نذكر عناصر التأثير في الجملة - أي العناصر التي يتأثر بها الناس فيتغير سلوكهم ويستقيم حالهم - ، ثم سننتقل إلى الداعية ؛لنرى مقومات النجاح في تكوينه الشخصي ، وفي ممارساته الدعوة وفي مفاهيمه حول الإسلام والدعوة .

دلالة هذا الموضوع
دلالة العنوان على ثلاث كلمات : مقومات ، الداعية ، الناجح .
المقوّم
هذه الكلمة مشتقة من الفعل الثلاثي ، وأصل معناه : الانتصاب والعزم ، وتأتي القوامة بمعنى المحافظة والإصلاح ، كما في قوله - جل وعلا - : { الرجال قوامون على النساء } ، وقام الرجل بالشيء أي فعله بما يؤدي إلى تحقيق غايته ومراده ، فمعنى المقومات هنا هي : الأسباب والصفات التي يقع بها المطلوب . فما هي هذه الصفات ؟ وما هي تلك الخصائص التي يحتاج إليها الداعية لكي ينجح في مهمته ويؤدي رسالته ؟ .

الداعية
والداعية أصلها الداعي ، والهاء فيها للتنبيه وليس للتأنيث ، والداعي إلى شيء : المرغب والحاث عليه ، فالله -جل وعلا – يقول : { والله يدعو إلى دار السلام } أي يرغب فيها ويحث عليها ، وعندما نقول : من دعا إلى هدى ؛ أي من رغب فيه وحث عليه ، والدعوة إلى الله - عز وجل - معناها شامل للإسلام كله ، يعني الترغيب في جميع محاسن الإسلام وفرائضه وشعائره وآدابه وسلوكياته ، بما يؤدي مع الحث عليها إلى التزامها ، واستجابة أمر الله - سبحانه وتعالى - فيها .

النجاح
والنجاح في اللغة أصله الظفر ، فالنجْْح هو الظفر والنجاح في أمر ما ، وهو تحقيق الغاية والوصول إلى الهدف ، ومعنى هذا الموضوع الذي نتحدث عنه أننا سنتكلم عنه ، صفات وخصائص تتحقق في الذي يدعو إلى الخير فيحصل بها النجاح ، والمقصود بالنجاح هو استجابة الناس وتأثرهم ، وتغير حالهم من سوء إلى حسن ، أو من حسن إلى أحسن مما كانوا عليه ؛ فإن الدعوة إما أمر بخير أو نهي عن شر ليُترك ، فمعنى تحقق النجاح هو أن الأمر الذي يؤمر به يفعل ، والنهي الذي ينهى عنه يترك، فيكون الناس حينئذ قد استجابوا لأمر الله - سبحانه وتعالى - .

من فوائد نجاح الداعية

1 ـ الأجر الجزيل
فالله - جل وعلا – يقول : { ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين } والآية إذا تأملنا تتحدث عن فعل الدعوة وليس عن أثرها واستجابتها ، إن الداعية هو أحسن الناس قولاً ، وإن لم يكن لدعوته أثر ، وإن لم يقبله الناس ؛ فإنه إذا قام بها على وجهها ؛ فإن أجره عند الله - عز وجل - عظيم ، والنبي - صلى الله عليه وسلم - خاطب علياً في يوم خيبر فقال : ( لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم ) ومتى قال له ذلك ؟ ، عندما أعطاه الراية وأمره بالتوجه لفتح خيبر ، فقال علي - رضي الله عنه - بعد أن مضى يسيراً : يا رسول الله أقاتلهم حتى يكونوا مثلنا ؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( أدعهم إلى الإسلام فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم ) .
فليس في الإسلام إكراه ، وإنما دعوة وترغيب ، فمن أسلم فالخير له ، والثمرة والنفع عائد عليه ، ومن أعرض فالعذاب ينتظره في الآخرة ، والشقاء يحل به في الدنيا نسأل الله - عز وجل – السلامة ، وغير ذلك ، هناك انتشار الخير ، ما معنى هذا عندما يدعو الدعاة فيقبل الناس منهم ويقبلون عليهم ؟ ما الذي يحصل ؟ يكثر الخير والبر والإحسان ، وينحسر الأذى والشر والعدوان ، كل استجابة للدعوة معناها مزيد من إتيان الأوامر الربانية ، والتزام الشرائع الإلهية، وكل التزام وقبول للدعوة معناه أيضا أن الشر والفساد ينحسر وينزوي بعيداً عن حياة الناس .

2 ـ مغالبة الباطل
وما معنى ذلك ؟ ألا نعرف أن للشر دعاة كثر ؟ ألا نعرف أن أهل الباطل من الديانات المحرفة ، أو من المذاهب الوضعية ، أو من أصحاب الانحلال السلوكي والخلقي ، أنهم يبذلون أموال طائلة ، ويدبرون حيل ماكرة ، ويسعون بكل وسيلة لماذا ؟ لتقبل دعواتهم وليتأثر الناس بهم فينحرفوا عن دين الله - عز وجل - ، ويزلّوا فيضلّوا ويزيغوا ، والله - سبحانه وتعالى - قد بيّن لنا شأن دعاة الفساد : { ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام * وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد } كثير هم المفسدون ، ما الذي يبطل عملهم ؟ ما الذي يدحر كيدهم ؟ ما الذي يبطل مكرهم ؟ إنها دعوة الخير ، فكل نجاح للدعوة في ميدان معنى ذلك أنها هزيمة للباطل .. أهل الباطل يريدون أن يحرّفوا مناهج التعليم ، والدعاة وأهل العلم يريدون أن تستقيموا على هدى الله ، وهدى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، أهل الزيغ والفساد يريدون انحراف في الفكر ، وضلال وتقبّل للشبهات ، وأهل الحق ينيرون بالقرآن والسنة البصائر والقلوب ، فيكون لذلك أثره في دحض الشبهات ، أهل الفساد يزينون الشهوات ، ويعددون صور وألوان الإغراءات ؛ليقع الناس في المنكرات ،فيأتي أهل الدعوة يحذرون ويخوفون بالله ، ويبينون لذة الطاعات ، ويرغّبون في الطاعات ، فكأنها معركة الحق والباطل ، فإذا نجح الدعاة معنى ذلك أنه قد هزم دعاة الباطل .

3 ـ الحماية من المفاهيم الخاطئة
ومعنى ذلك - كما يقولون - : بضدها تتميز الأشياء ، إذا لم ينجح الداعية ماذا يكون المقابل في ذلك ؟ فشل وإخفاق ، ما معنى ذلك ؟ أي عدم قبول للدعوة ، وإعراض عنها ، وعدم الاستجابة لأمر الله - سبحانه وتعالى - ، وعدم متابعة لهدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ماذا يحصل من أثر ذلك ؟ مفاهيم خاطئة كثيرة .
هذا الداعية الذي يفشل ولا يستجيب الناس له ، ماذا يحصل له في كثير من الأحوال ؟ يتوجه بالنقد على الناس ، فيقول عنهم : أنهم فسقة منحرفون ، لا يحبّون دين الله ، وأنهم لا يستجيبون لأمر الله ، وأنهم لا يعظمون أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وينعتهم . كما نرى كثيراً من الناس الذين ليست عندهم حكمة وبصيرة .. تجده دائماً يظن نفسه قد أحسن وأجاد ، وأن الناس هم الذين لا يستجيبون ، لو أنه تنبه وتوقف لوجد أن في أسلوبه ، أو في علمه ، أوفي طريقته خطأ ، منع الناس من القبول ، ماذا يقول هذا ؟ يحكم بفساد الناس ، وقد يتعدى حدوده ، ويصمهم أو يلصق بهم تهم الابتداع أو الفسق أو الكفر والعياذ بالله ، وهذا من الخطر العظيم . وقد ورد الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في صحيح مسلم : ( من قال هلك الناس فهو أهلَكَهم ) وفي بعض ضبط الروايات : (فهو أهلَكُهم ) ، ما معنى الحديث ؟من قال : هلك الناس .. فسدوا .. لا سبيل لإصلاحهم .. ليست عندهم استجابة وهم هالكون .. وهم إلى عذاب الله وسخط من الله - سبحانه وتعالى .. من قال ذلك وحكم على عموم الناس فهو أهلكهم .. فهو أشد هلاكاً منهم ؛ لأنه يعتدي على مالا يجوز له في شرع الله بالحكم على الناس ، وبالإساءة إليهم ، وبصدهم ، وبأسلوبه في تنفيرهم عن دين الله - عز وجل - .

ومن المفاهيم أيضاً أو من الأمور التي تنتج عن هذا الفشل والإحباط اليأس أو الإحباط عند بعض الدعاة . الداعية إذا دعا فلم يستجب له ، ولم يحظى بالاستجابة ماذا يقول ؟ ينزوي على نفسه وينعزل عن الناس ، ويقول : الدنيا فساد ، ولا أمل في الإصلاح ، ويصبح حينئذ نخسر الذي كان عنده خير كثير ، وربما علم غزير وأثر نافع ، ولذلك بحثنا عن أسباب نجاح الدعوة مهم ؛ ليتحقق الأجر ، ولينتشر الخير ، وليهزم الباطل ، ولنحمي أنفسنا ودعاتنا ومجتمعاتنا من مفاهيم خاطئة يحصل بها الصراع والتنابز بالألقاب بين الدعاة وبين الناس ، الأصل أن الداعية كالطبيب ، هل ترون الطبيب يختصم مع مرضاه ، وهل ترونه إذا وجد علة ومرض عند بعض الناس ، وطال العلاج والبرء منها يقول له : أنت مريض لا فائدة منك ،سوف تموت ، أو سوف ينتشر مرضك ؟ أم أنه يصبر ، ويأتي بالحكمة ، ويصبّر مريضه ويعينه ؛ حتى يتغلب على مرضه بإذن الله - عز وجل - فالموضوع مهم من هذه الوجوه .

عناصر التأثير في الدعوة
هناك عناصر مهمة في التأثير ؛ حتى ننتبه إلى عموم هذه القضية . كيف تؤثر في أي إنسان ، هناك ثلاثة جوانب مؤثرة :

1 ـ الميل العاطفي والمحبة القلبية
كما يقولون : " الحب أعمى " وكما يقال : " إن المحب لمن يحب مطيع " ، ألا نرى الناس إذا أحبوا إنساناً وافقوه حتى فيما لا ينبغي موافقتهم له ؛ لأن الحب ميل قلبي له أثره . يقول ابن القيم : "الحب التام مع القدرة يستلزم حركة البدن بالقول الظاهر ، والفعل الظاهر ، و فما يظهر على البدن من الأقوال والأعمال إنما هو موجب ما في القلب ولازمه " .ويقول ابن تيمية - رحمه الله - : "المحبة والإرادة أصل كل دين ، صالحاً كان أو فاسداً – لماذا ؟ - لأن المحبة هي التي تبعث وتحرك الإرادة ، وهي التي تمضي وتوقع الفعل في الواقع " .
لذلك من المهم أن يتحبب الداعية إلى الناس ؛ لأنهم إذا أبغضوه هل ترونه يسمعون قوله حتى وإن كان عنده من العلم بحار لا بحراً واحداً ، وحتى لو كان عنده حجة بينة قاطعة ، وأدلة واضحة ساطعة ، ما دامت القلوب قد أغلقت فلم تتعلق بمحبته ولا الميل إليه ، فذلك يمنع من قبول دعوته بشكل كبير ، لكن ليس الحب وحده هو الذي يؤثر ، ولذلك أحياناً يكون الحب مؤثر تأثير سلبي . قد يحب المرء من فيه فسق أو فساد فيوافقه على فسقه وفساده ، ألسنا نعرف أمر الأصحاب وما يقال من أن الصاحب ساحب ، لِما يتأثر الناس بأصدقائهم وجلسائهم .. يميلون إليهم .. يحبونهم .. يؤنسون فيوافقونهم في أقوالهم وأفعالهم .

2 ـ الإقناع العقلي والحجة العلمية
المدرس إذا كان محبوباً عند الطلاب ، ولكنه إذا جاء يشرح الدرس وهو لا يحسن ذلك ، وليس متخصص في فنه أو علمه أو لم يحضّر درسه ومع ذلك تسلم له العقول ، فالداعية إذا لم يكن عنده حجة وإقناع تسلم له العقول ، وترى قوة الدليل ونصاعة البرهان ، فكذلك قد تنصرف عن هذا من غير أن تستجيب له ؛ لأنه أحياناً قد لا تكون المحبة موجودة بالقدر الكافي ، قد لا تحب هذا الإنسان لكن لا تكرهه ، ما الذي يعينك على موافقته عندما يأتيك بحجة ودليل مقنع ؟ ما دمت لا تبغضه ليس هناك نفرة ،لم يسئ إليك ، فإذاً مجرد هذه الحجة سوف تعين على القبول ، ونحن نعرف أن الإنسان فيه هوى وعقل ، إذا تحكم الهوى قاده إلى الهلاك . إذا كان العقل هو الذي يتحكم في الهوى كانت العاقبة إلى الخير في غالب الأحوال ؛ وذلك لأن سلطان الهوى خفي ، ومكره ومدخل مكره خفي ، فهو كما قال ابن القيم : " إذا خرج عقلك من سلطان هواك عادت الدولة إليه " ؛ لأن الهوى إذا تحكّم في العقل يقول : " هذا حرام ، والحرام سوف يوجب العقاب في الآخر والمضرة في الدنيا " لكن الهوى والمحبة للشهوات تغلب الحجة ، فإذا جاءت الحجة ووقعت المحبة كان التأثير أكبر .

3 ـ القدوة المتحركة
القدوة الحية ؛ قد يتحبب الداعية إلى الناس ثم يحسن القول ويبسط الدليل لكنه إن لم يوافق فعله قوله لم يكن لذلك أثر ، ربما - أحياناً - قد لا توجد المحبة الكافية ، ولكن قد لا يوجد الكلام الذي يبين ويشرح ، لكن هناك قدوة ، وهناك أسوة .. هناك أخلاق متحركة .. هناك معاملة حسنة ظاهرة ، مجرد وجود الفعل الحسن والقدوة الطيبة له أثره في حياة الناس ، ولذلك كثيراً ما يتأثر الناس - خاصة عوام الناس وأكثريتهم - ، أحياناً الأدلة والبراهين والإقناع فيها تفصيلات ، وفيها علوم قد لا تستوعبها عقول الناس كلهم ، لكن أكثر الناس يتأثرون بالسلوك والعمل ؛ لأنه يراه بعينيه ، عندما نقول للناس : الصلاة خير .. عندما نقول للناس اجتنبوا المحرمات فسوف يعطيكم الله ويغنيكم ، كثيراً لا يقع ذلك موقعه حتى يروا من أهل الدعوة والعلم والإيمان من يفعل ذلك فيصبح كأنه النموذج المتحرك أمامه فيقتدون به وينتفعون إذا هذه عناصر التأثير .

مقومات نجاح الداعية
في تكوينه الشخصي وفي ممارساته الدعوية وفي مفاهيمه من بعد ذلك .

أولاً : التميّز الإيماني والتفوق الروحاني
إذا لم يكن العالم والداعية ذا إيمان عظيم بالله شديد الخشية له، صادق التوكل عليه ، عظيم الإنابة إليه ، لسانه رطب بذكر الله - عز وجل - ، عقله مفكر في ملكوت الله - سبحانه وتعالى - .. مسارع إلى الطاعات .. مسابق إلى الخيرات دائم الإحسان حريص عل البر، إذا لم يكن كذلك فإنه يفقد أهم وأعظم أسباب التوفيق ، فالله - عز وجل - إنما يوفق من كان قريباً منه ، ومن كان مؤمنا به ، ومن كان عظيم الصلة به كما نرى ، وهذه أيضاً مسألة مهمة .

معالم التميز
1 ـ الإيمان والاعتقاد الصحيح والتعلق الصادق بالله عز وجل
وهو أعظم أسباب نجاح الدعوة ؛ لأن الدعوة والاستجابة ليست بالحجج ولا بالبراهين ولا بالفصاحة ، وإنما هبة من الله - سبحانه وتعالى - : { إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء } هذه الهداية يقذفها الله في قلب من يشاء إذا علم من هذا الداعية إيماناً صادقاً ، وإخلاصاً كاملاً ، والله خاطب نبيه عيسى : { وإذ أوحيت إلى الحواريين أن آمنوا بي وبرسولي } . إذاً هو الذي أوحى إليهم وقذف في قلوبهم الاستجابة للدعوة وقبولها ، فهي هبة من الله - جل وعلا - .

الإيمان والتميز الإيماني أمره عظيم ، أوله عظمة الإيمان بالله ، ونعني بها أن يكون القلب ممتلئ بخشية الله تعظيماً وإجلالاً ومعرفة أسماءه وصفاته ، وإقرار بألوهيته والخضوع لربوبيته - سبحانه وتعالى - ، إذا وقع ذلك جاءت الآثار التحرر من عبودية غير الله - جل وعلا -، فلا يخاف من أحد مهما كان ، ولا يذل لأحد مهما كان إلا لله - عز وجل - ، فيتحرر من خوفه على الحياة ، ويتحرر من خوفه على الرزق . يصبح بإيمانه متحرر ليس لأحد عليه سلطان ، فإذا واجه الصعاب في دعوته ، وإذا تعرض للأذى كان له من هذا الإيمان حرية وقوة ، يستطيع أن يواجه هذا الباطل ، وأن يجابه ذلك البغي ، وأن يستعلي بإيمانه ، وأن يتميز ويثبت بيقينه ، وأن يشمخ بصبره وجلده ، وأن يضرب المثل بتضحيته وفدائه ، ولا يكون ذلك إلا بالإيمان ، و لا يصبر إلا مؤمن ، ولا يضحّي إلا مؤمن ، ولا يثبت إلا مؤمن ؛ لأن الإيمان هو الزاد الأعظم ، والمنبع الثر الذي ينهل منه الدعاة في طريقهم إلى دعوة الله - سبحانه وتعالى - .

2 ـ خشية الله سبحانه وتعالى
والخشية من أعظم الخلال المؤثرة في سلوك المرء ، فالله قد بيّن ذلك فقال في صفات أهل الإيمان : { الذين يخشون ربهم بالغيب وهم من الساعة مشفقون } و بيّن الله - سبحانه وتعالى - صفات الدعاة على وجه الخصوص كما في - قوله تعالى - : { الذين يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحداً إلا الله } . وكان من كلام أسلافنا ما يدل على ذلك كما قال إبراهيم بن سفيان : " إذا سكن الخوف قلب المؤمن أحرق مواطن الشهوات " .. تثار في القلب ما الذي يحرقها ويطفئها ؟ خشية الله وكما قال أيضاً الفضيل - رحمه الله - : " من خاف الله لم يضره أحد ، ومن لم يخف الله لن ينفعه أحد " . فخوف الله إذا سكن القلب فهو من أعظم آثار الإيمان ومن أكثر دلائله .

3 ـ الإخلاص لله عز وجل وابتغاء وجهه
فإن هذا هو الذي يحقق المقاصد بإذن الله - جلا وعلا - ، وتجنى به الثمار بعون الله ، أما من لم يخلص وقصد مراءاة الناس ، أو قصد الاستكثار بالأتباع ، وهذا كثير ما يحصل لأهل الخير ، يحب أن يرى جمهور من الناس .. يفرح إذا رأى الناس أقبلوا ، وإذا لم يقبلوا ولم يجد إلا واحداً أو اثنين أمتعض من ذلك ، وانقبض وجفل من ذلك ، كأنه لا يتحدث ولا يذكر إلا لشهوة في نفسه .
أثر عن عمر بن عبد العزيز أنه قام يخطب في الناس مرة ، وفجأة في وسط الخطبة قطعها وترك الحديث ، فلما سئل من بعد ذلك قال : " تحدثت فرأيت إصغاء الناس فأعجبتني نفسي فخشيت عليها فقطعت حديثي " . وأثر عن ابن مسعود كان يسير مرة ، فسار معه بعض الناس فوقف والتفت إليهم ، فقال : ألكم حاجة ؟ قالوا : لا وإنما نحب أن نمشي معك .. جمهور شعبية - كما يقولون - فقال - رضي الله عنه - معلماً أهل العلم والإيمان كيف ينبغي أن يحرصوا أن لا يداخل نواياهم شيء من الغرور أو الفتنة أو الإعجاب بكثرة محبة الناس وإقبالهم ، وإن كان هذا من الخير ومن عاجل بشرى المؤمن .. قال :" لا تفعلوا فإنه ذلة للتابع وفتنة للمتبوع " لماذا تمشي وراء الإنسان كأنك أنت تابع له ، وفتنة للمتبوع عندما يرى الناس حوله ، وهذا يقول : ما شاء الله ، وهذا يقول : ما سمعنا حديثاً مثل هذا ، وهذا يقول : من أين هذا العلم الغزير وكذا الإخلاص والتجرد لله - عز وجل - مهم جداً ، وهو أساسٌ عظيم من أسس النجاح المتعلقة بهذه الناحية الإيمانية .

4 ـ حسن الصلة بالله
ونعني بها الجانب العملي التزام الفرائض ، والحرص والاستكثار من النوافل ، ودوام الاستغفار ، والحرص على المواظبة على الأذكار ، وإدمان تلاوة كتاب الله ، والتبتل بالدعاء والتضرع إليه ، وكثرة الإنفاق في سبيل الله -جل وعلا - ، كل أعمال الخير هي من آثار الإيمان ومن دلائله ، فينبغي الحرص عليها والعمل بها .

ثانياً : التميز العلمي والشرعي
أن يكون عنده علم وثقافة ؛ لأنه يدعو الناس إلى شيء ، إذا لم يكن عالماً بهذا الشيء يدعوهم إلى الإسلام ، إذا لم يكن عالما بالإسلام وبالخير فكيف يدعوهم، فالعلم مهم وفضل العلم في هذه المسائل أمره معروف ، والله - عز وجل - قد قدّم العلم على العمل :{ فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك } وبيّن درجة أهل العلم ومرتبتهم ، فقال -جل وعلا - : { يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات } ، وبيّن مهمة العلم وأهله فقال : { فلولا نفر من كل فرقة طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم } هذه معاني كثيرة ، لكن ما هو العلم المطلوب ؟ هل لا بد أن تكون -كما يقولون - من هيئة كبار العلماء ، أو أن تكون مفتي البلد حتى تدعو إلى الله عز وجل ؟! لو افترضنا أن لا يدعو إلا من حاز العلم كله هل يصح هذا ؟ ثم أسألكم هل العلم محدد بقدر معين ؟ يعني من قرأ هذه الكتب فهو عالم .. من قرأ نصفها فهو نصف عالم .. من قرأ ربعها فهو ربع عالم ! .
العلم لا يتجزأ لكن المسألة ما هي ؟ أن لا تدعو إلى شيء حتى تعلمه ، وإذا علمت شيء فادعوا إليه ؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ( بلغوا عني ولو آية ) ألا نعلم آياتٍ من كتاب الله - جل وعلا - ، بعض الأخوة أحياناً تقول لبعضهم : لما لا تذهبون في العطل والإجازات إلى الدعوة إلى الله - عز وجل - ؟ يقول : أنا ليس عندي شيء أقوله .. اذهب إلى بعض الأماكن أو البقاع أو بعض القرى ، فستجد أقواماً لا يحسنون قراءة الفاتحة أفلا تستطيع أن تقرئهم الفاتحة ؟ ألا تحسن الفاتحة ؟ قال : نعم وأحسن غيرها ، قلت : إذا عندك خير كثير . فلا نستقل ما عندنا المهم ألا ندعو إلا بما نعلم .
والنبي -صلى الله عليه وسلم - لفت نظرنا إلى ذلك دائماً ، عندما كان يقول في كثير من خطبه ودعوته وتنبيهاته : ( ألا فليبلغ الشاهد الغائب ) ما معنى ذلك ؟ ما سمعته انقله إلى غيرك ، نحن كم نسمع من آيات القرآن ، وكم نتلو ؟كم نسمع في إذاعة القرآن ؟ وكم نسمع من الخطب والمواعظ ؟كم نسمع من الدروس ؟كم نقرأ في الكتب ؟كم بين أيدينا من الخير الكثير الذي نعلمه ؟ وألسنتنا معقودة لا تنطق بكلمه ، ولا نكاد نبلغ عن دين الله ، ولا عن كتاب الله ، ولا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيء يذكر .
العلم يتجزأ فإذا علمت مسألة ، أو علمت خصيصة ، أو علمت باباً من أبواب العلم فادعو إليه وذكّر به ، ولو أن كل واحد الآن يحصي ما يعرفه من الآيات ، وما يعرفه من الأحاديث ، ومن مواقف السيرة ، ثم يحاسب نفسه هل بلّغ ذلك ، ولو أن كل واحد حاسب نفسه وسعى إلى أن يبلغ ما يعرف لأنتشر من الخير الكثير .
الله - عز وجل - وحده هو العالم به ، لكننا لا نتكلم ، ننتظر العلماء .. ننتظر الدعاة لسنا فصحاء يا أخي ، من قال لك لا بد أن تدعو وتأتي بالأشعار والقصائد، قل كلاماً إن أخلصت فيه لله ربما ينفع أضعاف ما ينفع ، الكلام الذي قد يكون مهيئاً منمقاً ؛ لأن المسائل إنما هي بمضامينها ، ونحن ندعو إلى القرآن والسنة ؛ فإن سر القوة والأثر هو في نفس آية القرآن ، وفي نفس حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - ، نحن لا نتكلم من عند أنفسنا ، نحن لا نقول كلاماً نزيّنه لأنفسنا ، نحن نقول : {إياك نعبد وإياك نستعين * اهدنا الصراط المستقيم } كلام الله معجز ، وفيه حق ، وفيه الأدلة ، وفيه النور ، وفيه الهدى ، وفيه الخير فبلغوا وانشروا ، سيكون لذلك أثره العلمي المطلوب .
ما من شك أنه يتجزأ كثيراً ، ومن أهميته أن يكون هناك الجانب الشرعي المتعلق بالعلوم الشرعية .
وهناك قسمان : قسم العلم الذي يعتبر فريضة عينية الذي يتعلق بعلم الفرائض العينية ؛ كل فرض عين ينبغي أن تعلمه ، أمر الاعتقاد ومعرفة الأصول الثلاثة في مجملها أمر أساسي به يصح إيمانك وإسلامك ، لا بد أن تعلمه بالقدر المجمل الذي يصح به إيمانك واعتقادك ، الفرائض الشرعية الصلاة فريضة يومية واجبة على كل أحد ، ينبغي أن تعرفها وتعرف أحكامها وأركانها في الجملة التي تصح به صلاتك ، وإذا صرت صاحب مال وجب عليك معرفة أحكام الزكاة ، وإذا عزمت على الحج تعلمت أحكامه والباب في هذا معروف، ثم بعد ذلك في الجانب الشرعي أبواب واسعة.
لا بد أن يتزود الداعية بقدر ما يستطيع من العلم ، وأن يتوسع فيه بقدر ما يستطيع ، وأن يحرص على تعلم العلم الإسلامي علم العقيدة الإسلامية ، والإيمان بالله - عز وجل - يتلقى فيه كتاب مختصراً جامعاً ، وربما أيضاً كتاب متوسع نافع ، وكذلك في علم التفسير يقرأ تفسيراً كاملاً مختصراً ، أو ما يستطيع من توسع في التفسير في بعض السور والآيات التي يكثر حفظ الناس لها ، وتلاوتهم لها ونحو ذلك ، وكذلك في علم الحديث يحفظ ويتعلم من أحاديث رسول الله – صلى الله عليه وسلم -ولو الشيء اليسير .. الأربعون النووية ، ثم رياض الصالحين ، ثم مشكاة المصابيح ، ثم إذا استطاع في مختصر البخاري ومختصر مسلم ، وصحيح البخاري وفي صحيح مسلم وفي غيرها من السنن ، والأبواب في هذا - كما قلنا - واسعة .

والفقه أن يدرس مختصر على مذهب معين ثم يتوسع فيه ، ثم يتعلم ما قد يستطيع أن يتعرف فيه على أدلة المذاهب والمقارنة بينها ، حتى تصبح لديه ملكة الترجيح والمعرفة بالكتاب والسنة ، ومن العلوم المهمة علم السيرة والتاريخ الإسلامي ؛ لأن السيرة تطبيق القرآن والسنة هي النموذج المتكامل الذي وجد في واقع الحياة ، فيه كل النواحي المختلفة في جانب الأمة ، فيه جانب القضاء ، والجانب العسكري ، وجانب الدولة كل هذه النواحي طبقها في سيرته وحياته رسول الهدى - صلى الله عليه وسلم - فيحتاج من ذلك إلى جوانب كثيرة بقدر الاستطاعة .

وصايا في طلب العلم
1ـ التدرج
فينبغي أن يبدأ الأهم فالأهم ، وأن يبدأ بالمختصر ثم المتوسط ثم المتوسع ، ولا يخلط في الأمور كما يصنع بعض الشباب عند التحمس ، يبدأ بالكتب الكبيرة التي فيها مسائل عظيمة وفيها مقارنات كثيرة فلا يكاد يفقه منها شيئاً ، وربما يصيبه شيء من الملل ، ويشعر بأنه عديم الفهم أو بليد الذهن ، أو نحو ذلك وهذه مسألة مهمة .

2ـ الملازمة والصبر
فلا ينتقل من علم إلى علم أو كتاب إلى كتاب حتى يتمه ويكمله ؛ حتى لا يختلط عليه ، ويتشوش ذهنه ، أو تشتبك الأسلاك ، كما نقول يبدأ بشيء من الفقه ، يدخل في الحديث وقبل أن يأخذ شيء من الحديث يدخل في أصول الفقه ولا يكاد يتقن شيء .

3 ـ ملازمة الشيوخ والتلقي عن أهل العلم
لا يكفي أن يمسك الكتاب ويقرأ ؛ لأن ذلك -كما قيل - : من كان شيخه كتابه كان خطأه أكثر من صوابه ؛ لأن هذه مسائل قد حررها العلماء وتلقوها كـابراً عن كابر ، ولعلمائنا وأسلافنا من العلم الغزير ما سجلوه وما نقله عنهم الأجيال إثر الأجيال .

فالعلم في هذا الجانب ، ومن الجوانب الثقافة الإسلامية سواء كانت العامة أو المعاصرة ، ونعني بالثقافة الإسلامية عموم القضايا التي تتعلق بالإسلام ، ليست علوماً بعينها ليست عقيدة ولا أصول فقه ، ولا أصول حديث ، وإنما خصائص محاسن الإسلام ويسر الإسلام وسهولته وسماحته ، كثير من القضايا التي تبرز محاسن هذا الدين تدخل في هذه القضية ، ومن الثقافة المعاصرة نعني بها ما يشاع أو يشيع في المجتمعات الإسلامية من مذاهب أو أفكار ينبغي أن يعرفها ؛حتى يعرف كيف يبطلها ، وحتى يعرف كيف يحذّر الناس منها .

الداعية والعالم لا بد أن يكون بصيراً بواقعه ، عالماً بأحوال أمته ، عارفاً بما يؤثر في الناس من الأفكار أو المبادئ أو نحو ذلك ؛ حتى يستطيع أن يدحض ذلك وأن يردّه ، إذن فمع إيمانه يحتاج إلى العلم ، ومع العلم يحتاج إلى الفطنة والذكاء ورجاحة العقل وقوة الحجة ، لا بد أن يكون الداعية ذا فطنة وحكمة وقدرة على الإقناع ؛ لأن العلم قد يكون محفوظاً ، قد أحفظ مسائل فآتي فأسردها ! لن يستطيع أحد أن يفقهها ، ربما يثار عند أحد فلا يستطيع أن يرد عليها ، لكن إذا كان الداعية فطناً ذكياً لماحاً ؛ فإنه في غالب الأحوال يستطيع الإجابة على الأسئلة ، ويفند الشبهات ، ويوضح الإشكاليات ونحو ذلك، ولتوضيح هذا نذكر بعض الأساليب المستنبطة من الكتب والسنة .

من أساليب التأثير المقنعة
1ـ أسلوب المقارنة
كأنها نوع من القياس ، إذا قلت له لا تفعل كذا فإن عاقبتها إلى خسر ، وانظر إلى من فعل هذا كيف انتهى به الحال ، أليس هذا أمرٌ واضحٌ بيّن ! الجواب : نعم ، والقرآن قد مثّل بهذا وضرب له كثيراً من الأمثلة : { أو من كان ميتاً فأحييناه وجعلنا له نوراً يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها } ، الإيمان نور وحياة ، والكفر ظلمة وموت ، قارن هذا بهذا لكي تختار الخير فتمضي فيه ، وتعرف الشر فتعزف عنه وتنأى بنفسك منه ، وكما قال الله - عز وجل - : { أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله خير أمن أسس بنيانه على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم } ، إذاً هذه مقارنات ،
النبي - صلى الله عليه وسلم - ضرب الأمثلة والمقارنة أيضاً : ( مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربه كمثل الحي والميت ) إذا رغّبت الناس في ذكر الله قل لهم : إذا ذكرتم الله فسوف تكونون كالأحياء .. هذه الأمثلة في بيان وتقريب الأمور بالأقنعة العقلية التي تستخدم أسلوب المقارنة .

2 ـ أسلوب التقرير
أسلوب آخر من الأساليب التي تفحم وتقنع ، وتقيم الحجة ، ولا تجعل للإنسان مجال لكي يرفض ، إلا إذا كان مكابراً ومعانداً .. قصة إبراهيم مع النمرود : { ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه أن آتاه الله الملك إذ قال إبراهيم ربي الذي يحي ويميت قال أنا أحيي وأميت } هل رد عليه إبراهيم ؟ قال أنت لا تحيي وتميت ! أقر كأنه سلّم له ، يعني لم ينتبه له وبعد ذلك رد عليه . وهذا سنوضحه في الأسلوب الذي يليه ، هنا في التقرير عندما نسأل الناس سؤال ولا يكون له إلا إجابات محددة . فماذا ينتهي بهم الأمر إلى أن يقروا بهذا مثاله : { أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون } ، ما معنى هذا السؤال ؟ أنتم موجودون الآن أم أنتم أحياء ؟ أم السؤال : من أين جئتم ؟ إما أنكم خلقتم أنفسكم ، وإما أن أحد خلقكم { أم خلقوا من غير شيء } خلقوا من العدم أم هم الخالقون ؟ هل خلقوا من العدم ؟ الجواب : لا ، هل يدعّي أحد أنه خلق نفسه ؟ الجواب : لا، إذاً لم يبقى إلا أنهم خُلقوا ، وأن الخالق هو الله - سبحانه وتعالى - ، وكما قلنا في هذا أيضا يأتي الأسلوب .. أسلوب إبراهيم - عليه السلام - في القصة التي سردت في سورة الأنعام ، لما رأى كوكباً أراد أن يقرهم على البطلان : { فلما جن عليه الليل رأى كوكباً قال هذا ربي فلما أفل قال لا أحب الآفلين * فلما رأى القمر بازغاً قال هذا ربي فلما أفل قال لئن لم يهدن ربي لأكونن من القوم الضالين * فلما رأى الشمس بازغة قال هذا ربي هذا أكبر فلما افلت قال يا قوم إني بريء مما تشركون } ، كل مرة يقول ذلك ، ليس هذا إقرار منه ، بذلك يريد أن يلفت نظرهم ، فيقروا بأن هذا هو الباطل فيبقى الحق بعد ذلك .

3 ـ أسلوب الإمرار والإبطال
هو الذي أشرت إليه في قصة إبراهيم في سورة البقرة لما قال له : أنا أحيي وأميت ما اعترض عليه و سكت عنه، ثم قال : { فإن الله يأت بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب } ماذا كانت النتيجة ؟ فبهت الذي كفر ، لو مضى إبراهيم وقال : لا ! أنت لا تحيي وتميت ، أصبح جدل ولم يحصل شيء من إقامة الحجة ، ولكن ذلك كان على خلاف ذلك ، النبي -صلى الله عليه وسلم - استخدم الأساليب كلها .
الأسلوب الأول ذكر فيه : ( مثل الجليس الصالح .. ) ، (مثل الذي يذكر ربه .. ) ، الأسلوب الثاني كان فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - لما جاءه الرجل ، شك في ولده أنه ليس منه لماذا ؟ لأن لونه مختلف ، ليس كلونه ولا كلون زوجته ، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( أعندك إبل بهم ؟ قال : نعم ، قال : ما ألوانها ؟ قال : حمر يا رسول الله ، قال : هل فيها من أورق - يعني لونه فاتح – قال : نعم ،قال : فمن أين جاء ؟ تلك نوقك ، وتلك جمالك ، قال : يا رسول الله لعله نزعة عرق - يعني لعله من أجداده -، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كلمة واحدة : فلعله ). وهذا من إعجاز النبي - صلى الله عليه وسلم - .. يقولون في علم الوراثة أنه قد تتنحى بعض الصفات الوراثية ، فلا تظهر في جيل الأول ، ولا الجيل الثاني ، ثم تظهر بعد ذلك في جيل بعده ، ويكون صحيحاً ومن صلب أبيه ، ومن رحم أمه ، ليس فيه شك ، لكن نزعه عرق ، وجاءت صفة من صفاته لم تكن ظهرت ، كانوا يسمونها في علم الأحياء الصفات المتنحية ، وكذلك لما جاء الشاب الذي قال له : يا رسول الله ائذن لي بالزنا، ماذا قال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : حرام وزجره ! بل قال له : أترضاه لأمك !،قال : لا ، قال : والناس لا يرضونه لأمهاتهم ، أترضاه .. أترضاه .. حتى قرره بأن هذا لا يقبل ، ولا ينفع ، ولا يمكن أن تفعله ؛ لأنك لا ترضاه لنفسك ، ثم دعا له النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وفي أسلوبه الإقرار أيضاً قصصٌ كثيرةٌ ، ووقائع عديدة ، تبين رجاحة العقل وأهميته في الدعوة .

ثالثاً : رحابة الصدر وسماحة النفس
لا بد أن يكون الداعية سمحاً كريماً حليماً عطوفاً على الناس ، فهم يحتاجون إلى كنف رحيم ، وإلى رعاية فائقة ، وإلى بشاشة سمحة ، وإلى ود يسعهم ولا يضيق بحلمهم ، ولا نقصهم ولا جهلهم ، الناس يحتاجون إلى قلب كبير يعطيهم ولا ينتظر منهم العطاء ، الناس أصناف فيهم الغاضبون ، وفيهم المخطئون ،فيهم الذين ليست عندهم آداب وتهذيب ،فيهم جلافة وفظاظة ..هؤلاء كلهم يحتاجون إليه ، أما إذا كان الداعية سريع الغضب ، شديد العنف ؛ فإنه في غالب الأحوال لا يؤتي الثمرة والرحمة والشفقة أول ذلك { فبما رحمة من الله لنت لهم ، ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك } ، والله - عز وجل - خاطب النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : { فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا } يعني مهلك نفسك ، وأنت تتبع آثار القوم تريد لهم الخير ، وتدعوهم إلى الإيمان وهم معرضون ، من الذي يحزن ؟ النبي - صلى الله عليه وسلم - هو الذي يدعوهم إلى الخير وهو حزين أنهم لم يستجيبوا ! مع أنهم المفروض أن يحزنوا على أنفسهم ، لكن هي نفس المؤمن الداعية المريد الخير للناس ، الذي يحب لهم ما يحب لنفسه ، وهذه مسألة مهمة ، والنبي - صلى الله عليه وسلم - أمثلته في هذا عظيمة جداً .

ولعل من أشهر الأمثلة لما جاءه ملك الجبال وقال له : " لو شئت لأطبقت عليهم الأخشبين لفعلت " قال : ( لا ولكن أرجو الله أن يخرج من أصلابهم من يؤمن بالله ورسوله )، وفي يوم أحد ودمه يسيل على وجهه ، ويقول : ( اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون )، ونحن نتعرض أحياناً لبعض الأذى من الناس ، فمباشرة ندعو عليهم ، ونغلظ عليهم ، ثم نقول الناس لا يقبلون الدعوة !كيف يقبلونها ونحن نضيق بهم ونتبرم منهم ونغلظ في القول لهم؟! هذا لا يمكن أن يكون .
وسيرة النبي - صلى الله عليه وسلم - فيها كثير وكثير من هذه الأمثلة العظيمة ، بل مثله الذي ضربه لنفسه يجلي هذه الحقيقة ، عندما قال - صلى الله عليه وسلم - : ( إنما مثلي ومثلكم كمثل رجل استوقد ناراً ،فلما أضاءت ما حوله جعل الفراش والدواب تتقحم فيها فأنا آخذ بحجزكم وأنتم تواقعون فيها ) . كأن النبي - صلى الله عليه وسلم - يشدّهم ويجرّهم ويزيحهم عنها ، وكذلك الحلم والأناة، وهما الخلتان اللتان وصفهما النبي - صلى الله عليه وسلم - أنهما من الخصال التي يحبها الله ورسوله ، عندما قال لأشج عبد قيس : ( إن فيك خصلتين يحبهما الله ورسوله : الحلم والأناة ) ، والحلم سعة الصدر ، وبعد الغضب ، وقلة الانفعال الجامح ، والأناة والتروي والتأني وعدم العجلة ، وانتظار النتائج وإعطاء الوقت حقه وحظه ؛ فإن من الناس من يكون سريعاً حتى في حديثه .. في طلبه للنتائج يريد أن يتحدث اليوم بالموضوع ، ويريد أن يصطلح حال الناس في اليوم الذي يليه .

سبحان الله كيف تستقيم النفوس وتصلح القلوب ؟! لو كان الأمر كذلك لكان أولى الناس بأن تذعن له الناس وتستجيب له ، هو رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لكنه ذكّر ، وبشّر ، وأنذر ، ودعا بقوله وبحاله وبلسانه وبفعله ، ومع ذلك كم من الناس كانوا معرضين وكانوا معاندين ؟ ليست المسألة سهلة ، ولذلك لما قال أصحاب بيعة العقبة الثانية في مكة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لو شئت أن نميل على أهل هذا الوادي لفعلنا " قال لهم : ( لا إنا لم نؤمر بذلك اصبروا ) ولما جاء -كما نعلم - واشتكى خبات بن الأرت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما يلقونه من الأذى ، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( إنه كان فيمن قبلكم من يمشطون بأمشاط من حديد فيما بين لحمه وعظمه فلا يصده ذلك عن دينه، ومنهم ينشر حتى ينفلق إلى شقين لا يصده ذلك عن دينه ... ولكنكم قوم تستعجلون ) الأناة وسعة الصدر ، وعدم تسرع النتائج ، من أهم الأمور .
ونعرف من حلم النبي - صلى الله عليه وسلم – وأناته من قصة ذلك الأعرابي الذي جاء يبول ، فابتدره الصحابة ، فقال : لا تزرموه ، ثم أمر بأن يهريقوا على بوله بسجل من ماء ، ثم جاء النبي -صلى الله عليه وسلم - بحلمه وعلمه وبكماله ، فنبهه وعلّمه وكان لذلك أثره العظيم .

ومن المهم خلة العفو والصفح ، إذا أخطأ الناس وهم يخطئون ، وإذا أساءوا وهم يسيئون ، هل نحاسب على كل أمر ؟ وهل نقف بالمرصاد لكل خطأ وكل كلمة كما يصنع بعض الناس ؟ إذن لا تستقيم الحياة كلها، فضلاً عن أن يكون استجابة للدعوة .. هذا خطاب الله لرسوله - عليه الصلاة والسلام - : { خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين } وقوله : { فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر } بل إن أبا بكر -كما نعلم - لما كانت حادثة الإفك ، وتكلم ابن خالته مسطح بن أثاثه فيمن تكلموا على عائشة - رضي الله عنها - ، فأوقف نفقته ، وكان أبو بكر ينفق عليه وغضب منه ، فنزلت الآيات : { ولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربى ...}وحتى جاء في نداء القرآن لأبي بكر وللأمة كلها : {ألا تحبون أن يغفر الله لكم } فقال أبو بكر : "بلى أحب أن يغفر الله لي " ، فعفا عنه - رضي الله عنه وأرضاه - ، وكيف كان عفوه - صلى الله عليه وسلم - عندما فتح مكة ؟ وكيف كان عفوه وصفحه عن كثير ممن أخطأوا في مقامه وقدره الشريف عليه الصلاة والسلام ؟ ، وكيف كان الصحابة - رضوان الله عليهم - يعفون ويصفحون إذا كان الأمر يتعلق بأشخاصهم ؟ أما إذا كان الأمر متعلق بالدين وبالحدود فإنهم كانوا يغضبون لدين الله - سبحانه وتعالى - .
إذاً هذه جملة من الصفات والمقومات في تكوين الداعية ؛ تميزٌ في إيمانه .. غزارة في علمه .. رجاحة في عقله ، وسماحة في نفسه وخلقه .

مقومات في ممارسة الدعوة

عندما يدعو الداعية يراعي أمور ، ويحتاج إلى أمور ، أهمها : المراعاة والتدرج ونحن نذكر الأمور على سبيل الاختصار :
المقوم الأول : المراعاة
مناحي المراعات
أ ـ الطبائع
هل الناس كلهم مثل بعضهم ؟فإذا أراد من الناس أن يستجيبوا ، أو أن يتفاعلوا بتفاعل واحد فهو مخطئ ؛ لأن من الناس من هو -كما قلنا - سريع الغضب ، ومنهم الحليم ، ومنهم سريع التأثر ، ومنهم سريع الفهم ، ومنهم عكس ذلك ، فينبغي أن يراعي طبائع الناس .

ب ـ الأفهام
قال ابن مسعود رضي الله عنه : " ما أنت بمحدث قوم حديثاً لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة " ، وعند البخاري من كلام علي رضي الله عنه : " حدثوا الناس بما يعرفون أتحبون أن يكذب الله ورسوله " عندما تأتي إلى قوم تعلم أنهم بسطاء ، وأنهم ممن لا يقرؤون ولا يكتبون ، ولم تتح لهم فرصة للعلم ، فتأتيهم بمسائل صعبة ، حتى وإن رددت عليهم ،ماذا يصنع الناس ؟ ماذا يقع لهم ؟ تتشوش أذهانهم .. تضطرب عقولهم ، وربما تقسوا قلوبهم ، وربما يتحيرون ويقولون : هذه كلها خلافات وكذا أمور عجيبة . أذكر موقفاً فيه طرافة : في الجامعة جاءنا مرة رجل كبير في السن ، ويحب أن يتعلم ، وقال أنا كلما بحثت في مسألة ، أو سألت قالوا :على المذهب كذا يجوز ، وعلى مذهب كذا وكذا .. أربعة مذاهب ، قال : أنا أريد أن أدرس حتى أعرف طريقاً واحداً ، وهو يظن أن المسألة أنها كما اتفقت كما يقال !
إذن مهمٌ جداً مراعاة الأفهام . قد ذكر الشاطبي أن عدم مراعاة أفهام الناس ، وتحديثهم بما لا يعرفون بدعة من البدع ، وذلك أنه من جهتين : من جهة أن هذا مخالف للسنة ؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان لا يحدث الناس إلا بما يعرفون كل إنسان يحدثه بما يناسبه ، ومن جهة : أنه يقع بمثل هذه الأحاديث فتن عظيمة .

ج ـ مراعاة النيات
والمقاصد علمها عند الله نعم لكن لا نجترأ على الناس فنحكم عليهم لأنا لا نعلم نواياهم ، ينبغي أولاً أن نستفصل منهم ، وأن نذكّرهم وأن نعلّمهم حتى نعرف حالهم ؛ لأن من الناس من يرتكب المنكر وهو لا يعرف أنه محرم ، فمن الناس من يكون جاهلاً ، ومنهم من يكون متأول ، ومنهم من قد يكون مكرهاً فلا تبادر حتى تعرف مقصده من فعله ، أو ظروفه أو نيته .

د ـ الأوقات
أيضاً قالوا لابن مسعود : وددنا يا أبا عبد الرحمن لو أنك حدثتنا كل يوم ، فقال : " كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتخولنا بالموعظة خشية السآمة علينا " ، بعض الناس في كل وقت في الصباح في الظهر وكذا وخاصة لعموم الناس ، لو كان عندك طلبة العلم وهم حريصين وعندهم منهج لا بأس ، ولكن أن تبتلي الناس بك وبحديثك ، فلا يفترون عن سماع لموضوع منك حتى تلحقه بغيره ، كلا !هذا لا ينبغي أن يكون ، وإنه ينفر الناس ، وكان ابن مسعود يقول : " حدث الناس ما حدجوك بأبصارهم – أي ما داموا ينظرون إليك وما زالوا منتبهين لك - فإذا انصرفت أبصارهم عنك فأمسك " إذا بدأ الناس هكذا وهكذا ، وينظر في الساعة ، يعني ذلك افهم أنه قد بلغ الأمر حد يحتاج أن لا يطال فيه ، وأن لا يكثر منه ، وكثرة الكلام ينسي بعضه بعضاً ، فكلما كان هناك مراعاة للأوقات المناسبة للناس المناسبة لنشاطهم ولحيويتهم ، وأيضاً ما يطال عليهم بما قد يملهم ، وهذا أمر مهم .

هـ ـ المصالح والمفاسد
فهي من أعظم الأمور ؛ فإن بعض الناس يصرّ على أن يذكر بأمر ويكون تذكيره به أو أمره بهذا المعروف يؤدي إلى مفاسد كبيرة وطوام عظيمة ، وهو مع ذلك يقول : لا بد .. ربما يذهب ويقاتل الناس ويخاصمهم ؛ لأنهم لا يستخدمون السواك ! نعم السواك سنة ، وفيه فضائل ، وفيه أيضاً فوائد صحية ، لكن إذا كان هذا السواك سيجعلك تختصم مع الناس ، وسوف يجعل الناس فيما بينهم شحناء ، وتقطع أواصرك ، أيهما أهم السواك أم صلتك مع إخوانك في الله وإحسانك إليهم ، وصلة رحمك وأقاربك ؟ فينبغي الانتباه لهذا . وكلام العلماء في هذا فيه نفائس وفوائد كثيرة ، ودرء المفاسد مقدم على جلب المصالح ، وإذا كانت هناك مصلحة تترتب عليها مفسدة أكبر ،فترك المصلحة هو المصلحة .
أحياناً قد تترك الأمر بالمعروف وقد تترك الأمر من أوامر الشرع ؛ لأن الأمر به قد يتولد عنه مضرة أو ارتكاب منكر أكبر ، وقد تكلّم العلماء في ذلك كثيراً ، وأفاضوا فيه ، بل عقدوا له كتباً مستقلة . وقد تكلم الشاطبي في الموافقات في هذا كلام نفيس ، وألّف العز بن عبد السلام - سلطان العلماء الإمام المشهور - كتابه في المصالح ، ومراعاة المصالح والمفاسد ، والموازنة بينها ، وهو كتاب عظيم حافل ، وهذه مسألة مهمة وهي مراعاة الأحوال الخاصة .
وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعرف ذلك ويتقنه ، ألم تسمعوا عدداً من الأحاديث كان السائل يطلب الوصية من النبي - صلى الله عليه وسلم - ؟فيأتي أحدهم فيقول : يا رسول الله أوصني ، فيكون الجواب : ( لا يزال لسانك رطبا بذكر الله ) .. يأتي أحدهم فيقول : أوصني ،فيقول : ( لا تغضب )، بعض الناس يسأل عن فضائل الأعمال ، فيدله على شيء ، ويأتي آخر ... لماذا ؟ مراعاة كل أحد كما جاء في حديث ذلك الرجل الذي جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم – فسأله : أقبل وأنا صائم ! قال : افعل ولا حرج، ثم جاء آخر فقال : أقبل وأنا صائم ! ، فقال : لا تفعل ، فعجب الصحابة ، فعلل النبي – صلى الله عليه وسلم – ذلك بأن الأول كان رجلاً كبيراً في السن وهو يملك إربه ،وأما الثاني فشاب لا يملك إربه ، فمنع الشاب من القبلة في الصيام ؛ لأنه لا يملك نفسه كالشيخ الكبير ، وهذه من أمور الحكمة والمراعاة المهمة في ممارسة الدعوة .

و ـ الأعراف والعوائد العامة
فإن المعروف عرفاً كالمشروع شرعاً، وكما قال ابن القيم : لا تفتي الناس بما عندك من المنقول في كل مكان ..
كالذي يطبب الناس كلهم على اختلاف أدواءهم وأمراضهم بعلاج واحد ،كلما جاء واحد اسبرين اسبرين نفس الدواء ، عينه تؤلمه نفس الدواء ، هذا نوع من قلة الفقه ، لكن معرفة ظروف الناس وعوائدهم لا تغير الدين ، لكن تتغير الفتوى بالفعل بتغير الزمان والمكان ، كما عقد لذلك ابن القيم فصل واسع في كتابه إعلام الموقعين في أول المجلد الثالث وقال : " إن مراعاة المصالح ومراعاة الأعراف من حكم ومن دلائل عظمة هذه الشريعة وصلاحية الإسلام لكل زمان ومكان " .

ز ـ مراعاة الأولويات
والله - عز وجل - والنبي - عليه الصلاة والسلام - قد بيّن لنا أن هناك أعمالاً متفاوتة ، كما قال الله : {أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن الله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله } هل هذا مثلاً أولى وأهم ؟ والنبي - صلى الله عليه وسلم – قال : ( الإيمان بضع وستون شعبة أعلاها لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق ، والحياء شعبة من الإيمان ) لا إله إلا الله يقاتل عليها ولأجل إقرارها ، وكذا من أنكرها بعد أن كان مقراً بها، أليس كذلك ؟فهل نقاتل ونحارب ونهتم ونعتني بها بمثل ما نعتني بلا إله إلا الله ؟ كل شيء له مرتبة ، الفرائض ليست كالنوافل ، والفرائض العينية ليست كالفرائض الكفائية ، والنوافل الراتبة المؤكدة ليست كالنوافل الغير مؤكدة ، كل له مرتبة ، فينبغي مراعاة ذلك ومعرفته .

المقوم الثاني : الجرأة مع الحكمة
الجرأة مهمة - أيها الأخوة - لأن الخوف والجبن سمة لا تليق بمن يريد أن يكون مقدماً بين الناس ، الداعية والعالم متصدر في الناس ومتقدم ، لا بد من الجرأة والشجاعة والحمية لدين الله -جل وعلا -والغيرة على حرمات الله ، لكن هذه الشجاعة ليست طيشاً ، وليست تهوراً ، بل هي مضبوطة بالحكمة ، فهي جرأة محمودة ، وهي جرأة مربوطة ، والحكمة في اللغة : مشتقة من الحَكَمة بفتح الحاء والكاف ، وهي الحديدة التي توضع في لجام الفرس ، ما هي فائدة هذه الحديدة ؟ هذه هي التي تضبطه ، إذ أرخي المقود عرف الخيل أنه مطلوب منه أن يسرع فيسرع .. إذا شد عرف المطلوب البطء وعدم السرعة ، ولذلك السرعة في موضعها محمودة ، ولو أنه كانت هناك فسحة ولم يسرع ، وكان محتاجاًََ إلى الوصول ألا يكون ذلك مقصراً ومفرطاً ؟ ولكن إذا جاء في وقت الزحام يسرع ويزاحم الناس ، ويحصل بذلك فتن أو مشكلات ، هذا ليس من الحكمة ، فليست الجرأة في كل وقت محمودة ، وتقدير الظروف والأمور أمر مهم .
والجرأة فيها شجاعة نادرة نضرب أمثلة سريعة ؛ لأن الوقت يضيق بنا .
جاء في صحيح البخاري من رواية أنس بن مالك أنه قال : ( كان النبي – صلى الله عليه وسلم – أحسن الناس وأشجع الناس ، ولقد فزع أهل المدينة ليلة فخرجوا نحو الصوت ، فاستقبلهم النبي – صلى الله عليه وسلم – وقد استبرأ الخبر ، وهو على فرس لأبي طلحة عُري وفي عنقه السيف ، وهو يقول : لم تراعوا لم تراعوا . ثم قال : وجدناه بحراً ) ما معنى ذلك ؟ الناس خرجوا ومازالوا في أول المدينة ، أما الرسول - صلى الله عليه وسلم - فكان من شجاعته وجرأته قد ركب فرساً من غير سرج ، وقد ذهب إلى الموقع وعرف الخبر ورجع ، وهو يقول : ( لن تراعوا .. لن تراعوا )هذا هو الذي ينبغي أن يكون عليه العالم والداعية ، فيكون هو المتقدم ،كان علي - رضي الله عنه - يقول : " كنا إذا حمي الوطيس واحمرت الحدق نتقي برسول الله -صلى الله عليه وسلم - في المعارك " .
والحكمة مهمة ، وأبوابها واسعة ؛ منها كثير مما ذكرناه من المراعاة والتدرج والأناة والبصيرة .

المقوم الثالث : الاستغناء مع العطاء
كل الرسل والأنبياء ذكر في قصصهم : { قل ما أسألكم عليه أجراً إن أجري إلا على الله } أما الذي يكون عليه بعض الدعاة اليوم !كل كلمة بمبلغ ، وكل خطبة بمبلغ ، وكل شريط بمال ، وكل كتاب بأجرة .. هذا تاجر وليس عالم أو داعية .
ما الذي يؤثر في الناس ؟ يؤثر في الناس أن يجدوا من يبذل ويعطي من وقته أو من جهده أو من ماله ولا يرون له مصلحة .. يعطي من وقته وجهده فينظر إليه بعض الناس فيتعجبون ، وينظرون إلى بعض العلماء أو الدعاة يتعبون أنفسهم ، ويسافر هنا وهناك ، وعنده درس بعد الفجر و... دون أن يأخذ شيئاً، هذا هو الذي يعظم قدره عند الناس ، ويجعل أثره فيهم حميداً ، ويوم تصبح الدعوة تجارة يفقد الناس حماسهم لها ، وتعظيمهم لحملتها ، ويرون أن هؤلاء قد يتشبهون باليهود - عليهم لعائن الله - وأهل الكتاب الذين قال الله فيهم : { يشترون بآيات الله ثمناً قليلاً } فكلما استغنى الداعية ، وأكثر عطاءه للناس كلما كان ذلك أعظم تأثيراً في نفوسهم ، وأيسر في قبولهم وتأثرهم بإذن الله سبحانه وتعالى .
وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعطي عطاء من لا يخشى الفقر، ما سُئل - عليه الصلاة والسلام - شيئاً إلا أعطاه ، ومن حكمته - صلى الله عليه وسلم - في العطاء أنه يعطي حتى لا يظن أن المنع لشيء أو لخلة غير حميدة .
في الحديث الصحيح في قصة حكيم بن حزام قال : سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - فأعطاني ، ثم سألته فأعطاني ، ثم سألته فأعطاني ، وقال : ( يا حكيم إن هذا المال خضرة حلو فمن أعطيه بعزة نفس بورك له فيه ، ومن أعطيه باستشراف نفس لم يبارك له فيه ) أو كما قال - صلى الله عليه وسلم - ، قال أهل العلم : لما أعطاه في المرة الأولى والثانية بدون أن يكلمه حتى لا يقول : إن الرسول -صلى الله عليه وسلم -لم يعطيني لأنني لا أستحق ، أو لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - والعياذ بالله - لا يعطي من ليس بكريم ، أعطاه ثم أعطاه ، ثم أراد أن يبين له أن السؤال غير مناسب ، وأن سؤال الناس لا ينبغي أن يكون من صفة المسلم .
والرسول - صلى الله عليه وسلم - أثّر في كثير من الناس بهذا العطاء ، كان صفوان بن أمية يقول : " كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم - أبغض الناس إليّ ، فما زال يعطيني ويعطيني حتى ما أحد أحب إلي منه " . وأيضاً العطاء كان له أثر على أحد الأعراب ، جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم – فقال : يا محمد أعطني من مال الذي أعطاك ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم – للأعرابي : أترى هذا الغنم التي في الوادي بين جبلين ! قال : نعم ، قال : خذها فإنها لك ، فقال الأعرابي أتهزأ بي وأنت رسول الله ! فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - : لا ، فذهب الأعرابي فرحاً يقول يا قوم أسلموا ؛ فإن محمداً يعطي عطاء من لا يخشى الفقر .
وكان النبي -صلى الله عليه وسلم - يقول لبلال : ( أنفق بلال ولا تخشى من ذي العرش إقلال ) .

هذا العطاء ليس مجرد المال فقط ، ولكن العطاء من سماحة النفس ، عندما كانت العجوز تستوقف النبي - صلى الله عليه وسلم - في الطريق فيقف لها ويسمع لها .. من هو ؟ سيد الخلق وخاتم الرسل والأنبياء .
وأما حال داعية اليوم فيقول : مشغول وكذا ، وإذا أردت لا بد أن تأتي ، هذه ليست من صفات الداعية لماذا ؟ لأنك عندما تعطي الناس من وقتك يحبك الناس ،ويتأثرون بك ، ويجدون فيك قدوة ، ويتأسون بك .

المقوم الرابع : الاستمرار والابتكار
من أراد أن يدعو الناس فلا يدعوهم يوماً ثم ينام دهراً .. إنما تؤتى الأمور ثمارها بمواصلتها واستمرارها ، والنبي - صلى الله عليه وسلم - من قوله تعالى : { قم فأنذر } إلى قوله : { واعبد ربك حتى يأتيك اليقين } كان يدعو ، والله صور لنا نماذج لهذه الدعوة في قصة نوح .. دعوة بالليل والنهار .. بالسر والجهر .. في الملأ وفي الأفراد .. في كل الأحوال . وقصة يوسف - عليه السلام - في السجن ، وهو سُجِنَ مظلوماً ، ومع ذلك ماذا قال في السجن لما جاءه الرجل يسأله عن الرؤية ؟ مباشرة حوّل المسار إلى الدعوة وذكّر بالله – عز وجل - وكأن شيئاً لم يكن ؛ لأن الدعوة هي أمر يحمله الداعي إلى الله - عز وجل - معه في كل مكان ، وفي كل ظرف ، وفي كل زمان ، وفي كل حال ، لا يفتر عنها بقوله ، وبفعله ، وبحاله ، وبمقاله ، كل شيء يستطيع أن يدعو به .
ولذلك الاستمرار على المدى الطويل يحصل به ثمرة . إذ الإنسان لا بد له أن يسمع الموعظة مرة فلا يلين له قلبه ، فيسمعها ثانية .. ثالثة فيزداد تأثره .
والقلوب بين إصبعين من أصابع الرحمن - جل وعلا - يقلبها كيف يشاء ، لا تدري ! استمر قد يقول : يا أخي تكلمنا في مسألة كذا من الأمور التي يفعلها الناس ، أو في مخالفات الصلاة أو كذا ليس هناك فائدة .. استمر ، ولو كان هذا الدين ليس فيه هذا الاستمرار ما وصل ، وما اقتضت حكمة الله أن يبقى إلى قيام الساعة .

والابتكار أيضاً مطلوب ؛ لأنه كلما استمر الإنسان يصبح هناك نوع من التكرار ، والتكرار أحياناً يصبح سبيل إلى الملل ، لكن عندما يتنوع عبر وسائل كثيرة ومختلفة ومتنوعة ، ومسابقات ، وبحوث ومحاضرات أو دروس أو رحلات أو ألوان مختلفة، كما كان ابن عباس - رضي الله عنه - يجلس إلى الناس فيعلمهم التفسير ، فإذا رأى أنهم قد طال بهم المقام يقول : أحمضوا بالشعر – أي ائتوا بكتب الشعر .. نقف قليلاً .. نغيّر نجدد ببعض الأشعار والقصص - حتى ينشط الناس مرة أخرى ؛فإن التجديد والتنويع له أثره .

المقومات في مفاهيم الداعية
وهذه أكثر أهمية فيما مضى ، فالفهم مهم جداً ، قال ابن القيم : " صحة الفهم وحسن القصد هما ساقا الإسلام يمشي بهما " ، إذا كان عنده فهم سقيم يكون المشي أعرج ، أو إذا كان فهمه صحيح لكن مقصده غير حسن أيضا لا يمشي مشياً سلمياً ، لذلك الفهم مهم جداً ما دام يريد أن يفهم الإسلام فهماً صحيحاً .

أولاً : ربانية هذا الدين
هذا الدين ليس من عند أحد ، ليس هو دين محمد لم يأتي به - النبي صلى الله عليه وسلم - من عند نفسه كما ادعى كفار قريش والمشركون ، كل شيء فيه رباني من الله - سبحانه وتعالى - ، فهو لذلك كامل ، وهو لذلك نافع صالح ، وهو لذلك مستمر ؛ لأنه من الله سبحانه وتعالى : { ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير } وشمولية الإسلام هذا الدين يشمل كل شيء في الحياة الله { ما فرطنا في الكتاب من شيء } ، وفي سنن أبي داود ، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه : ( علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم كل شيء حتى الخراءة ) يعني حتى كيفية قضاء الحاجة ، كل شيء في هذا الدين .. تستيقظ هناك دعاء .. تلبس ثوبك هناك ذكر .. تخرج من بيتك هناك أثر ..كل حياتنا مرتبطة بهذا الدين ، فالاقتصاد هناك أحكام وتشريعات ونظام في السياسة ..هناك مبادئ وأسس وقواعد في كل جانب من جوانب الحياة الإنسانية .. هناك آيات تتلى ، وأحاديث تروى ، وشرائع تُعلّم وتدرس تنتظم بها أمور الناس كلهم ، لماذا ؟ نقول : لأنه إذا جاء أحد يتكلم عن الاقتصاد أو عن الربا ، يقول : دعونا نتكلم في الدين ، نقول له : هذا ما هو ؟ أليس هذا من الدين ! أليس قد تنزلت آيات في ذلك وهكذا يقع أحيانا خلل بسبب هذا .

ثانياً : وسطية الإسلام
وهذه مهمة ؛ لأن هذا الدين وهذه الأمة وسط : { وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا } ، الوسطية وسط بين الإفراط والتفريط .. بين التعسير والتيسير ، والنبي - صلى الله عليه وسلم - ما خيّر بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثماً .
فإذا كان التيسير هو إثم ، فهذا ليس تيسيراً ، هذا حرام ؛ لأن بعض الناس بحجة التوسط ، وبحجة المرونة ، يريد أن ينسلخوا من الشرائع والأحكام يقول لك يا أخي الدين يسر يقول صلي في بيتك من قال ـ أن هذا من يسر الدين، الدين يسر ليس علينا كذا وكذا أمور كثيرة يغيرون فيها وسطية الإسلام وسطية أهل السنة، بين الفرق التي إنحرفت وابتدعت أيضا أمرها واضح بين الإرجاء الذي كان عند المرجئة وبين التكفير الذي عند الخوارج وبين المعطلة الذين أنكروا الصفات وبين المشبهة الذين شبهوا صفات المخلوق بالخالق دين الله وسط بين الغالي فيه والجافي عنه وخير الأمور أوسطها، وصلاحية الإسلام لكل زمان ومكان أمره أمر واضح من أثر كل ما ذكرنا .

مفاهيم الدعوة
1 ـ أن الدعوة إلى الله واجب شرعي كفائي ، والواجب الكفائي هو الذي إذا قام به البعض قياماً يكفي سقط عن الباقين ، فهل قام أمر الدعوة وانتظم بحيث ليست هناك حاجة ، بل قال ابن تيمية ما معنى كلامه : إن الفرض الكفائي يتوزع على الناس حتى يكون على كل واحد منهم قدرٌ هو في حقه فرض عين ، فالعالم : التعليم والدعوة في حقه فرض عين أكثر من غيره ، لكن الآخرون إعانتهم لهذا العالم وإقامتهم هو واجب عليهم ؛ حتى يؤدي دوره ، وكل يكون عليه واجب بقدر هذا ، والحاجة ماسة جداً ؛ لأن الجهل في المسلمين عظيم ، ولأن غير المسلمين الذين لم يعرفوا الإسلام كثر ، ولأن الشبهات حول هذا الدين عظيمة ، فالدعوة الحاجة إليها ماسة ، ومن لوازم هذه الدعوة أن نفهم حقيقة هذا الواقع المعاصر ، وأن نتفاعل مع الدعوة بحماسة وقوة وتصدي ومواجهة .

ليست الدعوة كلام ولا ميكروفونات وإنما هي جهاد حقيقي في إحقاق الحق ، وإبطال الباطل ، واستنقاذ الناس من الضلال ، وإشاعة نور العلم في قلوبهم ونفوسهم ، وهي نوع من مغالبة الباطل ومحاربته في كل موقع وميدان ، ومن المهم أن نعرف ضرورة التعاون على الدعوة .
و المشكلة الكبيرة عندما لا يفقه الدعاة بعض المفاهيم يختصمون ، فهذا يعلّم العلم وذلك يريد من الناس أن ينفقوا المال ، ماذا يصنعون ؟ أليس هذا فيه تكامل ! العلم خير والإنفاق خير ، لكن الذي يعلم العلم يقول : هذا خاطئ ومخطئ في طريقته ، لماذا يدعو الناس إلى الإنفاق ولا يهتم بالعلم والمنفق ، كمن يعمل في اللجان الخيرية يقول : هؤلاء يضيعون وقتهم في طلب العلم ، وكل يرد على الآخر وهو مخطئ ينبغي أن نثني على هذا العمل ، وأن نتعاون فيه ، ونحرص عليه ؛ لأن المجالات متعددة ، والإمكانيات محدودة ، والأعداء متربصون بنا في كل حين ، هذا وينبغي أن نفهم أن الابتلاء على طريق الدعوة حاصل ، وأن الصبر لازم ، وأن الطريق طويل ، وأن الذي يريد استعجال الثمرة لن ينالها ، وأن الله قد ابتلى الرسل والأنبياء وصفوة الخلق - عليهم الصلاة والسلام - وحصل لهم ما حصل من الملأ من أقوامهم ، وما نحن بأحسن من الرسل والأنبياء ، وإنما يصيبنا شيء قليل من هؤلاء العظام من خلق الله الذين شرفهم بالنبوة والرسالة ، وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين .
اضافة رد مع اقتباس