مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
  #1  
قديم 18/03/2009, 05:06 PM
الصورة الرمزية الخاصة بـ سع ـود
سع ـود سع ـود غير متواجد حالياً
زعيــم متألــق
تاريخ التسجيل: 20/05/2008
مشاركات: 1,443
الــجـــمـــآلـ فــي الـــرجـــآلـ

الجمالُ من صفاتِ الخالق سبحانه وتعالى ؛ فله جلّ شأنه الصفات العلى ، والكمال المُطلق !

ولذا كان من أمرِ أهل الجنّة – جعلنا الله من أهلها وإياكم – أنّ أكبرَ نعيمٍ يُعطونه هو : رؤية الخالق المتوحد في الجلال بكمال الجمال سبحانه وتعالى . وقد جاء من صفته – تقدّس في علاه – أنه جميلٌ يُحب الجمال !

ثم كان من أمره وحكمته أنّه خلقَ أبا البشر ( آدم ) بيديّه فجعله في أحسن تقويم ، وأجمل صورة ، وآخِرِ مُراد ؛ ولذا فإنّ أهل الجنّة يدخلونها على صورة آدم عليّه السلام .

وقد أنعمَ سبحانه بعد ذلك على الأنبياء من صُلبه ؛ فجعلهم من أوسط الناس حسَباً ونسَباً ، ثم جعلهم على صورةٍ من الجَمال والحُسن : نعمةً منه ، ولياقةً في تَسرُبِ دَعوتهم نفوسَ البشر ؛ إذْ حكى الترمذي عن قتادة : " مابعث الله نبياً إلاّ حسَن الوجه ، حسَن الصوت ، وكان نبيكم حسَن الوجه ، حسَن الصوت ، وكان لا يرجع " .



ومما لا ريّب فيه من هذا الشأن أنّ نبيّ الله يوسف - عليه السلام – كان من أشهر هؤلاء الأنبياء الذين وُصفوا بالحُسن والجمال ؛ إذْ أخبر الرسول – صلى الله عليّه وسلم – أنه رآه وقد أُعطي شطرَ الحُسن .

وكذا كانت والدة يوسف – عليه السلام - فقد جاء عن ابن مسعود أنّه قال : أُعطي يوسف وأمه ثلث الحُسن .

وعلى ذلك كانت جدته الكبرى ، وزوجة جده الأكبر ( إبراهيم عليه السلام ) ؛ فقد كانت " سارة " والدة إسحاق – عليه السلام – آيةً من آيات الله في الحُسن والجمال ؛ وقد قيل أنّها لم تُفارق الحور العين إلا فيما يعتري الآدمية من الحيض وغيره .

ولذا ؛ فقد اختُلفَ في ميزان ( شطر الحُسن ) الذي أعطاه الله تعالى ليوسف عليه السلام ؛ فقيل : أعطي شطر حُسن آدم ، وقيل شطر حُسن جدته سارة ؛ فإنها لم تفارق الحور العين إلا فيما يعتري الآدمية من الحيض وغيره (شرح الشفا للقاري 1/323 ) .

وعوداً إلى جمال يوسف – عليه السلام – فقد قيل أنّهُ كان يُغطي وجهه إذا جاءته امرأة لئلا يفتنها ، وقيل بأنّ النساء إذا رأين يوسفّ حِضْن بعد رؤيته !



وعلى أفضل من هذا وأكمل كان رسولنا محمد – صلى الله عليه وسلم – فقد وصفه من رآه أنّه كالقمر . وقد أتى " حسّان " على ذكر هذا الجمال المحمدي في شعره .. فقال :



وأَحسنُ منكَ لم ترَ قطُّ عيني
وَأجْمَلُ مِنْكَ لَمْ تَلِدِ النّسَاءُ

خلقتَ مبرءاً منْ كلّ عيبٍ
كأنكَ قدْ خلقتَ كما تشاءُ




فصلى الله على أنبياء الله جميعاً وسلّم .



هذا وقد وزّع الله الجمال على كثير من خلقه ؛ إنعاماً وامتحاناً !

وقد أحسَن ابن السمّاك حين قال لهارون الرشيد في هذا الشأن يعظه :‏ يا أمير المؤمنين إن تواضعك في شرفك أشرف لك من شرفك فقال‏:‏ ما أحسن ما قلت‏!‏

فقال‏:‏ يا أمير المؤمنين إن امرأ أتاه الله جمالاً في خلقته ، وموضعاً في حسبه ، وبسط له في ذات يده ، فعفّ في جماله ، وواسى من ماله ، وتوضع في حسبه كُتب في ديوان الله من خالص أولياء الله . فدعا هارون بدواة وقرطاس وكتبه بيده‏ .‏



ولعلنا نذكر في هذا الصدد بعض مشاهير العرب من هذه النعمة :



فمن صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم – الذين اشتهروا بالجمال والحُسن " جرير بن عبدالله البجلي " – رضي الله عنه - . فقد كان هذا الصحابي الجليل جسيماً جميلاً ، وكان سيّداً في قومه عاقلاً كريماً متواضعاً رضي الله عنه . وقد قال عن جماله " عمر بن الخطّاب " رضي الله عنه : " جرير بن عبدالله البجلي يوسفُ هذه الأمة " !

ومن الصحابة الذين اشتهروا بالحُسن والجمال " دحية الكلبي " الذي كان جبريل يتنزّلُ على صورته ، وقد كان رضي الله عنه مضرب المثل في حُسنِ الصورة .

وقد ذكر ابن أبي الدنيا وغيره أن معاوية بن أبي سفيان – رضي الله عنه – كان أبيّضَ طويلاً جميلاً . ويُثبت هذا الشيء قول أسلم مولى عمر إذْ قال : قدم علينا معاوية وهو أبض الناس وأجملهم .

وعلى هذا الشرط كان " مصعب بن الزبيّر بن العوّام " ؛ فقد كان وسيماً جميلاً يُضرب المثل بحُسنه وهيئته . وقد قيل عنه أنّ النساء كنّ يحضن من رؤيته . ثم إنّه بعد ذلك قد تزوّج بأجمل سيدتين في عصره وهما : سكينة بنت الحسين بن علي بن أبي طالب ، وعائشة بنت طلحة بن عبيدالله ( رضي الله عن الجميع ) .

ومن المشاهير في هذا الشأن " نصر بن حجّاج " وقصته مع عمر بن الخطّاب الذي نفاه إلى العراق : مشهورة معلومة عند أرباب الأدب وخواصه .
اضافة رد مع اقتباس