مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
  #1  
قديم 22/12/2008, 11:34 AM
سامي صعب يتكرر سامي صعب يتكرر غير متواجد حالياً
زعيــم نشيــط
تاريخ التسجيل: 28/03/2008
مشاركات: 809
Lightbulb تفسير سورة الزخرف (2)

‏[‏15ـ 25‏‏]‏ ‏{‏وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَكَفُورٌ مُبِينٌ * أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَنَاتٍ وَأَصْفَاكُمْ بِالْبَنِينَ * وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَنِ مَثَلًا ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ * أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ * وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ * وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ مَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ * أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا مِنْ قَبْلِهِ فَهُمْ بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ * بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ * وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ * قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ * فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ‏}‏

يخبر تعالى عن شناعة قول المشركين، الذين جعلوا للّه تعالى ولدا، وهو الواحد الأحد، الفرد الصمد، الذي لم يتخذ صاحبة ولا ولدا، ولم يكن له كفوا أحد، وإن ذلك باطل من عدة أوجه‏:‏
منها‏:‏ أن الخلق كلهم عباده، والعبودية تنافي الولادة‏.‏
ومنها‏:‏ أن الولد جزء من والده، واللّه تعالى بائن من خلقه، مباين لهم في صفاته ونعوت جلاله، والولد جزء من الوالد، فمحال أن يكون للّه تعالى ولد‏.‏
ومنها‏:‏ أنهم يزعمون أن الملائكة بنات اللّه، ومن المعلوم أن البنات أدون الصنفين، فكيف يكون لله البنات، ويصطفيهم بالبنين، ويفضلهم بها‏؟‏‏!‏ فإذا يكونون أفضل من اللّه، تعالى اللّه عن ذلك علوا كبيرا‏.‏
ومنها‏:‏ أن الصنف الذي نسبوه للّه، وهو البنات، أدون الصنفين، وأكرههما لهم، حتى إنهم من كراهتهم لذلك

‏{‏إِذَا بُشّرَ أَحَدُهُمْ بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَنِ مَثَلًا ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا‏}
‏ من كراهته وشدة بغضه، فكيف يجعلون للّه ما يكرهون‏؟‏
ومنها‏:‏ أن الأنثى ناقصة في وصفها، وفي منطقها وبيانها، ولهذا قال تعالى‏:

‏ ‏{‏أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ‏}‏
أي‏:‏ يجمل فيها، لنقص جماله، فيجمل بأمر خارج عنه‏؟‏

‏{‏وَهُوَ فِي الْخِصَامِ‏}
‏ أي‏:‏ عند الخصام الموجب لإظهار ما عند الشخص من الكلام،

‏{‏غَيْرُ مُبِينٍ‏}‏
أي‏:‏ غير مبين لحجته، ولا مفصح عما احتوى عليه ضميره، فكيف ينسبونهن للّه تعالى‏؟‏
ومنها‏:‏ أنهم جَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الله إِنَاثًا، فتجرأوا على الملائكة، العباد المقربين، ورقوهم عن مرتبة العبادة والذل، إلى مرتبة المشاركة للّه، في شيء من خواصه، ثم نزلوا بهم عن مرتبة الذكورية إلى مرتبة الأنوثية، فسبحان من أظهر تناقض من كذب عليه وعاند رسله‏.‏
ومنها‏:‏ أن اللّه رد عليهم بأنهم لم يشهدوا خلق اللّه لملائكته، فكيف يتكلمون بأمر من المعلوم عند كل أحد، أنه ليس لهم به علم‏؟‏‏!‏ ولكن لا بد أن يسألوا عن هذه الشهادة، وستكتب عليهم، ويعاقبون عليها‏.‏
وقوله تعالى‏:‏

‏{‏وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُم‏}‏
فاحتجوا على عبادتهم الملائكة بالمشيئة، وهي حجة لم يزل المشركون يطرقونها، وهي حجة باطلة في نفسها، عقلا وشرعا‏.‏ فكل عاقل لا يقبل الاحتجاج بالقدر، ولو سلكه في حالة من أحواله لم يثبت عليها قدمه‏.‏
وأما شرعا، فإن اللّه تعالى أبطل الاحتجاج به، ولم يذكره عن غير المشركين به المكذبين لرسله، فإن اللّه تعالى قد أقام الحجة على العباد، فلم يبق لأحد عليه حجة أصلا، ولهذا قال هنا‏:‏

‏{‏مَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ‏}‏
أي‏:‏ يتخرصون تخرصا لا دليل عليه، ويتخبطون خبط عشواء‏.‏
ثم قال‏:‏

‏{‏أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا مِنْ قَبْلِهِ فَهُمْ بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ‏}‏
يخبرهم بصحة أفعالهم، وصدق أقوالهم‏؟‏ ليس الأمر كذلك، فإن اللّه أرسل محمدا نذيرا إليهم، وهم لم يأتهم نذير غيره، أي‏:‏ فلا عقل ولا نقل، وإذا انتفى الأمران، فلا ثَمَّ إلا الباطل‏.‏
نعم، لهم شبهة من أوهى الشُّبَه، وهي تقليد آبائهم الضالين، الذين ما زال الكفرة يردون بتقليدهم دعوة الرسل، ولهذا قال هنا‏:‏

‏{‏بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ‏}
‏ أي‏:‏ على دين وملة

‏{‏وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ‏}
‏ أي‏:‏ فلا نتبع ما جاء به محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏.‏


‏{‏وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا‏}
‏ أي‏:‏ منعموها، وملأها الذين أطغتهم الدنيا، وغرتهم الأموال، واستكبروا على الحق‏.‏

‏{‏إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ‏}‏
أي‏:‏ فهؤلاء ليسوا ببدع منهم، وليسوا بأول من قال هذه المقالة‏.‏
وهذا الاحتجاج من هؤلاء المشركين الضالين، بتقليدهم لآبائهم الضالين، ليس المقصود به اتباع الحق والهدى، وإنما هو تعصب محض، يراد به نصرة ما معهم من الباطل‏.‏
ولهذا كل رسول يقول لمن عارضه بهذه الشبهة الباطلة‏:‏

‏{‏أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُم‏}
‏ أي‏:‏ فهل تتبعوني لأجل الهدى‏؟

‏ ‏{‏قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ‏}
‏ فعلم بهذا، أنهم ما أرادوا اتباع الحق والهدى، وإنما قصدهم اتباع الباطل والهوى‏.‏


‏{‏فَانْتَقَمْنَا مِنْهُم‏}
‏ بتكذيبهم الحق، وردهم إياه بهذه الشبهة الباطلة‏.‏

‏{‏فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ‏}
‏ فليحذر هؤلاء أن يستمروا على تكذيبهم، فيصيبهم ما أصابهم‏.‏

‏[‏26ـ 32‏]‏ ‏{‏وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ * إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ * وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ * بَلْ مَتَّعْتُ هَؤُلَاءِ وَآبَاءَهُمْ حَتَّى جَاءَهُمُ الْحَقُّ وَرَسُولٌ مُبِينٌ * وَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ وَإِنَّا بِهِ كَافِرُونَ * وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ * أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَةُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ‏}‏
يخبر تعالى عن ملة إبراهيم الخليل عليه السلام، الذي ينتسب إليه أهل الكتاب والمشركون، وكلهم يزعم أنه على طريقته، فأخبر عن دينه الذي ورثه في ذريته فقال‏:‏

‏{‏وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ‏}
‏ الذين اتخذوا من دون اللّه آلهة يعبدونهم ويتقربون إليهم‏:‏

‏{‏إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ‏}
‏ أي‏:‏ مبغض له، مجتنب معاد لأهله،

‏{‏إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي‏}‏
فإني أتولاه، وأرجو أن يهديني للعلم بالحق والعمل به، فكما فطرني ودبرني بما يصلح بدني ودنياي، فـ ‏


{‏سَيَهْدِينِ‏}
‏ لما يصلح ديني وآخرتي‏.‏


‏{‏وَجَعَلَهَا‏}
‏ أي‏:‏ هذه الخصلة الحميدة، التي هي أم الخصال وأساسها، وهي إخلاص العبادة للّه وحده، والتبرِّي من عبادة ما سواه‏.‏


‏{‏كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ‏}
‏ أي‏:‏ ذريته

‏{‏لَعَلَّهُم‏}
‏ إليها

‏{‏يَرْجِعُونَ‏}
‏ لشهرتها عنه، وتوصيته لذريته، وتوصية بعض بنيه ـ كإسحاق ويعقوبـ لبعض، كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ‏}‏ إلى آخر الآيات‏.‏

تفسير السعدي (تيسير الكريم المنان في تفسير كلام الرحمن)

استغفر الله الذي لا اله الا هو الحي القيوم واتوب اليه ولا حول ولاقوة الا بالله العلي العظيم
اضافة رد مع اقتباس