أخي الكريم، قد أطيل عليك وعلى الإخوة الكرام قليلاً، ولكن قبل كل شيء ضع في ذهنك أننا نتحدث عن ظرف آني، يحدث الآن وبينما نكتب نحن هذه السطور..
بإمكانك أن تعبر عن غضبك مما يفعله اليهود بأرض المسلمين، وأن تحزن على حال إخواننا هناك، وأن تفكر بعقلك لا بعاطفتك وحميتك في السبل العاجلة التي من الممكن أن نتبعها لننصر فيها أهل غزة ونساندهم في الوقت الحالي، مثلاً من خلال تقديم تبرعات نقدية وعينية ومواد إغاثة، و اقتراح دعم مصر مادياً ومطالبتها بفتح الحدود لأهل غزة من الأطفال والنساء ومن لا قدرة لهم على حمل السلاح، وغيرها من الأمور والمقترحات التي قد تقلل من مجازر اليهود وقد توقفها مؤقتاً..
لكن أن نتجاهل جميع الظروف ونطالب بفتح باب الجهاد لشباب في الأصل هو غير مؤهل ، ونقول لهم اذهبوا الآن وخلال أيام إلى الموت في غزة وعسى الله أن يكتبكم مع الشهداء، فهذا صنيع عاطفة لا رجاحة عقل..
إذا كان هناك معركة في ساحة الميدان، وبدا واضحاً وجلياً أن أحد أطرافها يتقدم ويسحق بقوته وعتاده، وكنت قائداً على الطرف الآخر فإنه يجب عليك أن تأمر جيشك بالتراجع والانسحاب لترتيب وتنظيم الصفوف ومعالجة مواقع الضعف والخلل، لا أن تكابر وترخص دم جندك وتطلب منهم الوقوف في مواجهة ظالمة وغير متكافئة..
هذا ما يحدث، وظروف فلسطين مختلفة، فلسطين تبكي من مؤامرات بعض أهلها عليها، فلسطين تبكي من تآمر بعض العرب عليها، فلسطين محاصرة من جميع الجهات، قد أذهب لمقاتلة اليهود وأفاجأ بطعنة من الخلف تتمكن مني قبل أن أطلق رصاصة واحدة في وجه صهيوني ..
يصف الشيخ عبدالرحمن الدوسري –رحمه الله-حال فلسطين وقد عـــاش بعض الــوقت في فـــلسطين وقد عايــش الإحتـــلال اليـــهودي لـــفلسطين، فيقول ( وآمل أن نأخذ وقتاً في قراءة هذا الوصف):
 | إقتباس |  | | | | | | | | فلسطين دومي لعبة و وسيلة ...... لسائر طلاب الكراسي و مقعد
فلسطين دومي متجرا وبضاعة ...... لمتجر من ساسة و معربد
ولا ترتجي منهم قتالا فحربهم ...... لبعضهموا بعضا يروح ويغتدي
فذلك رجعي و هذا تقدمي ...... و ذا ثائر هذا مخلف مرتدى
على بعضهم بعضا أسود أشدة ...... و حولك أقوالهم نعامة فدفد
فلسطين لا ترجين منهم سوى الذي ...... رأيت فذا طبع العصاة بموعد
و لا ترتجى ذكر لأبنائك الذي ...... قضوا نحبهم في خان يونس أربد
وغزة أو ما حول قلقليليا وما ...... قد استشهد في وقعة أو مسجد
وأن يهودا لا تريدك أنما ...... تريد لأشخاص اشتراكية الغد
فقد سلموا أيضا مناصبهم بقت ...... أعز عليهم منك يأرض مسجدي
ولوا إسرائيل تبغى هلاكهم ...... لأردتهموا مثل الوسيط المخلد
ولكنهما تبغى الأرضي مع البقا ...... لأشخاصهم كي يعلموا كل مفسد
فلا ترتجي غوث العصاة لربهم ...... و لكن ترجى بعث دين محمد
عليه الصلاة الله لا بد أن نرى ...... ظهور لدين الله أصدق موعد | |  | |  | |
دعونا قادةً وشعوباً نلتزم صدقاً بمبادئ هذا الدين ، ودعونا نتأكد من أن الدول الإسلامية باتت فعلاً كالجسد الواحد، دعونا نصلح السياسات الفاسدة ونرتقي بالعلم ونقوى بالعمل ونصدر الصناعات ونطور الأسلحة، ولنتكلم بلغ الواقع ومنهج العقل، لا أن نرجع إلى التاريخ وتدفعنا العاطفة، وبمثل هذا نكون قد تحركنا ولم نقعد في أماكننا كما تفضلت.