مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
  #6  
قديم 20/04/2009, 02:59 PM
الضحى الضحى غير متواجد حالياً
قلم تربوي بالمجلس العام
تاريخ التسجيل: 30/11/2008
مشاركات: 1,912
الجزء الثاني ...



الدانة الحبيبة ...تعرفت على جاراتها في هذا المجتمع الجديد الذي يختلف تماماً عما تعودت عليه في قريتها..




كانت الجارت يلقبونها الجارة الطيبة ويدعون لها جعلك من جيران محمد صلى الله عليه وسلم ..هي تفرح الصغير



وتساعد الكبير ولا ترد سائل رغم الإمكانيات البسيطة ولكن مافي يدها له بركة مقتصدة في بيتها ..لم تطلب من



زوجها أي طلب ..هو فقط يحضر لها ما تحتاجه النساء حسب الظروف ...وعندما عاتبتها جارتها ..لماذا لاتذهبي



للسوق وتشتري ماتحتاجينه ؟؟؟قالت :هل ترين ماألبسه يختلف عما تلبسينه؟؟ اليست البضائع واحدة



ردت جارتها ولكن السوق ممتلأ بالبضائع المختلفة وأنتي تختارين ما يعجبك !!




قالت :وكيف أختار وأنا تربيت الا أكلم أي رجل ولا حتى أنظر إليه !!! تعجبت جارتها وقالت :وهل التحدث


مع الرجال حرام ؟؟؟قالت الدانة لا لم أقل أنه حرام ولكن تربيت على ذلك وطبيعتي كذا ..حتى محارمي


أخجل التحدث معهم وإنما أجيب على أسئلتهم فقط ولم يحدث أن نظرت في وجوههم أبداً ..



تعجبت الجارة وقالت :أنت غريبة !!!قالت الدانة:ولو قلت لك أن والدي لم أطل النظر في وجهه أبداً


أكلمه وأنا أنظر في الأرض تركتها الجارة في حالها هي مقتنعة أن المرأة تصلي



خمسها وتصوم شهرها وتطيع زوجها فيما يرضي ربها ...



وكانت عند إجتماع الجارات لا تتحدث كثير إذا سؤلت أجابت فقط تستمع أكثر مما تتكلم ...وهذا الأمر جعل


جاراتها يحترمنها كثير ...كيف وهي لم ترد أي واحدة منهن في حاجتها ...ولا تعاتب أحد ...



وعندما رزقها الله بأبنة أراد الله سبحانه وتعالى أن تكون البنية ذكية من طفولتها المبكرة وكانت تسلي


والدتها الغالية في وحدتها ...هي لاتحب الخروج الكثير من البيت ..هي تؤمن أن المرأة مكانها



في المنزل ...والخروج للضرورة لزيارة مريض أو مواساة حزين أو صلة جيران بعد إنقطاع ......



وتتحدث مع أبنتها وهي في عمر أربع سنوات ...تخبرها عن قريتها الجميلة بنخلها وقمحها وبيوتها المتجاورة


تخبرها عن صويحباتها التي لا تمكث معهن إلا قليل من الوقت عند أستقبال الغنم من الراعي وإدخالها




مكان مبيتها فقط...ليس عندهم وقت للعب ...الذهاب للمزرعة وقت الصرام وفي الصيف ....وتذهب مع والدتها



لمصلى العيد الذي يجتمع فيه سكان القرية لصلاة العيدين وكانت تفرح لأنها تشاهد البنيات في هذا


المصلى ...



ولكن هذه البنت لا تستطيع أن تصبح مثل أمها ...تتسائل لماذا أمي لاتكون مثل جاراتها تشتري ماتريد



وتطلب ماتريد وتصنع في بيتها ماتريد ؟؟؟؟؟



الأم ترد الحمدلله على النعم الكثيرة نحن في صحة وعندنا قناعة ويكفي نعمة الدين ...البنت الصغيرة


تقتنع بكلام والدتها ....وبعد فترة يعود يلح عليها طبعها في المقارنات بين والدتها وجاراتها وتلح على والدتها



ياأمييي أريدك مثل جارتنا فلانة هي أقل منك جمالاً وسناعة ولكنها تتمتع بحياتها !!!!


الأم تتعجب من إصرار أبنتها وهي تشعر بالسعادة أن الله رزقها بهذه البنت التي تحاورها وتدافع عنها أمام والدها


الرجل الطيب الصامت الهادي الذي لم يتعود على طلبات النساء ...عاش يتيم الأبوين محروم من حنانهما ..



كيف له أن يشعر بما يعتمل في نفس المرأة لقد تعود على إحضار المأكل واللباس الذي يعرض في


السوق من القماش الذي يناسب ميزانيته وزوجته الطيبة تحيك ملابسها من وإلى ....وهي قانعة راضية ..



ولكن هذه الأبنة تصر عليها أن تطالب بحقوقها المشروعة ...وعندما شعرت الأبنة أن الأم الغالية



قانعة بحياتها ..بدأت هي التي تذهب مع والدها للسوق وعمرها ست سنوات لتشتري لوالدتها ماتحتاجه...




عندما تبعثها والدتها لأي أحد من جارتها كانت تراقب اللباس والإثاث وحتى طريقة الطهي وتخبر والدتها....



أمي هم يلبسون كذا ....هم يفرشون كذا ...هم يطبخون كذا ...لماذا لايكون عندنا مثلهم ....



بيتنا مثل بيتهم ...ووالدهم مثل والدي وأنت أفضل منهم كثير كثير ....



تبتسم الأم في وجه أبنتها المشاكسة وتقول :أنا راضية بهذه العيشة ووالدك على قدر حاله ...ولا أريد


الأصرار على تحميله مالا يحتمل ....



الأبنة تتمنى أن تكون والدتها مثل صديقتها أم دحوم إمرأة قوية وحازمة وطاهية ممتازة ومحاورة جيدة...



الأم تذكر أبنتها أنها تجيد فن الطبخ النجدي وصديقتي تجيد فن الطبخ الحجازي ..هي قوية في شخصيتها وأنا



حباني الله محبة الناس والإحسان للمحتاج ...تخجل البنوته الصغيرة من كلام والدتها ....وتصمت أيام



ثم تعود للمشاكسة وتصر على الذهاب مع والدها لشراء ماتحتاجه والدتها ....



وتمضي الأيام والأم لا تغير من عاداتها شيء هي المرأة الصالحة الطيبة القنوعة الكريمة قليلة الكلام



كثيرة الذكر والتسبيح والأستغفار ..دائماً تجد العذر لمن يخطيء في حقها ولو كان ذلك نادراً...



والحمدلله تكبر أبنتها ويتحقق لها ماتريد وصارت تملك البيت الجميل والأثاث الفاخر وتسر عندما تجتمع


بأحفادها وتقص عليهم حكايات والدتهم في طفولتها ...تقص عليهم وهي سعيدة ..



كانت تلقب أحفادها بالألقاب التي تناسب شخصياتهم وتبتسم وهي تدعوهم بها ...


أنت الرئس ...وأنت الحبيب ..وأنت الطيب ...وأن الهادي ..وأنت العبقري ...وأنت المستشار ....



وأنتي أميرتهم ...وأنتي نوربيتهم ...كانت تجمعهم وتقص عليهم قصص الأوليين ....المرأة التي لم تحافظ على



زوجها ماذا حصل لها ..البنات الساذجات كيف صدقن وأنخدعن ....كيف صنعت الغيرة في بنات عم مي



الهلالية ودبرن لها مكيدة ....



هذه الدانة الغالية تسعد عندما يأتيها ضيوف وتطلب أن يصنع لهم أطيب الطعام ويقدم لهم أعذب الشراب




وماتفتر عن الترحيب بالضيوف وهي تردد والله هذه الساعة المباركة ...ثم تردف ياالله تجمعنا في الجنة...



يظهر على وجهها الفرح عندما يجتمع عندها أفراد العائلة وخاصة في الإجازات ..وتستعد قبل قدومهم



بشراء الهدايا للأطفال والنقود للكبار حتى يقتنوا مايريدون ..وتخرج النقود عند إجتماعهم وتقول وهي توميء



بعينها الحبيبة وهي هامسة (شوفي وش يشتهون وسو لهم أو أشترو لهم من أفضل المطاعم ....



لا تفارق البسمة محياها الكل يشعر بسعادتها الكل يسعد بكسب رضاها ...تلاطف الأطفال وتخاطب الشباب



تنصح المقصر في حق ربه وتشجع من يستحق التشجيع ....كريمة بلا حدود .... حنونه جداً لا تتحمل



أن ترى الدمعة من أي أنسان ...حتى الحيوانات تجد منها العطف والرفق ...






اللهم أرحمها ووسع نزلها وأجمعني بها في الفردوس الأعلى من الجنة ...




اللهم أجعل ماعملته في حياتها في ميزان حسناتها ...رغم مرور أكثر من ستة أشهر على فراقها ...




والله هي أمام عيني في جلستها على كرسيها وهي ترحب بمن يحضر وترفع صوتها وهي تبتسم مرحبا مرحبا...



هي أمام عيني عندما ذهبت بها للمستشفى قبل موتها بساعات وهي تقول أصلحي غطاء وجهي ....



والله لم يكن يدر بفكري أنها آخر كلماتها في الحياة ...كنت جازمة أنها نزلة برد بسيطة وستعود لنا ...




إنالله وإنا إليه راجعون اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خير منها ...



أماه ...أماه ...أدعو الله أن يجمعني بك في الفردوس الأعلى من الجنة ووالدي وجميع أحبابنا ...


أماه ...أماه ...والله فقدت السعادة بفقدك ...أماه ..أماه...أول مرة أرى الرجال يبكون بكاء الأطفال في فقدك ...


لا ألومهم أنتي أمهم وجدتهم وحبيبتهم ....لقد حضر الصلاة عليك من أقاربك وهو على كرسيه المتحرك


لقد شاركت في تغسيلك والله كأنك نائمة ...حتى شككت في موتك ...أماه ...فقدتك أيتها الدانة النادرة ...



من يدعو لي عندما أشعر بالضيق ..من يفرح قلبي بسماع الدعاء لزوجي وأولادي ...من يسألني عن أخوتي


وأخبارهم في غربتهم ...من يذكرني بالعادات التي سنيتيها لفلانه المحتاجه وفلان المحتاج ....




اللهم أرحمها وأغفر لها ...من لديه أم أرجوك أرجوك أرجوك لا تضيع أي دقيقة في برها ...



الحياة قصيرة والوقت يمضي ونحن لا نشعر به ...(كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا




إلا عشيةً أو ضحاها) لكم كل الشكر والدعاء أن الله يحفظكم ويحفظ حبايبكم آميييين





والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ....

اخر تعديل كان بواسطة » القاضي في يوم » 23/04/2009 عند الساعة » 11:29 PM
اضافة رد مع اقتباس